شـذرات هموم سردية
ثمة أسئلة يفترض أن يطرحها كاتب القصة القصيرة حين يكون بصدد تأليف نصه السردي، إن كان بالفعل يراهن على تحقيق إضافة يمكن لتراكماتها أن تنسج بصمة خاصة.
أتصور أن الكتابة السردية في النهاية، شكل تعبيري عن حالة وجودية في الزمكان، تنطلق من رؤية للعالم في تحولاته الأبعد تأثيرا في الذات، من أجل صياغة خطاب أدبي هادف بالإيحاء و التصوير، على خلفية مادة حكائية مما يشغل الذهن والتفكير بالواقع أو بالمتخيل.
ماذا أحكي ؟ لمن ؟ لماذا ؟ كيف ؟
إن محاولة البحث عن الصيغ الممكنة لبناء أقرب إلى الإقناع ، تحدث ارتباكا أمام تعدد الاختيارات الواردة،إذا اعتبرنا نقطة الانطلاق ، قائمة على توفر حد أدنى من رصيد التلقي السردي قبل الدخول في مغامرة التجريب القصصي،
حين توقفت في مرحلة طويلة عن الكتابة السردية، كان مبرري، إحساس بأن الساحة القصصية القصيرة، باتت مشرعة أكثر من اللازم، وكنت أستحضر على سبيل التجاوز، ما ظللنا نردده حول بلد المليون شاعر، دون أن نعرف من المليون شاعرا اخترق آفاق حدوده ناهيك عن اختراق الآفاق، ثم أسائل نفسي أمام الكم الهائل من القصاصين بالملايين،هل فعلا نكتب القصة القصيرة؟
لعلنا أصبحنا مطالبين أكثر من أي وقت مضى لتقديم كشف حساب أمام هيبة السرد، على الأقل، بالمساهمة في مثل هذه التساؤلات ضمن ركن القصة القصيرة، و إن كان بابها - عند البعض - من أولويات ركن النقد.
إن الفكرة التي أسعى إلى تبليغها بأقصى ما أستطيع من التبسيط، إنما تحاول الاستئناس ببعض القواسم المشتركة، و الممكن الانطلاق منها كحدود دنيا للتوافق حول الكتابة السردية، على أساس أن ينفتح بعد ذلك مجال الإبداع، كل حسب طاقته الفكرية والتخيلية، لكن - ولكن هذه مما تمجه الأذن حين تحاول الاستدراك ضمن البحث عن تواصل أدبي فاعل - لكن شركاء في هم الكتابة، ينازعون في التفهم استجابة لحساسيات مفرطة، فـ * يحسبون كل صيحة عليهم * لتبدو المنازعة بالحسنى كأنها سحب لبساط مجد محقق، بينما القول في البدء و في الختام، محاولة لبلوغ مجد معلق إلى حين .
ثمة حاجة ملحة لوجود خلفية فنية ومعرفية تدعم الإبداع المستهدف بالتعبير عن الذات، يمكن الاستئناس بها كحدود دنيا للكتابة السردية. وفي ذلك لا يختلف جنس عن جنس أو نوع عن نوع، إن كنا نتصور بالفعل، أن العصر الأدبي إلى إشعار آخر، هو عصر القصة القصيرة مبنى ومعنى، دون المغامرة بالقول بتجاوز عصر الرواية كملحمة برجوازية بتعبير لوكاش،انتهت قممها التاريخية مع تولستوي و دوستوفسكي تمثيلا ،لما تحقق لها من نشاط إبداعي ضمن صيرورة التحول الثقافي، مع قمم حديثة تحاول استرجاع مجدها الأدبي .
قبل أن أنشغل بالحدود والتعريفات، أعتبر نفسي متمردا على التحييزات بامتياز، وعلى امتداد عمر لا أتمنى إحباطاته لأحد، ظل شعاري من أجل تعبير أدبي يرفض الوصاية والإقصـاء
في زمن كان مجرد التفكير في الاختلاف ناهيك عن المخالفة ـ يؤدي إلى المصادرة على المطلوب بكل ألوان المحاصرة والحصار .
