على أسوار أبي الهول أنتظر
.أقاوم .. مازالت كذلك.. لم أشعر في يوم من الأيام أن ذلك منفصل عني .. أتساءل :
- أهو قدري؟؟ أكل الناس مثلي ؟؟ أكتب علي أن أعيش هكذا؟؟..
في صحبتها أبتسم وقد أقهقه ولكن ينتابني خوف وحزن شديدان.. عندما أنظر إلى عمق عينيها ..تحمل هما أكثر مما أحمل .. قلت لها في بداية الطريق الذي لم يبدأ:
نحن ـ شخصين ـ خلقنا لبعض , كل منا له طرف ضائع يبحث عنه وقد وجده في الآخر
ابتسمت وقالت :
- ربما كذلك ..
وتوالت الأيام ولم نشعر أن شيئا قد تحسن .. جلسنا تحت الأشجار وفي كل مكان قد يخطر على البال وقد لا يخطر .. ولا جديد تحت الشمس .. سهرنا ذات ليلة – والقمر ملك فوقنا – مدة سنة كاملة .. عندما انتهت الأولى وبدأت الثانية –وقد نظرت في ساعتي التي لم أكسبها قط – قلت لها:
- آه كدت أنسى .. عام سعيد وعمر مديد..إلى آخر المقطع المعروف .. وقبّلتها بحرارة .. وفعلتْ هي مثل الذي فعلت .. وانقضى العام .. وقفنا – وليتنا لم نفعل - كان الكلام يسيل من لساني يجرف كل شيء أمامه , لم أدر من أي نبع أخذت ..تعجبت من نفسي قبل أن تفعل هي كذلك .. لكنني واصلت .. وفي نهاية المطاف وضعت يدي على كتفها وقلت:
- "ثقي – ثم نظرت إلى السماء مواصلا كلامي – والله يشهد على ما أقول ـ أنكِ أول حب في حياتي وآخره "..
ولمّا أكمل آخر كلمة حتى سبقتني دمعتان لم أستطع حبسهما .. التفت مسرعا بالخروج ولا أدري إن كانت قد انتبهت إلى هزيمتي أم لم تنتبه .. خرجت إلى الطرقات متسكعا , لا أخشى شيئا .. دخلت شوارعَ وخلّفت أخرى .. وأنا لا أشعر بذلك .. ولما اشتد بي الإرهاق والتعب .. قمت على تعليقات أناس قد تحلقوا من حولي .. في الصباح ..ولم أنتبه إلى كل ما قالوا .. وتناهى إلى سمعي شيء مما قالوه:
- أليس هذا فلان بن فلان ؟؟
- بلى،هو عينه
- ماذا حصل له ؟ بالأمس فقط رأيته عائدا من عمله كأحسن ما يكون ..
وجاءه جواب من الخلف :
- ولله في خلقه شؤون..
قعفزت لشدة البرد ثم نظرت في الوجوه المحيطة و.. شتمتهم .. وقمت أريد الانصراف وكنت أظن أني دافعت عن نفسي .. حتى انهالت علي اللكمات من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق .. ولا أدري كيف توقف هذا السيل المبارك.. حملت نفسي وسرت قدر المستطاع حتى وصلت المنزل .. دخلت متخفيا .. وارتميت على السرير باكيا حظي التعيس ..وزدت.. حتى كادت أمي وكل من في البيت يسمعني .. عندما تذكرت رحيلها اليوم عن مدينتنا لتصارع قدرها في ديار الناس .. تمنيت لها من أعماقي التوفيق .. وكنت كعادة أهلنا أعيش بالأمنيات .. تمنيت لها كل شيء , حتى الزواج بي تمنيته لها ولم أبخل به عليها.. عندما سألتها ذات مرة :
- أتقبلين بي زوجا ؟ قالت ببرودة تامة :
- لا يهم وان كنت لا أعارض في شيء مثل هذا لا أراه ضروريا.."
- بهت من جوابها .. وقد وجدته عينه عند صاحب الغريب ..ولما سألتها :
- هل تقرئين لكامو ؟؟ قالت:
- من يكون هذا ؟ لم أسمع به قبل اللحظة ..
