وقفة مع مسرحية " وجبه هجاء
"
هادي زاهر
وجبة هجاء هي اخر مسرحية انتجها مسرح "النقاب "، واول مسرحية من إنتاجه يعرضها على خشبته في عسفيا، وقد اختارت أدارة المسرح ان تكرم الكاتب السوري الراحل محمد الماغوط، فاقتبس الدكتور مسعود حمدان نصوصاً من كتاب "سأخون وطني " للكاتب الماغوط وبعض المقاطع من أشعاره وجيٍِرها في اعداد النص الهجائي للواقع العربي العام وطعم النص بدمجه لواقعنا العربي الخاص بحبكه فنية راقيه اسعدت الجمهور الذي يتجلى حضوره بتصاعد مستمر مما يثلج الصدر وجعلت هذا الجمهور يعيش في حالة من المفارقة الشعورية اذا صح التعبير؟!! حيث انه استمتع بمستوى العرض الذي تجسد امامه على الخشبة فضحك طويلاً لانه شعر بان النص يحاكيه ويعبر عن رأيه ولكنه بحلق أيضَا وعبرت قسمات وجهه عن مدى اشمئزازه من الواقع المدقع المعاش في الوطن العربي، ولو استعرضنا المسرحية التي جاءت في سبعة مشاهد نجد ان المندوب الخليجي الذي يهمه الشكليات حضر الى بريطانيا لكي يشتري الحضارة الغربية لذلك أخذ يفاوض الوزيرة على شراء شكسبير؟!! ولكنه يذوب امام جمال الوزيرة وينسى مهمته كليًا.
في المشهد الثاني يستعرض معاناة المواطن العربي داخل السجون وانتهاك كرامته وعملية التضليل التي يمر بها.
وفي المشهد الثالث يخرج الماغوط من السجن ويدخل المقهى ويحاور مختلف الشرائح هناك ، يستعرض حالة التعاطف معه ايضًا من قبل النادل "فارس" الذي يفتح المقهى خصيصاً له ويهيئ له الاجواء للابداع.
في المشهد الرابع يقرأ أشعاره للكلبة الفرنسية ذلك لان المبدع العربي لا يقدر في وطنه وهذا مما يثير الشرطي الساذج ويطلب الشاعر ان تكون كرامته موازية لكرامة الكلبة في فرنسا . ولكن في النهاية ينجح الشاعر باقناعه بصدق موقفه وهنا يدور الصراع في نفسية الشرطي الذي يطلب منه الكف عن الحديث حتى لا يتورط ويترك مهمته وينضم إليه، إلى زمرة (النابحين) وذلك لان الشرطي في نهاية المطاف هو انسان يخضع لقوة الحق والمنطق.
في المشهد الخامس يستمر في استعراض الواقع العربي العام وتتداخل مشاكلنا الخاصة في المشاكل العامة ليساق في النهاية الى السجن، الى بيت خالته ولكن اين هو بيت خالتي ؟ ان كل الوطن هو عبارة عن بيت خالتي؟!! .
في المشهد السادس يدخل المواطن الى الاصلاحية ويطلب من الطبيب ان يمحو له الذاكرة وهناك ينسى كل شيىء حتى اسمه ولكنه لا ينسى فلسطين قضية العرب الاولى وهنا تفقأ عينا الطبيب ليخرج ضريراً بسبب فشله في المهمة.
في المشهد السابع يتطرق الى معاناة الاهل في غزة جراء جرائم الاحتلال في ظل الصمت العربي المخجل ويبرز الهروب من هناك في احشاء الليل حيث يظهر الجمهور الهارب من جحيم الحرب وهو يحمل الشموع وهنا يصاب الاب بعذاب الضمير بسبب عدم مقدرته على حماية اولاده.
