القبور تلتهم الفصول
أََعتلي الرياح
أُشرف على الخيول السحيقة
بين الرمال التي فقدت لمعانها
وبين الظلام العميق
يتمطى كخيط العنكبوت
ويداي لا تتسعان أن تضما الانتظار الممل
تضيقان عن التجديف
في خضم الحروف المبهمة
والكلام المنذر بهطول الرعود دون مطر
دون أماني تبرق كالمنايا المسرعات
بين آجام الهاربين مع دقات فجر بعيد .
*
أعتلي الرياح
أُطل على فردوس الخالدين
المُتَيَمينَ بسنان الحِرابِ وظهورِ الخيول
*
أهرب من هذه القبور المفتوحة
المنتنة ريحها
تتساءل بارتياع الأحياء الجثث
لِمَ النسور تسافر بعيداً
تبحث عن جيفةٍ أخرى
ولمَّا تكاد تحلق فوقي
لِمَ لَمْ تَطْوِني الأمواج بين السادرين
إلى الأعماق الثقيلة
لِمَ لمْ ترسلني إلى بطن حوت
يبحث عن يونس جديد
ولمَّا يكاد البحر يلامس رياحي
يقذفني إلى حافة الأرض
الهاوية القديمة .
*
أعتلي الرياح
أنشر بذور الياسمين والقرنفل والدماء
أمام دروب القوافل
تمر الآن إلى عصر الجليد
حيث الصقيع يذيب الجمود
يعطي الهوية للجميع
حيث تخلد الأشجار
وحيث البذور تحتفظ برونق الخلد
والانبعاث الجديد
تتفجر بالورود
كسقاء الوريد .
*
يا عصبة العالمين
أتيه
بين الأفول الطويل
وبين قصور الحضور
وأحمل كل اليقين
أني مقيم
أتبع حرث العاشقين
أخط أرض الصالحين
أقيم البساتين حول القبور
حتى تهل شوارد هذه العشاش
تعود تغني ككل الطيور
مع مشرق الشمس التي لا تغيب
ومغرب الليل الطويل .
*
هذي حياتي
هذي رياحي
هذي خيولي
ليَ البساتين وكل الحقول
وهذي حبيبتي تمرح مزهوة بفصل الربيع
تغني لي لحن القبول
تشير إلي .. هلم ..
هذا أوان الرجوع
وهذي أنا أضمك إلى ريحي
إلى نبعي الربيع
تقول لي
معك مفتاح الوصول
أُجٌلُه من صدأٍ تراكم خلال السنين
أدِرٌهُ بحبك بعد أن تعطره بمسك الولوج
وهذه ليلة العمر الجريح
إن ولَّت
كليلةِ القدر ..
لا تعود .
*
هذي حبيبتي
وهذا أنا
وهذي البرية وهذي الحقول
وأعتلي الرياح أشرف منها
على الخيول الواقفة
أمام بوابات الدخول .
*
أجيل العيون
أبحث عن المُهْرِ الأصيل
يجاوز بنا جهول البطون
المنتفخة تقرع كالطبول
تعلن أن الظلام يطول
و أن القبور لا تزال مفتوحة أشداقها
تلتهم الفصول .