ما هو نوعُ حُمورِيَّتِكَ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد النجار
    أبو أوركيدا
    (رئيس تحرير)
    • 05-03-2008
    • 300

    ما هو نوعُ حُمورِيَّتِكَ؟

    ما هو نوعُ حُمورِيَّتِكَ؟


    في ليلةٍ كان لى فيها برنامجى الخاص، رن هاتفى المزعِجُ. وكان هذا هوَ أحد اصدِقائى الذين يحلو لهم محاورتى حتى الصباح. وبعدَ وَصْلَةٍ منَ التَّـرَجِّى‘ قبلتُ أن ألغي برنامجى على مضَضٍ، وذهبتُ إليه بعدَ أن ركلتُ سيارتى المترنِّحةَ مرَّاتٍ عديدة، حتى نطق لسانُ حالِها : أتانُكَ العرجاء تغنيكَ عن سؤالِ اللَّئيم.

    ▀ وسألنى صديقٌى مستفِزٌّ جدّا سؤالاً مستفزَّا مثلَه ! وللحقِّ فإنى كدت أن أبطِشَ به. وبينما كنت أتخيرُ مكان لكمتى الإنتقامِيَّةِ فى وجهِه، وهو يتأرجح فى كرسيِّه الخشبىِّ الذى وددتُ لو أهداهُ إلىَّ يوماً، قال لي تمهَّل. فأنفى لم تزل تؤلِمنى من لكمةِ حِمارٍ قبلك. فانتفضتُ وأمسكتُ بخِناقِه، وقٌلتُ حسناً أيها الوغد، لن يؤلِمُك شيءٌ بعد اليوم. ولكننى توقفتُ عن خنقه لعجبي من شدَّة ضَحِكِه. وقال لي وهو يسعل: فقط لماذا لا تجبني على سؤالي أيها الأحمق؟ فقلت ربما لأني لستُ حماراً أيها الجرز. فقال كفانا من طول لسانِك وطيشِ جنانك، وأجبني قبل أن تبلغ زوجى الشرطة (وكان قد تزوج حديثاً وزوجه لا تعرفنى). فقلت لو أعرف نتيجة زواجك من قبلُ ما زوجتُك. وعلى أي حال، ما هو مقصدُكَ من هذا السُّؤال؟ يا حكيم البَرِّ والأدغال!

    ▀ فقال لي: أحمارٌ وحشِىٌّ أنتَ أم حِمارٌ عادى؟ فضحكتُ وقلتُ: لعلِّي كنتُ عادياً قبل أن تستفزني أيها الأخرق. وهنا قال لي: حسنٌ، سأشرحُ لك. لعلك تعرفٌ أن هناك نوعين من الحَمير، الحِمارُ الوحشىي والحِمار العادِىُّ. قلت بلى. قال فهل تعرفَ الفرقَ بينهما؟ قلتُ: العادىي لونه "سادة" والآخر "مخطط كاروهات"، فضحك حتى ظننتُه سيقع. وقال: كلا، واعتدل فى جلسته وقال:
    - أما الحمار الوحشِىُّ فهو حِمارٌ حُرٌّ يعيشُ فى البرِّية، ويأكُلُ مما يشاء، ويجرى حيثُ يشاء، ينتظِرُ الموتَ فى كلِّ لحظَةٍ، أو الإعتقالَ في حديقةِ الحيوان. فإذا ماتَ ماتَ كريماً، وإذا اعتُقِلَ عاش ضيفاً يأكُلُ مما لا يأكُلُهُ أنزَهُ حِمارٍ عادِي، ويعيشُ نظيفاً ويحظى بحبِّ مَن يراهُ من الكبارِ أو الأطفالِ. فهوَ جميلٌ فى كلِّ شىءٍ. وهو لا يخشى الذِّئبَ وكأنَّهُ يقولُ فى قرارةِ نفسِه: لماذا أخشاهُ وهو لن يؤذيـَنى سوى قبيل موتى بلحظات، أمِنْ أجلِ دقائقَ معدودَةٍ منَ الألمِ أعيشُ حياتى كلَّها ذليلاً ؟ لستُ حِماراً إلى هذه الدرجة.