واخيراً لا بد من بعض الملاحظات بالرغم من كون المسرحية راقية، إلا ان هناك بعض الثغرات منها: إن هناك (مطمطة) وذلك على ما يبدو انسجامًا مع نصوص الماغوط الممطوطة والغير مبررة احياناًََ والتي لا تلبس القالب الفني الا في النهاية (وهذا لا يعني اننا نتطاول على الكاتب المبدع) كما أنها مباشرة أحياناً كثيرة وهذا مما يقلل النكهة لدى الطبقة الراقية التي تحبذ الرمز والجمل القصيرة لتأتي في النهاية القرصة المؤلمة؟!! وقد أخذ الممثل أحياناً دور المحاضر؟! وهذا يعود الى النص والاخراج، حبذا لو استدرك الامر، كما انه كانت هناك حركات اباحية مما يخدش احاسيس الكثيرين من المشاهدين. ثم انه لم يعلن بان المسرحية للكبار فقط فارجو اخراج هذه الحركات من المشهد فوراً ولو اقتصرت الحركات على الاهتزاز يميناً وشمالاً كان من الممكن أن تكون مقبولة نوعاً ما. أما بالنسبة للتقنيات المرافقة فاستطيع ان أقول مثلاً ان الماكياج كان موفقاً للغاية كذلك الديكور المتواضع الذي نفذه الفنان رامي عزام ولا نستثني الملابس التي كانت منسجمة جداً مع الادورالتي صممت على يد الفنانة اينغا ليفنزون، إلا أن الموسيقى التي من المفروض ان تهيمن على الاجواء كانت ضعيفة ونشازية ولم ترافق سير احداث المسرحية كما هو مطلوب كما ان هندستها لم تكن جيدة أبداً حيث كانت ترتفع وتنخفض بشكل غير مقنع ولا نريد ان نقول انها كانت احياناً تكسر حالة الانسجام، وان تداخلت الاغاني بشكل جيد. كما ان الاضواء لم تكن موفقة تماماً فلم تسلط بشكل فني كما يجب، بالنسبة لاداء الممثلين نستطيع ان نقول انه كان رائعاً للغاية ولعل المفاجأة الكبيرة كانت الفنان اشرف منصور الذي تألق في جميع الشخصيات التي قام بادوارها تجلت مقدرته بالانتقال من دور الى دور بدون اي تراجع وقد كان يتنهد ويتنفس دوره، لقد تذكرت أثناء مشاهدتي له بالممثل العربي الكبير الراحل "عبد لله غيث" الذي كان يمثل بكل جوارحه كانت قسمات وجهه تتحدث، كان يتلعب بعينيه بحاجبيه بفمه مما يضفي زخمًاً اضافيًاً على العمل.
ميسا خميس عموري: قامت بدور الوزيرة بخفة ظل كما كانت قريبة جداَ من القلب خاصة في اداء دور الكلبة.
عصام زعبي: الممثل الرئيسي في المسرحية لقد صور معاناتنا جميعاً بشكل شمولي، لم تكن هناك اي ثغرة يمكن الاشارة اليها في أداء أدواره.
صالح عزام: كانت جديتة في أداء دور الشرطي مقنعة جداً.

هادي زاهر
وجبة هجاء هي اخر مسرحية انتجها مسرح "النقاب "، واول مسرحية من إنتاجه يعرضها على خشبته في عسفيا، وقد اختارت أدارة المسرح ان تكرم الكاتب السوري الراحل محمد الماغوط، فاقتبس الدكتور مسعود حمدان نصوصاً من كتاب "سأخون وطني " للكاتب الماغوط وبعض المقاطع من أشعاره وجيٍِرها في اعداد النص الهجائي للواقع العربي العام وطعم النص بدمجه لواقعنا العربي الخاص بحبكه فنية راقيه اسعدت الجمهور الذي يتجلى حضوره بتصاعد مستمر مما يثلج الصدر وجعلت هذا الجمهور يعيش في حالة من المفارقة الشعورية اذا صح التعبير؟!! حيث انه استمتع بمستوى العرض الذي تجسد امامه على الخشبة فضحك طويلاً لانه شعر بان النص يحاكيه ويعبر عن رأيه ولكنه بحلق أيضَا وعبرت قسمات وجهه عن مدى اشمئزازه من الواقع المدقع المعاش في الوطن العربي، ولو استعرضنا المسرحية التي جاءت في سبعة مشاهد نجد ان المندوب الخليجي الذي يهمه الشكليات حضر الى بريطانيا لكي يشتري الحضارة الغربية لذلك أخذ يفاوض الوزيرة على شراء شكسبير؟!! ولكنه يذوب امام جمال الوزيرة وينسى مهمته كليًا.
في المشهد الثاني يستعرض معاناة المواطن العربي داخل السجون وانتهاك كرامته وعملية التضليل التي يمر بها.
وفي المشهد الثالث يخرج الماغوط من السجن ويدخل المقهى ويحاور مختلف الشرائح هناك ، يستعرض حالة التعاطف معه ايضًا من قبل النادل "فارس" الذي يفتح المقهى خصيصاً له ويهيئ له الاجواء للابداع.
