لِعَيْنَيِّ بغداد

**أحمد الشريف** · 29-09-2008, 09:53

[align=center]
بغدادُ يا بلدَ الرشيد
( أنا إن بكيتك كلّ أوزان القصيدة تنتهي
أنا إن حكيتك فالحروف لأجل ذكرك تشتهي)

وكما قيل:
"من العزّ تأتي الأيام وتصيّر حضاراتٌ وحضاراتْ
وتغارُ منك يا بغداد أمم وامبراطوريات
هذا أبو جعفر المنصور
وهذا الخليفة المأمون
وقبله هارون الرشيد
تكبرين يا بغداد وأكبر
والذكريات في القلب تكبر.."

بلقيس؛
كُفي عن هذا وهل انقطع الرجاء يوماً.
أحزان يثرب ترثيك في صخبٍ
وليت صرخاتهم لامست نخوة المعتصم.

رويدك..رويدك سيدتي[/align]

**على جاسم** · 29-09-2008, 11:18

السلام عليكم

مرحبا بلقيس كيف حالك أختي

تعرفي المواجع قد هاجت وأنتِ سبب في ذلك

ولكن

نطمح في قليل من الأمل بأن القادم أفضل

وهذا عزاء لنا

تقديري لكِ ومرحباً بكِ من جديد

**رانيا حاتم** · 29-09-2008, 12:42

الشاعرة بلقيس الجنائي ..
أعجبني ما قرأته هنا رغم الألم المحدق به ،
سنعود لتعود بغداد ..
و ستبقى تنير سماء الوطن العربي

مودتي
رانيا حاتم

**عبدالله حسين كراز** · 29-09-2008, 23:23

الخطاب الوطني الحميمي في "لِعَيْنَيِّ بغداد" للشاعرة العراقية بلقيس الجنابي

القصيدة

لِعَيْنَيِّ بغداد
للشاعرة العراقية بلقيس الجنابي

[align=right]ناديت في البين يا تغريبتي بيني
ويا ضروب الجفاْ حِنِّي لها .. ليني

ويا معلمتي في هجرها ابتعدي
ويا معلقتي في حبـــــــــــها حيني

(أرض السواد) و(غاب النخل) في مقلي
وفي سويداء قلبي في شــراييني

فيا طيوف الرؤى حُطِّي على هُدبي
وفي جفوني فهذا الكحـل يكفيني

أو احمليني على الأشواق طائرة
إن سال كحلي وفي بغداد حُطِّيني

عين العراق على كل العيون علت
فبلغيني بها أحلى الأفانين ِ

أو انثريني (بسامراء )أطيبة
روحي تحنُّ إليها( بنت عشرين)

بغداد ..بغداد يا أماه يا وطني
أشتاق ضمك لي .. بالله ضميني

أشتاق (للكرخ) (للمنصور) (للسمك ال
مسكوف) ناديت .. حالت غربتي دوني

أطعمت خبز الكرى لليل أرغفة
حتى يسامرني والهجـــــر يكويني

نظمت شوقي إلى بغداد أغنية
لعين بغداد غَنَّى السُّهد تلحيني

بعيدة..بَيْدَ مرآها يعاودني
نقوشها في ضلوعي بالتلاوين ِ

بغداد ..بغداد في ظعني و مرتحلي
بغداد زادي وماعوني وتمويني

ما حاجتي يا نــــوى للزاد أطلبه
ما دام بغداد تغذوني وتسقيني

مـــــا دام بغداد أنَّى كنت حاضرة
تلبَّستني وصارت كل تكويني

ما دامها جنتي أطيافها ظُلَلَــــــي
كل الجنان عداها شَوبُ سِجِّيِنِ

بغداد ..بغداد يا مهدي و مرتبعي
يا حضن أمي ويا نوني وتنويني

لا درَّ.. درَّ زمان بالشتات رمى
أفدي ثـــــــــرى تربة فيها يواريني[/align]

القراءة والتأمل

[align=center]الخطاب الوطني الحميمي في "لِعَيْنَيِّ بغداد" للشاعرة العراقية بلقيس الجنابي[/align]

