كان عيداً قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زين الشحاذة
    • 10-11-2008
    • 6

    كان عيداً قصة قصيرة

    كان عيد

    السكونُ يعربدُ، يتغلغلُ حتى أخر نسغٍ ، ينسابُ في كل الخلايا كما الكآبةُ والبردُ والعطشُ، أشهرٌ طوالٌ مرتْ كجبلٍ يزحفُ في رتابةٍ وهدوءٍ مفرطين.
    في مكانٍ قصي كحرزٍ مصون ٍقضتْ أيامَها الأخيرةَ منذ أن نقلوها من المشتل، حيث النور والهواء واشعة الشمس الذهبية الدافئة تلاطفها تبعث فيها احاسيس شتى، تبعث في انساق حياتها حيوات جديدة تعطي للزمن عبقاً وطعماً واحساساً جديداً،
    يومها حلمتْ بمستقبلٍ بهيٍّ باهر ٍلكنَّ أحلامَها تهادتْ على صخرة المستودع صريعة ً.
    بيد أنَّها في هذا الصباح الشتائي حاولتْ أن تنسى ما سلف منذ أن امتدتْ إليها تلك اليدُ القويةُ الخشنةُ، تحسستْ ساقهَا وأوراقهَا ثم وشكان ما حملتها في الهواء فبعث ذلك فيها إحساساً بعودةِ الحياة ولمَّا تمَّ نقلها إلى ظهرِ مقطورةِ جرارٍ أيقنت أن الحياةَ تضحك لها من جديد .
    غازلها الهواءُ الباردُ برطوبته عندما بدأ الجرارُ يمضي معانداً الريحَ والمسافاتِ فتغلغلتْ ذراتُ الماءِ بانساغِها بمرونةٍ لم تعهدها قبلا ً.
    منّتْ الروحَ بأيام ٍتطوي مرارة َالحرمانِ والعطش والتجاهل وحلمت بأيامٍ تمطرها فيها بذرات الماء البارد وعزف ريح يطرب أوراقها وخلاياها وهزيم رعد يزلزل أركانها فتكبر شامخة في وجه الزمن.
    سرتْ قشعريرة ٌعذبة ٌفي ساقها عندما امتدت اليدُ لتطوقها ثم لتحملها إلى نسقٍ طويلٍ من قريناتها المصطفات على مدخل بناء شاهق حيث احتشد الناسُ، فراح بعضهم يرش الماءَ وآخرون يمسحون أوراق الشجيرات ثم تلاهم جمع أخر ذروا السماد على التربة التي ضمتها أكياس الزرع .
    فجأةً وجدتْ نفسَها في خضم ِهذا الصخبِ والزحام ِفتلاشتْ مرارةُ الماضي الذي حلمتْ بوداعه إلى الأبد كانتْ تدرك أنَّ ذلك التجاهل لن يطول إلى الأبد فهي لم تخلق لتركنَ في المستودع أو لتنصب على رفٍّ ما في زاويةٍ من زوايا أحد البيوت كما نباتات الزينة الاصطناعية.
    ساد الهرجُ والمرجُ، تعالى الصياحُ ، تداخلت الأصوات، ارتفع وقع التصفيق إلى درجة لم تدرك معها كنه ما يدور، ثم سرعان ما بدأت الأصوات تخبو وتتلاشى شيئاً فشيئاً خفتتْ الأضواءُ ومضى الخلقُ حتى لم يبق أحد فسادتْ الظلمةُ التي غطت ما حولها.
    ألتفتْ الأصابعُ حول ساقِها حملتها برعونةٍ وخشونةٍ ومضتْ إلى طريق العودة .
    على بصيصِ ِ ضوءٍ اكتشفتْ أنَّها قد عادتْ إلى ذاتِ الركن ِ القصي ومن وراء الباب تناهى إليها صوت المهندس يخاطب العمال:
    انتهينا من عيد الشجرة لهذا العام وللعام القادم يخلق الله ما يشاء.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2

    الكاتب محمد زين الشحاذه
    قصتك جميلة وفيها سرد سلس, تتعدد الرؤيا فيها.
    فربما نحتفل , بالشجرة بعيدها, وربما نحتفل بعيد سنوي لمناسبة أخرى؟!!
    أحييك سيدي الكريم
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • محمد زين الشحاذة
      • 10-11-2008
      • 6

      #3
      الاستاذة عائدة
      تحيرت في ايهما اجمل مرورك ام ما كتبت ووصلت الى ان ثمة اشياء كثيرة تفوق نصي (هذا ان كان جميلا) فليس لي الحق بان اقول عنه جميلا على مبدأ القرد...
      اسعدني مرورك الذي جاء نثر الورد فوق صحراء كلماتي اشكرك دوما ودمت

      تعليق

      • مها راجح
        حرف عميق من فم الصمت
        • 22-10-2008
        • 10970

        #4
        الكاتب الاستاذ محمد زين شحاذة
        سمحت لنفسي بالتوقيع لاعجابي الشديد بطريقة الوصف الدقيق للمشاعرحتى وان كانت جمادا
        تصورت المشهد كله وكأنه حي
        شكرا لهذا الألق
        تحية ود
        التعديل الأخير تم بواسطة مها راجح; الساعة 17-11-2008, 12:51.
        رحمك الله يا أمي الغالية

        تعليق

        • زهار محمد
          أديب وكاتب
          • 21-09-2008
          • 1539

          #5
          الأخ محمد الزين
          عيد الشجرة
          لايكون بغرسها وحسب
          بل الإعتناء بها
          المحافظة عليها
          فعيدها دائم لأنها تمدنا بالحياة
          قصة جميلة
          ومعانيها أجمل
          ومغزاها أعمق
          [ღ♥ღ ابتسم فالله ربك ღ♥ღ
          حين تبتسم سترى على وجهك بسمة لم ترى أحلى منها ولا أنقى
          عندها سترى عيناك قد ملئتا دموعاً
          فتشعر بشوق عظيم لله... فتهب إلى السجود للرحمن الرحيم وتبكي بحرقة رغبةً ورهبة
          تبكي وتنساب على خديك غديرين من حبات اللؤلؤ الناعمة الدافئة

          تعليق

          • محمد زين الشحاذة
            • 10-11-2008
            • 6

            #6
            الاستاذة الكاتبة مها
            شكرا لمرورك اسعدني ما قلت اعتقد ان ذلك يكفيني فما قلته يغمرني وانا ممتن اصلا بمرورك العابق
            شكرا

            تعليق

            • محمد زين الشحاذة
              • 10-11-2008
              • 6

              #7
              الاستاذ الكاتب زهار محمد
              انا مقتنع بما قلت سواء قبل الكتابة وبعدها وانا وانت متفقان في ان رعاية الشجرة تكون بغير الغرس فقد
              لكني رميت الى ما ابعد من ذلك وانت ادرى بما اردت بكل تأكيد
              شرفني مرورك اسعدني تعليقك
              دمت
              وتقبل الود

              تعليق

              يعمل...
              X