لكن انضباطي لقناعات آمنت بها - دون اعتبارها مطلقة - ، طالما جر علـيّ من النكد والحزن اللذين تأذيت منها شخصيا واجتماعيا بل حتى مهنيا ، غير أني لست نادما على شيء، مثل ندمي على أن أقف في نهاية العمر، لأداري أو أجاري ما كان بالأمس من قبيل الصراع من أجل الوجود، في السياسة كما في الإبداع،
من هذا المنطلق، أدعو بمنطق بسيط للغاية، إلى أن يكون للإنسان حق التعبير بالمطلق عما يريد و كيف يريد، و أن تكون الحرية مدخلا جوهريا للفعل الأدبي و الإبداعي، مبتعدا عن المفردات التي تلقي بالشيطان في حضن التفاصيل .
المسألة عندي محسومة بضرورة الاختيار بين الكتابة و اللاكتابة، على أساس ما أسميه بالحد الأدنى من التوافقات حول القواعد العامة، و أسوق مثالا باستمرار من عالم الحرف، فأقول:
حين يجد الصغير نفسه في ورشة النجارة مثلا، فإنه يحرص على المتابعة بالملاحظة للربط بين وظائف الأدوات المستعملة ، قبل الاجتراء على تناول أداة معينة للاشتغال، وهو في ذلك قد يصيب أو يخطئ، غير أن نسبة التطور فيما هو فيه رهينة بالإرادة والرغبة في تنمية ملكاته للحذق في الصنعة بالمراس، ثم تبدأ لديه ميول التفنن فيما بين يديه بالتفكير والتخيل، ليجد نفسه في حل من استحضار القواعد العامة التي اكتسبها بالملاحظة والدربة، فينطلق في الخلق من ذاته مؤسسا تراكما جديدا أو متجددا، يمكنه المدافعة عنه من موقع تجربته .
هل نكتب القصة بهذا المنطق؟ أم نمارس الكتابة على الهوى الشخصي ثم نترك للآخرين البحث عن آلياتها؟
إنه منطق بسيط، يمكن التواصل حوله بالاستماع قبل المكابرة بدعوى الحرية في ممارسة الكتابة السردية، من غير نزوع نحو التجريب على أساس أبسط أولياتها.
التجريب، ليكتب ما يشاء من يشاء، فقط ليضع الكاتب نفسه أمام القارئ الذي يكتب له،
ثم لماذا هذا الإصرار لدى البعض، على نسبة كل كتابة نثرية للسرد، بينما ارض الإبداع الأدبي واسعة، و تسع أكثر من تعبير لا يكون فيه ملزما ضرورة بالانضباط لبعض شروطه اللغوية والبنائية والتخيلية؟
أما بعد، فلست منظرا في السرد، و لا باع لي أطول من أنفي في مجال كتابته، كل ما في الأمر، أنني بقدر ما أرفض الوصاية والحجر، أرفض ما أصفه أحيانا بالتسيب والتمادي في الغي باسم قيمة نبيلة اسمها الحرية.
لست أخالف رأيا يقول بحاجة الإبداع إلى الابتعاد عن الانطلاق من التقعيدات المنطقية في الكتابة، حذر الوقوع في فخ التنميط على المثال الجاهز من خلال الدعوة إلى حرفية الاتباع في أمر بطبيعته من الابتداع، بل أنكر من يرى غير ذلك، إن كان مما يعيد عدوى الاجترار و التقليد،
لا خلاف حول اعتبار الإبداع الأدبي تعبيرا فنيا باللغة على خلفية رؤية ذهنية أو تخيلية، فينطلق من مادة التصور بحثا عن الصياغة في خطاب.
بل لا خلاف حول استهداف تلمس المتلقي المعني بالأدبية في النص، أثرا يقتفيه ليعلم ما يميز هذا التعبير عن غيره بالتحديد الأولي، دون أن يكون تصنيفا على نموذج جاهز أو حكم مسبق في فصل الانتماء،
فيكون من حق اللغة التي نتواصل بها مثلا،بغض النظر عن طبيعة ارتباطاتنا بأصولها، أن نوفيها ما تستحقه من الانضباط لأبسط قواعدها، مع ما يستوجبه التحول طبعا، من تجديد في هياكلها التعبيرية وأنسجة صورها الفنية.