[align=right]باختصار شديد نرى العراق وبغداد كوناً أسطورياً في مرمى الكلمات التي رسمت في الزمان والمكان معالم النوستالجيا بأقوى تعبيراتها ودلالاتها وصورها ورموزها. في البدء كان الحوار الشاعري الملتهب والمتأجج يخرج من بين أنامل الشاعرة وريشة قلمها الذي توشح بدمها الشرياني، بين الذات الشاعرة بوعيها ولاوعيها ، بعالمها الحاضر والغائب، بصيرورتها العصية على النسيان والانكسار، بتضاريس المكان الأسطوري هنا في بغداد قلب العراق ومصدر إلهام الشعراء، بتفاصيل العشق المتشظي والمترامي بين خد الوطن ونهريه وقراه ومدنه وطقوس أهله الذين أحبوا العراق موتاً في الحياة وحياةً في الموت، كله فدى العراق رغم قسوة الظروف وقهرها وإرهاصات ما أصاب جسد العراق الذي أصبح في عيون الشاعرة مصدر حياة ولا موت فيها سوى الحياة من بعد موت.
هكذا يفتح النص الشاعري هنا مصراعيه وبدقيق العبارة يصرخ في نداء مستدام حتى تصل خيوط الدم إلى فضاء العراق ومساحاته الواسعة بخضرتها ونضرتها. النداء هنا صوت يخرج من الباطن المحموم في اغترابه وغربته، في حنينه وشوقه وعشقه وصيرورته التي تأبى إلا أن تتواصل مع فؤادها العراقي، وهذا دليل حميمية الانتماء لوطن الآباء والأجداد والحضارة والتاريخ والتراث:

ناديت في البين يا تغريبتي بيني

ويا ضروب الجفاْ حِنِّي لها .. ليني

لنقف أمام الصوت الشعري هنا بفعل الماضي وكأننا أمام تجربة تخلق حالات من التشظي المتواصل الناجم عن الغربة والابتعاد عن ثرى الوطن الأشم، فالصوت فيه اعتمال صرخات تتكرر منذ حين وتتوسل في غربتها بأقصى مشاعر الألم والحيرة والقلق. فالحنين سيد الموقف هنا واللين مطلب مستباح ومشروع وأمنية ينبغي أن تتحقق ويزول الهم والغم والنكد.
في البيت الأول نستشرف صوت النص السائد ونبرة المشاعر الملتهبة، لذا تلجأ الشاعرة هنا لتوظيف تقنية مهمة وحيوية ودالة تكمن في التشخيص للتغريبة التي تحولت لشخص أو مخلوق يؤنس الوحشة ويساعد في زوال الهم، وإلحاقاً بهذا تشخص الشاعرة "ضروب الجفاْ"، ما يدل على عوز في العزيمة والقوة في الرجوع إلى حضن مهم في حياة الذات الشاعرة، وربما يدل على موقف المستضعفين من المغلوب على أمرهم، خاصةً في صيغة الإلحاح في "حني" و "ليني."
ويتحول الخطاب الشعري في التوجه إلى معلَم شعوري متجسد في خاطر الشاعرة من "التغريبة" و "ضروب الجفا" إلى "معلمتي" و "معلقتي" ليدل هذا الخطاب على تحول نوعي في نبرة الشاعرية، وبما ينطوي عليه البناء اللغوي والفني والدلالي على ثنائيات تحكم العلاقة بين الأنا الشاعرة بكل ما تظهره من قوة في الوصول لرسم صورة أعمق لموقف الحنين والعشق الوطني الأبدي، وبين الوطن المعلم والمعلق. ففي الصورة الأولى تتوسل الشاعرة أن تبتعد "معلمتها" عن الغربة والتغريب والهجران ليلتئم الجرح تماماً، وليزداد الحب والعشق والحنين بدلاً من مشاعر السوداوية والأسى، لكن يبدو أنه زوال مشروط بزوال السبب، ألا وهو أعداء الوطن ممن سلبوه طقوسه وتضاريسه وتاريخه وأمكنته وأزمنته:
ويامعلمتي في هجرها ابتعدي
ويا معلقتي في حبـــــــــــها حيني
لتلجأ الشاعرة فيما يلي لتقنية التكرار والتوكيد والتبدل والإرجاء والإزاحة والتجاور بمل يخدم الفكرة الوطنية ومشاعر الشاعرة في رسم تخوم منطقها الوطني:
(أرض السواد) و(غاب النخل) في مقلي
وفي سويداء قلبي في شــراييني
فتكرار حرف الجر "في" الدال على المكان بعميق إيحاءاته ورمزيته في مكانين متجاورين متبدلين، احدهما دال على الآخر ومن نفس طينته وعجينته: سويداء القلب والشرايين.
ويتواصل الخطاب الشاعري في التحول عند جزئية المخاطب والمنقول من حالة إلى أخرى، فمثلاً تقول الشاعرة:

