الموجز في الأدب الدنمركي، الفصل 19: الرومنطيقية والمسيحية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سليم محمد غضبان
    كاتب مترجم
    • 02-12-2008
    • 2382

    الموجز في الأدب الدنمركي، الفصل 19: الرومنطيقية والمسيحية

    الموجز في الأدب الدانماركي.
    بقلم: سليم محمد غضبان. فلسطين ، Salim Mohammad Ghadban
    يعتمد هذا الموجز على ما ورد في سلسلة تاريخ الأدب الدانماركي،Dansk Litteratur Historie, إصدار دار النشر الدانماركية جولدندال Gyldendal

    الباب الثالث: من1800-1870م ، العصر الرّومنطيقي.

    الفصل 19: الرومنطيقية والمسيحية

    كانت العلمانية قد شقّت طريقها مع بدء عصر التنوير في القرن الثامن عشر، ثمّ استمرّت مع الرومنطيقية. أمّا المسيحية فقد أخذت تكتسبُ معنىً جديدًا بعد عام 1800م. لم يكن ذلك في الدنمرك فحسب بل في عموم أوروبا. لم يمنع ذلك الكثيرَ من الرومنطيقيين الألمان من الإعترافِ بالمسيحية الكاثوليكية المُحافظة.
    لم يكن ذلك سببًا كافيًا قادرًا على إعادة البروتستانت والكاثوليك إلى المُعتقد المسيحي الأرثوذكسي. بل بَدأَ التّجديد الديني يخترق الحياة الثقافية بتحفيز من النّهضة القومية والتاريخية. واتّخذت المسيحية شكّلَ حلقةٍ في سلسلة التنوير ذات صبغةٍ قوميّة. كرّرت الرومنطيقية مبدأ الفصلِ بين الدنيوي والأبدي والذي كانت المسيحية قد تبنّتهُ. من هنا، يمكن النظر إلى الرومنطيقية على أنها مسيحية علمانية، حيثُ الله والمسيح تمَّ تجسيدهما بقوى روحيّة تُؤثّرُ في الطبيعة والتاريخ.
    في هذه الفترة، برزَ عالمُ اللاهوت J.P.Mynster والذي كان كاهنًا،و كتبَ نقدًا طيّبًا وباللغة الشعرية حول ظهور الرومنطيقية والمسيحية. و لأنهُ كان شكّاكًا قَبْلَ أن يُصبحَ مُؤمنًا، كان يُمثّلُ ذلك الجناح من المسيحية المُنفتح والإنساني، والذي بُنيَ على شعور الفرد الديني وليس على التّفسير الحرفي للإنجيل.
    شكّلت أفكار الكاتب مينستر أحدَ عواملِ التّحوّلِ في فهمِ المسيحيةِ، حيثُ أصبحَ الإيمانُ في القلبِ والمحبّةُ عُنصرانِ أساسيان منها. وأصبحَ المعنى القومي والثقافي السّببان الخارجيان لحياة < المسيحية المُتجدّدة>. و برزَاللاهوتُ الليبراليُّ ضاربًا جُذورَهُ في الرومنطيقية. كان لدى مينستر إحساسٌ غريزي بأن بقاء واستمرار المسيحية كسُلطة روحيّة مشروطٌ بارتباطِها بالبيئة القوية الجديدة للأدب، و عبّرَ عن ذلك في مواعِظِه و مُؤلفاته الإدبية، ممّا شكّلَ مسارَهُ من كاهنِ قريةٍ و حتّى أصبحَ أُسقُفًا.
    تمّ العمل على المُواءمةِ بين التّصور المسيحي والتصور الرومنطيقي، فظهرت العديدُ من التّصوراتِ المسيحيّةِ في الكثير من أشعار الطبيعة في الرومنطيقية، حيثُ تفرضُ الطبيعة الخُشوع. و يَظهرُ ذلك جليًّا في أشعار إنجمان Ingemann < ترانيمُ الصباح والمساء>. و في المجال النّثري يمكننا ضربُ مثلٍ على المواءمة بما وَرَدَ في مُؤلفات الكاتب الدنمركي الأشهر، هانس كريستيان أندرسن، H.C.Andersen.
