( سي السيئ ) من قلم : محمد سنجر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سنجر
    عضو الملتقى
    • 27-09-2008
    • 165

    ( سي السيئ ) من قلم : محمد سنجر


    ( جالس أنا بأحد الزوايا هناك ،
    رائحة البنزين تملأ المكان ،
    جاءني ولد صغير يحمل كوبا من الشاي ، قال ببراءة )
    ـ الأسطى بيمسي .
    ـ ألف شكر يا أسطى جمال .
    ـ ده إنت منورنا و الله يا أستاذ .
    ـ منور بيكم يا أسطى عثمان .
    ( قالها الأسطى عثمان و هو يتواري ببشرته الجنوبية السمراء خلف غطاء المحرك الأبيض ،
    كان يحاول جاهدا فك أحد المسامير الصدئة ،
    بينما تمدد الأسطى جمال أسفل السيارة يفك ( طبة الزيت ) و قد توارت بشرته الناصعة البياض خلف بعض البقع الزيتية السوداء ،
    منذ قليل طلبا مني الحضور بعد ساعتين لاستلام السيارة ،
    و لكنني وجدتها فرصة للبقاء مع نفسي بعض الوقت ،
    أخذتني الأفكار فوق جناحيها ،
    حطت بي هناك ،
    مازال صوت أمي و أختي الكبرى يتردد بمسامعي )
    ـ أعدم عيني إن ما طلقتها لا أنت ابني و لا أعرفك .
    ـ قلت لك أنا شفتها بعيني اللي ها يكلها الدود و هو نازل من عندها .
    ـ طلقها و أنا من بكرة أجوزك ست ستها ،
    على الأقل جايز ربنا يكرمك بحتة عيل .
    ( تساؤل أحد الصبية أعادني ثانية إلى رائحة البنزين )
    ـ الشاي مظبوط يا أستاذ ؟ مش عاوز سكر ؟
    ـ لا ، ده مية مية .
    ( لفت نظري الشبه الكبير بين الصبي و بين والده الأسطى جمال ،
    فولة و انقسمت نصفين ،
    نفس البشرة ناصعة البياض ،
    نفس قصة الشعر حتى لونه ، سبحان الله )
    ـ ربنا يخلي لك ابنك يا أسطى جمال .
    ( رد بمنتهى البرود )
    ـ لأ مش ابني ، ده ابن الأسطى عثمان .
    ( عندها دارت بي الدنيا ،
    لا حول و لا قوة إلا بالله ، كيف ؟
    لا يمكن .
    هل يعقل أن يكون هذا الصبي صاحب البشرة شاهقة البياض ابنا للأسطى عثمان صاحب هذه البشرة السمراء ؟؟؟؟؟
    أي كلام هذا ؟
    خطفتني غربان سوء الظن ، حلقت بي عاليا ،
    اثنان كان الشيطان ثالثهما ،
    جذبهما ، غاص بهما إلى ظلمات أعماق الرذيلة و الدناءة،
    سلبهما الشيطان ضميرهما فضيعا الأمانة ،
    لا حول و لا قوة إلا بالله ،
    ألهذه الدرجة انحطت الأخلاق في سنواتنا العجاف هذه ؟
    ألهذه الصورة وصلت بنا النخوة ؟
    أين أبسط مقومات الرجولة ؟
    كيف ضاعت منا أسمى معاني الصداقة و الزمالة ؟
    أخذت أنظر إليهما ، أتمتم )
    ـ شوف يا أخي الجبروت ، و لا كأنه عمل أي شيء ،
    و الخنزير ده كمان ، و لا هو هنا ،
    هي الدنيا جرى فيها إيه ؟
    لا بص بص ، و بيكلموا بعض عادي جدا ، و لا كأن فيه حاجة خالص .
    شوف البجاحة يا أخي ؟
    قادرين يحطوا عينهم في عنين بعض إزاي بس ؟ نفسي أفهم ،
    لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
    دي القيامة ها تقوم خلاص يا جدعان ،
    حسبي الله و نعم الوكيل .
    ( في هذه الأثناء ذهب الصبي إلى الأب المخدوع )
    ـ الشاي يا با .
    ( رد الأسطى عثمان )
    ـ لا ، الشاي ده بتاع خالك ،
    أنا طالب قهوة .
    ( عندها تعلق نظري بالصبي و هو يمشي الهوينى حاملا كوب الشاي ،
    يناوله بكل براءة إلى خاله ،
    الأسطى جمال )
  • حياة سرور
    أديب وكاتب
    • 16-02-2008
    • 2102

