الأرمـلان
عند مفترق البحار القاحلة
ألتقي مع نفسي
أراني نهرا
محدودب الإبصار
غريبا أقبع في داخلي
أجتر ذكرى عذوبة مائي
وطهر انسيابي
في المدى المفقود من طول التمادي .
*
عند مفترق الأنهار النهمة
كانت سمكة تجري
ذهبية الأنفاس
تبحث عن نهرها العذب
الصافي القسمات
تراوده في لياليها الجميلة
القليلة
المسروقة من أنغام البلابل والزهور
القادمة من بعيد .
*
اقتربنا رويدا رويدا
مشينا الهوينى
نوازن الخطوات
نسير فوق تعاريج العبور
نواصل مشينا على الأيدي
على وجهينا
نتنسم الرؤيا
حيث قلبانا هناك
يتدثران بالشمس
وباللون البرتقالي
ينتظران أن تستقيم التعاريج
ونهتدي إلينا .
*
كلما ألتقيني
أغني
أرفع صوتي
أُسْمِع من في الثرى
والسماء تضرب الدفوف
تزفني إلى عرسي الأخير
وأنا بعد
لم أغسل وجهي
لم أتوضأ للصلاة
لم أقترب من لحن دمي
إذ يتمرد على عروقي
وأوردة انصهاري .
*
وهي سمكة ذهبية
عيناها زمردتان
جبينها لؤلؤ فضي
قلبها منقوش من عنفوان الصدق
ويداها مجدافان
يعلمان الاتجاه الصحيح
إلى وادي الذكرى
التي انسحقت أمام شجرة سنديان
انتصبت وسط النهر
تحرس الأسماء
والألوان .
*
أتسلط على خفقات الفؤاد
أتمرد على رتابة الأحلام
أهز من حولي الأغصان
وألتقط ما تجود به
الأوراق .
*
التيه يكبر فزعا
يهز الصدر الحليم
يطول الانتظار
يحترق الاشتياق
وتضمر السمكة
تتيه عن عاشقها الذي
لم يصح من نومه الثقيل
ليحملها إلى صدره
تتنفس حب الأمومة
والبنوة الضائعة بين البلاد
تشتاق إلى مخدع الفتى
يراودها
يعيد ليالي الأنس إليها
يعيد أمسيات العشق
أغنيات الهمس
وأحاديث الشفاه
والهوى المزروع وردا كله
تتباهى أن الربيع أتاها
وأن فصول الجدب
ليس لها فصل في الكلام .
*
عند مفترق البحار القاحلة
ألتقي مع نفسي
تائها كالجمل الشرود
أدور حولي
أبحث عن العلامات
عن القِبٌلةِ الأولى
التي توصلني إلى
مفترق الأنهار الغائبة .
تعليق