كما يكون من حق المتعة الجمالية المطلوبة في كل إبداع، توفير مقامات من الحذق والإتقان في لعبة الكتابة، كي نصل الأقصى الممكن في التواصل بين الملقي و المتلقي.
و لو تجاوزنا ذلك إلى ما يفترض أن يكون رهانا للخطاب، فإن اختلافاتنا مهما اتسعت بفعل الحساسيات الفكرية والانتماءات العقدية، لن تستطيع حجب البحث عن قراءة تتجه نحو التماس الإضافة النوعية التي تحقق التميز داخل التعدد الواعي بآليات اللعبة و أدواتها،مادام الحوار ممكنا حول أرضية للاتفاق على مبادئ الاختلاف، لتنطلق بعد ذلك الحوارات الجادة حول الأفكار و الآراء بما يغني الفعل والتفاعل.
لا أدري لماذا أستحضر باستمرار في هذا السياق، عتبة كتاب * مواطنون لا رعايا * للمفكر خاد محمد خالد* جاء فيها: سئل للفيلسوف الإنجليزي*برتراند رسل*، هل الشعب جدير بأن يكون حرا ؟ فأجاب سائلا: و هل الشعب جدير بأن يكون مستعبدا ؟
و وجه الاستحضار أنني كثيرا ما أتساءل عن خلفية الدعوة المطلقة إلى التحرر باسم الإبداع، لأنها عندي لا تتحرك إلا ضمن نسق موضوعي تحكمه ظروف خاصة، وبكل أمانة أقول: إننا لم نبلغ الفطام في الكتابة حتى ندعي الدخول في مرحلة اللاكتابة، و في هذا قد نختلف، لكنها تبقى وجهة نظر قابلة للجدل و ليس إلى المزايدة كما يفهمها البعض، لانطلاقها من الانشغال بالهم السردي، بحثا عن التوافق حول أسس عامة للكتابة والقراءة في آن واحد، في اتجاه التأسيس الواعي لما يصطلح عليه بميثاق القراءة بين المبدع والمتلقي.
ثمة أسئلة يفترض أن يطرحها كاتب القصة القصيرة حين يكون بصدد تأليف نصه السردي، إن كان بالفعل يراهن على تحقيق إضافة يمكن لتراكماتها أن تنسج بصمة خاصة.
أتصور أن الكتابة السردية في النهاية، شكل تعبيري عن حالة وجودية في الزمكان، تنطلق من رؤية للعالم في تحولاته الأبعد تأثيرا في الذات، من أجل صياغة خطاب أدبي هادف بالإيحاء و التصوير، على خلفية مادة حكائية مما يشغل الذهن والتفكير بالواقع أو بالمتخيل.
ماذا أحكي ؟ لمن ؟ لماذا ؟ كيف ؟
إن محاولة البحث عن الصيغ الممكنة لبناء أقرب إلى الإقناع ، تحدث ارتباكا أمام تعدد الاختيارات الواردة،إذا اعتبرنا نقطة الانطلاق ، قائمة على توفر حد أدنى من رصيد التلقي السردي قبل الدخول في مغامرة التجريب القصصي،
حين توقفت في مرحلة طويلة عن الكتابة السردية، كان مبرري، إحساس بأن الساحة القصصية القصيرة، باتت مشرعة أكثر من اللازم، وكنت أستحضر على سبيل التجاوز، ما ظللنا نردده حول بلد المليون شاعر، دون أن نعرف من المليون شاعرا اخترق آفاق حدوده ناهيك عن اختراق الآفاق، ثم أسائل نفسي أمام الكم الهائل من القصاصين بالملايين،هل فعلا نكتب القصة القصيرة؟
لعلنا أصبحنا مطالبين أكثر من أي وقت مضى لتقديم كشف حساب أمام هيبة السرد، على الأقل، بالمساهمة في مثل هذه التساؤلات ضمن ركن القصة القصيرة، و إن كان بابها - عند البعض - من أولويات ركن النقد.
