اختاري خيلك .. أمامك ينهار الذباب
بهائي راغب شراب
أنت ..
قائمة فصُدِّي ..
عن وجهك انكسارات الخريف .
رُدي عن صدرك أمواج الحريق .
واصلي الشهيق والزفير .
ولا تستسلمي للبحر الغريق
سُدِّي أمامه الطريق .
لا تنكسري ..
أنت قائمة ..!
فقومي ..
واصلي الإبحار والتجديف .
*
زغردت النوارس ..
تمنحك اشتهائها ، لمواسم
الصيد الوفير .
*
خذي بذيلك ،
خبئي داخله العصافير
والنشيد .
*
رتلي وحدك آيات الهائمين
في عشق المآذن ،
وحارات الضائعين .
أنت قائمة ..
لا تنكسري ..
أمام السنين العجاف
بعد الجفاف ..
تجيء أمطار الحنين ،
ترويك
وتروي الظامئين .
*
لا تسلمي للنجوم أهدابك ..
مَنْ يضيء الليل ..؟
من يزيح الستائر عن وجوهنا ،
ومن يُعَبِقَنا بالربيع ..؟
*
اسألي البحر
وحاذري أن يحتويك
نجوم البحر خادعة ..
لا تُنْزِلْكِ من عرش السماء
حيث أنت دليل العاشقين .
من يرشد الفرسان من أهل البلاد ،
عن الغزاة ..
الذين أتوا ، عندما طال بياتك الشتوي ،
واستعدت النوارس للرحيل .
*
أنت قائمة ..
أدي المناسك كلها
وأقيمي صلواتك البكرية ..
من قبل طلوع الفجر إلى سواد الليل
وبينهما ..
أنت قائمة ..
تكسرين أحلام الطغاة .
*
تحت السماء جراد .. جراد
يسابق السحاب الثقيل
يمطرنا بالخوف والجوع
فنجري ..
نبحث عنك
أين أنت ؟
هل بدلت قولك ؟
هل غيرت وجهك ؟
هل خلطت الأماكن ؟
فاحتار الزمان ..
أين يلاقيك ؟
قبل موعد الغرام ؟
بعد موعد العتاب ؟
كيف يلتقي الأحباء ؟
عندما تتبدل مشاعر الإنسان
يصبح نورساً يختال على الشاطئ
تخدعه المرايا اللؤلؤية ..
ويسجنه المحار .
*
أكاد ألمسك وأنت قائمة ..
يعتريك الفرار
ويهتز شعر غرتك ، الممدودة
إلى الخلف ،
من فوق الجبين .
وأكاد ألمسك وأنت قاعدة
فوق الشاطئ الذهبي
تستعدين بطقوسك الوثنية
تتوسلين الموج الذي تكسر تحت أقدامك
ماذا تطلبين ؟
عم تبحثين ؟
كل النوارس باقية
لم ترحل بعيداً
ولم تتكسر في رأسها بوصلة الرجوع
تتقافز في المسافة ..
بين نهديك وعينيك
وأنت قائمة ..
هل ثمَّ سر تودين البوح به
قبل أن يعتريك إدمان الغروب
وأنت قائمة ..
جسد كله روح
وروح كلها ..
جسدي الأسير .
*
وأسير ..
أتطلع إلى شاهقك الغريب
حيث المقدس يلتهب فيك
وفيَّ يشتعل الحريق .
*
مدي بساط الريح ينقلنا معاً عبر القرون
وعبر انكسارات الجسد الرؤوم .
حيث النفس تعلن رأيها
تدير الرؤوس
وتحرك القدود .
*
وأنت قائمة ..
تتفرجين على الحصار
وعلى الأشجار تسكنها القرود .
ألم تعلمي أن انكسارات الشعوب ..
لا تدوم .
*
أخبرينا ..
ماذا تبقي لنا عندك ؟
ماذا ستعطيننا منك ؟
دَوِّري بصرك بيننا .
من أكثر من تحبين منـا ؟
الوسيم أم القوي أم الحكيم أم المطرب ذا
الصوت الرخيم ..
من تحبين منا ..
الحُرّ الجميل ، أم ..
الحرُّ الأبيّ الذي عركته سيوف الحروب ،
ولم يسلم رايته ،
ولم يسقطها من بين زنديه النازفين بالوله الجنوني والورم الحميد .
