ــ البرد وشاية تجيء بكِ .. كمدفئة ورق .. تبدو السماء مثخنة الليلة بالمطر ياصفية ..!
ــ والبرد حجة يجعلك تبحث عني .. صحيح ؟!
ــ ماذا لو كان كل مانحتاجه لنهلو تحت المطر معطف ورقي أو مظلة كتابة .. تبللها السماء لتسيل الأحرف ويقطر الحبر .. لا شيء يشعلني بدفء نشوة كإيقاع قطرات حبر .
ـ إيقاع قطرات تدمي روحي ..صحيح ؟!
ــ لا تكوني حمقاء .. أنتِ الحبر .. أنتِ الكتابة .
ــ ولكني سئمت ..!
ــ عدنا لهذه الأسطوانة من جديد .
ــ سئمت .. سئمت .!!
ــ اسمعي , لستُ بشرا جبارا .. أقدر تعكرك الليلة .. لذا سأعفيك من مهمامك ولاتنسي كنت كريما معكِ مؤخرا فقد أعفيتك أكثر من مرة لأنكِ لم تبخلي عليّ يوما.. اخلدي للراحة الليلة ..نلتقي في وقت لاحق .. إلى اللقاء .
ــ لا , انتظر .. لا أريد هذا الليلة فقط .. طالما أنت تعترف بأني لم أبخل عليك يوما بي .. لم أبخل في صناعة نجاحاتك ولا في تضريج اسمك في الضوء ودفني في الظل .. أنا أطالب بإعفاء أطول .. براحة أبدية .. فقط حررني .. اطلقني !!
ــ ماذا تقولين ..؟!
ــ أقول الصدق .. الصدق فقط وبلاكذب .. لا احتاج حين أرفع طلبا للاستقالة منك إلى الكذب الذي أموج فيه معك لأوصلك إلى شطآن الوجود والشهرة .. وأبقى أنا وحدي أصارع موجا لا ينتهي .. لااحتاج الآن إلى مفاهيمك عن الصدق .. حين تقول : " الكتابة هي أكاذيب جادة .. نحاول من عليها أن نتعلم كيف نقول شيئاً صادقاً في النهاية ..." ..
الكذبة الجادة أنا .. تصرخ الآن بصدق ..فقط حررني .. اكسر قيدي .. قبل أن انتحر ..!
ــ تنتحرين .. ؟!! شكرا لأنكِ تمنحيني سبباً للضحك ياصفية ..!
ــ نعم ربما انتحر , ولن انتحر بمثل مفاهيمك حين تقصدني هارباً من حياتك " الكتابة محاولة فاشلة للانتحار " لن أفشل أنا كما تفشل أنت لتعود تحيا بعد أن تقيدني بأكثر من موت.. أنا جادة إن لم تحررني سانتحر بنجاح ..!
ــ صفية ياعزيزتي أنتِ مجرد كائن حبري .. شخصية ورقية أنقلكِ من كتاب إلى كتاب .. أنتِ وهم إنسان أنا خالقه .. أبث فيكِ الروح وقت ما أشاء .. وأمتصها منكِ وقت الانتهاء .. لأعود أنفثها وقت ما احتاج .. هل تفهمين يا حمقائي .. أنتِ مجرد كائن حبري .. وحدي من يحد لكِ حقوقاً ضمن حدودي.
ــ أنت سجن واسع .. عالمي الذي أطير فيه بلا إرادة .. تمنحني حياة وتسلبني الإرادة .. لتعود تمنّ عليّ بحياة مجمّدة .. ذوبانها رهن مزاجك أيها الأناني .. أتعتقد لا أعرف أنا " حنان " في " أنشودة الأمس " أنا " ابتهال " في " آخر وخزة حب " .. أنا " صفاء " في " مدينة بحجم الجرح " تلك وتلك وتلك .. أتعتقد أنك لا تؤلمني حين تجذبني من شق إلى شق .. تجذبني فقط لتعذبني وتهرب
اخبرني أيها الأناني لماذا اغتلت البطل في الكتابة الأخيرة .. لماذا كنت بشعاً بذلك القدر لتمزقه بخطيئة
ماكانت الاحداث تخطط لها .. لم انحرفت بخط سير الشخوص .. لتدمره .. لتفجعني فيه .. ككل مرة وككل ألم .. لماذا تلبسني أفكارا وتصرفات وقناعات لاتأتي ومقاييسي حين خلقتني لأول مرة لأكون فقط صفية لا غير .. لماذا تجردني مني لأبدو بشعة وقت ماتريد .. وتعيد تعمدني بماء الطهر لتغسل عذاب رحلة تأخذ عمر سنة من الورق .. أكثر من رحلة .. وأكثر من امرأة هي أنا .. احسب عمري الورقي .. معادل لعمرك الضوئي تحت مظلة الشهرة ..ثم اخرج بقسمة العذاب والسعادة لكل منا ..!