فيا طيوف الرؤى حُطِّي على هُدبي

وفي جفوني فهذا الكحـل يكفيني

هنا تشير "طيوف الرؤى" برمزيتها إلى عالم الوطن المسلوب والسليب، وتحمل أحلام الشاعرة في أن يحملها الوطن كما اعتادت على تربه، ثم تحمل الوطن مرات رداً لجميل الوطن الذي أصبح في عالم الشاعرة شخصاً كونياً له سلطته وإرادته.
كما أنني أجد كلمة "الكحل" هنا أفقدت البيت طعمه الفني ومذاقه النصي والسياقي، إلا إذا كانت الشاعرة علة وعي بقصدها لتراب الوطن المترمل والذي أصبح في بوتقة العقل وبؤبؤ العينين كحلاً من نوع خاص يتناسب وطقوس النص وفكرته وهمومه.

ويستمر البوح والصراخ الشاعري في وعي النص والشاعرة، وكأنها تتوسل للغائب أو المجهول – ربما يكون الوطن بحالته الآنية – فهي تلجأ لكل ما تقع عليها مفرداتها وتعبيرها وشاعريتها أو أحلامها لكي تصرح بمطالبها المشروعة في الحرية والاستقلال والتحرر من الظلم والغربة والاغتراب بشقيه الجسدي والنفسي:

أو احمليني على الأشواق طائرة

إن سال كحلي وفي بغداد حُطِّيني

وما أجمل أن ينادي الإنسان على بلد طينه وترابه ونهره وهوائه وبره و فضاءات طبيعته برومانسية تتجلى فيها كل المشاعر العاشقة والحالمة، الوطن الأم، الوطن مصدر إلهام وشوق وعشق مستدام:

بغداد ..بغداد يا أماه يا وطني

ومن محسنات التعبير والتشكيل الفني هو تكثيف حضور الثنائيات التي استوحت منها الشاعرة بوصلتها الموضوعية في:

أطعمت خبز الكرى لليل أرغفة

حتى يسامرني والهجـــــر يكويني

ففي تلك الحالة تتجسد مشاعر التشظي والهجران والاغتراب، فمرةً مسامرة في حضرة الليل، بكل ما تحمله صورة الليل من دلالات وإيحاءات وتأويلات، ومرةً أخرى هجران يكوي ويحرق ويؤلم في الأعماق، ما يعني عقد النية على ترك "الهجر" و "الليل" والغربة، والبديل العودة الميمونة لتراب الوطن الأكثر حناناً وعشقاً وحميميةً.
فالشاعرة تبقى مسكونة بالوطن حتى وهي بعيدة عن ترابه الذي ينادي أهله، حد التماهي والتوحد والمزاوجة:

بعيدة..بَيْدَ مرآها يعاودني

نقوشها في ضلوعي.. لــــــونهالوني

بغداد ..بغداد في ظعني و مرتحلي

بغداد زادي وماعونيوتمويني

وأقصى ما تتمنى الذات الشاعرة وتحلم به في كامل وعيها وكنتيجة حتمية لحالة النوستالجيا المتسيدة لفضاء النص وحالتها الإنسانية هو:

أفدي ثـــــــــرى تربة فيهايواريني

في النص تتشكل رؤية وطنية مشتعلة برماد الغربة والاغتراب والحزن والفراق، وتكتفي الذات الشاعرة بالتعبير عن مكنون حلمها في رسم مشاعر الحنين تجسيداً لروح الوطن والموطن. اللغة في النص تتفجر على صور فنية استحضرتها الشاعرة من وعيها وماضيها وتجربتها واختمار المشاعر والأحاسيس، ووفقت في توظيف أكثر من تقنية دلالية ورمزية وصورية وفنية لإيصال صوتها الكوني إلى كل مكان وقلب وعبر زمان رسمته بنفسها في تلافيف القصيدة.
والأجمل هو صدق المشاعر والأحاسيس تلك التي تأبطتها الشاعرة بوعي فني وإدراك ومعرفة وثقافة ورسمت بها لوحة فيها كل ألوان الحنين إلى الوطن الأم، ومع هذا تتمنى الشاعرة أن تموت وتوارى في ترب الوطن مهما كان الثمن، فما أجمل التوحد مع طين الوطن وماء الوطن وعيون الوطن، وما أجمل أن يعود الوطن حياً ولا يموت.