    ▀ وأما الحمارُ العادِي فهوَ يحملُ صاحِبهُ كُلَّ يومٍ على أحسنِ الحالات، ولا يلقى منهُ شُكراً على خدمَتِهِ بل مزيداً من الرَّكْلِِ برجليهِ والحثِّ على مزيدٍ من السرعة‘ فضلاً عن أسوأِ أنواعِ السَّباب فى اللغةِ الحَمِيرِيَّة. والكلُّ يتحسَّنُ حالهم بشراء سيارةٍ خاصَّة، أما هو فالويلُ لهُ من ذلك. فهو يجُرٌّ العرَبةَ تحت نير السياطِ وفى عماية الصَُبحِ كما فى حَرِّ الظَّهيرَة. وقد لا يُسمَحُ لهُ بالنومِ فينقِلُ أثقلَ الأشياءِ ولا يذوق الماءَ إلا قليلاً. وهو لا ينالُ منَ الأكلِ إلا ما يشاءُ صاحِبُه. وكثيراً ما كثسِرتْ ساقُهُ فلم يرِحهُ صاحِبُهُ إلا أياماً معدودات، تمنَّى خلالها لو كُسِرَت ساقَهُ الأخرى. وهو يقولُ بلسانِ حالهِ، ليتنى كثنتُ مُخَطَّطَاً، ليتنى لم أكن جباناً، ليتنى لم أكن حِماراً إلى هذه الدَّرَجة. ما أتعسَّ الجُبناء. أخدِمُ كحمارٍ ولا ألقى غيرَ الموتِ مطحوناً تحت عَجَلِ العرَبةِ الخَشَبِيَّةِ أو دَهْسَاً بالسيَّارة. وأنا أتعذَبُ كُلَّ يومٍ ولا ارتاح أبداً.

    ▀ وهُنا أدركتُ مقصِدَهُ، وكنتُ قد كتبتُ مقالاً عن السلامِ لم أكن مقتنعاً بهِ كثيراً، وبعثتُ به إلى صديقى هذا لآعرِفَ رأيه، وكأننى كُنْتُ أبحثُ عن مسوِّغٍ لعدم نشره. وكنتُ أظُنُّ زواجَهُ الجديدَ قد شغَلَه. وشكرتُ له ردِّى إلى جادَّة الصواب. وعندما كُنتُ أغادرُ بيتَهُ، دُهِشَت زوجه وأنا أقولَ له: شكراً يا ملكَ الحِمير الوحشِيَّة، وأعِدُكَ بألا أعودَ حِماراً عادِياً أبدا. ولكنها لم تنطق، غير أن قالت: على أيَّةِ حالٍ فقد تزوجتُ مِنهُ، حِماراً كان أم جاموسة، فانفجرنا ضاحِكَين وتركتهما وهو يقولُ لها: بالله عليكِ أىَّ شىءٍ خلا الجاموسة. وكأنَّهُ لا يزالُ يضحك.

    ▀ ورغمَ أنِّى اليومِ في المُعتَقلِ بعدَ التغييرِ الذى أحدثتُهُ على مقالي الأخير، غير أني لا زلت أذكُرُ القصَّة، والفارق الوحيد‘ هو أن الوضعَ هنا معكوسٌ، فَمَن بداخل القفصِ ليس بالحيوان. ولازلت أضحكُ منذ قرأت رسالة من صديقى هذا منذُ ساعات، والتى يقول فيها: من مملكةِ الغَنَمِ إلى مملكةِ الحُمُرِ الوَحشِيَّةِ، هنيئاً لكم بالحُرِّية، فقد عرفتُ انه يفتقدنى، وسيلحقُ بى قريباً. ورددت عليه: ليتك تكمِلُ شَهرَ العسَلِ، ثُم فلتكُن حتَّى جاموسة.
    وعَبَثَا حاولوا أن يعرِفوا مقاصدنا في عالمِ الحيَوان.
    لعنا الصمت ع الظُّلاَّم
    سبقنا وكلنا قدام
    مافيش غايب ولا حاضر
    إلا وحضَّر الأقلام
    أنا صحفي وما أرضى
    أكون من جملة الأنعام
  • زهار محمد
    أديب وكاتب
    • 21-09-2008
    • 1539