ـــ صفية .. أنتِ بطلتي امرأتي المثال .. لاتعتقدي بأني سأسلمك لرجل عابرفي كتبي .. أنت المرأة النموذج تلك التي في ظل تواطؤ القدر مع حظي حكم عليها لتظل مجرد كائن حبري امتلكها على ورق .. الكتابة رحلة لاتنهيها نقطة .. بل أجد نفسي دوما أنتهي منهابعلامة استفهام .. أسأل إن كنت سألتقيك مرة أخرى .. ويحدث .. ويحدث !
ــأنا أكرهك .. أيها البشع الأناني .. ولست تحت إمرتك على الأقل بعد الآن ..
ـ وتضحكيني مرة أخرى .. أنا خالقك ولا يمكن للعبد أن يتمرد على خالقه ..!
ـ أنتَ سجّاني .. ويحدث للسجين أن يهرب ..!
ـ أنتِ لا تعنين شيئا بعيدا عني !
ـ بل أنت من لن تساوي شيئا بدوني .
اضطراب حالة الكهرباء في المدينة .. تكررت في بيت آسر في تلك الليلة لتنقطع الكهرباء لمدة خمس دقائق .. بقي خلالها " آسر الزيف " يدور على نفسه لايكف عن النداء :
صفية ماذا تعنين بقولك الأخير " بدوني " لا أفهم ماذا يعني " بدونك " ..
صفية ماذا يعني بدوني .. صفية ؟ .. ماذا تعنين .. ..."
واستمر في الدوران والنداء حتى بعد عودة الإضاءة .
بعد خمس سنوات :
وقف عابر على رصيف يشتري بعض المطبوعات المعروضة للبيع .. رفع كتاباً آخاذ الغلاف .. حرضه البائع على الشراء قائلا :
" هذا كتاب يلقى رواجاً كبيراً بين الناس للكاتب آسر الزيف "
( العابر ) :حقاً , هل عاد للكتابة مجددا .. توقف عن النشر منذ فترة طويلة .. وما جنس الكتاب ؟
( البائع ) : لا أحد يعرف .. هو كتاب غريب وفريد من نوعه ..!!
يتهجى العابر عنوان الكتاب والذي بزغ من الغلاف بخط مجسم ليقرأ العنوان:
( تمردت صفية )
يتجاوز العنوان إلى الصفحة الأولى من الكتاب ليجدها بيضاء صماء ..
استمر في التقليب ليصل إلى الصفحة المئة ولازال الأبيض والصمم هو كل مايراه .. في الصفحة الأخيرة عثر على جملة يتيمة توسطت الصفحة وختمت الكتاب :
" ولم تعد إلى وقت إصدار هذا البياض "
.
ــ والبرد حجة يجعلك تبحث عني .. صحيح ؟!
ــ ماذا لو كان كل مانحتاجه لنهلو تحت المطر معطف ورقي أو مظلة كتابة .. تبللها السماء لتسيل الأحرف ويقطر الحبر .. لا شيء يشعلني بدفء نشوة كإيقاع قطرات حبر .
ـ إيقاع قطرات تدمي روحي ..صحيح ؟!
ــ لا تكوني حمقاء .. أنتِ الحبر .. أنتِ الكتابة .
ــ ولكني سئمت ..!
ــ عدنا لهذه الأسطوانة من جديد .
ــ سئمت .. سئمت .!!
ــ اسمعي , لستُ بشرا جبارا .. أقدر تعكرك الليلة .. لذا سأعفيك من مهمامك ولاتنسي كنت كريما معكِ مؤخرا فقد أعفيتك أكثر من مرة لأنكِ لم تبخلي عليّ يوما.. اخلدي للراحة الليلة ..نلتقي في وقت لاحق .. إلى اللقاء .
ــ لا , انتظر .. لا أريد هذا الليلة فقط .. طالما أنت تعترف بأني لم أبخل عليك يوما بي .. لم أبخل في صناعة نجاحاتك ولا في تضريج اسمك في الضوء ودفني في الظل .. أنا أطالب بإعفاء أطول .. براحة أبدية .. فقط حررني .. اطلقني !!
ــ ماذا تقولين ..؟!
ــ أقول الصدق .. الصدق فقط وبلاكذب .. لا احتاج حين أرفع طلبا للاستقالة منك إلى الكذب الذي أموج فيه معك لأوصلك إلى شطآن الوجود والشهرة .. وأبقى أنا وحدي أصارع موجا لا ينتهي .. لااحتاج الآن إلى مفاهيمك عن الصدق .. حين تقول : " الكتابة هي أكاذيب جادة .. نحاول من عليها أن نتعلم كيف نقول شيئاً صادقاً في النهاية ..." ..
الكذبة الجادة أنا .. تصرخ الآن بصدق ..فقط حررني .. اكسر قيدي .. قبل أن انتحر ..!
ــ تنتحرين .. ؟!! شكرا لأنكِ تمنحيني سبباً للضحك ياصفية ..!