د. عبدالله حسين كراز[/align]

**عبد الرحيم محمود** · 30-09-2008, 17:07

العزيزة بلقيس الجنابي
بداية أرحب بعودتك ، وأتمنى أن تغرسي حروفك في بستان
الملتقي لتزهر بكل الجمال الذي أراه في قصيدتك هذه .
نص فيه من عذوبة بكاء الخنساء ، ورقة شعرها في بكائياتها
حالة التوحد بين الشاعرة وبغداد تجعلها وكأنها تبكي وليدها
المذبوح على حضنها ، وفي الواقع الحالة هكذا ، حالة من
الوجد الشديد التي تشبه حالة عطيل عند قتله ديدمونة ، تفاعل
إلى حد التقمص ، والاندماج ، وتحميل النفس مأساة الحدث
خلتك تبكين نفسك أو جزءا من نفسك ، وتتساقط الدموع جمرا
محرقا على كيانك المتوحد مع بغداد المتوثبة للنهوض من بين
ركام الحريق ، حدة الشعور طاغية ، ووتيرة الحزن هادئة
لأن أشد الدموع صدقا تلك التي لا يصاحبها صوت النشيج
تثبت !!

**عادل العاني** · 30-09-2008, 18:22

أقف إجلالا لبغداد أولا ...
ولك يا ابنة الرافدين الأبية الوفية ...

جفت المآقي ولم يعد فيها دمع يسيل ... وجفت الأقلام فلم يعد فيها حبر للكتابة ,

وجفت الجروح ولم يعد فيها دم ينزف ...

بارك الله فيك

وحفظ الله بغداد وعراقنا الحبيب

تحياتي وتقديري

**بلقيس الجنابي** · 30-09-2008, 20:28

المشاركة الأصلية بواسطة أحمد الشريف مشاهدة المشاركة

[align=center]
بغدادُ يا بلدَ الرشيد
( أنا إن بكيتك كلّ أوزان القصيدة تنتهي
أنا إن حكيتك فالحروف لأجل ذكرك تشتهي)

وكما قيل:
"من العزّ تأتي الأيام وتصيّر حضاراتٌ وحضاراتْ
وتغارُ منك يا بغداد أمم وامبراطوريات
هذا أبو جعفر المنصور
وهذا الخليفة المأمون
وقبله هارون الرشيد
تكبرين يا بغداد وأكبر
والذكريات في القلب تكبر.."

بلقيس؛
كُفي عن هذا وهل انقطع الرجاء يوماً.
أحزان يثرب ترثيك في صخبٍ
وليت صرخاتهم لامست نخوة المعتصم.

رويدك..رويدك سيدتي[/align]

عزيزي شاعر الحجاز ,, شاعر يثرب أحمد شريف
يسعدني كثيرا ان تمر وتقرأ وتضع بكل تواضعك وعذوبتك كلمات جميلة وتترك نفس الطيب وريح دهن العود
دمت ودام قلمك سيد

وكل عام وانتم بالف خير وقوة

وحبيبي العراق وأمي الحنونة بغداد بالف خير واهلهااااااااا اجمعين

**بلقيس الجنابي** · 30-09-2008, 20:32

المشاركة الأصلية بواسطة على جاسم مشاهدة المشاركة

السلام عليكم

مرحبا بلقيس كيف حالك أختي

تعرفي المواجع قد هاجت وأنتِ سبب في ذلك

ولكن

نطمح في قليل من الأمل بأن القادم أفضل

وهذا عزاء لنا

تقديري لكِ ومرحباً بكِ من جديد

آآآآآآه ياعلي

وأنت وربي قلبت مواجعناا

ولا عزاء لنا بما اغتبرت به الروح وا ُبتليت ياعلي ّ

لنا الله ولابي العراق وأمي بغدادي الحبيبة

كل عام وأنت وعراقي بالف خير ونعمة وسلام وأمان ومحنة اهلنا

تحياتي لك

**بلقيس الجنابي** · 30-09-2008, 20:36

المشاركة الأصلية بواسطة رانيا حاتم مشاهدة المشاركة

الشاعرة بلقيس الجنائي ..
أعجبني ما قرأته هنا رغم الألم المحدق به ،
سنعود لتعود بغداد ..
و ستبقى تنير سماء الوطن العربي

مودتي
رانيا حاتم

اهلا بك ِ فاضلتي رناوي

بوركت ِ غاليتي لمرورك العبق وياريت تتفضلي عندي نشرب فنجان قوة معا

ترااا القهوة العراقية بعبق الهيل فواح ما تتفوت !