وزاد عذابي .. وزدت تعلّقا بها .. إنها تتكلم بلسان أبطال يعرف العالم عنهم الكثير ..فلماذا لا يعرفون عن معذبتي قليلا ؟.. ربما لأنها مازالت تصارع قدرها ويوم تنتصر عليه سترفع على الأعناق والناس يهللون ويهتفون ( انتصرت .. انتصرت) .. وأنا في زاوية أذرف دمعا لأن أبا الهول لم ينهزم .. انه يتحول من مكان إلى آخر .. وجدته ذات يوم في الأدرياتيكي ولما قابلته طلب نزالي في ألاسكا , لأنها أرض حيادية كما يزعم ولا أظن ذلك .. تحديته .. لأجل عينيها ولأجل الانتصار تهون ألف هزيمة وهزيمة ..
عندما سقطت من على السرير وجدت يدي قد جرحت وكل ما كان على الطاولة المجاورة قد سقط وتكسر ..
أشعلت الضوء ..رأيت أبا الهول ينام بجانبي.. ولم أوقظه, غرزت في رقبته وتدا نقشت عليه : "عندما تستيقظ لا تفكر في الهروب , فسأعود بسرعة من المرحاض " ..ولما دخلت المرحاض وجدته أمامي ينتظرني .خرجت مسرعا ..في المساء عقدت اجتماعا طارئا لبعض الزملاء اتفقنا على زيارة عمي عبد الله"وقرأ الشيخ في وجهي علامات الهزيمة .. هكذا تعودت ياعمي أريدها هي ,قال :
- إن فوزك بها هزيمة لك..
قلت :ـ لا يهم إن قدري رابض على أسوار المدينة يطاردني كلما دخلتها لقد تساوت الهزيمة بالنصر .. لأجلها أريد دخول المدينة طائرا ..
وتقابلني , تفتح صدرها لي. وأشهق:
" يا لربي ماذا أرى ؟؟
أهذا الشيء موجود ؟؟
وكنت حقا تخفيه؟؟
فهذا اليوم قد حان..
وليته – يا رب – ما كان ..
نهديك يا لنهديك !!
موشمان بالجروح ..
وأنا بلا جرح .. وهذا جرحي محفوظ..
أما كان لنا البدل؟؟
فمنك الحفظ وأبعده..
وفي صدري جراح الدنيا ..
ولا جرح بنهديك..
أقول ريحانتي :
إن العالم خرب.. فهذا صدري مسندك .. ضميني إلى صدرك كما أمي قد صنعت..
دعيني ابكي في حضرتك . يا لصدرك المشحون..يخترقه جرحان ..
دمعتان تنزلان .. أبكي ..
أحب التيه بحضرتك ..فأنتصر
والآن ..الآن أنهزم ..
أجهش بالبكاء .. أضم حزني إلى صدري وأجرحه ..
وأندب ما كان وما صار وما عانيتِ من قبلُ ..
أحملكِ هما أواسيه .. وأفتضح ..
وأركب نكبة كانت وأخرى أطاردها ..أصارعها إذا جاءت ..
وأنتصر.. وننتصر.. أقاتل أبا الهول فيقتلني.. وأبعث فأنهزم ..
تقولين أحب الطفولة أهواها .. وتبتسمين .. ودمع العين يخدعك..
ما هذا رجاؤك يا قلبي ..طفلتان ملعبهما جدار على الأرض ...
وملعبنا إذا عدنا إلى الماضي !!
أجدران محطمة ؟؟وأسوار مهشمة؟؟
فهل يرضى أبو الهول ؟؟ وهل يصدق الشيخ .. ؟؟
وهل نحن على علم إذا جاء لنا الأمس ليخبرنا بما كان ؟؟
وأنسحب .. أمد يدي ليقرأ منجم الحي كفي .. يقول كلاما يطمئنني ..أخرج أحمل المعول .. أناديه ولا أخجل .. وبأعلى ما أملك من صوت -:
أبا الهول .. أبا الهول ..
وأقصده يقول بواب عمارته :
-لقد تزوج سيدي اليوم ولا يسمح بدخول أحد عليه ..
أهوي على البواب بالفأس فأرديه قتيلا .. وأجلس مكانه بوابا .. فهل يرضى سيد الميت .؟؟
قال منجم الحي : ستقتل ألفا على أسوار أبي الهول .. فمن يجرؤ .. من يجرؤ ؟؟ أنا على أسوار أبي الهول أنتظر أول قادم ..
.................
