
اعتزلت طوعا في ركن نفسي.. بعد سأمي من زيف الحروف
المتشكلة كلمات تحكي غير ما في الصدور ، أشحت بعيني بعيدا حتى لا تنخدع بطيبة مقنعة بعد أن غدت الحياة كحفلة تنكرية ،الكل فيها يمثل دورا مختلفا عن حقيقته..
أتعبتني مثاليتي ، أرهقني ادعاء تصديق كل المهاترات التي تخرج من الأفواه لا من القلوب ، أهدهد حساسيتي المتيقظة ،وأربت على كتفي أن كل شيء على ما يرام ، وأن الناس ناس ،وأن الحياة مسرعة لي أشرعتها ،مستبشرة وأن الابتسامات الطائرة بأجنحة فراشات فوق زوايا ثغور تهدر بأجمل الكلام صادقة ،وتخرج من القلب ، لتستقر في القلب.
أصدق ،لأني أريد التصديق ،حتى أستمر متواصلة مع الحياة ،وحتى لا تطرحني الخيبات أرضا صريعة أوهامي .الشواهد الكثيرة التي أهرب من تحليلها تهمس بأذني تخبرني لا تتغافلي ، لا تتعامي كأنك لم تلحظِي مابين السطور .. ولكن الحقيقة التي أحاول طمسها هي أني واعية تماما لكل الشوارد واستفهاماتها ، منتبهة للعيون التي تخون أصحابها وتفضح دواخلها ، واعية لسقط الكلام الذي يتناثر من بين أنياب الكلام الخلاب.. ولأن الحياة أتعبتني ، تمسكت بهالة المنطوق على أنه حقيقة وتعاميت عن سقطه حتى أحمي نفسي من الحزن الذي يلازمني كالعقد حول جيدي يخنقني.
أعود إلى نفسي أسألني إلى متى سأقاوم وأتغاضى عن خائنة الأعين وزيف المشاعر التي تُصر على نكئ الجرح الصلب من الخارج والنازف من الداخل ؟
أخاف الوحدة ، أحاول الهرب منها قدر استطاعتي حتى لا أعطي لعقلي فرصة طرح الأسئلة التي تنهكني أجوبتها المستعصية على الفهم والإدراك، وكلما هربت أجد الوحدة تتوحدني وتنتشلني من بين كل من حولي وترميني بخائنة الأعين وتُسَمع لي سقط الكلام المتناثر لأحزن وأغرق في الحزن.
تعليق