نحن اهل الخير اهل العراق اهل العزم والخير والطولات ودلالانا مرفوعة لاهل الخير والخير لاهله

كل الهلا بك ايها الطاهرة وكل عام وانت بالف خير وحب وسلام وتحقيق الأماني حبيبتي

تحياتي

**بلقيس الجنابي** · 30-09-2008, 20:45

المشاركة الأصلية بواسطة عبدالله حسين كراز مشاهدة المشاركة

القصيدة

لِعَيْنَيِّ بغداد
للشاعرة العراقية بلقيس الجنابي

[align=right]ناديت في البين يا تغريبتي بيني
ويا ضروب الجفاْ حِنِّي لها .. ليني

ويا معلمتي في هجرها ابتعدي
ويا معلقتي في حبـــــــــــها حيني

(أرض السواد) و(غاب النخل) في مقلي
وفي سويداء قلبي في شــراييني

فيا طيوف الرؤى حُطِّي على هُدبي
وفي جفوني فهذا الكحـل يكفيني

أو احمليني على الأشواق طائرة
إن سال كحلي وفي بغداد حُطِّيني

عين العراق على كل العيون علت
فبلغيني بها أحلى الأفانين ِ

أو انثريني (بسامراء )أطيبة
روحي تحنُّ إليها( بنت عشرين)

بغداد ..بغداد يا أماه يا وطني
أشتاق ضمك لي .. بالله ضميني

أشتاق (للكرخ) (للمنصور) (للسمك ال
مسكوف) ناديت .. حالت غربتي دوني

أطعمت خبز الكرى لليل أرغفة
حتى يسامرني والهجـــــر يكويني

نظمت شوقي إلى بغداد أغنية
لعين بغداد غَنَّى السُّهد تلحيني

بعيدة..بَيْدَ مرآها يعاودني
نقوشها في ضلوعي بالتلاوين ِ

بغداد ..بغداد في ظعني و مرتحلي
بغداد زادي وماعوني وتمويني

ما حاجتي يا نــــوى للزاد أطلبه
ما دام بغداد تغذوني وتسقيني

مـــــا دام بغداد أنَّى كنت حاضرة
تلبَّستني وصارت كل تكويني

ما دامها جنتي أطيافها ظُلَلَــــــي
كل الجنان عداها شَوبُ سِجِّيِنِ

بغداد ..بغداد يا مهدي و مرتبعي
يا حضن أمي ويا نوني وتنويني

لا درَّ.. درَّ زمان بالشتات رمى
أفدي ثـــــــــرى تربة فيها يواريني[/align]

القراءة والتأمل

[align=center]الخطاب الوطني الحميمي في "لِعَيْنَيِّ بغداد" للشاعرة العراقية بلقيس الجنابي[/align]

[align=right]باختصار شديد نرى العراق وبغداد كوناً أسطورياً في مرمى الكلمات التي رسمت في الزمان والمكان معالم النوستالجيا بأقوى تعبيراتها ودلالاتها وصورها ورموزها. في البدء كان الحوار الشاعري الملتهب والمتأجج يخرج من بين أنامل الشاعرة وريشة قلمها الذي توشح بدمها الشرياني، بين الذات الشاعرة بوعيها ولاوعيها ، بعالمها الحاضر والغائب، بصيرورتها العصية على النسيان والانكسار، بتضاريس المكان الأسطوري هنا في بغداد قلب العراق ومصدر إلهام الشعراء، بتفاصيل العشق المتشظي والمترامي بين خد الوطن ونهريه وقراه ومدنه وطقوس أهله الذين أحبوا العراق موتاً في الحياة وحياةً في الموت، كله فدى العراق رغم قسوة الظروف وقهرها وإرهاصات ما أصاب جسد العراق الذي أصبح في عيون الشاعرة مصدر حياة ولا موت فيها سوى الحياة من بعد موت.
هكذا يفتح النص الشاعري هنا مصراعيه وبدقيق العبارة يصرخ في نداء مستدام حتى تصل خيوط الدم إلى فضاء العراق ومساحاته الواسعة بخضرتها ونضرتها. النداء هنا صوت يخرج من الباطن المحموم في اغترابه وغربته، في حنينه وشوقه وعشقه وصيرورته التي تأبى إلا أن تتواصل مع فؤادها العراقي، وهذا دليل حميمية الانتماء لوطن الآباء والأجداد والحضارة والتاريخ والتراث:

ناديت في البين يا تغريبتي بيني

ويا ضروب الجفاْ حِنِّي لها .. ليني

لنقف أمام الصوت الشعري هنا بفعل الماضي وكأننا أمام تجربة تخلق حالات من التشظي المتواصل الناجم عن الغربة والابتعاد عن ثرى الوطن الأشم، فالصوت فيه اعتمال صرخات تتكرر منذ حين وتتوسل في غربتها بأقصى مشاعر الألم والحيرة والقلق. فالحنين سيد الموقف هنا واللين مطلب مستباح ومشروع وأمنية ينبغي أن تتحقق ويزول الهم والغم والنكد.
في البيت الأول نستشرف صوت النص السائد ونبرة المشاعر الملتهبة، لذا تلجأ الشاعرة هنا لتوظيف تقنية مهمة وحيوية ودالة تكمن في التشخيص للتغريبة التي تحولت لشخص أو مخلوق يؤنس الوحشة ويساعد في زوال الهم، وإلحاقاً بهذا تشخص الشاعرة "ضروب الجفاْ"، ما يدل على عوز في العزيمة والقوة في الرجوع إلى حضن مهم في حياة الذات الشاعرة، وربما يدل على موقف المستضعفين من المغلوب على أمرهم، خاصةً في صيغة الإلحاح في "حني" و "ليني."
ويتحول الخطاب الشعري في التوجه إلى معلَم شعوري متجسد في خاطر الشاعرة من "التغريبة" و "ضروب الجفا" إلى "معلمتي" و "معلقتي" ليدل هذا الخطاب على تحول نوعي في نبرة الشاعرية، وبما ينطوي عليه البناء اللغوي والفني والدلالي على ثنائيات تحكم العلاقة بين الأنا الشاعرة بكل ما تظهره من قوة في الوصول لرسم صورة أعمق لموقف الحنين والعشق الوطني الأبدي، وبين الوطن المعلم والمعلق. ففي الصورة الأولى تتوسل الشاعرة أن تبتعد "معلمتها" عن الغربة والتغريب والهجران ليلتئم الجرح تماماً، وليزداد الحب والعشق والحنين بدلاً من مشاعر السوداوية والأسى، لكن يبدو أنه زوال مشروط بزوال السبب، ألا وهو أعداء الوطن ممن سلبوه طقوسه وتضاريسه وتاريخه وأمكنته وأزمنته:
ويامعلمتي في هجرها ابتعدي
ويا معلقتي في حبـــــــــــها حيني
لتلجأ الشاعرة فيما يلي لتقنية التكرار والتوكيد والتبدل والإرجاء والإزاحة والتجاور بمل يخدم الفكرة الوطنية ومشاعر الشاعرة في رسم تخوم منطقها الوطني:
(أرض السواد) و(غاب النخل) في مقلي
وفي سويداء قلبي في شــراييني
فتكرار حرف الجر "في" الدال على المكان بعميق إيحاءاته ورمزيته في مكانين متجاورين متبدلين، احدهما دال على الآخر ومن نفس طينته وعجينته: سويداء القلب والشرايين.
ويتواصل الخطاب الشاعري في التحول عند جزئية المخاطب والمنقول من حالة إلى أخرى، فمثلاً تقول الشاعرة:

فيا طيوف الرؤى حُطِّي على هُدبي

وفي جفوني فهذا الكحـل يكفيني

هنا تشير "طيوف الرؤى" برمزيتها إلى عالم الوطن المسلوب والسليب، وتحمل أحلام الشاعرة في أن يحملها الوطن كما اعتادت على تربه، ثم تحمل الوطن مرات رداً لجميل الوطن الذي أصبح في عالم الشاعرة شخصاً كونياً له سلطته وإرادته.
كما أنني أجد كلمة "الكحل" هنا أفقدت البيت طعمه الفني ومذاقه النصي والسياقي، إلا إذا كانت الشاعرة علة وعي بقصدها لتراب الوطن المترمل والذي أصبح في بوتقة العقل وبؤبؤ العينين كحلاً من نوع خاص يتناسب وطقوس النص وفكرته وهمومه.