إن الفكرة التي أسعى إلى تبليغها بأقصى ما أستطيع من التبسيط، إنما تحاول الاستئناس ببعض القواسم المشتركة، و الممكن الانطلاق منها كحدود دنيا للتوافق حول الكتابة السردية، على أساس أن ينفتح بعد ذلك مجال الإبداع، كل حسب طاقته الفكرية والتخيلية، لكن - ولكن هذه مما تمجه الأذن حين تحاول الاستدراك ضمن البحث عن تواصل أدبي فاعل - لكن شركاء في هم الكتابة، ينازعون في التفهم استجابة لحساسيات مفرطة، فـ * يحسبون كل صيحة عليهم * لتبدو المنازعة بالحسنى كأنها سحب لبساط مجد محقق، بينما القول في البدء و في الختام، محاولة لبلوغ مجد معلق إلى حين .
ثمة حاجة ملحة لوجود خلفية فنية ومعرفية تدعم الإبداع المستهدف بالتعبير عن الذات، يمكن الاستئناس بها كحدود دنيا للكتابة السردية. وفي ذلك لا يختلف جنس عن جنس أو نوع عن نوع، إن كنا نتصور بالفعل، أن العصر الأدبي إلى إشعار آخر، هو عصر القصة القصيرة مبنى ومعنى، دون المغامرة بالقول بتجاوز عصر الرواية كملحمة برجوازية بتعبير لوكاش،انتهت قممها التاريخية مع تولستوي و دوستوفسكي تمثيلا ،لما تحقق لها من نشاط إبداعي ضمن صيرورة التحول الثقافي، مع قمم حديثة تحاول استرجاع مجدها الأدبي .
قبل أن أنشغل بالحدود والتعريفات، أعتبر نفسي متمردا على التحييزات بامتياز، وعلى امتداد عمر لا أتمنى إحباطاته لأحد، ظل شعاري من أجل تعبير أدبي يرفض الوصاية والإقصـاء
في زمن كان مجرد التفكير في الاختلاف ناهيك عن المخالفة ـ يؤدي إلى المصادرة على المطلوب بكل ألوان المحاصرة والحصار .
لكن انضباطي لقناعات آمنت بها - دون اعتبارها مطلقة - ، طالما جر علـيّ من النكد والحزن اللذين تأذيت منها شخصيا واجتماعيا بل حتى مهنيا ، غير أني لست نادما على شيء، مثل ندمي على أن أقف في نهاية العمر، لأداري أو أجاري ما كان بالأمس من قبيل الصراع من أجل الوجود، في السياسة كما في الإبداع،
من هذا المنطلق، أدعو بمنطق بسيط للغاية، إلى أن يكون للإنسان حق التعبير بالمطلق عما يريد و كيف يريد، و أن تكون الحرية مدخلا جوهريا للفعل الأدبي و الإبداعي، مبتعدا عن المفردات التي تلقي بالشيطان في حضن التفاصيل .
المسألة عندي محسومة بضرورة الاختيار بين الكتابة و اللاكتابة، على أساس ما أسميه بالحد الأدنى من التوافقات حول القواعد العامة، و أسوق مثالا باستمرار من عالم الحرف، فأقول:
حين يجد الصغير نفسه في ورشة النجارة مثلا، فإنه يحرص على المتابعة بالملاحظة للربط بين وظائف الأدوات المستعملة ، قبل الاجتراء على تناول أداة معينة للاشتغال، وهو في ذلك قد يصيب أو يخطئ، غير أن نسبة التطور فيما هو فيه رهينة بالإرادة والرغبة في تنمية ملكاته للحذق في الصنعة بالمراس، ثم تبدأ لديه ميول التفنن فيما بين يديه بالتفكير والتخيل، ليجد نفسه في حل من استحضار القواعد العامة التي اكتسبها بالملاحظة والدربة، فينطلق في الخلق من ذاته مؤسسا تراكما جديدا أو متجددا، يمكنه المدافعة عنه من موقع تجربته .
هل نكتب القصة بهذا المنطق؟ أم نمارس الكتابة على الهوى الشخصي ثم نترك للآخرين البحث عن آلياتها؟
إنه منطق بسيط، يمكن التواصل حوله بالاستماع قبل المكابرة بدعوى الحرية في ممارسة الكتابة السردية، من غير نزوع نحو التجريب على أساس أبسط أولياتها.
