في الملتقى..إلى أين يصل حوارنا؟
تعرض الأفكار على طاولة النقاش بوجود جمهور من المتحاورين ، كل متحاور له وجهة نظر قد تخالف الطرف المتحاور الأخر ، و بالتالي عليه أن يقنع الطرف الأخر بها أو أن يقتنع بفكرة الطرف الأخر.
قبل أن نتحاور يجب أن نحدد أمرين هامين:
الأول على ماذا نتحاور؟
الثاني لماذا نتحاور؟
.
لغة الحوار:
يجب أن تكون لغة مفهومة ، واضحة ، منمقة ، هادئة و متكافئة مع لغة الطرف الأخر . و كذلك يجب أن تكون، على الغالب ، لغة ثقافية لأنها ستخاطب العقول و تعتمد على الحجة و البرهان المستند على المنطق والعقل و تبتعد قدر الإمكان عن الانفعال..
للحوار هدف:
و هو الوصول لمخرجات الحوار، الوصول إلى الحقيقة ، و هي النتائج المرجوة من الحوار.....شرح الفكرة أو المعطيات و توضيحها و محاولة إقناع الطرف الأخر و بنفس الوقت الانفتاح على أفكار الطرف الأخر لفهم وجهة نظره و التفاهم معه.
لكي ينجح الحوار لا بد من إدارته بشكل جيد و هذا يتطلب:
تكافؤ في الوعي و الثقافة بين الطرفين و أن يتمتعا بحرية الحركة الفكرية ترافقها ثقة المتحاور بشخصيته الفكرية المستقلة، فلا ينسحق أمام الآخر و ينكفئ على نفسه لما يحس فيه من العظمة والقوة التي يمتلكها الآخر.’
الاعتراف بوجود الطرف الآخر المختلف ، و احترام طرحه ، و الاعتراف أيضا بحقه في الدفاع عن طرحه .
لا يجوز تخطيئه لمجرد فرض رأي قد يكون مخالفا . "رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" .
يجب أيضا أن يترفع عن الأنا التي تجعله لا يرى إلا نفسه فلا بد من التخلي عن أنانيته كي يتسع استيعابه و فهمه للآخر، و ليعلم أنه لولا وجود الطرف الآخر لما قام الحوار أصلا.
إن للحوار قواعد و آداب يحب التحلي بها لكي لا يفسد الحوار:
ولعل من أبرز هذه القواعد والآداب ما ورد في سورة سبأ. كان الرسول محمد يحاور غير المؤمنين شارحاً ومبيناً ومبلغاً. ولكنهم كان يصرون على ان الحق الى جانبهم. فحسم الحوار معهم على قاعدة النص : {انا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سورة سبأ، الآية 24).
لقد وضع الرسول نفسه في مستوى من يحاور تاركاً الحكم لله، وهو أسمى تعبير عن احترام حرية الآخر في الاختيار، وعن احترام اختياره حتى ولو كان على خطأ.
وذهب الى أبعد من ذلك عندما قال القرآن الكريم في الآية التالية مباشرة: {قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون}
فكان من آداب الحوار بل من المبالغة في هذه الآداب أن وصف اختياره للحق وهو على حق بأنه اجرام (في نظرهم) ... ووصف اختيارهم للباطل وهم على باطل بأنه مجرد عمل. ثم ترك الحكم لله : {قل يجمع بيننا ربنا، ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتّاح العليم}.
ان احترام حرية الاختيار هنا ليس احتراماً للخطأ.
و بناء على هذه القاعدة الشرعية يجب :
1- الابتعاد عن تدني لغة الحوار ( سب و شتم و فذف وقطيعة) وكما يقول أهل العلم أنه لو كان النجاح والفلاح بالمجادلة بقوة الصوت والصراخ أو بالسب والشتم لكان الجهلاء أولى بالنجاح فيه.
