المارد .. والمدينة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مريم محمود العلي
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 594

    المارد .. والمدينة

    المارد .. والمدينة


    أينَ هيَ الأفكارُ المتسابقةُ في الظهورِ إلى ساحةِ الوجودِ تبحثُ عنِ الانطلاقِ
    والتوسع ؟.
    ماذا ألمَّ بالروحِ المتمردةِ التي تجولُ في فضاءٍ رحبٍ لا حدودَ لهُ
    كيفَ اختفتْ معالمُ الفرحِ والسعادةِ من حياته ؟.
    متى كبرَ هذا القزمُ وأصبحَ مارداً رهيباً يسيطرُ على كلِّ شيءٍ .. يأخذُ ما يريدُ ويتركُ ما يريد ؟.
    هوَ منْ أسكنهُ المدينةَ لأنهُ لا يهابُ الأقزامَ ، واستمرَّ يعيشُ حياتهُ بسلامٍ وأمانٍ لا يخافُ تهديداتهِ ويسخرُ منها لأنها ليستْ سوى مفرقعاتٍ يعبثُ بها الأطفال .
    لكنَّ القزمَ أخذَ يكبرُ ويكبرُ حتى أصبحَ مارداً قوياً ينشرُ حصاراً حولَ المدينةِ ويبثُّ الرعبَ في النفوس .
    أيُّ حصارٍ يحيطُ به ؟.
    هل هوَ حصارُ الخوفِ .. حصارُ القلق ؟.
    لا إنهُ حصارٌ أقوى وأفظعُ من أيِّ حصارٍ آخرَ .. حطمَ كلَّ شيءٍ بداخلهِ ولم يتركْ لهُ إلا الانكسارَ والانهزام .
    نادتهُ زوجهُ .. لكنَّ صوتها تلاشى قبلَ أن يصلَ إلى أذنيهِ هزتهُ بعنفٍ قائلةً : الأولادُ بحاجةٍ لثيابٍ جديدةٍ .. العيدُ قادم .
    نظرَ إلى عينيها وسرعانَ ما امتدَّ انكسارُهُ وانهزامُهُ إلى داخلِ ذاتها فانسحبتْ صامتةً إلى أولادِها وعانقتهم بنظراتها ، فامتلأتْ ذواتُهم بما أرادَ الماردُ لهم .
    بعدَ أيامٍ جرتهُ قدماهُ المتعثرةُ إلى شوارعِ المدينةِ وهالهُ ما رأى . كانَ الحصارُ يلفُّ المدينةَ من كافةِ أنحائِها ، تُرى الماردُ فعلَ ذلك !!؟.
    أمِ انكساراتُهُ وانهزاماتُهُ امتدتْ إلى المدينةِ وفرضتْ عليها الحصار .
    ماذا يفعلُ .. ؟
    في كافةِ الأحوالِ أرعبَ الماردُ المدينةَ بتهديداتهِ ..
    فكيفَ يقضي عليهِ إنهُ أقوى مليونَ مرةٍ من كلِّ المواجهاتِ التي يمكنُ أن تتحداه ، عليه أن يبحثَ عن حلٍّ .. كيف .. لا يعرف ؟.
    تجولَ في المدينةِ الشاحبةِ التي كانت يوماً ما صرحاً عالياً في التاريخ .
    التاريخ .. أينَ هوَ التاريخُ ؟.. كيفَ تخلى عنْ مدينتهِ العظيمة ؟.. ترى ماذا يحملُ الماردُ غيرَ التهديداتِ لهذهِ المدينة ؟..
    قهقهَ الماردُ ساخراً منهُ وكشفَ لهُ عنِ الجثثِ المتفسخةِ التي يحملُها وراءَ ظهرهِ ويلقي بها عندَ أطرافِ المدينةِ لتقتلَ بطاعونِها كلَّ منْ تسولُ لهُ نفسُهُ بالدخولِ إليها .
    تذكرَ شيئاً ... الماردُ خلّفَ لهُ الانكسارَ والانهزام .. الانهزام ... وأخذَ يفكرُ بالانهزام .. بحثَ عنهُ لكنهُ لمْ يجدْهُ .. منذُ قليلٍ كانَ رابضاً في داخله .
    أينَ هوَ ؟.. كيفَ أخذهُ الماردُ بهذهِ السرعة ؟..
    أصبحَ الآنَ رجلَ انكساراتٍ فقط .. كانَ الانهزامُ يريحُهُ قليلاً
    نظرَ في وجوهِ المارةِ في شوارعِ المدينةِ ، كانتْ هياكلَ بشريةً تتحركُ ذهاباً وإياباً لا تعرفُ ما تريد .. وقرأَ عيونَهم التي كانتْ مرآةَ أعماقهم .. كانوا سواسيةً لمْ يبقَ لهمْ سوى الانكساراتِ التي ستنهارُ عندَ أولِ صرخةٍ يطلقُها المارد .

