تويت
اكرهوني ولا تغادروا الوطن
بهائي راغب شراب31\08\ 2023
..
اكرهوني
اكرهوا تفاصيلي الكثيرة، الغريبة كما ترغبون في وصفها ..
اكرهوني عندما ابتسم أمامكم بلا مقابل من ضحكاتكم الغائبة،
اكرهوني وأنا أحدثكم عن أحلامي العجيبة عندما كنت صغيراً، أَمْلِكُ خيالاً واسعا ينقلني إلى أي فكرة اُحِبُها، وانتم تنتظرون عودتي بخوف وملل.
اكرهوا أمنياتي الجميلة أن نحيا معا وإلى الأبد، بعيدا عن المُنَغِصاتِ التي تُشَوِشَ تَخَيُّلاتِكُم الرائجة، المحصورة بالفشل،
وأن تسكنوا قلبي ، تدفئونه بحرارة أنفاسكم المتهافتة للبقاء أحرارا فيه، جديرون به
واكرهوا ذكرياتكم عندما كنا نتسابق وأسبقكم، ثم أنتم تفوزون كل مرة، دون خطأ واحد ترتكبونه وأنتم تزيفون النتائج الأخيرة
*
اكرهوني ..
اسمي لا يعجبكم .. لا تنطقوه
نظرات عينيَّ ولونهما يثيران لديكم حساسية مفرطة في ضيق التنفس، أشيحوا وجوهكم عن وجهي وأنتم تكلمونني بامتعاض،
انتصاب جسمي وأنا أسير رافعاً رأسي عالياً لا أحنيه إلا لله ربي وربكم، امشوا بموازة ظليَّ الكبير،
ثقتي المُفْعَمَةِ بنفسي عندما أقف خطيبا أدافع عنكم وعن حقكم في العيش بكرامة،
اسلبوني كل ذلك..
اجعلوه لأنفسكم
وغيّروا حروفي وملامحي التي تغيظكم حتى التعب.
وثم ..
*
اكرهوني..
لأنني أحببتكم دائما ولمْ أطلب الثمن،
ولأنني كنت دائما أدفع لكم الثمن،
ولأنني تنازلت كثيرا لأحتفظ بكم موحدين متوحدين، في الأفراح وفي المحن،
اكرهوني كما شئتم وقَدَرِ ما شِئْتُمْ،
في الصباح والمساء، وفي مسافةِ الجوع بين وَجَباتِ الطعام النَيِّئةِ،
ولا تقفوا بجانبي في الصف، ونح نصلي في المسجد القريب لقلوبنا، نلوذ إليه مذ كنا صغارا، مُلْهَمين بالفطرةِ والأدب،
وعندما نحلُّ ونسافر ونمشي ونسرع ونتوقف ونتنافس بشرف.
*
اكرهوني..
اكرهوا تفاصيلي كلها،
سأظل أحبكم في الله حتى أموت، ويكسوني الكفن.
ولو قتلتموني بجفائِكم وصدودِكم المُبْهمِ بالألغازِ المُتَكَرِرَةِ بلا سبب،
ولو رَمَيْتُموني في الصحراءِ القاحلةِ، وتَرَكْتُموني وحيداً أراقبُ النجومَ البعيدة، أرسم من خلالها طريق عودتي إليكم، وأفاجئكم بأنني هنا،
ثم وأنا أحكي لكم، كيف تغلبت على الأفاعي والوحوش القاتلة،
وكيف قهرت الجِنَّ في وادي الرمال المتحركة، وهي تستعد لاختطافي،
فلا أعود من التيه ، وأضيع في فيافي الزمن.
*
اكرهوني ..
اكرهوا قصصي وأشعاري..
في الحب والحماسة والجهاد والفتوحات الكاملة،
واكرهوا مواقفي التي صدمتكم لأنها لم تأت على مقاسكم المحشور بين خَيْطَيْ الليل والفجر، والصباح قد بزغ،
واكرهوا وجودي بينكم في الغُدُوِ والرَواحِ، لأنه يُبَعْثِرَ أفكارَكُم، يُشَتِتَ أخطاءَكم، ويكشفَ ما تُخْفونَه من عارِ الجهلِ والتَخَلُفِ، ومِنْ سوء الأدب.
اكرهوني بقوة وبعنف وبكل ما تحملونه من حقد على الحياة كلها
لكن أحذركم جميعاً..
لا تَسْقُطوا في بِئرِ الرزيلة،
لا تتهاونوا مع الخيانةِ والعَبَثْ،
لا تبيعوا ما تملكون من أَمَلْ،
أحذركم..
لا تكرهوا فلسطين،
لا تغادروا الوطن.
**
تعليق