إنني أدري في نقض لست أدري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • معاذ أبو الهيجاء
    عضو الملتقى
    • 31-10-2008
    • 61

    إنني أدري في نقض لست أدري

    إنني أدري
    في نقض
    لست أدري

    قصيدة شعرية
    للشاعر
    فتحي محمد سليم

    معارضة لقصيدة الطلاسم
    لإيليا أبي ماضي
    الطبعة الأولى
    1997م

    موافقة دائرة المطبوعات والنشر
    رقم الإجازة المتسلسل: 1123/9/1997م
    الأردن

    رقم الإيداع
    1413/9/1997

    1424هـ / 2003م
    بسم اللَّه الرحمن الرحيم


    سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {53}


    سورة فُصّلت




    بسم الله الرحمن الرحيم
    تقديــم
    زحفت جحافل الغزو الفكري، وتتالت موجات المد التشكيكي، وعصفت رياح التحدي الإلحادي، مخترقة حصون الشرق الإسلامي؛ جاءت بأساليب خادعة مموهة بطلاء زائف، من مثل حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، واتخذت من الوسائل الماكرة، ما تفتقت عنه ذهنية الحقد الصليبي.
    وتجلى إشفاقهم هذا، ورأفتهم النبيلة، في بعثات متنوعة، في إرساليات، تقيم المستشفيات، وتشيد المعاهد التعليمية، فأخذوا يداعبون العواطف، ويستميلون المشاعر؛ مخترقين عقول الأجيال الناشئة، ومع ذلك فقد كانوا يحومون حول العقيدة الإسلامية، ولا يجرؤون على اقتحامها، ولكنهم يشيرون بإشارات وتوجيهات إلى اتخاذ العلم قاعدة لتفسير كثير من الأمور العقدية، كبعض المغيبات، أو حقائق وردت في القصص القرآني، فقد ظهرت كثير من النظريات الإلحادية، مثل نظرية: ( أصل الأنواع) لداروين؛ والنظرية الديالكتيكية لماركس، وكثير من النظريات الاشتراكية.
    وقد صدر كثير من الكتب التشكيكية التي يظهر فيها الانحراف والتحريف، وبأيدي كتاب من المسلمين مثل كتاب ( تجديد الفكر الديني في الإسلام) لمحمد إقبال، الذي أنكر فيه الجنة والنار، ووصفهما بأنهما حالتان نفسيتان تعبران عن نجاح الإنسان وفشله في الدنيا، وأنّ التكليف سيستمر للإنسان بعد الموت. ومثل (كتاب في الشعر الجاهلي) لطه حسين، الذي أنكر فيه قصة إبراهيم وولده إسماعيل في بناء الكعبة. ومثل كتاب: (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبد الرازق، الذي أنكر فيه أن في الإسلام نظام حكم. ومثلها بعض الروايات لنجيب محفوظ وغيره، وبعض الدواوين الشعرية مثل شعر الزهاوي الذي تضمن أفكارا إلحادية، وقصيدة (الطلاسم) لإيليا أبي ماضي والتي نحن بصددها.
    تناولت القصيدة -وهي في ديوانه الجداول- فوجدت أنها مبنية على أصل هو الإنكار والإلحاد، يعرضه بأسلوب استفهامي إنكاري، فيأخذ بعض مظاهر الطبيعة، ويُجري بينه وبينها حوارات، تؤدي بالتالي أنها لا تجيب، ولا تدري ماذا تجيب، وهو يشاركها في هذه (اللاأدرية) الحيرة التي تفضي إلى تعطيل التفكير، وعدم الاعتماد على العملية العقلية في الحكم على الأشياء، ثم يصعد قليلا ليتناول بعض الغيبيات، ويطرحها على بساط البحث بأسلوب إنكاري تهكمي فيه إثارة للعواطف.
    وبما أن القصيدة قد مضى عليها عدة عقود من السنين لم يتناولها أحد – على ما أعلم- بالبحث أو النقد أو النقض إلا شاعر عراقي لم أعثر على شيء مما قاله فيها وعنها، وبما أنها مقررة في مناهج التعليم في بعض بلاد المسلمين، رأيت أن أتناولها بشكل مقتضب؛ آخذاً بعض النقاط التشكيكية البارزة فيها، وأطرحها على بساط البحث بأسلوب يتساوى مع أسلوبه ولكن بشكل يلفت النظر ، ويحرك العقل ويثير التفكير عند الإنسان.
    والله أسأل أن يوفقنا جميعا إلى الخير، إنه سميع قريب.
    والحمد لله رب العالمين
    فتحي محمد سليم
    6/8/1997



    بسم الله الرحمن الرحيم
    "إنني أدري"( )
    (1)
    إنني أدري وأدري بيقينْ
    أنني سُوِّيتُ من ماءٍ وطينْ
    مضغةٌ من نطفةٍ ، ماءٌ مهينْ
    خُلِّقَتْ في الرحْمِ في كِنٍّ مَكينْ
    نبأُ الحقِّ وقرآنٌ مُبينْ
    عن رسولٍ صادقِ الوعدِ أمينْ
    إنّهُ تنزيلُ ربِّ العالمينْ
    حِكمةٌ بالغةٌ ، لوْ كنتَ تدري؟
    لست تدري
    ***********
    (2) تَسألُ البحرَ وترجو أنْ يُجيبْ
    وتُناجيهِ مُناجاةَ الحبيبْ
    أبعيدٌ مَنْ تًناجِي أمْ قَريبْ؟
    إنَّها آهاتُ شَكَّاكٍ مُريبْ
    جَثَتِ الشُطْئانُ والمَوْجُ صَخِيبْ
    ظُلمةُ الأعماقِ في صَمْتٍ رَهيبْ
    عالمٌ يَزْخَرُ بالعيشِ العَجيبْ
    أنتَ لا تَدري؟ فكيفَ البحرُ يدري؟
    سوف تدري
    ***********