    *** *** ***
  • منى كمال
    أديب وكاتب
    • 22-06-2007
    • 1829

    #2
    الأديبة الأريبة مريم العلى قصة رائعة ترمز للكثير والكثير وتحمل بين السطور معاني وعبر

    إن أقصى ما يؤلم أن يكون لنا ضلعا فيما نعاني أو نكون قد صنعناه بأنفسنا ثم لا نقوى بعد ذلك على مواجهته فننهزم وننطوي ومن إنهزامنا يقتات قوته فيزداد جبروتا

    أحييك على هكذا ابداع في إيصال المعنى

    مودتي وتقديري

    منى كمال

    مدونتى

    تعليق

    • مريم محمود العلي
      أديب وكاتب
      • 16-05-2007
      • 594

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة منى كمال مشاهدة المشاركة
      الأديبة الأريبة مريم العلى قصة رائعة ترمز للكثير والكثير وتحمل بين السطور معاني وعبر

      إن أقصى ما يؤلم أن يكون لنا ضلعا فيما نعاني أو نكون قد صنعناه بأنفسنا ثم لا نقوى بعد ذلك على مواجهته فننهزم وننطوي ومن إنهزامنا يقتات قوته فيزداد جبروتا

      أحييك على هكذا ابداع في إيصال المعنى

      مودتي وتقديري

      منى كمال

      الجميلة منى كمال
      أشكرك من كل قلبي على مرورك الجميل
      لك أجمل الأمنيات معبقة بعطر الياسمين

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        متى كبرَ هذا القزمُ وأصبحَ مارداً رهيباً يسيطرُ على كلِّ شيءٍ .. يأخذُ ما يريدُ ويتركُ ما يريد ؟.العزيزه مريم محمود

        معك أتسائل .
        متى كبر هذا القزم ؟
        أبغفلة منا ..أم نحن من أطعمه لحم صغارنا الطري ليكبر.. أشعر بمدى الجور ونحن نتفرج عليه وهو يبتلع الكون .. لكن مهلا .
        فالمارد سيغص بلقمة ظنها لوهلة صغيرة ..
        ثورتك على المارد جبارة مريم .. أحسنت .
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • وفاء عبدالرزاق
          عضو الملتقى
          • 30-07-2008
          • 447

          #5
          الحبيبة الكاتبة مريم محمود العلي
          ما أحوجنا إلى ما يكبح التثاؤب
          كي لا نترك للمردة مكان
          حينها ستصل بالتدريج الى انسانيتنا

          محبة

          تعليق

          • يسري راغب
            أديب وكاتب
            • 22-07-2008
            • 6247

            #6
            الملاك النقي
            مريم محمود العلي
            الى الاعلى حناجرنا
            الى الاهلى امانينا
            الى الاعلى اغانينا
            هذا ما قراته في اسمك
            وهو شعر درويشنا الذي لم ينكسر
            وكان بالنثر يقاوم ويقاوم
            لم ينهزم وان تراجع
            المارد في القمقم
            سيجد من يفتح ابوابه
            وينطلق انسانا قويا
            يعيد البهجة لاعياد اطفاله
            دمت عالية محمودة الشمائل

            تعليق

            • مريم محمود العلي
              أديب وكاتب
              • 16-05-2007
              • 594

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
              الحبيبة الكاتبة مريم محمود العلي
              ما أحوجنا إلى ما يكبح التثاؤب
              كي لا نترك للمردة مكان
              حينها ستصل بالتدريج الى انسانيتنا

              محبة

              الغالية وفاء عبد الرزاق
              المصيبة أن الحكام يأتون بالمردة ونحن نصاب بالانهزامات والانكسارات
              كل الشكر والتقدير لك مع أجمل الأمنيات القلبية المتسمة بالحب والسلام والخير

              تعليق

              • مريم محمود العلي
                أديب وكاتب
                • 16-05-2007
                • 594

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                متى كبرَ هذا القزمُ وأصبحَ مارداً رهيباً يسيطرُ على كلِّ شيءٍ .. يأخذُ ما يريدُ ويتركُ ما يريد ؟.العزيزه مريم محمود