انتهت منذ زمن سحيق
.أقاوم .. مازالت كذلك.. لم أشعر في يوم من الأيام أن ذلك منفصل عني .. أتساءل :
- أهو قدري؟؟ أكل الناس مثلي ؟؟ أكتب علي أن أعيش هكذا؟؟..
في صحبتها أبتسم وقد أقهقه ولكن ينتابني خوف وحزن شديدان.. عندما أنظر إلى عمق عينيها ..تحمل هما أكثر مما أحمل .. قلت لها في بداية الطريق الذي لم يبدأ:
نحن ـ شخصين ـ خلقنا لبعض , كل منا له طرف ضائع يبحث عنه وقد وجده في الآخر
ابتسمت وقالت :
- ربما كذلك ..
وتوالت الأيام ولم نشعر أن شيئا قد تحسن .. جلسنا تحت الأشجار وفي كل مكان قد يخطر على البال وقد لا يخطر .. ولا جديد تحت الشمس .. سهرنا ذات ليلة – والقمر ملك فوقنا – مدة سنة كاملة .. عندما انتهت الأولى وبدأت الثانية –وقد نظرت في ساعتي التي لم أكسبها قط – قلت لها:
- آه كدت أنسى .. عام سعيد وعمر مديد..إلى آخر المقطع المعروف .. وقبّلتها بحرارة .. وفعلتْ هي مثل الذي فعلت .. وانقضى العام .. وقفنا – وليتنا لم نفعل - كان الكلام يسيل من لساني يجرف كل شيء أمامه , لم أدر من أي نبع أخذت ..تعجبت من نفسي قبل أن تفعل هي كذلك .. لكنني واصلت .. وفي نهاية المطاف وضعت يدي على كتفها وقلت:
- "ثقي – ثم نظرت إلى السماء مواصلا كلامي – والله يشهد على ما أقول ـ أنكِ أول حب في حياتي وآخره "..
ولمّا أكمل آخر كلمة حتى سبقتني دمعتان لم أستطع حبسهما .. التفت مسرعا بالخروج ولا أدري إن كانت قد انتبهت إلى هزيمتي أم لم تنتبه .. خرجت إلى الطرقات متسكعا , لا أخشى شيئا .. دخلت شوارعَ وخلّفت أخرى .. وأنا لا أشعر بذلك .. ولما اشتد بي الإرهاق والتعب .. قمت على تعليقات أناس قد تحلقوا من حولي .. في الصباح ..ولم أنتبه إلى كل ما قالوا .. وتناهى إلى سمعي شيء مما قالوه:
- أليس هذا فلان بن فلان ؟؟
- بلى،هو عينه
- ماذا حصل له ؟ بالأمس فقط رأيته عائدا من عمله كأحسن ما يكون ..
وجاءه جواب من الخلف :
- ولله في خلقه شؤون..
قعفزت لشدة البرد ثم نظرت في الوجوه المحيطة و.. شتمتهم .. وقمت أريد الانصراف وكنت أظن أني دافعت عن نفسي .. حتى انهالت علي اللكمات من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق .. ولا أدري كيف توقف هذا السيل المبارك.. حملت نفسي وسرت قدر المستطاع حتى وصلت المنزل .. دخلت متخفيا .. وارتميت على السرير باكيا حظي التعيس ..وزدت.. حتى كادت أمي وكل من في البيت يسمعني .. عندما تذكرت رحيلها اليوم عن مدينتنا لتصارع قدرها في ديار الناس .. تمنيت لها من أعماقي التوفيق .. وكنت كعادة أهلنا أعيش بالأمنيات .. تمنيت لها كل شيء , حتى الزواج بي تمنيته لها ولم أبخل به عليها.. عندما سألتها ذات مرة :
- أتقبلين بي زوجا ؟ قالت ببرودة تامة :
- لا يهم وان كنت لا أعارض في شيء مثل هذا لا أراه ضروريا.."
- بهت من جوابها .. وقد وجدته عينه عند صاحب الغريب ..ولما سألتها :
- هل تقرئين لكامو ؟؟ قالت:
- من يكون هذا ؟ لم أسمع به قبل اللحظة ..