2- عدم الخلط بين الموضوع و الشخص و الظهور في موقف المتعالي و الرغبة في إلحاق الهزيمة بالطرف الأخر.
3- الابتعاد عن التسرع بالحكم وهذا نتيجة لعدم وجود خلفية ثقافية حول من يتحاور وكما يقول أهل العلم أنه لو كان النجاح والفلاح بالمجادلة بقوة الصوت والصراخ أو بالسب والشتم لكان الجهلاء أولى بالنجاح فيه .
النتيجة:
إقناع الطرف الأخر المختلف بالحقيقة و هذا ما ننشده من الحوار.
بعد أن علمنا ما سلف عن الحوار، نعود الى حوارنا في الملتقى.
لا ننكر بأن الملتقى يملك عقول كبيرة تتسع بثقافتها و معرفتها لأكبر النقاشات و الحوارات ذات المواضيع المتنوعة.
لكن.. هل إدارة الحوار وفقا للمعاير أنفة الذكر تسير في مسار صحيح في الملتقى ؟
أم هناك أمورا ضبابية في الملتقى تعيق مسيرة الحوار في المسار الصحيح ؟
هل الطرفان المتحاوران متكافئان بالنسبة للحالة الفكرية؟
مالذي يدفع المتحاورون في الملتقى إلى الهبوط أحيانا بلغة الحوار و خروجها عن هدوئها.
و أخيرا ، لماذا النتيجة تنتهي إما بإغلاق الموضوع أو تنافر الطرفان و ازدياد توترهم أو ترك الموضوع دون نتيجة؟
هل هو قصورا في فهم الفكرة أم نقص المعطيات و الموارد المعرفية و الثقافية أم هو سيطرة الانا لمحاولة إضعاف قوة الطرف الآخر و إلحاق به الهزيمة؟
أم هناك أشياء مخفية خلف الستار غفل عنها القلم؟
أتمنى أن يكون النقاش صريحا لأبعد الحدود .
مع تحياتي
رنا خطيب
تعرض الأفكار على طاولة النقاش بوجود جمهور من المتحاورين ، كل متحاور له وجهة نظر قد تخالف الطرف المتحاور الأخر ، و بالتالي عليه أن يقنع الطرف الأخر بها أو أن يقتنع بفكرة الطرف الأخر.
قبل أن نتحاور يجب أن نحدد أمرين هامين:
الأول على ماذا نتحاور؟
الثاني لماذا نتحاور؟
.
لغة الحوار:
يجب أن تكون لغة مفهومة ، واضحة ، منمقة ، هادئة و متكافئة مع لغة الطرف الأخر . و كذلك يجب أن تكون، على الغالب ، لغة ثقافية لأنها ستخاطب العقول و تعتمد على الحجة و البرهان المستند على المنطق والعقل و تبتعد قدر الإمكان عن الانفعال..
للحوار هدف:
و هو الوصول لمخرجات الحوار، الوصول إلى الحقيقة ، و هي النتائج المرجوة من الحوار.....شرح الفكرة أو المعطيات و توضيحها و محاولة إقناع الطرف الأخر و بنفس الوقت الانفتاح على أفكار الطرف الأخر لفهم وجهة نظره و التفاهم معه.
لكي ينجح الحوار لا بد من إدارته بشكل جيد و هذا يتطلب:
تكافؤ في الوعي و الثقافة بين الطرفين و أن يتمتعا بحرية الحركة الفكرية ترافقها ثقة المتحاور بشخصيته الفكرية المستقلة، فلا ينسحق أمام الآخر و ينكفئ على نفسه لما يحس فيه من العظمة والقوة التي يمتلكها الآخر.’
الاعتراف بوجود الطرف الآخر المختلف ، و احترام طرحه ، و الاعتراف أيضا بحقه في الدفاع عن طرحه .
لا يجوز تخطيئه لمجرد فرض رأي قد يكون مخالفا . "رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" .
