الحاوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أكرم سلمان حسن
    أديب وكاتب
    • 16-10-2008
    • 56

    الحاوي

    الحاوي

    بقلم : أكرم سلمان حسن (أكرم منصورة )


    حين استفاق, وقعتْ عيناه على قصاصة ورقية.. تناولها, وجدَ عليها عباراتِ متناثرة, بداية.. لم يجدْ أيةَ صلة قربى بينها, ثم أخذ يلملمُ ما انسلَ من بين أصابعِ النسيان, حينها تذكر أنه في الليلة السابقة أو للدقة.. في ساعات الصباح الأولى استيقظ على فكرة عابرة, ربما كانت حلماً, حينها.. تناول قلمه.. خربش بقايا هلوسات ثم عاد للنوم.

    نعم, الآن و بعد الرشفات الأولى من قهوته تذكر جيداً ما حدث, فهو منذ أيام تسكنه فكرة أن يكتب شيئاً مختلفاً, سيكتب ما قدًّر أنه سيكون ملفتاً و استثنائياً. فكر بكتابة قصيدة يهربُ فيها من القافية التي تزعجُ أصدقاءه أتباعَ الحداثةِ و ما بعد الحداثة وما بعد ما بعد الحداثة و.. لكنه عدلَ عن ذلكَ لأنه شَعَرَ بأنه سيخونُ أحاسيسَه, فهو عندما يكتبُ لا يحملُ مصباحَه باحثاً في مجاهلِ اللغةِ عن القافيةِ بل الأصحُ أنها تتسللُ من وراءِ ظهرهِ , إلى مكانٍ يغريها.. تحتَ ظلِ كلمة.

    لبس ثيابه وغادر إلى مكتبه, مستعجلاً الوصول قبل أن تفتر حماسته وتضيع الأفكار المتزاحمة بل المتصارعة في رأسه فتغلب إحداها الأخرى و تحكم عليها بالنفي من ساحة وعيه, قرر أن يكتب فقط, ومن ثم يبحث في النوع و الشكل, أخيراً دوًَن:

    أتذكُر أخر موعد؟ يوم جئتني مستغفراً, عيناك ممتلئتان دمعاً وأشياءً أخرى. كنت أحسَبُكَ تأتيني طائراً, لكن وقعَ أقدامِكَ الثقيلة على أحجارِ الزقاقِ المؤدي إلي حديقة منزلنا أيقظَ العصافيَر الساكنةَ في شجرة الزنزلخت فطارتْ محلقةً فوق رأسي.. أذكرُ أني كنتُ أنتظركَ كعادتي قربَ البركةِ الممتلئة التي تتوسطٌ الحديقة.
    يومها قلتَ أني ما زلت لك الماء و الهواء, وأنني أسكن شرايينكَ كما قبل, و قلتَ أني و أني.. و يا للدهشةِ.. عندما شاهدتُ العصافير تحط عند قدميكَ و تلتقط حبوب الدمع المتساقطة من عينيكْ.

    هنا.. توقفَ عن الكتابةِ متسائلاً عن قيمة ما كتبه. شعرَ بالجزع من فكرة أن أحدهم سوف يقطبُ حاجبيه ويقولُ: أخي أمجد.. ابتعد عن المباشرة. ومع أنه لم يفهمْ يوماً لما على الكاتبِ أن يرهقَ عقلَ القارئ, و يأتيه من الخلفِ.. أو يباغتهُ من الأعلى, لكنه، مرغماً.. قررَ أن يغيرَ ما كتبه.. وفعلاً بدأ من جديدِ و بعد أنْ انتهى قرأ:

    ما زلتُ أذكرُ آخرَ موعدٍ, كنتَ كما عَهدُكَ.. جميلاً, رأيتكَ دونَ أن تراني, لم تكن ماشيًا كالآخرين ولم تكن طائرًا, كنت شيئًا بين هذا و ذاك.. أذكرُ أني هرعتُ إلى بوابة الدار و فتحتها, ثم عدتُ إلى مكاننا المفضل, دخلتَ.. حطتْ نظراتُكَ على وجهي.. كنتُ واقفةً بجوار البركة الجافة التي تتوسطُ بيتنا العربي.

    يومها قلتَ.. ما لم يقله أحدٌ قبلَكَ, أنشدتني شعرًا و مسكًا.. كنتُ أغذُ السمعَ ملاحِقةً وقعَ خطىَ حروفكَ.

    قلتَ الكثير مستغفراً طالباً السماح, الذي لم تكْ تحتاجه, لأن قلبي لا يرضى بشيءٍ غيرَه. راقبتُ دمعَكَ ينسكب فوق حافة البركةِ و يسِيلُ مستقراً فيها, تكلمتَ و سكبتَ.. حتى امتلأتْ البركة, و يا للدهشةِ!! حينما رأيتكَ تنسل من جيبِكَ أسماكَ ملونةً صغيرةً, زلقت من يدكَ و ما أن وصلتْ الماءَ. حتى بدأتْ تتلوى بحركاتِ راقصةٍ كما في اولمبياد ..و تقف .. مُشَكٍّلَةً كلمةً واحدةً .. أحبكْ.

    حينها.. وقفتُ مذهولةً, و تذكرتُ الحاوي عندما كانَ ينسِلُ من فمِه مناديلَهُ الملونَةَ، و يفرشُها في الهواءِ أمامَ أعينُنا الصغيرةَ المفتوحةَ على اتساعِها، التي كادتْ تقفزُ دهشةً عندما كان يتبعُ ذلكَ بإخراجِ طيرٍ و أشياءٍ أخرى, و ينتهي بمزمارِ و تمايلِ مغرٍ.. لأفعى تخرجُ من سلَّتِهِ.
    و قد احتجتُ سنيناً كي أُدْرِكَ.. أنَ الحاوي كانَ يخدعُني!!
    يومَها.. خفتُ من حاوٍ يبيعني وهمًا.. لذا.. ابتعدت عنك!!