وزاد عذابي .. وزدت تعلّقا بها .. إنها تتكلم بلسان أبطال يعرف العالم عنهم الكثير ..فلماذا لا يعرفون عن معذبتي قليلا ؟.. ربما لأنها مازالت تصارع قدرها ويوم تنتصر عليه سترفع على الأعناق والناس يهللون ويهتفون ( انتصرت .. انتصرت) .. وأنا في زاوية أذرف دمعا لأن أبا الهول لم ينهزم .. انه يتحول من مكان إلى آخر .. وجدته ذات يوم في الأدرياتيكي ولما قابلته طلب نزالي في ألاسكا , لأنها أرض حيادية كما يزعم ولا أظن ذلك .. تحديته .. لأجل عينيها ولأجل الانتصار تهون ألف هزيمة وهزيمة ..
عندما سقطت من على السرير وجدت يدي قد جرحت وكل ما كان على الطاولة المجاورة قد سقط وتكسر ..
أشعلت الضوء ..رأيت أبا الهول ينام بجانبي.. ولم أوقظه, غرزت في رقبته وتدا نقشت عليه : "عندما تستيقظ لا تفكر في الهروب , فسأعود بسرعة من المرحاض " ..ولما دخلت المرحاض وجدته أمامي ينتظرني .خرجت مسرعا ..في المساء عقدت اجتماعا طارئا لبعض الزملاء اتفقنا على زيارة عمي عبد الله"وقرأ الشيخ في وجهي علامات الهزيمة .. هكذا تعودت ياعمي أريدها هي ,قال :
- إن فوزك بها هزيمة لك..
قلت :ـ لا يهم إن قدري رابض على أسوار المدينة يطاردني كلما دخلتها لقد تساوت الهزيمة بالنصر .. لأجلها أريد دخول المدينة طائرا ..
وتقابلني , تفتح صدرها لي. وأشهق:
" يا لربي ماذا أرى ؟؟
أهذا الشيء موجود ؟؟
وكنت حقا تخفيه؟؟
فهذا اليوم قد حان..
وليته – يا رب – ما كان ..
نهديك يا لنهديك !!
موشمان بالجروح ..
وأنا بلا جرح .. وهذا جرحي محفوظ..
أما كان لنا البدل؟؟
فمنك الحفظ وأبعده..
وفي صدري جراح الدنيا ..
ولا جرح بنهديك..
أقول ريحانتي :
إن العالم خرب.. فهذا صدري مسندك .. ضميني إلى صدرك كما أمي قد صنعت..
دعيني ابكي في حضرتك . يا لصدرك المشحون..يخترقه جرحان ..
دمعتان تنزلان .. أبكي ..
أحب التيه بحضرتك ..فأنتصر
والآن ..الآن أنهزم ..
أجهش بالبكاء .. أضم حزني إلى صدري وأجرحه ..
وأندب ما كان وما صار وما عانيتِ من قبلُ ..
أحملكِ هما أواسيه .. وأفتضح ..
وأركب نكبة كانت وأخرى أطاردها ..أصارعها إذا جاءت ..
وأنتصر.. وننتصر.. أقاتل أبا الهول فيقتلني.. وأبعث فأنهزم ..
تقولين أحب الطفولة أهواها .. وتبتسمين .. ودمع العين يخدعك..
ما هذا رجاؤك يا قلبي ..طفلتان ملعبهما جدار على الأرض ...
وملعبنا إذا عدنا إلى الماضي !!
أجدران محطمة ؟؟وأسوار مهشمة؟؟
فهل يرضى أبو الهول ؟؟ وهل يصدق الشيخ .. ؟؟
وهل نحن على علم إذا جاء لنا الأمس ليخبرنا بما كان ؟؟
وأنسحب .. أمد يدي ليقرأ منجم الحي كفي .. يقول كلاما يطمئنني ..أخرج أحمل المعول .. أناديه ولا أخجل .. وبأعلى ما أملك من صوت -:
أبا الهول .. أبا الهول ..
وأقصده يقول بواب عمارته :
-لقد تزوج سيدي اليوم ولا يسمح بدخول أحد عليه ..
أهوي على البواب بالفأس فأرديه قتيلا .. وأجلس مكانه بوابا .. فهل يرضى سيد الميت .؟؟
قال منجم الحي : ستقتل ألفا على أسوار أبي الهول .. فمن يجرؤ .. من يجرؤ ؟؟ أنا على أسوار أبي الهول أنتظر أول قادم ..
.................
انتهت منذ زمن سحيق
تعليق