    #2


    أستاذي القاص المبدع ... محمد سنجر

    لقد رسمت لنا مشهداً قصصياً مقتنصاً من واقع الحياة , وتظهر المهارة في

    تجسيد المشهد لــ يكون لوحةٌ قصصية تملك أبعاداً رائعة , بدأت باستخدام

    التوضيب البارع للمشهد , من خلال رسم صورة الحالة النفسية للشخصية " هو " , في توليف بين الخيوط الزمانية والمكانية تلميحاً , فــ القصة تحتوي على مواقف عدة

    أعدم عيني إن ما طلقتها لا أنت ابني و لا أعرفك .
    ـ قلت لك أنا شفتها بعيني اللي ها يكلها الدود و هو نازل من عندها .
    ـ طلقها و أنا من بكرة أجوزك ست ستها ،
    على الأقل جايز ربنا يكرمك بحتة عيل .
    منها هنا حينما رحل الكاتب لعالم الخيانة الأليمة التي جاءته من اقرب المقربين له ، وكيف كان في صراعٍ مريب بين إمه - لإرضائها - وبين زوجته - لبقائها -

    ـ لأ مش ابني ، ده ابن الأسطى عثمان .
    أما هنا فــ الصدمة والإندهاش هما اللذان غطى تفكير كاتبنا لواقعنا الذي نعيشه الآن .. لواقعٍ وصلت فيها الدناءة والحقارة لأهلى المستويات .. واقعٍ علا فيها الإنحطاط الخُلقي الأخلاقي لتواكب عصورنا الحديثة والتطوير التكنولوجي الذي يتحكم في حياتنا .. واقعٍ يأكل الأخ فيه لحم أخية ويسلب أرضه وعرضه وماله بدون رديع أو حسيب ..

    لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
    دي القيامة ها تقوم خلاص يا جدعان ،
    حسبي الله و نعم الوكيل .
    وهنا جاء رد كاتبنا تأكيداً على أن الساعة دنا موعدها وأن ما يحصل في واقعنا لهو علامة من علامات قرب الأجل ..

    القصة فعلاً رائعة وبديعة , اتسمت ببراعة التوضيب والبناء والقفل , وكُتبت بــ

    لغةٍ عالية , كما أن العنوان منذ البداية يختصر الحالة ويوفر على القارئ الإسهاب في التفكير والتخيل ...

    شكراً لك أيها الأديب على هذا العمل الأدبي المميز ..

    دمت ودام لنا يراعك .. يسعدني أن أكون أول المارين والتحليق في سماء لوحتك الفنية الألقة ..

    تحيتي وتقديري


    تعليق

    • منى كمال
      أديب وكاتب
      • 22-06-2007
      • 1829

      #3
      قصة قصيرة رائعة بحق يمكن ان تكون فيلما قصيرا لأحتواءها على كل المقومات والحبكة وتلك النهاية الرائعة

      اهنئك على قلمك المبدع

      فى انتظار المزيد

      منى كمال

      مدونتى

      تعليق

      • محمد سنجر
        عضو الملتقى
        • 27-09-2008
        • 165

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة حياة سرور مشاهدة المشاركة


        أستاذي القاص المبدع ... محمد سنجر

        لقد رسمت لنا مشهداً قصصياً مقتنصاً من واقع الحياة , وتظهر المهارة في

        تجسيد المشهد لــ يكون لوحةٌ قصصية تملك أبعاداً رائعة , بدأت باستخدام

        التوضيب البارع للمشهد , من خلال رسم صورة الحالة النفسية للشخصية " هو " , في توليف بين الخيوط الزمانية والمكانية تلميحاً , فــ القصة تحتوي على مواقف عدة