ويستمر البوح والصراخ الشاعري في وعي النص والشاعرة، وكأنها تتوسل للغائب أو المجهول – ربما يكون الوطن بحالته الآنية – فهي تلجأ لكل ما تقع عليها مفرداتها وتعبيرها وشاعريتها أو أحلامها لكي تصرح بمطالبها المشروعة في الحرية والاستقلال والتحرر من الظلم والغربة والاغتراب بشقيه الجسدي والنفسي:

أو احمليني على الأشواق طائرة

إن سال كحلي وفي بغداد حُطِّيني

وما أجمل أن ينادي الإنسان على بلد طينه وترابه ونهره وهوائه وبره و فضاءات طبيعته برومانسية تتجلى فيها كل المشاعر العاشقة والحالمة، الوطن الأم، الوطن مصدر إلهام وشوق وعشق مستدام:

بغداد ..بغداد يا أماه يا وطني

ومن محسنات التعبير والتشكيل الفني هو تكثيف حضور الثنائيات التي استوحت منها الشاعرة بوصلتها الموضوعية في:

أطعمت خبز الكرى لليل أرغفة

حتى يسامرني والهجـــــر يكويني

ففي تلك الحالة تتجسد مشاعر التشظي والهجران والاغتراب، فمرةً مسامرة في حضرة الليل، بكل ما تحمله صورة الليل من دلالات وإيحاءات وتأويلات، ومرةً أخرى هجران يكوي ويحرق ويؤلم في الأعماق، ما يعني عقد النية على ترك "الهجر" و "الليل" والغربة، والبديل العودة الميمونة لتراب الوطن الأكثر حناناً وعشقاً وحميميةً.
فالشاعرة تبقى مسكونة بالوطن حتى وهي بعيدة عن ترابه الذي ينادي أهله، حد التماهي والتوحد والمزاوجة:

بعيدة..بَيْدَ مرآها يعاودني

نقوشها في ضلوعي.. لــــــونهالوني

بغداد ..بغداد في ظعني و مرتحلي

بغداد زادي وماعونيوتمويني

وأقصى ما تتمنى الذات الشاعرة وتحلم به في كامل وعيها وكنتيجة حتمية لحالة النوستالجيا المتسيدة لفضاء النص وحالتها الإنسانية هو:

أفدي ثـــــــــرى تربة فيهايواريني

في النص تتشكل رؤية وطنية مشتعلة برماد الغربة والاغتراب والحزن والفراق، وتكتفي الذات الشاعرة بالتعبير عن مكنون حلمها في رسم مشاعر الحنين تجسيداً لروح الوطن والموطن. اللغة في النص تتفجر على صور فنية استحضرتها الشاعرة من وعيها وماضيها وتجربتها واختمار المشاعر والأحاسيس، ووفقت في توظيف أكثر من تقنية دلالية ورمزية وصورية وفنية لإيصال صوتها الكوني إلى كل مكان وقلب وعبر زمان رسمته بنفسها في تلافيف القصيدة.
والأجمل هو صدق المشاعر والأحاسيس تلك التي تأبطتها الشاعرة بوعي فني وإدراك ومعرفة وثقافة ورسمت بها لوحة فيها كل ألوان الحنين إلى الوطن الأم، ومع هذا تتمنى الشاعرة أن تموت وتوارى في ترب الوطن مهما كان الثمن، فما أجمل التوحد مع طين الوطن وماء الوطن وعيون الوطن، وما أجمل أن يعود الوطن حياً ولا يموت.

د. عبدالله حسين كراز[/align]

آآه دكتور عبدالله حسين كراز

أيها النبيل الوفي ّ

الذي لم يتخلى عن نخوته العربية لحظة واحدة معي يوما وما زال

سيدي

ما زلت تحلق معي في سماء الشعروتكتب ابياتك الرائعة وتقدم أجل وأروع دراسة نقدية عرفها تاريخ الادب العربي المعاصر وفي كل مرة ويوم يكون لنا أجنحة نستطع ان نرش حروف الشعر على الدنيا فيصبح العالم أكثر جمالا ويفيض بالعبير والبهجة

شكرا لك على ما كتبت وجودك هنا يكفي سندا لي

عيدك مبارك سيدي وكل عام بل كل لحظة من عمر البشر وعراقي وفلسطين الحرة الأبية بالف خير وغزة العصية على الغزات ربي يهدي النفوس سيدي
تحياتي لشخصكم أيها النبيل

**بلقيس الجنابي** · 30-09-2008, 20:54

المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرحيم محمود مشاهدة المشاركة