    لم يمنع كل ذلك من وجود عُنصر إلحادي في الرومنطيقية ، فقد مَجّدت تاريخَ دول الشمال القديم الغني بالأساطير والخُرافات. و يُصوّرُ الكاتب آدم أوهلن شلاجر الرّبَّ المسيحي على أنه يُمثّلَ درجةً أعلى من الإنسانية من آلهة الزمن القديم، و لكنّهُ في نفس الوقت يصف انهيارَ وفناءَ تلكَ الآلهة على أنه خسارةٌ مصيرية. ذلك لم يمنع أوهلن شلاجر من الإستمرار في المُواءمة بين الرومنطيقية و لاهوت الطبيعة و التّصورات الثقافية المسيحية. على عكسهً كان الكاتب جرونتفي Grundtvig، فقد رفضَ بالكامل الرومنطيقية. تَمَثّلَ ذلك في هُجومه الشّنيع على فلسفة الكاتب شيلنغ ممّا دعا الكاتب أورستيد H.C.Orsted للإحتجاج مُستخدمًا لُغةً قاسية.
    بغضّ النّظر عن ذلك، فقد تحوّلَ جرونتفي إلى الرومنطيقية عام 1810م. عنده، شابهت أفكارُه أفكار الكاتب مينستر بإعادة تشكيل المسيحية ، و التي تميّزت إلى حدٍّ كبير بالتّحرُّر من الإنجيل والنظَر إلى التّاريخِ و كأنّه تحقيقٌ تدريجيّ لعملِ الرّبّ. مع مُرور الزّمن، و بعدَ رحلاته الثلاث إلى إنجلترا، بين عام 1829-1831م ، إتّخذَ طريقًا أُخرى و تصالحَ مع إلحادِه في شبابِه و مع الرومنطيقية. و أظهرَ ذلك بالتّعبير عن إرادته بالتّعاون مع <علماء الطبيعة الروحانيين>، حيثُ تفهّمَ من بين أشياء أُخرى، فلاسفة الطبيعة و الذين كان قد نبذهم. هناك علامة ثانية على تحوّله واقترابه، و هي أنَّ أساطير الشِّمال التي تُصوّرُ العالم بقيت عُنصرا أساسيًّا في جميع مُؤلفاتِه.
    نشأت في هذه الفترة كوكبتان من الأُدباء. الأولى ضمّت أوهلنشلاجر، ومينستر، وجرونتفي. أمّا الثانية فضمّت هايبرغ J.L.Heibergومارتنسن H.L.Martensen وكيركيجود. و قام الفيلسوف الألماني هيجل بالتّوسُّط بينهما. إعترفَ هايبرغ بأنّ الدينَ له المقامُ الأوّلُ مع الفنّ، حيثُ يقول:<الفنُّ و الشِّعرُ والدّينُ هي تحقيقٌ للأبديّةِ. و لكن تبقى الفلسفة في أعلى المراتِبِ. من ليس لديه دينٌ إيجابيٌّ أو فلسفةٌ ليست لديهِ قناعةٌ بوجود الله. لذلك أعتقدُ أنّ أغلبَ الناسِ المُتعلمينَ في زمننا هُم مُلحدون، و كِدتُ إنا أن أكونَ واحدًا منهم لولاأن أنقذتني الفلسفة من ذلك>.

    إلى الفصل التالي.
    تمَّ بتاريخ: 3/2/2023م
    [gdwl] [/gdwl][gdwl]
    وجّهتُ جوادي صوب الأبديةِ، ثمَّ نهزته.
    [/gdwl]
    [/gdwl]

    [/gdwl]
    https://www.youtube.com/watch?v=VllptJ9Ig3I
  • منيره الفهري
    مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
    • 21-12-2010
    • 9870

    #2
    بارك الله فيك و جزاك الله كل خير لما تبذله من أجل العلم و المعرفة.
    الأستاذ القدير سليم محمد غضبان
    اتابعك و أشد على يديك.
    شكرا لهذا الثراء.

    تعليق

    • سليم محمد غضبان
      كاتب مترجم
      • 02-12-2008
      • 2382

      #3
      الأستاذة منيرة الفهري ،
      شكرًا لتشجيعكِ لي و دعمي، لكِ الود والتحية.
      [gdwl] [/gdwl][gdwl]
      وجّهتُ جوادي صوب الأبديةِ، ثمَّ نهزته.
      [/gdwl]
      [/gdwl]

      [/gdwl]
      https://www.youtube.com/watch?v=VllptJ9Ig3I

      تعليق

      يعمل...
      X