يجب أيضا أن يترفع عن الأنا التي تجعله لا يرى إلا نفسه فلا بد من التخلي عن أنانيته كي يتسع استيعابه و فهمه للآخر، و ليعلم أنه لولا وجود الطرف الآخر لما قام الحوار أصلا.
إن للحوار قواعد و آداب يحب التحلي بها لكي لا يفسد الحوار:
ولعل من أبرز هذه القواعد والآداب ما ورد في سورة سبأ. كان الرسول محمد يحاور غير المؤمنين شارحاً ومبيناً ومبلغاً. ولكنهم كان يصرون على ان الحق الى جانبهم. فحسم الحوار معهم على قاعدة النص : {انا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} (سورة سبأ، الآية 24).
لقد وضع الرسول نفسه في مستوى من يحاور تاركاً الحكم لله، وهو أسمى تعبير عن احترام حرية الآخر في الاختيار، وعن احترام اختياره حتى ولو كان على خطأ.
وذهب الى أبعد من ذلك عندما قال القرآن الكريم في الآية التالية مباشرة: {قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون}
فكان من آداب الحوار بل من المبالغة في هذه الآداب أن وصف اختياره للحق وهو على حق بأنه اجرام (في نظرهم) ... ووصف اختيارهم للباطل وهم على باطل بأنه مجرد عمل. ثم ترك الحكم لله : {قل يجمع بيننا ربنا، ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتّاح العليم}.
ان احترام حرية الاختيار هنا ليس احتراماً للخطأ.
و بناء على هذه القاعدة الشرعية يجب :
1- الابتعاد عن تدني لغة الحوار ( سب و شتم و فذف وقطيعة) وكما يقول أهل العلم أنه لو كان النجاح والفلاح بالمجادلة بقوة الصوت والصراخ أو بالسب والشتم لكان الجهلاء أولى بالنجاح فيه.
2- عدم الخلط بين الموضوع و الشخص و الظهور في موقف المتعالي و الرغبة في إلحاق الهزيمة بالطرف الأخر.
3- الابتعاد عن التسرع بالحكم وهذا نتيجة لعدم وجود خلفية ثقافية حول من يتحاور وكما يقول أهل العلم أنه لو كان النجاح والفلاح بالمجادلة بقوة الصوت والصراخ أو بالسب والشتم لكان الجهلاء أولى بالنجاح فيه .
النتيجة:
إقناع الطرف الأخر المختلف بالحقيقة و هذا ما ننشده من الحوار.
بعد أن علمنا ما سلف عن الحوار، نعود الى حوارنا في الملتقى.
لا ننكر بأن الملتقى يملك عقول كبيرة تتسع بثقافتها و معرفتها لأكبر النقاشات و الحوارات ذات المواضيع المتنوعة.
لكن.. هل إدارة الحوار وفقا للمعاير أنفة الذكر تسير في مسار صحيح في الملتقى ؟
أم هناك أمورا ضبابية في الملتقى تعيق مسيرة الحوار في المسار الصحيح ؟
هل الطرفان المتحاوران متكافئان بالنسبة للحالة الفكرية؟
مالذي يدفع المتحاورون في الملتقى إلى الهبوط أحيانا بلغة الحوار و خروجها عن هدوئها.
و أخيرا ، لماذا النتيجة تنتهي إما بإغلاق الموضوع أو تنافر الطرفان و ازدياد توترهم أو ترك الموضوع دون نتيجة؟
هل هو قصورا في فهم الفكرة أم نقص المعطيات و الموارد المعرفية و الثقافية أم هو سيطرة الانا لمحاولة إضعاف قوة الطرف الآخر و إلحاق به الهزيمة؟
أم هناك أشياء مخفية خلف الستار غفل عنها القلم؟
أتمنى أن يكون النقاش صريحا لأبعد الحدود .
مع تحياتي
رنا خطيب
تعليق