        منها هنا حينما رحل الكاتب لعالم الخيانة الأليمة التي جاءته من اقرب المقربين له ، وكيف كان في صراعٍ مريب بين إمه - لإرضائها - وبين زوجته - لبقائها -



        أما هنا فــ الصدمة والإندهاش هما اللذان غطى تفكير كاتبنا لواقعنا الذي نعيشه الآن .. لواقعٍ وصلت فيها الدناءة والحقارة لأهلى المستويات .. واقعٍ علا فيها الإنحطاط الخُلقي الأخلاقي لتواكب عصورنا الحديثة والتطوير التكنولوجي الذي يتحكم في حياتنا .. واقعٍ يأكل الأخ فيه لحم أخية ويسلب أرضه وعرضه وماله بدون رديع أو حسيب ..



        وهنا جاء رد كاتبنا تأكيداً على أن الساعة دنا موعدها وأن ما يحصل في واقعنا لهو علامة من علامات قرب الأجل ..

        القصة فعلاً رائعة وبديعة , اتسمت ببراعة التوضيب والبناء والقفل , وكُتبت بــ

        لغةٍ عالية , كما أن العنوان منذ البداية يختصر الحالة ويوفر على القارئ الإسهاب في التفكير والتخيل ...

        شكراً لك أيها الأديب على هذا العمل الأدبي المميز ..

        دمت ودام لنا يراعك .. يسعدني أن أكون أول المارين والتحليق في سماء لوحتك الفنية الألقة ..

        تحيتي وتقديري
        الأستاذة الفاضلة
        حياة سرور
        تبعثرت الحروف
        أحاول لملمتها للرد على هذا التحليل الغير مسبوق لنصي المتواضع
        دمت بحفظ الرحمن
        لا عدمناك

        تعليق

        • محمد سنجر
          عضو الملتقى
          • 27-09-2008
          • 165

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة منى كمال مشاهدة المشاركة
          قصة قصيرة رائعة بحق يمكن ان تكون فيلما قصيرا لأحتواءها على كل المقومات والحبكة وتلك النهاية الرائعة

          اهنئك على قلمك المبدع

          فى انتظار المزيد

          منى كمال
          الأستاذة الفاضلة
          منى كمال
          جزاك الله خيرا
          على طيب ردك
          دمت بحفظ الرحمن

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #6
            المبدع الكاتب محمد سنجر
            أقشعر بدني وأنا أقرء ..بطبعي أكره الخيانة وأحب الوفاء ..أشمئز حين أعرف أن أمرأة أو رجل قاما بالخيانة ..وعندما وصلت لنهاية القصة وهي توضح اللبس .. أقشعر بدني مرة أخرى ..أبدعت أبدعت أبدعت .
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            • محمد سنجر
              عضو الملتقى
              • 27-09-2008
              • 165

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
              المبدع الكاتب محمد سنجر
              أقشعر بدني وأنا أقرء ..بطبعي أكره الخيانة وأحب الوفاء ..أشمئز حين أعرف أن أمرأة أو رجل قاما بالخيانة ..وعندما وصلت لنهاية القصة وهي توضح اللبس .. أقشعر بدني مرة أخرى ..أبدعت أبدعت أبدعت .
              جزاكم الله خيرا
              أختنا الفاضلة
              عائدة
              على طيب ردك
              دمتم بخير

              تعليق

              • محمد سنجر
                عضو الملتقى
                • 27-09-2008
                • 165

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                المبدع الكاتب محمد سنجر
                أقشعر بدني وأنا أقرء ..بطبعي أكره الخيانة وأحب الوفاء ..أشمئز حين أعرف أن أمرأة أو رجل قاما بالخيانة ..وعندما وصلت لنهاية القصة وهي توضح اللبس .. أقشعر بدني مرة أخرى ..أبدعت أبدعت أبدعت .
                جزاكم الله خيرا
                أختنا الفاضلة
                عائدة
                على طيب ردك
                دمتم بخير

                تعليق

                • محمد سنجر
                  عضو الملتقى
                  • 27-09-2008
                  • 165

                  #9
                  جزاكم الله خيرا
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد سنجر; الساعة 30-10-2008, 17:17.

                  تعليق

                  يعمل...
                  X