مرارة الحقيقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين أحمد سليم
    أديب وكاتب
    • 23-10-2008
    • 147

    مرارة الحقيقة

    مرارة الحقيقة

    بقلم: حسين أحمد سليم

    الحزن مديد في كينونتي, لا يبارح نفسي حتّى في ساعات الفرح؟! حذرا ونباهة موروثات صلف العيش, والقلق يسكنني في أعماقي, لا يفارق ذاتي حتّى في مواسم الإرتياح, خوفا بيّنا من عصف الأيّام, وجحافل الشّكّ تجتاحني بأبعاد خيالاتي, ومظاهر الأشياء لا تغريني حتّى في الحالات الطّبيعيّة, وعيا إفتراضيّا في عرفاني الذّاتيّ, والمواقف لا تخدعني حتّى وإن تكشّفت حقيقتها, فالتّمحيص وإجترار الأشياء مسلكي حتّى في وضوح الأشياء, حباني الحقّ في نفسي ببصيرة لا يخفى عليها من شيء, أغوص بها متاهات المتاهات, وفتح عليّ ببصر حادّ يرى بهارج الحياة قبيحة, إذا ما زادت عن حدّها البهارج, وأرى زبارج الدّنيا حقيرة إذا ما تعاظمت الزّبارج, وكلّ الأشياء تافهة لا قيمة لها, أمام نعمة الإيمان بالحقّ...

    هذا العالم موبوء بشهوة الإرهاب في هذا الزّمن, تتفشّى فيه أمراض الحسد والحقد والكراهيّة, وتسيطر عليه نزعات القتل والإجرام, ولا يفهم سوى بالإجتياحات وإتصاب الأراضي, وممارسة اللصوصيّة في نهب الثّروات, فتراب هذه الأرض غدا ملوثا بالشّرور, والنّاس مصابة بعاهات خبائث لا أمل من شفائها, إعتادت ممارسة النّفاق في علاقاتها, واللفّ والدّوران على سمت محورها, وإمعانا شهوانيّا في رفض البوح أو الجهر بالحقيقة, وحلي لها العيش في سراب الأوهام, وعودا تقطع على ذمّة العصر بالأرطال, وخيبة تقطف على ذمّة الوعد بالقناطير المقنطرة, تلك سمة حضارة العصر في التّواصل بين البشر...

    يمضّني قهرا زمنيّا متراكما, جرّاء ذلك القهر في أسلوب الحياة, وينتابني شعورا عجيبا لا عهد لي به بالغربة, ويعتورني الألم التّاريخيّ في هذا السّجن الجغرافيّ التّرابيّ, وتتآكلني عنوة معولمة عذابات الأحزان لعصرنة مزيّفة منذ البدء, تعصف بالنّفوس المطمئنّة وتزروها في المجاهل والمتاهات, ممّا يشعل في أعماقي الحنين إلى الإنعتاق من هذه القيود, والتّخلّص من السّلاسل التي تسجن النّاس في زنزنات ملساء باردة الجدران...

    خبرت بعض النّاس من جمهرة النّاس, وخضت معاناة التّجارب الكثيرة مع الكثير من أشباه النّاس, وقاسيت ممّن يتظاهرون نفاقا بمناقب الأصدقاء, فوجدتهم غير أوفياء لهويّتهم بيعا وشراءا لها في سوق النّخاسة, وعانيت من البعض الآخر ممّن يحملون سمات الزّملاء, فعرفت في البعض منهم الوصوليّة والإنتهازيّة عنوانا عريضا للزّمالة, وتألّمت بقدر عظيم ممّن يلبسون جلابيب الأحباب إيهاما بالحبّ, فما وجدت من البعض إلاّ مزيدا من المراآت والمماذقة, ومحّضت النّساء عطفي وحبّي في مواضع العطف والحبّ, فما بادلتني بعضهنّ إلاّ الخيانة والجّفاء في الحبّ, والكثير من البشر وجدتهم قساة طغاة في قياداتهم للنّاس, يسومني منهم العذاب والقهر والإضطهاد من حدود الماء إلى حدود الماء, وأكابد معهم وبهم وما ذلت أعاني الكثير من الأوجاع والآلام...

    يخالجني البوح على لسان اليراع, لا أسمّي الأشياء إلاّ ترميزا مبهما, علّمتني الحقيقة قهر البوح في المواقف, لا أخاف المصير المحتوم لعاشق الحقيقة جرأة, ولست أحاسد النّاس ولا أحاقد ولست أعادي, ولست أراقب النّاس لأقضي نحبي همّا على همّ, ولا شأن لي في سياسة الحكّام فتلك من الخطوط الحمراء, وأعرف مسبقا مصير القفز فوق الحدود المصطنعة, وتتراءى لي محاكاة زنزانة خصّيصا أعدّت لسوم العذابات, وأعرف أنّ الجهر بالحقّ يؤدّي لقطع اللّسان في الحلق, والمقصلة العرفيّة الموروثة ما زالت قائمة في السّاح, تتلهّف شوقا قديما لقطع الرّؤوس عند الرّقاب, وترك الجّسد المذبوح ظلما فريسة لنهش الجوارح, كم من رؤوس مفخرة الأمم وجودها, قطعت في غفلة من ضجعة الوجدان في الشّهوات, والسّلطان يهمهم فوق الدّماء الذّكيّة ويغمغم ويهلوس يغبّ الكاس تلو الكاس, ويتنافخ مستكبرا بين حاشيته في الظّلم والبهتان والزّور, والله أقسمت على ذمّة الحقيقة لم ولن أبالي في قول الحقّ رغم مرارات الجهر بالحقيقة...
    حسين أحمد سليم
    hasaleem
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2


    الحزن مديد في كينونتي, لا يبارح نفسي حتّى في ساعات الفرح؟! حذرا ونباهة موروثات صلف العيش, والقلق يسكنني في أعماقي, لا يفارق ذاتي حتّى في مواسم الإرتياح, خوفا بيّنا من عصف الأيّام, وجحافل الشّكّ تجتاحني بأبعاد خيالاتي,



    الكاتب حسين أحمد سليم
    قرأت لك بوحا صارخا غير مزيف .. تخطه بقلم أنشودة الكلمة الصادقة بما تؤمن به وتتبناه.
    سعدت وأنا أقرأ لك لأن كتاباتك تختلف ..والقاسم المشترك بيننا هو الألم.
    دمت بود.
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • حسين أحمد سليم
      أديب وكاتب
      • 23-10-2008
      • 147

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة

      الحزن مديد في كينونتي, لا يبارح نفسي حتّى في ساعات الفرح؟! حذرا ونباهة موروثات صلف العيش, والقلق يسكنني في أعماقي, لا يفارق ذاتي حتّى في مواسم الإرتياح, خوفا بيّنا من عصف الأيّام, وجحافل الشّكّ تجتاحني بأبعاد خيالاتي,



      الكاتب حسين أحمد سليم
      قرأت لك بوحا صارخا غير مزيف .. تخطه بقلم أنشودة الكلمة الصادقة بما تؤمن به وتتبناه.
      سعدت وأنا أقرأ لك لأن كتاباتك تختلف ..والقاسم المشترك بيننا هو الألم.
      دمت بود.
      سيّدتي

      نعم الألم ثمّ الألم ثمّ الألم

      وطني مثقل بالجراح
      حسين أحمد سليم
      hasaleem

      تعليق

      يعمل...
      X