المخاض ...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد نجيب بلحاج حسين
    مدير عام
    • 09-10-2008
    • 619

    المخاض ...

    (1)


    عندما تأتي ابنتي الكبرى لزيارتي ... لا تجلس إلا بين أقدامي ... ثم تتقرب شيئا فشيئا إليّ ... وتضع رأسها على فخذي ... ينظر لها زوجها ، وقد جلس إلى يميني ... ويتبادلان ابتساما ماكرا ... ثم لا ألبث أن أمرر أصابعي بين خصلات شعرها ... وأفرك جمجمتها في رفق ولين ... بينما أتحاور مع صهري في كل مواضيع الكون ... السياسة ... الإقتصاد ... العمل والإرهاق ... وإذا توقفت أصابعي عن دغدغة الجمجمة ... فإني سرعان ما أسمع غمغمة تستحثني على مواصلة عملي ...

    هذه الليلة ، اختلفت البنت على عادتها ... لم تهدأ على ركبتي ...كانت تتكئ ، ثم تقوم ... ثم تتكئ ، ثم تقوم ... على غير هوادة... لعلها أكلت شيئا أقلقها ... أو لعلها تفكر في أمر حيرها ... أو ...

    تبادلت إيمان مع أمها نظرات تساؤل واستغراب ... ثم استأذن الصهر ليعود إلى العاصمة حيث مقر عمله ، من غير زوجته ... فقد اتفقا على انتظار المولود الجديد في مصحة مدينتنا ... بجوار أهلها وذويها ... بالميدة ...

    - ما رأيك ياعزيزتي في أن نذهب الآن إلى المصحة ؟... أراك تتستّرين على ألم الوضع ...
    - لا ، لآ ... ليس عندي من ألم ... الحمد لله ...

    أديت فرائضي ، وتوجهت إلى فراشي بشيء من التأخر عن المعتاد ... لم أنتظر زوجتي على السرير ... فمن الطبيعي أن تكون إلى جوار ابنتنا ... في حالة فاجأها ألم الوضع ...

    اتّكأت على وسادتي ... وسبحت مع أفكاري ... وانطلقت إلى نومي الهانئ ... وأنا أتفكر في أمر الحفيد الجديد ... الذي سيجعلني جدّا ... وسيجعل زوجتي نجيبة جدة ...

    - جدي يدعوك يا جدتي ...
    - لماذا ؟ ... ماذا يريد مني ؟...
    - سيتول لت سيئا(سيقول لك شيئا) ... سيسفي لت سلاّ ( سيفشي لك سرا) ... سيطلب منت امْلا (سيطلب منك أمرا) ... ســ ... لا أدلي يازدتي ( لا أدري يا جدتي) ....ازهبي إليه وستعلفين( اذهبي اليه وستعرفين) ...
    ما أروع لثغة الأحفاد ...
    أما أنا فسأتذوق طبيخ الجدات ... وسأكتشف وقارهن الخادع ... إنه طور جديد ... وطعم جديد ، وزاوية نظر جديدة للحياة ...

    ارتسمت على شفتي بسمة خفيفة حملتني إلى عالم الأحلام ...
    ولكن نومي الخفيف جعلني أستيقظ على صوت باب دولاب يُفتح في نفس غرفتي ...

    - أقوم يا جدتي ...؟... آخذكما إلى المصحة ...؟...
    - لا ياجدي ... لم أتهيأ بعد للنزول ...
    - ولكنك تعلمين أني إذا استيقظت ، يتملكني الأرق ، ولا يعاودني النوم إلا بعد فترة طويلة ...

    اتكأت على الوسادة من جديد ... وأخذت كتابا إلى جوار رأسي ... أطالع منه ما تسمح به أفكاري المضطربة في هذا الهزيع الأخير من الليل ....

    الجدة لا تريد ازعاجي ... وإلا فما الذي جعل إيمان تستحم في مثل هذا الوقت ؟ ... إنها خبرة الجدة ... فهي تعلم أن الماء الساخن مفيد في حالة الوضع ... وأنا أذكر الآن أن والدتها –رحمها الله – فعلت معها نفس الذي تفعله الآن مع ابنتي التي كانت جنينها آنذاك ...سبحان الله ... ما الذي جعلني أتذكر ولادة إيمان منذ أكثر من خمسة وعشين عاما ...

    أتكون ...؟...

    فُتح باب الغرفة بعنف هذه المرة ... وأطل منه وجه زوجتي ... وقد ارتسمت عليه علامات الجدّ ...

    - الآن نذهب إلى المصحة .... فورا ...

    قمت ألبس ثيابي وأحاول أن أمثل دور الهادئ الساكن ... فاستحثتني حبيبتي فقلت : - ألهذه الدرجة؟ ... قالت : - نعم ...

    خرجت من الغرفة أستطلع الأمر ... نظرت إلى صغيرتي ... وقد تكور بطنها ... وأخذ شكلا جديدا غير الشكل الذي تعودت عليه ...
    الحمد لله أن سيارة أختي عفاف كانت أمام البيت ... الحمد لله أنها نسيت المفاتيح فوق الطاولة ...- وقد عرفت بعد ذلك أنها فعلت ذلك عمدا ... لأنها فهمت بفراستها أن ابنتي ستضع في تلك الليلة ...