                معك أتسائل .
                متى كبر هذا القزم ؟
                أبغفلة منا ..أم نحن من أطعمه لحم صغارنا الطري ليكبر.. أشعر بمدى الجور ونحن نتفرج عليه وهو يبتلع الكون .. لكن مهلا .
                فالمارد سيغص بلقمة ظنها لوهلة صغيرة ..
                ثورتك على المارد جبارة مريم .. أحسنت .
                صدقيني عائدة ليس نحن بل هم
                أولئك الذين يملكون زمام الأمور
                والذين أصيبوا بجنون العظمة

                أتوا بالمارد وفعلوا ماطلب منهم وعندما عجزوا عن اشباع رغباته سلموه المدينة
                نعم لدي أمل أن المارد ستقتله حسكة صغيرة تقف بحلقه وتحجب عنه الحياة
                كل الحب لك أيتها المتألقة مع أجمل الأمنيات

                تعليق

                • مريم محمود العلي
                  أديب وكاتب
                  • 16-05-2007
                  • 594

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب شراب مشاهدة المشاركة
                  الملاك النقي
                  مريم محمود العلي
                  الى الاعلى حناجرنا
                  الى الاهلى امانينا
                  الى الاعلى اغانينا
                  هذا ما قراته في اسمك
                  وهو شعر درويشنا الذي لم ينكسر
                  وكان بالنثر يقاوم ويقاوم
                  لم ينهزم وان تراجع
                  المارد في القمقم
                  سيجد من يفتح ابوابه
                  وينطلق انسانا قويا
                  يعيد البهجة لاعياد اطفاله
                  دمت عالية محمودة الشمائل
                  الأستاذ الرائع يسري راغب شراب
                  كلامك الجميل وسام أعتز وأفخر به
                  لقد جعلت روحي تغمرها السعادة بعد أن عبق عبير كلماتك الرائعة بها
                  أشكرك من كل قلبي
                  وأجمل الأمنيات لك محملة بعبق الياسمين الدمشقي

                  تعليق

                  • أمال مكناسي
                    عضو الملتقى
                    • 14-09-2008
                    • 134

                    #10
                    يقول " سيدني" :
                    (( المؤلفون و الكتاب مجموعة غريبة من البشر...انهم يحققون السعادة لأنفسهم و لقرائهم عن طريق وصف التعاسة ! )) .

                    سأدع القول يعبر عن نفسه و نفسي ..

                    تعليق

                    • مريم محمود العلي
                      أديب وكاتب
                      • 16-05-2007
                      • 594

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة أمال مكناسي مشاهدة المشاركة
                      يقول " سيدني" :
                      (( المؤلفون و الكتاب مجموعة غريبة من البشر...انهم يحققون السعادة لأنفسهم و لقرائهم عن طريق وصف التعاسة ! )) .

                      سأدع القول يعبر عن نفسه و نفسي ..
                      الغالية آمال
                      القول معبر جدا
                      رائعة أنت بمرورك الجميل والعطر
                      كلا الحب لك

                      تعليق

                      • ربيع عقب الباب
                        مستشار أدبي
                        طائر النورس
                        • 29-07-2008
                        • 25792

                        #12
                        تذكرت أختى مريم الكثير .. الكثير من القصص التى تحكى .. تحكى عن وحوش .. ومردة .. من صناعتنا .. أو غير صناعتنا .. مثل وحش أوديب .. الذى تحكم فى المدينة .. و نذر الملك .. من يخلص المدينة .. يتزوج الملكة .. و كانت سقطة أوديب حين خلص المدينة و تزوج أمه و ما كان يعرف .. ولا هى .. و أيضا قرأت قصة حديثة لكاتب فلسطينى جميل .. ربما محمد أيوب .. ربما .. و كانت شيقة ورائعة .. إلى أبعد حد !!!
                        أنت هنا سلمت نفسك للمنولوج الداخلى كثيرا مع تدخلات الزوجة .. ثم الكشف عن حجم المأساة .. و كشف ما يفعل المارد و كيف أسلم الجميع للإنكسار .. فأصبحت مدينة المنكسرين .. و لكنى انتظرت منك شيئا آخر غير الانكسار .. طالما بدأنا نفكر .. و بدأنا فى تحديد العلة .. و رحنا نسميها .. و نشخص أمرها .. و لكنا لم نشخص بعد العلاج .. أو الفعل .. و لا أدرى لم ..؟!!!
                        نعم تمنيت لو وجدت علاجك أنت .. بقلمك و ابداعك .. و سوف أنتظره فى عمل قادم !!!
                        اللغة كانت صافية .. مؤدية لروح العمل .. غابت بعض الحرارة .. و الحزن الذى يشجى .. و يسحب التعاطف .. ليس عيبا أختى أن نفعل .. أبدا !!!!
                        دمت مبدعة
                        sigpic

                        تعليق

                        يعمل...
                        X