    (3) تسألُ الدَّيْرَ ومَنْ في الصومعة
    عالمٌ موتى كبيضِ القوقعة( )
    يشربونَ الجهلَ كأساً مُتْرَعة( )
    رحلةُ الوهمِ لديهم ممتعة
    هيْنماتٍ( ) رَتَّلوها في دَعَة
    كغبارٍ خَلَّفَتْه الزوبعة
    أنت تدري أنهم كالإمعة( )
    فَلِمَ التسآلُ هذا؟ أنا أدري
    سوف تدري
    ***********


    (4) تُكْثِرُ التَّسْآلَ هلْ تَبغي جَوابا؟
    أمْ بحقٍّ أنتَ ترتادُ الصوابا؟
    أمْ هو التشكيكُ أسلوباً معابا؟
    يُقْلِقُ المَرْءَ فيزدادُ اضطرابا
    إن في الزهرِ رحيقاً مُستطابا
    فاسألِ النحلَ لِمَنْ تَجني الرُّضابا( )
    إن في الكونِ لذي اللبِّ كِتابا
    آيةً بَيِّنَةً مِنْ سِفْرِ عُمري
    أفتدري؟
    ***********


    (5) عاقلٌ يَسألُ غيرَ العاقلِ
    ما سيلقى عالمٌ من جاهلِ؟
    إنه عَيْبٌ كَشِقٍّ مائلِ
    ليس في المسؤولِ عيبُ السائلِ
    ما تَساوَى أكثمُ( ) مع باقلِ( )
    ذاك حَقٌّ زاهِقٌ للباطلِ
    لَوْ وَعَى الطيرُ شِباكَ الحابلِ
    مادنا منها ولكنْ ليس يدري
    أفتدري؟
    ***********


    (6) وسؤالٌ دونَهُ أَلْفُ سؤالْ
    وافتراضاتُ حِوارٍ وجِدالْ
    صُغْتَها مِنْ بينِ طَيَّاتِ المُحالْ
    إنَّه الإنكارُ والداءُ العُضالْ
    مِنْ نُفوسٍ مُفْعَماتٍ( ) بالضلالْ
    وجوابٌ واحدٌ في كُلِّ حالْ
    مُسْبَقاً هَيَّأْتَهُ مِنْ حيثُ تدري
    (لست أدري) سوف تدري
    لا دريت
    ***********


    (7) المَعَرّي قالَ: ميلادي جِناية
    هَرْطَقَاتٌ( ) وضَلالٌ وغِواية
    قَصَصُ الماضينَ مَوثوقُ الرِّواية
    وكتابُ الكونِ فيه ألفُ آية
    إنني أحكي كلاماً عن دِراية
    إنَّ للخلقِ وللكونِ بِداية
    فَحَقيقُ أنَّ للكلِّ نِهاية
    أفتدري؟ لست تدري
    لا دريت
    ***********


    (8) أعْمِلِ العقلَ وفَكِّرْ في الوجودْ
    تَجِدِ الكونَ تَناهَى بِحُدودْ
    أرضًنا دَوْرَتُها ضِمْنَ قُيودْ
    أنتَ والناسُ على هذا شُهودْ
    وفَناءٌ وبَقاءٌ وخُلودْ
    عَبَثاً أمْ صُدفةٌ، أمْ جُحودْ؟
    أمْ قوانينُ، ومَنْ قَنَّنَها؟
    أإلى الله أم الكونِ تُعودْ؟
    أنا أدري
    ***********

    (9) كنتَ ثُعباناً تَلَوَّى زاحِفَا
    أو كخلدِ الأرضِ وَلّى خائفا
    أو كبعضِ الطيرِ يغفو واقفا
    حِكْتَ من حولِكَ جواً عاصِفا
    لم تكنْ يوماً لذنبٍ آسفا
    تُطْلقُ القوللَ مُعمًّى زائفا
    هل حَسِبْتَ الشكَّ ظِلاًّ وارِفا
    لستُ أدري هي تعني لستُ أدري

    ***********

    (10) في رحابِ الأرضِ لا فوقَ الغمامْ
    أَفَتدري أَنْ ستمشي للأمامْ
    لِمَ لا تُبصرُ ليلاً في الظلامْ؟
    لِمَ لا تمشي مَقُوداً بِزِمامْ
    تُهْتَ ما بين مُباحٍ وحَرامْ
    مثلما عن بيضِهِ تاهَ النعامْ
    ثَمَّ: إبصارٌ، فَمَشْيٌ بِنِظامْ
    أعْتِسافٌ تَمَّ هذا أمْ بِقَدْرِ؟
    لست تدري
    ***********


    (11) لو تأمَّلْتَ نسيجَ العنكبوتْ
    بنظامٍ يَبْتَني أَوْهَى البيوتْ
    أين هذا من شُموخِ المَلَكُوتْ؟( )
    لو تَعَقَّلْتَ لآثَرْتَ السكوتْ
    سوف تدري وترى يومَ تموتْ
    ثَمَّ هَوْلاً لا تُدانيه النُّعوتْ
    أتظنَّنَ بأنْ سوف تَفُوتْ
    من شُواظٍ( ) يُنْضِجُ الجلدَ ويَفْرِي؟
    سوف تدري
    ***********


    (12) إنّه الكونُ فسيحٌ وجميلْ
    نظراتٌ في شروقٍ وأصيلْ
    وورودٌ وشرابٌ سَلْسَبيلْ
    وجبالٌ شامخاتٌ وسهولْ
    ومياهٌ جارياتٌ وحُقولْ
    رحلةُ العُمْرِ تَنَاهَتْ بالرحيلْ
    لو وضعْنا نملةً في إسْتِ فيلْ
    أنتَ تجري، وَهْيَ تجري
    أفتدري؟
    ***********

    (13) إنَّني أدري وأدري كيفَ أدري
    إنّني أملِكُ من شأني وأَمْري
    إنّني أفهمُ ما في الكونِ يَجْري
    في حدودٍ ضمنَ تفكيري وقَدْري
    وسُلوكي باختياري لا بِقَسْرِ
    غايتي إرضاءُ مَنْ قَدْ شَدَّ أسْرِي
    شرعُ رّبي فيه إصِلاحي وخَيْري
    ليس شيءٌ في الدُّنا يُسْمَى طلاسمْ
    سوف تدري
    ***********