    #2
    الأخ محمد
    لكل فرد في هذه الحياة
    شخصيتان
    الحقيقية
    والأخرى
    الحقيقية هي التي يعرفها كل الناس
    والأخرى هي التي لا يعرفها إلا صاحبها
    ويمكن أن تكون حمورية
    ولكن أي نوع هو
    وأنت بينت الأنواع والصفات
    ونترك الحكم للأخرين
    [ღ♥ღ ابتسم فالله ربك ღ♥ღ
    حين تبتسم سترى على وجهك بسمة لم ترى أحلى منها ولا أنقى
    عندها سترى عيناك قد ملئتا دموعاً
    فتشعر بشوق عظيم لله... فتهب إلى السجود للرحمن الرحيم وتبكي بحرقة رغبةً ورهبة
    تبكي وتنساب على خديك غديرين من حبات اللؤلؤ الناعمة الدافئة

    تعليق

    • محمد النجار
      أبو أوركيدا
      (رئيس تحرير)
      • 05-03-2008
      • 300

      #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      نعم أستاذ زهار
      وهناك اناس يجيدون الحمورية بانواعها
      وهناك من لا يجيدونها غير انهم يستحمرون احيانا

      شكرا على سرعة ردكم ولكم مني خالص الود والاحترام
      لعنا الصمت ع الظُّلاَّم
      سبقنا وكلنا قدام
      مافيش غايب ولا حاضر
      إلا وحضَّر الأقلام
      أنا صحفي وما أرضى
      أكون من جملة الأنعام

      تعليق

      • مصطفى بونيف
        قلم رصاص
        • 27-11-2007
        • 3982

        #4
        الأستاذ محمد النجار
        ذكرني مقالك بقميص مخطط أبيض على أسود ، عندما أرتديه أشعر بأنني قد تحولت إلى حمار وحشي !
        وصادف أن كتبت كلاما ...وأنا ألبسه !
        فأخذوني في زيارة إلى خالتي وخالتك ....بنفس القميص .
        لا حول ولا قوة إلا بالله ...
        أنا ألبسه الآن ..يجب أن أخلعه لأواصل التعليق .

        إلى ذلك الحين ..تقبل ودي واحترامي .

        أخوك مصطفى بونيف
        [

        للتواصل :
        [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
        أكتب للذين سوف يولدون

        تعليق

        • مصطفى بونيف
          قلم رصاص
          • 27-11-2007
          • 3982

          #5
          مقال يستحق التثبيت
          [

          للتواصل :
          [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
          أكتب للذين سوف يولدون

          تعليق

          • اسماعيل الناطور
            مفكر اجتماعي
            • 23-12-2008
            • 7689

            #6
            حكمة بليغة
            وأدب راقي
            وعقل مفكر
            شكرا أخي

            تعليق

            • رشا عبادة
              عضـو الملتقى
              • 08-03-2009
              • 3346

