خرق للتهدئة .. أم شيء أخطر
بهائي راغب شراب
بداية علينا الإقرار بان المجاهدين الشهداء بإذن الله سقطوا جراء قصف الطيران لهم ،، ولم يسقطوا في الاشتباكات المباشرة مع العدو والتي أصابته بمقتل باعترافه بإصابة ثلاثة من جنوده وهو المعروف أن ذلك يعني بان خسائره اكبر من ذلك بكثير .. وهي أيضا إشارة إلى أن مجاهدي القسام قد قاتلوا ببسالة وشرف ولم يتوانو لحظة واحدة عن قيامهم بواجب صد العدوان الصهيوني والاشتباك معه..
وليس سرا أن مجاهدي القسام .. أولئك المقاومين المرابطين على خط النار .. لم يكونوا أبدا من أنصار التهدئة .. ولكنهم التزموا بها انضباطا للقيادة الحكيمة التي يثقون بها والتي يثق بها شعبنا الفلسطيني كله .. هؤلاء المجاهدين يثبتون اليوم مصداقية منهجهم وصدقية فعلهم .. في نفس الوقت أثبتوا كذب المدعين الثرثارين الذين دأبوا على مهاجمة المجاهدين ووصفوهم حقدا وغدرا بأبشع ما يمكن أن يتفوه به إنسان ضد أخيه الإنسان ..
لقد كان المجاهدون على أهبة الاستعداد والتأهب .. ولم يكونوا نائمين .. كانوا في مواقع الشرف والحراسة الثغور ولم يكونوا في غرف نوم مرفهة كالتي يسكنها حاسديهم من ضعفاء النفوس والهمم وهو اقل ما يوصفون به ..
لم يسقط الشهداء أمام الأنفاق ولا حولها لأنهم ببساطة شديدة ليسوا تجارا ولم يكونوا أبدا كذلك وهم لا يفكرون بان يكونوا كذلك.. لأن نهاية التجار الهرب والفرار من الميدان الذي يشعرون طبقا لحسابات الربح والخسارة أنهم سيخسرون أموالهم وليس أرواحهم .. على خلاف مجاهدينا رحمهم الله الذين باعوا أنفسهم وأرواحهم لله بان لهم إحدى الحسنين النصر أو الشهادة ، وبان لهم الجنة .. لقد اشتروا الآخرة .. ولم يشتروا الدنيا التي اشتراها بائعوا المقاومة والمقاومين للعدو الصهيوني الذين يبرطعون في أنحاء الضفة الغربية الصامدة وهم يبتسمون بكونهم أصبحوا أدلاء ومرشدين مهرة للعدو القاتل الصهيوني في حربه ضد المجاهدين هناك .
فهل يؤوب الثرثارون إلى ألسنتهم فيلجموها بالكف عن قبيح تطاولهم على المجاهدين الأشرف منهم جميعا.. وهل يرعوي من باعوا أنفسهم للشيطان الأمريكي .. فيعودون إلى دينهم ووطنهم وشعبهم يخدمونه ويعملون من أجل رفعته وتحريره من العدو .
ونعود إلى سؤالنا هل العدوان الصهيوني المفجع لنا على صعيد خسارتنا لأحبة من شبابنا الخير المقاوم .. هو مجرد خرق للتهدئة المبرمة بيننا وبين العدو ..
إن الحجم الذي احتله العدوان وتنوع أساليبه بريا وجويا .. وحجم الخسائر التي نجمت عنه فلسطينيا وصهيونيا ، ومكان العدوان .. إن هذه الأمور جميعا تعطي دليلا ساطعا بان الأمر يتجاوز كونه عملية محدودة في زمنها وفي مكانها وفي تأثيرها ..حيث العدو يعلم أن المقاومة لن تقف ساكنة أمام هذا العدوان الخطير ، ويعلم أيضا أنها لن تصمت أمام حجم الخسائر البشرية .. ومن هنا فإن العدو كان مدركا تماما لما هو مقدم عليه .. ويعرف أن المضاعفات والتداعيات ستكون كبيرة.. فالمقاومة التي يواجهها هنا ليست من ذاك النوع الذي يدار من حانات الفنادق ولا من داخل غرف النوم .. ولكنها مقاومة في ميدان المواجهة والصدام .. المقاومين في يطالبون الموت كما يطلب العدو الحياة..
إذن العدو يسعى فعلا من خلال هذا العدوان أن يكسر التهدئة وان يحطم الشيء القليل من التقاط الأنفاس الذي أنتجته... وليس بعيدا عن ذلك الحملة الأخيرة للعدوان ضد جهاز الأمن الداخلي الفلسطيني في قطاع غزة ، وضد الإسمنت القليل جدا جدا الذي يورد إلى غزة .. ومن ثم اتخاذ قرار بالمنع التام من توريده إلى غزة ..
.. صار واضحا بأن الخطة الصهيونية باتت جاهزة لضرب غزة .. وما هذه العملية العدوانية إلا من قبيل الاستطلاع والتحسس الميداني لتجربة استعدادية القسام والمقاومة ومدى جاهزيتهم لصد جنود الاحتلال ..
إن إدراك العدو لأبعاد ونتائج عدوانه يجب أن تواجه بعمل مدرك واع وقوي على أكثر من صعيد وأولها الرد العسكري الذي يعطي للعدو درسا بان العدوان لن يمر أبدا بصمت كما يحب ، .. إن الحوار الجار الإعداد له في القاهرة هو أيضا ميدان عمل ممهد .. لقد صار واضحا أن العدو ليس كما يقدمه لنا الوسطاء العرب .. بأنه يمكن الركون إلى وعوده أو إلى الاتفاق معه... وعلي أولئك الوسطاء الكف نهائيا عن أحادية العمل الموجه لصالح تحقيق المصلحة الصهيونية .. إن غزة وحكومتها الشرعية .. والمقاومة الإسلامية فيها هم عناصر الأصالة والحياة في قطاع غزة وفي فلسطين .. وإن على العرب وعلى الفصائل الفلسطينية التي ما زالت مترددة في التزام خيار المقاومة فعليا .. أن يصوبوا جميعا مواقفهم لتصبح داعمة ومساندة لغزة في قيامها بواجب الجهاد ضد العدو الصهيوني ..
التهدئة مجرد مصطلح احتل موقعه لفترة زمنية محددة .. وقد انتهت هذه الفترة بإعلان صهيوني واضح البينات والدلائل .. إلا إذا كان الوسطاء العرب ومن شابههم من الفلسطينيين ما يزالون يفضلون إغماض عيونهم عن رؤية الحدث وإغلاق أذانهم عن سماع دوي صواريخ الطائرات الصهيونية وهي تفتك بالفلسطينيين في ظل تهدئة لم يحترمها العدو.
تعليق