    (14) إنَّ في العقربِ والأفعى سُموما
    إنَّ في النحلةِ ما يَشفي السقيما
    إنَّ في الناس كريماً وحليما
    إنَّ فيهم خاسئاً وغْداً لئيما
    إنَّ في الجنّة خيراً ونعيما
    إنَّ في النار عذاباً وَسموما
    جمِّعَت أضدادها جمعاً حكيماً
    فاتركِ العام لمَنْ يدري ويدري
    سوف تدري
    ***********

    (15) إنَّ للحسن وللقبحِ قياسا
    ليسَ ذاتُ الفعلِ – فتتعلم أساسا
    لا ولا العقلُ ولو جَلّى مِراسا
    إنّ للعقلِ ارتقاءً وَارْتِكاسا
    للكلامِ الفصل فَلْنبْغِ التماسا
    فهو شرعُ الله لا يُؤْتى مساسا
    فاجْعَلِ الفهمَ مع التَّقوى لِباسا
    والْزَم الجِدَّ وَنَقِّبْ فستدري
    أنا أدري
    ***********


    (16) إنَّ في الديرِ عقولاً خَرِبَة
    في ابتهالٍ يعبُدون الخَشَبَة
    يغفرونَ الذنبَ عن ذي مَقْرَبَة
    أهُمو قدّيسونَ أم هم كَذَبة؟
    كلّهم يبغي يُقوّي مذهَبَه
    ويقضي في سكون مَأرَبَه
    كلُّ أنثى بأبيها مُعْجَبَه
    فلِمَ استغربْت؟ هَلْ منْ (لست أدري)؟
    ***********


    (17) يسألُ السائلُ عن أمرٍ عُضالْ
    ويناجي نفسه قبلَ السؤالْ
    (لست أدري) ضاعَفََتْ منك الخَبالْ
    أو ردتْ أمثالَكُم ورد الضلالْ
    أنتَ لا تثبتُ في ساحِ القتالْ
    لو تفحّمت حيازيَم( ) الرجالْ
    وجبانٌ ليس يَقْوَى في النزالْ
    هاربٌ مختبىءٌ في (لست أدري)
    سوف تدري
    ***********


    (18) لو تزولُ الشمسُ من هذا الوجودْ
    كيفَ تغدو الأرضُ أم أين تعودْ؟
    لا خريف لا شتاء لا رعودْ
    لا ربيعُ سندسيٌّ لا ورودْ
    لا نهارٌ لا ظلامٌ لا حدودْ
    وغبارٌ وقتام سيسودْ
    لا شهورٌ لا سنونٌ لا عقودْ
    لا قرونٌ لا زمانٌ، من سيدري؟
    أنا أدري
    ***********

    (19) سائِلِ الفِهمَ إذا الشمس انمّحت
    ونجومٌ في الفضاء انكدرتْ( )
    وعشارٌ( ) حافلاتٌ عطلتْ
    وبحارٌ بالرزايا سُجّرتْ
    لا بخارٌ لا غيومٌ هطلتْ
    لا زروعٌ لا كرومٌ نبتتْ
    كلها ذاهبةٌ حيثُ أتتْ
    لو يزولُ الدهرُ ماذا ثَمَّ يجري؟
    لست تدري
    ***********


    (20) نملةٌ في اليوم تغدو ألفَ مَرَّة
    نحلةُ قد لَثَمَت مليونَ زَهْرَة
    وأبو الهولُ حزينٌ فيه حَسْرَة
    لم يبارحْ أبدَ الدهرِ مقرَّه
    يرقبُ الشمسَ ويرنو للمجَرّة( )
    أملاكٌ جاثِمٌ أمْ تلك صخْرَة؟
    شعرُ شوقي فيه:ما أجمَلَ شعرَه!
    فاسألِ الأحقابَ عنه،أفتدري؟
    لست تدري
    ***********

    (21) كم عقولٍ وهمتْ أسيرة
    وعيونِ مثلها ارتدّتْ حسيرة
    حيثُ في الهند دياناتٌ كثيرة
    وطقوسٌ وتسابيحُ مثيرة
    فاسألِ الراهب رُبّانَ المسيرة
    عن ضرامٍ لاهبٍ يصلى سعيره
    أهوَ قربانٌ لتكفيرِ جريرة؟( )
    أم نعيمٌ خالدٌ؟مَنْ ثَمّ يدري؟
    أنا أدري
    ***********

    (22) كيفَ يحوي الطينُ جيناتِ( ) الوراثَة؟
    أحقيرٌ هُوَ أمْ فيه دَماثة؟( )
    أصحيحٌ واحدٌ يعني ثلاثة؟؟؟
    يُصْلَبُ الابنُ ويرجون انبعاثَه
    يفتدي بالصَّلْبِ أقرانَ الخَباثَة
    يأكلُ البازي من الطيرِ بُغاثَه( )
    أفينمو الزرعُ من غيرِ حِراثة؟
    أم قوانينُ عليها الكونُ يجري؟
    لست تدري
    ***********


    (23) إنني أسالُ عن معنى الفراغْ
    وَعَنِ الضوءِ وأطياف الصِّباغْ
    إنّ في سرعته أقصى بلاغْ
    كم طغى من بصرٍ عنه وزاغْ
    وخلايا مودعات في الدماغْ
    تحكمُ الجسمَ فلا عادٍ وباغْ
    هل لديكم من جوابٍ مستساغْ؟
    أم إلى الجهل طريقٌ: لست أدري؟
    سوف تدري
    ***********

    (24) سُنَّةُ الإنكارِ أضحَتْ مذهبا
    وطريقُ الرفضِ صارتْ مهربا
    ليستِ الحُجّة في رفضِ النَّبا
    إنَّما الإثباتُ أمرٌ وجبا
    فترى الطفلَ إذا الطفلُ حبا
    (لستُ أدري) يمتطيها( ) مركبا
    لم نجدْ فيها عليه مَعْتَبا
    زارعُ الشوك أيجني عِنَبا؟
    تزرعُ الشكّ لتجني (لست أدري)

