بين مطرقة المرض وسندان الشفاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آمنة أبو حسين
    أديب وكاتب
    • 18-02-2008
    • 761

    بين مطرقة المرض وسندان الشفاء



    لعلنا ننسى على شبابيك الحلم أحلامنا، لكن ثمة أحلاما لا تبرحنا، فبرغم الألم المتجذر بنا كشجرة عتيقة ضاربة جذورها في أرض خصبة، نعيش هنا.. وحيرة الأمكنة تقبع بنا.. تقطف منا كثيرا من اللوعة.. وتزرع بنا غربة لا تشبهها غربة.
    تزدحم أرصفة المكان بكراسي متحركة لم نفلح في بناء علاقة وطيدة معها.. ولا فهرستها في سجلات حياتنا.. ونلمح في عجلاتها شيئا ينكي الجراح بنا.. بل و.. فيها لمعان يذكرنا بالعجز.. فلا نفلح في القبض ولو على حفنة من محبة أو ألفة.. يتعلق الألم بداخلنا فيستقر.. ويصبح له غرفة باردة في قلوبنا الحارة.. نحاول بجدارة أن نحتفل بقدرة تكاد تكون واهية على مجابهة كل ما يمكن مجابهته في غمرة الأشياء المتشابكة كاشتباك أشجار في غابة وعرة لا تمنحنا سوى إحساس بالغربة والعتمة المغزولة بخيوط الليل والنهار.
    ترفل الأمكنة بعطر لم تعهده حواس الشم "عطر الأدوية" وصوت عربات حديدية تتحرك فتألفه حاسة السمع فينا.. حتى نظنه نغمة اختيارية.. لكننا نطمئن لها.. وكأنها طقس فيه ترتيلة تسحبنا نحو سكينة ما وطمأنينة ما .
    وعندما يأت الليل كعادته.. نتوسد الألم على مخداتنا الموحدة.. تلك التي تحمل أحلاما موحدة.. تعلو نحو صيرورة الشفاء المنتظر.. الذي لربما بعد الانتظارالطويل صار رمادا.. وصار قيد التعسكر بنا إلا أننا نركب أكتاف غيمات الأمل العابرة.. تلك التي تحمل أجنة تفاصيل ممجوجة.. لا تسد ظمأ الأسئلة الكثيرة الصعبة.. والتي تخلو من رصيد الإجابات.. لكننا في كل مرة نعقد هدنة جديدة مع أمل توشح بألوان التشبث بالحياة.. ولأننا نخاف يوما أن تندثر فينا أيقونة انتظار الغد.. نحمل إشارة ممنوع الدخول للبرد الذي يثابر من أجل الانسكاب في دمنا.. لذلك نحرص على أن نتدثر بعهد مع أمل جديد .
    وكما هو متوقع أن نجلس على أطراف المكان.. نلملم ما يفيض من أحاديث رفضت أن تبقى رهينة النفوس المصطفة المترهلة على جدران المكان العبق بالوجع.. فالبعض يحمل حكاية ويرددها.. والبعض يعلق في عنقه قلائد الأمل الذي تشبه رقائق الضوء المتفشي على سواحل القلب.. والبعض يحمل عتبا على ما حدث.. والبعض يحمد الله كثيرا على السراء والضراء.. والبعض يبني جسرا للتواصل مع مصيبته.. فيحاول أن يصنع من ليمونته المُرَّة شرابا لذيذا.. فيضرب عهدا للتواصل مع أروقة الحياة.. ليعانق ولو على مضض ما تبقى له من عمر.. والبعض غارقا من رأسه حتى أخمص قدميه المعتكفة في شرفات الانتكاسات.
    هذه بعض من حكايا العنبر 6، وبعض من أحلام تراود مخيلة علقت بين مطرقة المرض وسندان الشفاء .
    شُكراً .. لرب السماء
  • آمنه الياسين
    أديب وكاتب
    • 25-10-2008
    • 2017

    #2
    جميلة انتِ ,,, آمنه

    آمنه ابو حسين
    مساء الخيرات والعافيات لكِ اهدي
    عبر سطوري القليلة هذه ...
    شكرآ لرب السماء ان جعلني اقرأ ما كتبتي
    ابدعتي بحق ,,, اشكركِ انا
    كوني دومآ بخير ولأن هذا ما اتمناه لكِ دومآ