في المشهد الرابع يقرأ أشعاره للكلبة الفرنسية ذلك لان المبدع العربي لا يقدر في وطنه وهذا مما يثير الشرطي الساذج ويطلب الشاعر ان تكون كرامته موازية لكرامة الكلبة في فرنسا . ولكن في النهاية ينجح الشاعر باقناعه بصدق موقفه وهنا يدور الصراع في نفسية الشرطي الذي يطلب منه الكف عن الحديث حتى لا يتورط ويترك مهمته وينضم إليه، إلى زمرة (النابحين) وذلك لان الشرطي في نهاية المطاف هو انسان يخضع لقوة الحق والمنطق.
في المشهد الخامس يستمر في استعراض الواقع العربي العام وتتداخل مشاكلنا الخاصة في المشاكل العامة ليساق في النهاية الى السجن، الى بيت خالته ولكن اين هو بيت خالتي ؟ ان كل الوطن هو عبارة عن بيت خالتي؟!! .
في المشهد السادس يدخل المواطن الى الاصلاحية ويطلب من الطبيب ان يمحو له الذاكرة وهناك ينسى كل شيىء حتى اسمه ولكنه لا ينسى فلسطين قضية العرب الاولى وهنا تفقأ عينا الطبيب ليخرج ضريراً بسبب فشله في المهمة.
في المشهد السابع يتطرق الى معاناة الاهل في غزة جراء جرائم الاحتلال في ظل الصمت العربي المخجل ويبرز الهروب من هناك في احشاء الليل حيث يظهر الجمهور الهارب من جحيم الحرب وهو يحمل الشموع وهنا يصاب الاب بعذاب الضمير بسبب عدم مقدرته على حماية اولاده.
واخيراً لا بد من بعض الملاحظات بالرغم من كون المسرحية راقية، إلا ان هناك بعض الثغرات منها: إن هناك (مطمطة) وذلك على ما يبدو انسجامًا مع نصوص الماغوط الممطوطة والغير مبررة احياناًََ والتي لا تلبس القالب الفني الا في النهاية (وهذا لا يعني اننا نتطاول على الكاتب المبدع) كما أنها مباشرة أحياناً كثيرة وهذا مما يقلل النكهة لدى الطبقة الراقية التي تحبذ الرمز والجمل القصيرة لتأتي في النهاية القرصة المؤلمة؟!! وقد أخذ الممثل أحياناً دور المحاضر؟! وهذا يعود الى النص والاخراج، حبذا لو استدرك الامر، كما انه كانت هناك حركات اباحية مما يخدش احاسيس الكثيرين من المشاهدين. ثم انه لم يعلن بان المسرحية للكبار فقط فارجو اخراج هذه الحركات من المشهد فوراً ولو اقتصرت الحركات على الاهتزاز يميناً وشمالاً كان من الممكن أن تكون مقبولة نوعاً ما. أما بالنسبة للتقنيات المرافقة فاستطيع ان أقول مثلاً ان الماكياج كان موفقاً للغاية كذلك الديكور المتواضع الذي نفذه الفنان رامي عزام ولا نستثني الملابس التي كانت منسجمة جداً مع الادورالتي صممت على يد الفنانة اينغا ليفنزون، إلا أن الموسيقى التي من المفروض ان تهيمن على الاجواء كانت ضعيفة ونشازية ولم ترافق سير احداث المسرحية كما هو مطلوب كما ان هندستها لم تكن جيدة أبداً حيث كانت ترتفع وتنخفض بشكل غير مقنع ولا نريد ان نقول انها كانت احياناً تكسر حالة الانسجام، وان تداخلت الاغاني بشكل جيد. كما ان الاضواء لم تكن موفقة تماماً فلم تسلط بشكل فني كما يجب، بالنسبة لاداء الممثلين نستطيع ان نقول انه كان رائعاً للغاية ولعل المفاجأة الكبيرة كانت الفنان اشرف منصور الذي تألق في جميع الشخصيات التي قام بادوارها تجلت مقدرته بالانتقال من دور الى دور بدون اي تراجع وقد كان يتنهد ويتنفس دوره، لقد تذكرت أثناء مشاهدتي له بالممثل العربي الكبير الراحل "عبد لله غيث" الذي كان يمثل بكل جوارحه كانت قسمات وجهه تتحدث، كان يتلعب بعينيه بحاجبيه بفمه مما يضفي زخمًاً اضافيًاً على العمل.
ميسا خميس عموري: قامت بدور الوزيرة بخفة ظل كما كانت قريبة جداَ من القلب خاصة في اداء دور الكلبة.
عصام زعبي: الممثل الرئيسي في المسرحية لقد صور معاناتنا جميعاً بشكل شمولي، لم تكن هناك اي ثغرة يمكن الاشارة اليها في أداء أدواره.
صالح عزام: كانت جديتة في أداء دور الشرطي مقنعة جداً.
تعليق