    ***********

    (25) لو تدبَّرْتَ كتاب المسلمينْ
    وتطَّلعْتَ إلى الآي المبينْ
    لَتَجَلَّى الحقُّ في رؤيا اليقينْ
    فتشجَّعْ وامتطِ العزَم المتينْ
    واصدعنْ( ) بالأمر والحُكْم الأمينْ
    إنّه الرحمنُ ربُّ العالمينْ
    فَهْوَ بالأمرِ وبالنهيِ قَمينْ( )
    وهو فعّالٌ لِما في الكونِ يجري
    قل سأدري
    ***********


    (26) أفتدري كيفَ إفراز الطعامْ؟
    أفتدري كيف تغفو وتنامْ؟
    تَخْرُجُ الأصواتُ تجري بانسجامْ
    بحروفِ ومعانِ بنظامْ
    وبقصدٍ مُسْبَقٍِِ عَمَّا يُرامْ
    نُسِّقَت: كلُّ مقالٍ لمقامْ
    من نسيجِ الشِّعْر أو نثرِ الكلامْ
    شعركُ الباهتُ هل يرقى لشعري؟
    أفتدري؟
    ***********

    (27) كلُّ ذي عقلٍ مقودٌ للحسابْ
    يفعلُ الفعلَ ويبغي أن يُثابْ
    تَطْرُقُ الغيبَ فهل للغيب بابْ؟
    ومن المحسوس يغشاك ارتيابْ
    هل وَلَجْتَ الكونَ فتحاً بالحرابْ؟
    أم سكَنْتَ الرحمَ منزوعَ الإهابْ؟
    ما الهُيولى؟( ) ما المدى؟ ما بعد "غابْ"؟
    ما هِيَ العَتْمَةُ ؟ أينَ الليلُ يسري؟
    لست تدري
    ***********


    (28) حرِّك الآلَة واصعدْ في الهواءْ
    واخترقْ ما أسْطَعْتَ أجوازَ( ) الفضاءْ
    وابتعدْ ثمّ ابتعدْ حيثُ تَشاءْ
    وادخلنَّ في سديمٍ( ) من هباءْ
    في قطارٍ يتمادى في الخفاءْ
    يسبق الضوءَ ويزري بالفناءْ
    ما هو الدهرُ وكيف الكون جاءْ
    سل أنِشْتَاِيَن( ) هل يدري لتدري؟
    ***********


    (29) قد أتيتَ الدَّيْرَ، لو جئتَ المساجدْ
    كم ترى من راكعِ فيها وساجدْ!
    جشّموا أنفسهم هولَ الشدائدْ
    ينشُدون الحقَّ حقّاً قَصْدَ قاصدْ
    زادُهُمْ تقوى وصدقٌ في العقائدْ
    يعبدون الله، إنّ الله واحد
    لم يلدْ حقاًّ قيناَ ليس والد
    فتعالى الله لا يدنو لحصر
    سوف تدري
    ***********


    (30) بحرُك السّاجي( ) على الغوصِ عصى
    فهو ضحل( ) لا يواري دِعْمِصا( )
    سحرُكُ الواهمُ أفعى أم عصا
    أم مع الكُهَّانِ طَرْقٌ بالحصى( )
    أم نبيٌّ بالتمنّي خَرَصا( )
    يخرج الموتى وُيبْرِي الأبرصا( )
    لن تُلاقي في نعيمٍ مِفْحَصا( )
    إنَّما النارُ تولّتْ كُلَّ كُفْرِ
    سوف تدري
    ***********

    (31) قُمْ مع الصبح إذا الفجرُ انبلجْ ( )
    وانفُثَنْ ما كان في الصدر اعتلجْ( )
    أنتَ في مأزِم( ) ضيقٍ وحرجْ
    أنعم التفكيرَ يسعفْك الفرجْ
    من درى كيف إلى الدنيا وَلَجْ
    سوف يدري كيف منها قد خرجْ
    فهو مخلوقٌ ضعيف ذو خدجْ( )
    أيساوي مَنْ درى من
    ليس يدري
    ***********


    (32) تتكرُ المحسوسَ بل تنكرُ نفسكْ
    كيف تمشي؟ كيف تبكي؟ كيف تضحكْ
    كنتَ طفلاً حالماً، هل صرتَ غيرك؟
    صرْتَ كهلاً، آه ما أعجَبَ أمركْ!
    صرْتَ شيخاً، ثم ماذا؟هل سُتتركْ؟
    ساءك الدهرُ زماناً ثمّ سرّكْ
    ضِعْت في المجهولِ أم ضيَّعْتَ شِعْرَك
    تائِهٌ في الوهْمِ أمْ جِئْتَ بقَدْرِ؟
    لست تدري
    ***********

    (33) (رُبَّ) ما (رُبَّ) فَكَمْ كَرَّرْتَها
    (أينَ) ما (أينْ) لقد أنكرْتَها
    (قد، ولكن)(ومتى)(كيف انتهى)
    (ولماذا) فلماذا سُقْتَها؟
    هذه الألفاظُ هلْ أحْبَبْتَها؟
    أم معاني الشَّكِّ منها اخترْتَها؟
    تُوْهِمُ الناسَ بِشِعْرٍ صُغْتَها
    كالمعري لِتُرَى صاحبَ شِعْرِ
    لست تدري
    ***********


    (34) المعرّي فيلسوفُ الشعراءْ
    ألْبَسَ الحِكمةَ ثوباً من رُواءْ( )
    وأبو ماضي برفضٍ ومِراءْ
    قدْ حَذا في الشكِّ حَذْوَ القدماءْ
    يُبْدِلُ الحقَّ ضلالاً في افتراءْ
    يَقْلِبُ الأضدادَ صَيفاً بِشِتاءْ
    هلْ تُرَى جِئْتَ كما أنت تشاءْ؟
    ثم تمضي، أين تمضي؟ لست تدري
    أنا أدري
    ***********