*
الانكسارات لا تبرر ما بعدها
وأنت قائمة ..
لست جزءاً من انكسارات البحار .
لا تنتمين إلى خزعبلات الهمجيين ، الذين
أفزعتهم حيوية الحياة في عينيك ،
وزلزلتهم ..
نبضات قلبك المشحون بالغضب الحميد .
*
وأنت قائمة ..
أَفْزِعي الليل ..
لعلنا نفزع كلنا ..
..
بعضنا ما زال يخبئ سرّك في
حفيف أوراق السرو العالية .
*
لا تخبري أحداً ..
الانكسار لا وجود له إلا في فيزياء العلوم ،
يحدث للشعاع عندما يعترض انبعاثه زجاج الحكايا الأليفة حول الوادي الملغوم بالغول المتحور ..
داخل أمعائنا الزاحفة .
لا تخبري أحداً ..
الزجاج ليس ضمن مخططنا البشري ، وهو ليس من تكوين سلامياتنا المبتورة ،
بسبب تجمدها المغرق في عفونته ،
على زناد المدافع النائمة .
غير أن شفافيته لا تزال تسكن ..
أشعارنا الكاذبة .
*
لا تخبري أحداً ..
أنت قائمة ..
هنا .. نحن لم نهاجر .
كيف نغادر ..!
أرواحنا معلقة بك
هنا ..
لبيك ..
لا تنكسري ..
انكسار الموج لا يؤذيك
لا تضطربي ..
نجوم البحر لن تخطف سناك .
لك شُهْرَة ..
تفوق سمعة البدر في الليالي الحالكة .
لك شهوة ..
تأسر ألباب الرجال الهالكة .
*
وأنت قائمة ..
وحدك …
تتجاذبين خيوطنا بين أصابعك
فنضحك مرةً
ونبكي الساعات ..
ولا ندري ..
كم عدد أيامنا الباقية .
*
لا تضربينا ببعضنا
رؤوسنا لا تتحمل أن تهشم كل يوم
ما زِلْتِ الفاتحة
وأنت قائمة ..
هل لديك من كلام
قليل أو كثير ، يمكننا معاً
أن نجعله وردة يانعة .
أخبرينا عن حروفك كلها ، قبل
إنزال ستارة المسرح المفتوح على العاصفة .
*
وأنت قائمة ..
لا تنكسري ..
ألست تقولين أنك امرأة جامحة ..
ألست ترسمين وجوهنا كل صباح ،
وتمنحينا من وجنتيك الدماء الفاقعة .
ألست امرأة ..؟
جميعنا يعلم أن الأوطان
لا يكسرها الوباء ..
قومي من مرقدك القديم
تحركي نحو الضياء
اصرخي ملء الفضاء
استدعي الفوارس كلهم
حان اللقاء
وأنت قائمة
ترفعين يديك بالدعاء
وحولك يدور الذباب ..
يحاصرك
يحاول اقتناص أحلامك الخلفية
من وراء الباب الموارب ..
اقرأي التعاويذ السماوية
ثم اضربي الباب الصدئ
وأنت قائمة ..
……
أمامك ..
ينهار الذباب ..
*
ماذا تشعرين الآن
براحة الجسد ..!
هل أشبع غرائزه ، ومارس شهوته .
أم براحة البال .
لا تخبري أحداً ..
هو سرّك أنت ..
لو غادرك ..
ساءت أحوال الرجال .
*
وأنت قائمة ..
يسقط الحصار ولا
تسقط الأوطان .
*
لا تخبري أحداً
ها هنا في القلب ميمنة الجيش الوحيد
وهاك رايتي تعلنك قائدة الجيوش
اختاري خيلك
واختاري ميدان الوجود .
أنت وحدك ..
قائمة هنا ..
لا تنخدعي بأوهام النوارس ، التي
أثقلتها الفلول .
أنت هنا ..
لا تخبري أحداً ..
انكسارك ليس من حسابات الخلود .
*
أخرجي من قمقمك المنثور بين النهر والبحر
واكشفي من خلال عينيك
مواقع النجوم ..
حيث الرجال ما يزالون يختبئون .
**
[/frame]
تعليق