    آمنــــــــه

    تعليق

    • محمود مغربى
      الفرعون العاشق
      • 22-02-2008
      • 694

      #3


      المبدعة امنه ابوحسين
      هنا حرف شفيف
      رقيق
      هنا توغل حميم فى قلوب مرضى عنبر 6

      هنا تعايش بهى
      رغم كل شىء
      مع الحياة
      والحياة بهية رغم كل شىء

      مودتى

      مغربى

      مدوناتى ونشرف بكم:
      http://magraby1962.maktoobblog.com


      http://mahmoudmagraby.blogspot.com
      للتواصل
      m.magraby@yahoo.com
      magrapy2007@hotmail.com

      تعليق

      • د. وسام البكري
        أديب وكاتب
        • 21-03-2008
        • 2866

        #4
        أديبتنا الرائعة آمنة أبو حسين .. لعلي لستُ مبالغاً إذا ما وصفتُ كتاباتك بـ (الكتابة الواعية) التي تَفِي بحدود الجنس الأدبي، وبمتطلبات النص الأدبي نفسه. فالخاطرة ـ هنا ـ تحمل سمات الخاطرة الأدبية بكل سماتها الفنية الرائعة، من حيث الشكل والمضمون والأسلوب؛ تعضدها الصور الشعرية الجميلة في مضمونٍ مُحَمَّلٍ بتداعيات المرض، وبمشاعر الأسى واللوعة التي يفرضها المشفى بعامةٍ، والعنبر 6 بخاصةٍ.

        الأجمل في الخاطرة: التوازن فيها بين تسلسل الوصف والمشاعر من غير التضحية بالأسلوب الفني، والعكس أيضاً صحيح. وعدم التِّيه عن الهدف (الفكرة) بحجة الاستغراق الأدبي، إنّها بصراحة:

        كاتبة واعية ، امتلكت زمام الكتابة الأدبية.


        الأديبة آمنة أبو حسين ... بذكاء أدبي باهر، استثرتِ فينا كوامن المشاعر، إذ رسمتِ لنا لوحاتٍ ومشاهِدَ فنّية، بإحساس فنّانٍ مُرهَفٍ أو شاعر.

        شفاكِ الله وحفظك من كل سوء.
        التعديل الأخير تم بواسطة د. وسام البكري; الساعة 02-12-2008, 20:15.
        د. وسام البكري

        تعليق

        • يسري راغب
          أديب وكاتب
          • 22-07-2008
          • 6247

          #5
          الاستاذه امنه ابوحسين
          ياتي الينا النثر طائر
          ياتي البوح شفافا رقراق
          يقول المعاناة حروف وكلمات
          اجمل الكلمات
          اروع الكلمات
          اصدق الكلمات
          دمت شاعرة
          تاخذ الالباب

          تعليق

          • آمنة أبو حسين
            أديب وكاتب
            • 18-02-2008
            • 761

            #6
            رد: بين مطرقة المرض وسندان الشفاء

            الرائعة آمنة الياسين

            تحية آمنة مطمئنة من آمنة مطمئنة لآمنة مطمئنة .
            شُكراً .. لرب السماء

            تعليق

            • طارق الايهمي
              أديب وكاتب
              • 04-09-2008
              • 3182

              #7
              رد: بين مطرقة المرض وسندان الشفاء

              الأستاذة المبدعة امنة
              وقفت عند ساحل حرفك وللأسف لن يمر عليه إلا من تذوقه بذوق الخاطرة الفنية
              أهنئك على ما تملكين من أدوات الكتابة النثرية وأجدت بصياغة صورها الفنية الجميلة
              سلامتك من كل أسى ومكروه

              يثبت
              تحية وتقدير



              ربما تجمعنا أقدارنا

              تعليق

              • بلال عبد الناصر
                أديب وكاتب
                • 22-10-2008
                • 2076

                #8
                رد: بين مطرقة المرض وسندان الشفاء

                بعض الاحلام لها طعم الجنون , و بعضها طعم الموت .

                لـ الروعةِ هنا .

                تقديري .

                تعليق

                يعمل...
                X