    (35) حَوْلَ (ما قبْلُ وما بَعْدُ) تدورْ
    وإلى المجهولِ حاولتَ العبورْ
    ثم أفرغْتَ مُحالاً في سطورْ
    قلت: "طَسْمٌ" "طَلْسَمٌ طَمْسٌ ثُبورْ
    تبتغي الباطلَ في مَيْنٍ( ) وزورْ
    تتركُ اللبَّ وتستبقي القشورْ
    أمِنَ الحقِّ عن الحقِّ تَحُورْ؟( )
    أنتَ في مَأتَمِ شرٍّ أيِّ شرِّ
    سوف تدري
    ***********


    (36) إنني أدرِكُ مُذْ خمسينَ عاما
    ما مضى فعلاً وما كان كلاما
    أفلا تُدركُ إذْ كنتَ غلاما
    تفعل العيبَ ولا تخشى مَلاما؟
    كيف سدَّدْتَ إلى العلمِ سِهاما؟
    خُضْتَ بالشعرِ عِراكاً وخِصاما
    إن بين العلم والجهل انفصاما( )
    فَلِمَ الخَلْطُ؟ أمِنْ كَرٍّ لِفَرِّ؟
    سوف تدري
    ***********

    (37) لَفَّكَ الخوفُ فَسِرْتَ القهقرَى( )
    وتَدُسُّ الرأسَ وهْماً في الثرى
    ظَنْتَ لَمَّا لا تَرَى أنْ لا تُرَى
    حِكْتَ في نفسك أمراً مفترى
    تُطْفِئُ الشمسَ وتُخْفي القَمَرا
    ثمَّ تأتي فتباري الشُّعَرَا
    وَلِيَبْقى لك ذِكْرٌ في الوَرَى
    قلتَ ما يُزْري وبعضُ الذكرِ مُزْرِ
    فستدري
    ***********


    (38) إن في الدنيا قلوباً طاهرة
    وعقولاً بالمزايا زاخرة
    فهي مما أنت فيه ساخرة
    تتحدى كلَّ نفسٍ ماكرة
    بالتقى والعلمِ أضْحَتْ عامرة
    آمَنَتْ ثمّ اسقامت شاكرة
    واطمأنَّتْ للقاءِ الآخرة
    يومَ لا ينفعُ فيه أيُّ عُذْرِ
    سوف تدري
    ***********

    (39) إنَّ عَيْشَ الجهلِ حُلْوٌ ما أَمَرَّهْ!
    إنَّ نَقْضَ العِلْمِ بالشكِّ مَعَرَّة( )
    (لست أدري) قُلْتَها سبعينَ مَرَّة
    لِتُحاكي-واهِماً- شيخَ المَعَرَّة( )
    شادَ بالشعرِ صُروحاً مُشْمَخِرَّة( )
    شِعْرُ "سَقْط الزّنْدِ" و"الغفرانِ" جَرَّهْ
    لِـ "لُزومياتِه" فافْتَضَّ سِرَّهْ
    و"رسالات الهنا"( ) جاءتْ بِقَدْرِ
    سوف تدري
    ***********


    (40) مُنْكِراً مُسْتَوْقِفاً عشرينَ وقْفَة مُسْتَخِفّاً سادِراً من دون كُلفة
    مِائَةُ استفهامٍ انْسابَتْ بِخِفَّة
    منْ لسانٍ يَتَنَزَّى( ) دونَ عِفَّة
    مثلُ (مارِكْسَ)( ) و(دَاْرْوِينَ)( ) وأَسْفَهْ
    عاملُ الصدْفةِ قدْ أصبحْتَ رِدْفَهْ
    أنتَ- فاعلمْ- كالذي يَطْلُبُ حَتْفَهْ( )
    في خلايا الجسمِ منكَ السُّمُّ يَسْرِي
    لست تدري
    ***********

    (41) هل أنا أم ما أنا إني ولي
    أنت ما أنت فمفضوحٌ جَلِي
    عُدْ إلى نفسِك وافهمْ ما يلي:
    أنت في نار الخطايا تصطلي
    لوْ تَقَمَّصْتَ ثياب الأخطلِ( )
    أو تَلَقَّيْتَ كتاباً من عَلِ
    لا تُساوي حبةً من خردلِ
    لمْ تَبُؤْ( ) إلا بِشَرٍّ بعدَ شَرِّ
    سوف تدري
    ***********

    (42) قبلَما تَذْكُرُ بِنْتَ الخابية( )
    كيف كانت في عروق الدالية؟
    كيف من قبلُ سَقَتْها الغادية؟( )
    قبلَ هذا القبلِ كانتْ ما هِيَهْ؟
    مثلها كنتَ قروناً خالية
    كنتَ في الممكنِ أقصى الزاوية
    كيف جاءتْ واحْتَسَتْها( ) الغانية
    ليت إيليا قال يوماً: أنا أدري
    سوف تدري
    ***********


    (43) صمموا الساعةَ حَصْراً للزمانْ
    والمقاييسَ لتحديدِ المكانْ
    والموازينَ بها العدلُ استبانْ
    والقوانينَ لتحقيق الأمانْ
    يسألٌ الجاهلُ: هل ما كانَ كانْ؟
    يُنْكِرُ الحِسَّ وما تحتَ العِيانْ
    فَيُجِيبُ العقلُ الطلْقُ اللسانْ:
    إنّما الجاهلُ مَيْتٌ دونَ قبْر
    لست تدري
    ***********


    (44) كيف هذا السيرُ في بَطْنِ القُرونْ؟
    صدفةٌ عابرةٌ أمْ عنْ جُنونْ؟
    أم بتقديرٍ وتدبيرِ شُؤونْ
    ذاك خلقُ اللهِ! ما شاءَ يكونْ
    حكمةٌ بالغةٌ فوقَ الظنونْ
    كلُّ حَيٍّ شاربٌ كأسَ المَنونْ( )
    كلُّ ذنبٍ -ما خلا الكفرَ- يهونْ
    كلُّ جانٍ لوْ جَنَى يأتي بعُذْرِ
    لست تدري
    ***********