التجريب، ليكتب ما يشاء من يشاء، فقط ليضع الكاتب نفسه أمام القارئ الذي يكتب له،
ثم لماذا هذا الإصرار لدى البعض، على نسبة كل كتابة نثرية للسرد، بينما ارض الإبداع الأدبي واسعة، و تسع أكثر من تعبير لا يكون فيه ملزما ضرورة بالانضباط لبعض شروطه اللغوية والبنائية والتخيلية؟
أما بعد، فلست منظرا في السرد، و لا باع لي أطول من أنفي في مجال كتابته، كل ما في الأمر، أنني بقدر ما أرفض الوصاية والحجر، أرفض ما أصفه أحيانا بالتسيب والتمادي في الغي باسم قيمة نبيلة اسمها الحرية.
لست أخالف رأيا يقول بحاجة الإبداع إلى الابتعاد عن الانطلاق من التقعيدات المنطقية في الكتابة، حذر الوقوع في فخ التنميط على المثال الجاهز من خلال الدعوة إلى حرفية الاتباع في أمر بطبيعته من الابتداع، بل أنكر من يرى غير ذلك، إن كان مما يعيد عدوى الاجترار و التقليد،
لا خلاف حول اعتبار الإبداع الأدبي تعبيرا فنيا باللغة على خلفية رؤية ذهنية أو تخيلية، فينطلق من مادة التصور بحثا عن الصياغة في خطاب.
بل لا خلاف حول استهداف تلمس المتلقي المعني بالأدبية في النص، أثرا يقتفيه ليعلم ما يميز هذا التعبير عن غيره بالتحديد الأولي، دون أن يكون تصنيفا على نموذج جاهز أو حكم مسبق في فصل الانتماء،
فيكون من حق اللغة التي نتواصل بها مثلا،بغض النظر عن طبيعة ارتباطاتنا بأصولها، أن نوفيها ما تستحقه من الانضباط لأبسط قواعدها، مع ما يستوجبه التحول طبعا، من تجديد في هياكلها التعبيرية وأنسجة صورها الفنية.
كما يكون من حق المتعة الجمالية المطلوبة في كل إبداع، توفير مقامات من الحذق والإتقان في لعبة الكتابة، كي نصل الأقصى الممكن في التواصل بين الملقي و المتلقي.
و لو تجاوزنا ذلك إلى ما يفترض أن يكون رهانا للخطاب، فإن اختلافاتنا مهما اتسعت بفعل الحساسيات الفكرية والانتماءات العقدية، لن تستطيع حجب البحث عن قراءة تتجه نحو التماس الإضافة النوعية التي تحقق التميز داخل التعدد الواعي بآليات اللعبة و أدواتها،مادام الحوار ممكنا حول أرضية للاتفاق على مبادئ الاختلاف، لتنطلق بعد ذلك الحوارات الجادة حول الأفكار و الآراء بما يغني الفعل والتفاعل.
لا أدري لماذا أستحضر باستمرار في هذا السياق، عتبة كتاب * مواطنون لا رعايا * للمفكر خاد محمد خالد* جاء فيها: سئل للفيلسوف الإنجليزي*برتراند رسل*، هل الشعب جدير بأن يكون حرا ؟ فأجاب سائلا: و هل الشعب جدير بأن يكون مستعبدا ؟
و وجه الاستحضار أنني كثيرا ما أتساءل عن خلفية الدعوة المطلقة إلى التحرر باسم الإبداع، لأنها عندي لا تتحرك إلا ضمن نسق موضوعي تحكمه ظروف خاصة، وبكل أمانة أقول: إننا لم نبلغ الفطام في الكتابة حتى ندعي الدخول في مرحلة اللاكتابة، و في هذا قد نختلف، لكنها تبقى وجهة نظر قابلة للجدل و ليس إلى المزايدة كما يفهمها البعض، لانطلاقها من الانشغال بالهم السردي، بحثا عن التوافق حول أسس عامة للكتابة والقراءة في آن واحد، في اتجاه التأسيس الواعي لما يصطلح عليه بميثاق القراءة بين المبدع والمتلقي.
تعليق