              #7
              [align=center] الآن فقط أدركت لما أختار الحزب الجمهوري أقصد" الجاعوري"ابو لون "يبرق ،فسفوري" رمز الحمار كي يؤكد به قدرته على صناعة القرار
              ومحاربة الفساد والدمار
              ويعلن نيته بإغلاق المعتقلات ، وبإنهاء الحصار
              لكن الغريب العجيب أن رأس "حمارهم" بدت عادية بدون خطوط
              وعلى إعتبارت فارق المسافة، والتطور، وجمعيات حماية حقوق الحمير
              فإن الآية معكوسة عن "أنظمتنا العربية" أقصد الحمورية "الموكوسة"
              فحمارهم العادي "رئيس" و"ابن عز"
              وحمارنا الوحشي "فارس الحمير"مباحة فيه كل قوانين التصدير طمعا فى إحداث تغيير وإستبداله داخل السجون
              بجاموسة بلهاء أو قرد مجنون!
              وعلى أهله إثبات "الأهلية" وتقديم تحليل صبغة "ال dna" الإستعمارية يووه أقصد الإستحمارية
              وعلى حمارنا إثبات إنتماءه للحمورية
              "بنهيق متواصل يهتف فيه لأصحاب الأحزاب الوطنية" يوووه أقصد احزاب "العربجية"
              حتى يضمن خروجة من أقفاص "غاباتهم السياسية" أو يظل الوضع على ماهو عليه
              وعلى السلالم "يرقص حامل الأسفار" فلا هو طال أن يخططوه فيصبح وحش وحمار
              ولا طال حتى جبلاية القرود، ولا "عشش" الكتاكيت الصغار"

              نسيت أن اخبرك يا سيدي عن نوع حموريتي
              فبعد ان قطعوا "آذاني" وأستبدلوا ذيلي بذيل حصان، وقطعوا أحبال نهيقي وكمموا أنفاس شهيقي
              أصبحت أسير جمب الحيط وأهتف برأس حمار جحا صاحب اللسان السليط
              "أنا لست حمارعادي ولا وحشي وذاك الصغير ليس أخي أو جحشي"
              أسير بينكم "حاملا كفني وبردعتي ونعشي"
              وأعترف دون تهديد أني حمار "عبيط"
              لاأفرق ما بين البرسيم وما بين القرنبيط!

              تحياتي لتلك الرائعة العميقة القوية يا أستاذي
              أصفق لك حتى تستغيث"إدارة" الغابة[/align]
              " أعترف بأني لا أمتلك كل الجمال، ولكني أكره كل القبح"
              كلــنــا مــيـــدان التــحــريـــر

              تعليق

              • محمد النجار
                أبو أوركيدا
                (رئيس تحرير)
                • 05-03-2008
                • 300

                #8
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                درش.. "مش هارد عليك"
                لعنا الصمت ع الظُّلاَّم
                سبقنا وكلنا قدام
                مافيش غايب ولا حاضر
                إلا وحضَّر الأقلام
                أنا صحفي وما أرضى
                أكون من جملة الأنعام

                تعليق

                • محمد النجار
                  أبو أوركيدا
                  (رئيس تحرير)
                  • 05-03-2008
                  • 300

                  #9
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  أستاذ اسماعيل الناطور
                  أسعدني أن أعجبتكم مقالتي... فذلك شرف لي
                  لعنا الصمت ع الظُّلاَّم
                  سبقنا وكلنا قدام
                  مافيش غايب ولا حاضر
                  إلا وحضَّر الأقلام
                  أنا صحفي وما أرضى
                  أكون من جملة الأنعام

                  تعليق

                  • محمد النجار
                    أبو أوركيدا
                    (رئيس تحرير)
                    • 05-03-2008
                    • 300

                    #10
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    الفاضلة: رشا عبادة
                    لقد أتيت بما هو أفضل، وخسارة ألا يكون مداخلة بذاته
                    شكرا على تعليقكم الرائع الذي أثرى صفحتي هذه
                    وشكرة على لفتتكم الطيبة العطرة
                    بارك الله لنا فيكم
                    لعنا الصمت ع الظُّلاَّم
                    سبقنا وكلنا قدام
                    مافيش غايب ولا حاضر
                    إلا وحضَّر الأقلام
                    أنا صحفي وما أرضى
                    أكون من جملة الأنعام

                    تعليق

                    يعمل...
                    X