    (45) ما هو الفكرُ؟ أَطَيْفٌ أم شعاعْ؟
    أم ظلالٌ وارفاتٌ( ) في يَفاعْ؟( )
    أم أمانٍ سابحاتٌ في ضَياعْ؟
    أم نُسَيْماتٌ يدغدغنَ( ) الشراعْ؟
    إنّه رَبْطٌ لِحِسٍّ وسَماعْ؟
    مَعَ عِلْمٍ سابقٍ في المستطاعْ؟
    إنّه حُكمٌ وفَضٌّ للنزاعْ؟
    إنّه فَهْمٌ لِما في الكونِ يجري
    لست تدري
    ***********


    (46) تَذكرُ اللغْزَ، ولُغْزُ اللغْزِ(مَنْ)
    مَنْ حَباكَ السمعَ والإبصارَ مَنْ؟
    مَنْ حَباكَ الحُبَّ والبغضاءَ مَنْ؟
    عندما تَسْخَطُ أو تَرضَى لِمَنْ؟
    شِعْرُكَ الباهتُ يَكْسوهُ العَفَنْ
    فهو بين الشعرِ (خضراءُ الدِّمَنْ)( )
    لا تُسَوِّي بينَ حَيٍّ وَوَثَنْ
    كيف بالباري الذي يملكُ أمري؟
    لست تدري
    ***********

    (47) انظر الذرّة في أجزائِها
    قُوّةُ التدميرِ في أحشائِها
    هل إذا دارتْ فَمِنْ تِلقائِها؟
    أم هي الصدفةُ جاءتْنا بها؟
    أفتستعصي على إفنائِها؟
    ومرادُ الله في إنشائِها
    أفتصحو أم ستبقى تائها؟
    جاءك الموتُ ولكنْ لست تدري
    ثَـمَّ تدري
    ***********


    (48) أيُّ سِرٍّ في سِفادِ( ) الجندبِ؟
    مثل هذا نزوان( ) الأرنبِ
    ضف إلى هذا التقاء العقربِ
    ولقاح النحل فوق السحبِ
    سِرُّ هذا السرِّ أَنَّى يختبي؟
    لا في الاخصابِ ولا في المُخْصِبِ
    فِطْرَةُ الخَلاقِ رَبِّ المَغربِ
    إنه الله ، وعند الله أمري
    لست تدري
    ***********

    (49) قل: لماذا الطير في العش تبيضْ؟
    ثم يأتي الفرخُ ذو الجُنْحِ المَهِيضْ
    ولِمَ المرأةُ في الشهرِ تَحيضْ؟
    وإذا الأثداءُ بالدَّرِّ تَفيضْ
    يتغذَّى الطفلُ منها وتَغيضْ( )
    يأكلُ البازي من اللحمِ الغَريضْ( )
    والمَها تَسْرَحُ في العشبِ الأريضْ( )
    لوْ بَدَلْناها نقيضاً بِنَقيضْ
    أينَ تغدُو في العُلا أم في الحَضيضْ؟( )
    أمْ هُوَ التنظيمُ مَقدوراً بِقَدْرِ
    لست تدري
    ***********

    (50) إن عُمْرَ الكونِ أحقابٌ( ) مَديدة
    مُوْغِلاً( ) في الدهرِ أبعاداً بَعيدة
    فيه ألغازٌ وأسرارٌ عَديدة
    باحتسابٍ وقوانينَ وَطيدة( )
    جاءنا العلمُ بخُطْواتٍ وئيدة( )
    سَدَّدَ السهمَ ليصطادَ الطريدة( )
    وأبو ماضي بنى أوهى قصيدة
    فسَّرَ اللغزَ بقولٍ :(لست أدري)
    ***********

    (51) كيف جئنا؟ أين نمضي؟ ولماذا؟
    عقدةٌ كبرى حللناها لهذا
    أمِنَ الحقِّ تَسَلَّلْتْ لِوَاذا؟( )
    واتخذْتَ الشكَّ جِسراً ومَلاذا؟
    ونثرْتَ العلمَ في الأفْقِ رَذاذا؟( )
    تنسِفُ المألوفَ للعقلِ جُذاذا؟( )
    يستعيذُ الحُكَمَا منكَ مَعاذا
    أنتَ ماضٍ عائذٌ في (لست أدري)
    ***********


    (52) هل رأيتَ المِسْكَ تَغشاهُ الخَنافسْ؟( )
    هل رأيتَ العَيْرَ( ) يُكْسَى بالملابسْ؟
    هل جرى بالقارِ( ) تزيينُ العرائسْ؟
    كمْ من الجُهَّالِ للوَهْمِ فَرائسْ!
    هل تُسَوِّي بين مسرورٍ وعابسْ؟
    مطمئنِّ البالِ والآخَرُ بائسْ؟
    عندما عايشْتَ رُهْبانَ الكنائسْ
    عُدْتَ مُحتاراً تُنادي: (لست أدري)
    ***********



    (53) جاء "أفلاطونُ" يتلوه "أرسطو"( )
    بعدهم "روسو"( )، و"هيجِلُ"( ) جاء يمطو( )
    كلهم للشرِّ والشيطانِ رَهْطُ
    ذاك ينفي، ذاك يلوي، ذاك يسطو
    تلك أفكارٌ وأوهامٌ وخَلْطُ
    أبْعَدوا الدينَ عن الدنيا لِيُعْطُوا
    "قيصراً"( ) ما شأنُهُ جُورٌ وقِسْطُ
    قِسْمَةٌ ضِيْزَى( )، وعند الله عُذري
    لست تدري
    ***********