ــ نعم ربما انتحر , ولن انتحر بمثل مفاهيمك حين تقصدني هارباً من حياتك " الكتابة محاولة فاشلة للانتحار " لن أفشل أنا كما تفشل أنت لتعود تحيا بعد أن تقيدني بأكثر من موت.. أنا جادة إن لم تحررني سانتحر بنجاح ..!
ــ صفية ياعزيزتي أنتِ مجرد كائن حبري .. شخصية ورقية أنقلكِ من كتاب إلى كتاب .. أنتِ وهم إنسان أنا خالقه .. أبث فيكِ الروح وقت ما أشاء .. وأمتصها منكِ وقت الانتهاء .. لأعود أنفثها وقت ما احتاج .. هل تفهمين يا حمقائي .. أنتِ مجرد كائن حبري .. وحدي من يحد لكِ حقوقاً ضمن حدودي.
ــ أنت سجن واسع .. عالمي الذي أطير فيه بلا إرادة .. تمنحني حياة وتسلبني الإرادة .. لتعود تمنّ عليّ بحياة مجمّدة .. ذوبانها رهن مزاجك أيها الأناني .. أتعتقد لا أعرف أنا " حنان " في " أنشودة الأمس " أنا " ابتهال " في " آخر وخزة حب " .. أنا " صفاء " في " مدينة بحجم الجرح " تلك وتلك وتلك .. أتعتقد أنك لا تؤلمني حين تجذبني من شق إلى شق .. تجذبني فقط لتعذبني وتهرب
اخبرني أيها الأناني لماذا اغتلت البطل في الكتابة الأخيرة .. لماذا كنت بشعاً بذلك القدر لتمزقه بخطيئة
ماكانت الاحداث تخطط لها .. لم انحرفت بخط سير الشخوص .. لتدمره .. لتفجعني فيه .. ككل مرة وككل ألم .. لماذا تلبسني أفكارا وتصرفات وقناعات لاتأتي ومقاييسي حين خلقتني لأول مرة لأكون فقط صفية لا غير .. لماذا تجردني مني لأبدو بشعة وقت ماتريد .. وتعيد تعمدني بماء الطهر لتغسل عذاب رحلة تأخذ عمر سنة من الورق .. أكثر من رحلة .. وأكثر من امرأة هي أنا .. احسب عمري الورقي .. معادل لعمرك الضوئي تحت مظلة الشهرة ..ثم اخرج بقسمة العذاب والسعادة لكل منا ..!
ـــ صفية .. أنتِ بطلتي امرأتي المثال .. لاتعتقدي بأني سأسلمك لرجل عابرفي كتبي .. أنت المرأة النموذج تلك التي في ظل تواطؤ القدر مع حظي حكم عليها لتظل مجرد كائن حبري امتلكها على ورق .. الكتابة رحلة لاتنهيها نقطة .. بل أجد نفسي دوما أنتهي منهابعلامة استفهام .. أسأل إن كنت سألتقيك مرة أخرى .. ويحدث .. ويحدث !
ــأنا أكرهك .. أيها البشع الأناني .. ولست تحت إمرتك على الأقل بعد الآن ..
ـ وتضحكيني مرة أخرى .. أنا خالقك ولا يمكن للعبد أن يتمرد على خالقه ..!
ـ أنتَ سجّاني .. ويحدث للسجين أن يهرب ..!
ـ أنتِ لا تعنين شيئا بعيدا عني !
ـ بل أنت من لن تساوي شيئا بدوني .
اضطراب حالة الكهرباء في المدينة .. تكررت في بيت آسر في تلك الليلة لتنقطع الكهرباء لمدة خمس دقائق .. بقي خلالها " آسر الزيف " يدور على نفسه لايكف عن النداء :
صفية ماذا تعنين بقولك الأخير " بدوني " لا أفهم ماذا يعني " بدونك " ..
صفية ماذا يعني بدوني .. صفية ؟ .. ماذا تعنين .. ..."
واستمر في الدوران والنداء حتى بعد عودة الإضاءة .
بعد خمس سنوات :
وقف عابر على رصيف يشتري بعض المطبوعات المعروضة للبيع .. رفع كتاباً آخاذ الغلاف .. حرضه البائع على الشراء قائلا :
" هذا كتاب يلقى رواجاً كبيراً بين الناس للكاتب آسر الزيف "
( العابر ) :حقاً , هل عاد للكتابة مجددا .. توقف عن النشر منذ فترة طويلة .. وما جنس الكتاب ؟
( البائع ) : لا أحد يعرف .. هو كتاب غريب وفريد من نوعه ..!!
يتهجى العابر عنوان الكتاب والذي بزغ من الغلاف بخط مجسم ليقرأ العنوان:
( تمردت صفية )
يتجاوز العنوان إلى الصفحة الأولى من الكتاب ليجدها بيضاء صماء ..
استمر في التقليب ليصل إلى الصفحة المئة ولازال الأبيض والصمم هو كل مايراه .. في الصفحة الأخيرة عثر على جملة يتيمة توسطت الصفحة وختمت الكتاب :
" ولم تعد إلى وقت إصدار هذا البياض "
.
تعليق