    عندما أنهى القراءةَ, قطَّبَ حاجبيه مستغرباً, ليس هذا ما كان يفكرُ به, شخصٌ آخرٌ كتبَ هذا, والأدهى.. أن الكاتبَ.. أنثى!!
    مزَّقَ الأوراقَ و همسَ.. أديبُ فاشلْ.
    أحبك أيها المظلوم.. مهما كان عرقك لونك أو دينك
    أكرم سلمان حسن (أكرم منصورة)
    akrammansura@gmail.com
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    حاو هو بطبعة أكرم حسن .. جديد ..ورائق .. ومجادل .. إلى حد بعيد .. يحاول و تحاول .. يبنى و ينقض .. انتظارا لانفراجة ما .. أو وصول وعودة الراحل الحميم .. فيأتى .. يأتى هده المرة .. حاو .. وغدا ربما يأتى أيضا ... حاو أيضا !!!
    أستادى أكرم .. جميل ماقرأت هنا .. أحببت هدا الحرف .. و هده الكتابة التى تحترم العقل .. وتحاول معه .. بلها تستحضره .. ربما كانت بداية لقلمك فى العلن .. ولكن يبدو أنها بداية لبدايات مزقت عبر الوقت .. !!!
    فى انتظار جديد لك .. أفتل أنشوطتى .. فلا تجعلنى أكثر من نقضها .. حتى تتلاعب برأسى الحواة !!!

    تقبل مرورى .. و احترامى و تقديرى
    كان هذا تعليقى عليها .. أتذكر صاحبى ..؟!!
    أعرف أنك تذكر .. و أعرف أنك قد أعدت كتابتها .. و أيضا أعرف كم أنت جميل أكرم .. و تستحق الكثير .. و أعدك اليوم .. أن أفعل مايليق بك !!!
    محبتى
    ربيع
    sigpic

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3

      الكاتب أكرم سلمان حسن
      ذكرتني بالمباشرة وما كنت أعانيه منها .. ومازلت ..فكثيرا مايقول لي زملاء .. أصدقاء ..ابتعدي عن المباشره ..اصرخ احيانا كثيره .
      ومابها المباشره ..!!؟
      هل هي جريمه..!؟
      اضحك بعدها وأنا أقول لهم ..قولوا ماتشاؤون .
      نصك بديع وصياغة السرد رائعه سيدي الكريم .
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • أكرم سلمان حسن
        أديب وكاتب
        • 16-10-2008
        • 56

        #4
        أستاذي وأخي وصديقي
        كيف لا أذكر.. بل كيف لي أن أنسى ..ربيع الأدب وقنديل المنتديات.. المبدع الكبير ذو القلب الرائع.. كيف أنسى وجملك تلك فعلت بي فعل السحر وأخذتني إلى عالم القصة القصيرة.. العالم الساحر..
        وتقول ستفعل..!!! قد فعلت ربيع .. فعلت الكثير لي ..من يومها وحتى تاريخه. ولن أستطع رد الجميل إليك ما حييت..
        حبي واحترامي وتقديري
        أخوك أكرم منصورة
        التعديل الأخير تم بواسطة أكرم سلمان حسن; الساعة 28-10-2008, 15:07.
        أحبك أيها المظلوم.. مهما كان عرقك لونك أو دينك
        أكرم سلمان حسن (أكرم منصورة)
        akrammansura@gmail.com

        تعليق

        • أكرم سلمان حسن
          أديب وكاتب
          • 16-10-2008
          • 56

          #5
          أستاذة عائدة
          تحيتي لك
          أشكرك على القراءة والتفضل بالتعليق..
          نعم صديقتي..لو سمحت لي .. هي نصيحة جيدة فتمسكي بها وحاولي الوصول إلى الفكرة والتعبير عنها.. عن طريق مغاير..وإن كان من اللازم أو من الأفضل أحيانا للنص ..وأقول أحياناً.. أن تكون جملة هنا أو هناك مباشرة.. شرط أن تخدم النص لا أن تجعله أشبه بخبر في جريدة ,,
          ثانية شكراً لك
          دمت بخير
          مودتي واحترامي
          أكرم منصورة
          أحبك أيها المظلوم.. مهما كان عرقك لونك أو دينك
          أكرم سلمان حسن (أكرم منصورة)
          akrammansura@gmail.com

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            حاو هو بطبعة أكرم حسن .. جديد ..ورائق .. ومجادل .. إلى حد بعيد .. يحاول و تحاول .. يبنى و ينقض .. انتظارا لانفراجة ما .. أو وصول وعودة الراحل الحميم .. فيأتى .. يأتى هده المرة .. حاو .. وغدا ربما يأتى أيضا ... حاو أيضا !!!
            أستادى أكرم .. جميل ماقرأت هنا .. أحببت هدا الحرف .. و هده الكتابة التى تحترم العقل .. وتحاول معه .. بلها تستحضره .. ربما كانت بداية لقلمك فى العلن .. ولكن يبدو أنها بداية لبدايات مزقت عبر الوقت .. !!!
            فى انتظار جديد لك .. أفتل أنشوطتى .. فلا تجعلنى أكثر من نقضها .. حتى تتلاعب برأسى الحواة !!!
            sigpic

            تعليق

            يعمل...
            X