    (54) وأتى "كروزو"( ) بُعيدَ "ابنِ طُفيلْ"( )
    قصةُ الإنسانِ كالاها بِكَيْلْ
    تلكَ أفكارٌ كما (حاطبِ ليلْ)( )
    أو كَمَنْ زَفَّ الثريا لسهيلْ( )
    لـ "أرسطو"( ) و"ابن سينا"( ) أنت ذَيْلْ
    أغرقوا الناسَ ومالوا كلَّ مَيْلْ
    رتبوا الأفكارَ فيها ألفُ وَيْلْ
    مَعَ هذا لمْ يقولوا: (لست أدري)
    ***********


    (55) و"ابنُ رُشْدٍ"( ) و"ابنُ سينا" والعُلوجُ( )
    مثلُ "ديكارْتَ"( ) "وبَلزاكَ"( ) "وهُوجُو"( )
    أمْرُ "فولتيرَ"( ) "ومونتسكيو"( ) مَريجُ( )
    لو تَرَى "سارْتَرَ"( ) في الوحْلِ يُمُوجُ
    والوجوديونَ يَحْدُوهُم ضَجيجُ
    يحسبونَ الناسَ منْ إنتاجِ (بِيْجُو)
    يَتَعَرَّونَ لكيْ تَبْدُو الفُرُوجُ
    وكَمالُ النقصِ في فَضْلِ التَّعَرِّي
    لست تدري
    ***********


    (56) سَلْ "أَنُوْ شَرْوَانَ"( ) و"الإسكندرا"( )
    سَلْ "حَمُورابي"( ) وسَائِلْ "قيصرا"
    بعدَ "نابليونَ"( ) سائِلْ "هتلرا"
    أيَّ خيرٍ خَلَّفُوهُ لِلْوَرَى؟
    عَبْرَ أحقابٍ مَضَتْ غَذُّوا السُّرَى( )
    قَطُّ ما كَانوا لَشَرْعٍ مَصْدَرا
    ما وَعَى التاريخُ عنهم عِثْيَرَا( )
    غيرَ تقتيلٍ وتدميرٍ وشَرِّ
    أنت تدري!
    ***********

    (57) جاءَ "مارِكْسُ" بأفكارٍ رَقِيعة( )
    نظرياتٌ عَزَاها للطبيعة
    جعلَ العمالَ رأساً في الطليعة
    (والديالكتيكَ) أصْلاً وشَريعة
    كالَ رأسَ المالِ ضَرْباتٍ شَنيعة
    صَنَّفَ التاريخَ أجيالاً وَضيعة
    واشتراكياتُهُ خَرَّتْ صَريعة
    وتَهاوَتْ وانتهتْ منْ حيثُ ندري
    أوَ تدري؟
    ***********


    (58) قدْ أتَوا أرضاً رَأَوْها شاسعة
    وجَماعاتٍ تَراءَتْ جَامعة
    حَقَنُوها بِسُمُومٍ نَاقعة( )
    وهَنَاتٍ حَسِبُوها نافعة
    كمْ تَمَنَّتْهَا بُطونٌ جائعة
    في تَمَنِّيها أتَتْها القارِعة( )
    في هُدى الإسلامِ شمسٌ ساطعة
    تُوْقِظُ الغافلَ، والجاهلُ يدري
    لست تدري
    ***********

    (59) كُلُّهُمْ جَاءُوا بأفكارٍ سَقيمة
    وحُلُولٍ للعلاقاتِ عَقيمة
    هُزِمَتْ أفكارُهُمْ شرَّ هَزيمة
    أَوْقَعُوا الأمَّةَ في بَلْوَى عَظيمة
    إنَّ في القُرآنِ آياتٍ كَريمة
    بِعُقُولٍ نَتَلَقَّاها سَليمة
    كُلُّهمْ يدري وعُقْباها وَخِيمة
    أنَّ عَيْبَ العَيْبِ فيما (لست أدري)
    ***********

    (60) نَظَمَ الماضِيْنَ جِيْلٌ يَتَلَدَّدْ( )
    كلُّ ما جاءوا به وَهْمٌ تَبَدَّدْ
    كغُثاءِ السَّيْلِ( ) لوْ أَرْغَى وأَزْبَدْ
    فَهْوَ مِنْ نَفْعٍ ومِنْ خيرٍ مُجَرَّدْ
    جاءَ بالإسلامِ والهَدْيِ مُحَمَّدْ
    فَهْوَ بالحقِّ والنَّصْرِ مَؤَيَّدْ
    مَبْدَأٌ بَاقٍ مَعَ الدهرِ مُؤَبَّدْ
    كلَّما مَرَّتْ قُرُونٌ يُتَجَدَّدْ
    يتحدَّى، يتعالَى، يَتَوَقَّدْ
    أخْرَجَ الإنسانَ مِنْ شَرٍّ لِخَيْرِ
    لست تدري
    ***********

    (61) (لست أدري)- آخراً- ما وَزْنُها؟
    بين أطيافِ( ) الهُدى ما لَوْنُها؟
    أَهْيَ آياتٌ لأربابِ النُّهَى؟
    أم تعاويذُ اتَّقَتْهَا جِنُّهَا؟
    فتنةٌ كُبرى تَبَدَّى قَرْنُها
    وشُرُورٌ وسَعِيرٌ مَتْنُهَا
    قدْ ذَوَتْ ثُمَّ تَلاشَى حُسْنُها
    والْتَوَى يَبْساً شَخِيتاً غُصْنُها
    بَطَلَ السِّحْرُ المُسْمَّى (لست أدري)
    ***********

    (62) نحمدُ اللهَ على حُسْنِ الخِتامْ
    وله الفضلُ على عَوْنِ التَّمَامْ
    رَبَّنا صَلِّ على خيرِ الأَنَامْ
    وعلى الآلِ مَعَ الصَّحْبِ الكِرامْ
    وَلَهُ المِنَّةُ( ) في كُلِّ مَقامْ
    تَمَّتِ النعمةُ وانْجَابَ( ) الظلامْ
    وبِهِ آمنْتُ والأمْرُ اسْتَقَامْ
    مالِكُ المُلْكِ هُوَ اللهُ السَّلامْ
    ولَهُ حَمْدِي وتَسبيحي وشُكْرِي
    ***********
    6/8/1997م
    فتحي محمد سليم (أبوغازي) رحمة الله
    الهوامش
  • يوسف الديك
    شاعر وأديب
    مؤسس ملتقى نخبة الإبداع
    • 22-07-2008
    • 894

    #2
    لستُ أدري


    جئتُ لا أعلم للســـوق ، ولكني أتيت

    ولقد أبصرت أمامي خيارا فاشتريت

    فإذا بالســعـــر كالنار لهيبا فاكتويت

    كيف جئتُ .. كيف ضيّعتُ نقودي

    لستُ أدري

    ****

    أجديدٌ أم قديمٌ أنا في ســوق الخضارْ

    كم ترى أعلك خســاً ورويداً وصبارْ

    بينما الشلغم والفندال حكــــراً للكبارْ

    أتمنى أنني أدري ، ولكني ............ .