العزيزة بلقيس الجنابي
بداية أرحب بعودتك ، وأتمنى أن تغرسي حروفك في بستان
الملتقي لتزهر بكل الجمال الذي أراه في قصيدتك هذه .
نص فيه من عذوبة بكاء الخنساء ، ورقة شعرها في بكائياتها
حالة التوحد بين الشاعرة وبغداد تجعلها وكأنها تبكي وليدها
المذبوح على حضنها ، وفي الواقع الحالة هكذا ، حالة من
الوجد الشديد التي تشبه حالة عطيل عند قتله ديدمونة ، تفاعل
إلى حد التقمص ، والاندماج ، وتحميل النفس مأساة الحدث
خلتك تبكين نفسك أو جزءا من نفسك ، وتتساقط الدموع جمرا
محرقا على كيانك المتوحد مع بغداد المتوثبة للنهوض من بين
ركام الحريق ، حدة الشعور طاغية ، ووتيرة الحزن هادئة
لأن أشد الدموع صدقا تلك التي لا يصاحبها صوت النشيج
تثبت !!

اعزك الله استاذ عبد الرحيم

اولا شكرا لنقلكم ولتثبيتكم القصيدة

وشكرا لتحليلكم النقدي لها مداخلة جميلة الف شكر سيدي

ودعني أستعين بأبيات الشعر والتي تفضلتكم بكتابتها في موقعي يوما تعليقا على هذه القصيدة لاثري ما تفضلتم به هنا وازيده إشراقا

[gdwl]بغداد يا حلوة العينين تغريني

للصقر كانت وأما اليوم للدون

ما عاد دجلتها دجلى ولا عرفت

أرض الرصافة بعد الصقر ترويني

بغداد حاكمها لص له رسن

يقوده العلج ما بين الطوابين

قد قسموها بأسلاك وأسيجة

كي يسجنوا الشعب بين الذل والهون

وعقموا النخل كيلا نخلة حبلت

من روح صدام تأتي بالبراكين

هيا نساء فرات الحب ترضع من

قد يولد اليوم نارا في الشرايين

حتى يعود لبغداد الهوى أمل

ويصبح الجرح نارا للسلاطين ![/gdwl]

عيدكم مبارك سيدي تحقيق الاماني الطيبة

تحياتي

**بلقيس الجنابي** · 30-09-2008, 21:02

المشاركة الأصلية بواسطة عادل العاني مشاهدة المشاركة

أقف إجلالا لبغداد أولا ...
ولك يا ابنة الرافدين الأبية الوفية ...

جفت المآقي ولم يعد فيها دمع يسيل ... وجفت الأقلام فلم يعد فيها حبر للكتابة ,

وجفت الجروح ولم يعد فيها دم ينزف ...

بارك الله فيك

وحفظ الله بغداد وعراقنا الحبيب

تحياتي وتقديري

آآآآآآآآآآآآآآه يابن عنه

سيدي عادل .. سعف نخلتي وضفائرها تتمايل لإنحاناتكم سيدي
كل نخيل العراق وبستان أبي يسجد لله ويحييك تحية إجلال سيدي وأحسن منها

وأمي بغدادي تغني لك لحن الوفاء وأبي.......أبي يابن عنه العراق ..أمطرت سماه هطول دمع المطر وتحنّت أقدامك بتراب أهلنا
تتذكر ريحة الكاع ؟ لما ينزل مطرناا !!
لا يوجد في الكون كله أطيب من ريحة تراب أهلنا

والله سيدي ثم والله وتالله

أفدي ثـــــــــرى تربة فيها يواريني

وكل عام وانتم وعراقنا وامي الحنون بغداد واهلنا وأعراضنا بالف خير ومسرة وحنين وسلام

**أبو صالح** · 01-10-2008, 10:38

للجميع

**حياة سرور** · 02-10-2008, 06:47

مرحباً بـــ عودتكِ أيتها الغالية الباسقة السامقة .... بلقيس الجنابي

مرحباً يا بنت بغداد ؛ شاعرةً عربيةً تطلق هذا الصوت من جديد في طرحٍ ينم

عن الإنتماء الكامن في حسّها ووجدانها ، بل وفي حس كل من يعتز بــ العراق

وبغداد لغةً وأرضاً وتاريخاً ...

قصيدةٌ رائعة ، بل هي في السنام من الروعة...

لله دُرّ ملكة شِعركِ أيتها الغالية ...

تحية لكِ من القلب على هذا الحضور المتميز .. وهذا الطرح الألق ..

لِعَيْنَيِّ بغداد

لِعَيْنَيِّ بغداد

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

ما الذي يحدث