    لستُ أدري

    ***
    ومعـاشي ما معاشي ؟ أقليل أم كثير ؟

    هل أنا أسعد أم أشقى به مثل الأجيرْ ؟

    أأنا السـائر للمـالِ ، أم المـال يســير ؟

    أم كلانا واقفٌ ، والـذي يجري ........

    لستُ أدري

    ***
    قد سألتُ اللحم يوماً هل أنا يا لحم منكا ؟

    هل ترى أصلح للأكل إذا سـُوِّيْتُ تِكا ؟!

    أم ترى لحمي قاسٍ أعجفٍ يصعب علكا

    ضحكَ القصابُ مني ... وهو يعني .....

    لستُ أدري

    ***
    أيها اللحمُ أتدري كم مشى البق عليكا ؟

    وهل " الذُّبانُ " يدري أنه جاثٍ لديكا ؟

    وهل الأمراض تدري أنهـا منكَ إليكا ؟

    ما الذي الأغنام قالت حين ماءت .......

    لستُ أدري

    ***

    أنت يا لحم عجيبٌ ... آه مـا أعظم أمركْ

    أنت مثلي أيها الجاموس لا تعرفُ سركْ

    أشبهت حالك حالي وحكى نحري نحرك

    فمتى أنجــو من النحر ... وتنجــو ... !!

    لستُ أدري
    ***

    أيها التاجر قل لي : هل أنا مثلك أحيا ؟

    قد أكلتَ اللحم مني .. وتركت العظم ليا

    هل أنا مثلك شيءٌ ... أم تراني لست شيا

    أم ترى الخالق أوصــــــاكَ بنحـــري ...

    لستُ أدري

    ***

    أنا يا تاجـــر خلقٌ .. مثلما ربك ربي ...

    لي نفسٌ تتشهى ... وأحاسيسٌ بقلبي ...

    ليَ أطفالٌ صغارٌ .. أرتجيهم وأُربِّي !!

    فلماذا أنت تلهــــو بمصيري ............

    لستُ أدري

    ***

    يا وزير السوق إنا قــد تجرعنا المرارةْ

    فهل القانون يرضى ذبحنا باسم التجارة

    هل ترى مثلك مثلي قد تكبدت الخسارة

    أم ترى أنتَ غشيمٌ لستَ تدري ............

    لستُ أدري


    ______________________


    تنويه :

    النص وصلني عبر البريد الالكتروني " الإيميل " ولا أعرف كاتبه ولا مرسله ..لكنّه أعجبني كنقدٍ لاذعٍ لما يجري في أسواقنا العربية ... .
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف الديك; الساعة 07-11-2008, 12:46.
    عَلَى الذينَ تهمُّهم المدائحُ ويزعِجُهمْ النَّقدْ ..
    أن يَبحثوا لذواتِهم الضَيّقة عنْ منطقةٍ خارجَ طُهرِ الكَلمة.. ونقاءِ الأدبْ ...
    وسُبُلِ الإبْدَاعْ .المُجَامَلة...فجورٌ لمنْ لا يستحقّونْ .
    يوسف الديك​

    تعليق

    • معاذ أبو الهيجاء
      عضو الملتقى
      • 31-10-2008
      • 61

      #3
      لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم

      تعليق

      • عبد الرحيم محمود
        عضو الملتقى
        • 19-06-2007
        • 7086

        #4
        الشاعران الجميلان معاذ ويوسف لكما كل الحب
        انتهجتما نهجين مختلفين جميلين فالأل هدم قصيدة
        ضلال أبي ماضي وتوهانه وعدم يقينه ، والثاني
        تألم للفقراء ، فلكما مني التحية والحب ، تثبتان !!!
        نثرت حروفي بياض الورق
        فذاب فؤادي وفيك احترق
        فأنت الحنان وأنت الأمان
        وأنت السعادة فوق الشفق​

        تعليق

        • كمال عبد الرحيم
          شاعر
          • 16-08-2008
          • 388

          #5
          هههههههههههههه حبيبي وصديقي الشاعر المبدع / يوسف الديك
          ضحكت حتى النوم من هذا النص ( نسميه الشعر الحلمنتيشي ) في مصر
          قصيدة رائعة ليتنا نعرف قائلها أشكرك على لحظات السعادة

          تعليق

          • محمد العرافي
            شاعروناقد
            • 05-03-2008
            • 799

            #6
            الأخ معاذ أبوالهيجاء ..شكر الله لك نقلك لهذه الدرة ..
            ورحم الله كاتبها ..وغفر له
            [poem=font=",6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/28.gif" border="groove,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]


            كلَّ حرفٍ ذريه ينزف مني=كلَّ بوح ٍ مدادُهُ خفقاتي
            [/poem]

            تعليق

            • محمد العرافي
              شاعروناقد
              • 05-03-2008
              • 799

              #7
              الأخ معاذ أبوالهيجاء ..

              شكر الله لك نقلك لهذه الدرة ..

              ورحم الله كاتبها ..وغفر له
              [poem=font=",6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/28.gif" border="groove,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]


              كلَّ حرفٍ ذريه ينزف مني=كلَّ بوح ٍ مدادُهُ خفقاتي
              [/poem]

              تعليق

              يعمل...
              X