    - استعدا ... في انتظار أن أذهب إلى أختي كلثوم الممرضة ... لتساعدكما ...

    خرجت ....... شغّلت ........ انطلقت ........ وأنا أحاول التخفيف من سرعة السيارة والتحكم في توجيهها حتى لا تخلط الرصيف بالجدار ...

    عجبا ... لم تستطع البنت الوقوف ...كان علينا أن نتعاون على حملها ... أنا وعمتها وأمها وأختها ...

    أوقفت السيارة أمام باب المصحّة ...
    انزلي حبيبتي ... بهدوء ... هات رجلك اليسرى ... اليمنى ... اتّكئي علي ...قفي بلطف ... اصعدي على الرصيف ... هيا ...
    ما كانت ابنتي تستطيع الصعود على اسفلت الرصيف ...
    الممر الذي يفصل باب السياج عن المصحة فيه انحناءة بسيطة إلى الأعلى ... ما كانت ابنتي تستطيع صعود انحناءة الممر البسيطة ...
    شجعتها بكلمات مطمئنة : لا تخافي عزيزتي ...ليست مشكلة ... لا تصرخي ... توثقي في الله ... أنت الآن تعيشين أحلى فترات العمر ... لا تنسيْ ذلك ...

    ما أطول هذا الممر ... هل أحضر سرير العجلات ؟ ها إننا اقتربنا ... وصلنا ... تفضلي ...

    طلبت مني الجدة المنتظرة أن أعود إلى البيت بسرعة لإحضار حقيبة ملابس المولود الجديد ... رن جرس الهاتف المحمول ... لا أردّ أثناء السياقة عادة ... لكن هذه المرة ، لا بأس ... إنه محمد ... صهري ...
    - نعم ... نعم يا محمد ... فعلا ... لقد أوصلتها للمصحة ... لا ، لا تنزعج ...
    كل شيء على ما يرام ...
    من أخبرك ؟...
    ما كنت أريد إزعاجك ...
    تفضل ...
    تفضل ...
    بانتظارك ...
    كان عليّ أن أبادر بمكالمته ... ليكون حاضرا في لحظة استقبال ابنه ...

    أتيت بالحقيبة ... وبالمهد الصغير ... وبالأغطية ... ووصلت المصحة ، فوجدت خولة وسفيان – أم محمد وأخاه – في البهو ...
    - أهلا أهلا ... ما هي الأخبار ؟...
    أشار الجميع إلى باب غرفة الولادة ...
    ارتفع صوت آذان الفجر ... كبّرت وهللت ...
    قطعت رواق المصحة جيئة وذهابا ... لا أذكر عدد المرات ... ولكني أذكر أني كنت أتماسك بصعوبة على فتح باب الغرفة ... كنت أريد أن أمسك بيد ابنتي وهي تضع مولودها الأول ... فلا شك أن ذلك سيسهل عليها الشأن ... لكن ... كيف ...؟... سامحك الله ياجدي ... ستخجل البنت ... ستصرخ ... وكل الحاضرات سيثرن على هذا التهور من شيخ قارب درجة الجنون ...
    ماذا أصابك ؟ ...

    أقترب من باب غرفة الولادة ... أسمع أصواتا بعيدة ... أسمع أنين ابنتي ...وسرعان ما يتحول الأنين إلى صراخ ... ثم إلى صمت ...

    ماذا لو أدخل ...؟... أفتح الباب وآمرها بأن لا تتألم ... وآمرها بأن تضع مولودها بسرعة ... وبأن تتحلى بالصبر ...
    صبر ؟... أي صبر ؟... وهل تحليت به أنت أيها المجنون ؟... وأمشي لأقطع الأمتار المحددة في الرواق ... ثم أعود لأقف أمام الباب ... أخرج إلى البهو ... ثم أقطع فضاء الرواق ... ثم أخرج إلى الممر الذي يفصل المصحة عن السياج الخارجي في الحديقة ...حيث أشتم هواء الفجر النديّ البارد ...
    فجر؟... ولماذا لم أصلّ الفجر إلى الآن ؟... فأطلب عون إلاهي وتوفيقه ؟...
    إنني توضأت قبل الخروج من البيت استعدادا للصلاة ...
    أدّيت ركعتي الفجر ... ثم لبست الحذاء من جديد ... لأذرع الرواق جيئة وذهابا ... ولأعيد الإستماع إلى نفس الأصوات ...
    خرجت من المصحة ... وحاذيت جدار غرفة الولادة ...واقتربت من المكان الذي توجد فيه طاولة الولادة ... لأسمع كل شيء وكأنني داخل الغرفة .... لم يكن يفصلني عن الغرفة غير زجاج التعتيم المثبت في النافذة ...
    - إيمان ... لا تصرخي ... إيمان ، أنت عاقلة صبورة ... ساعدينا ... ادفعي معنا ... تنفّسي بعمق ... ثم ادفعي معنا ... اِدفعي ... لقد أخذ الجنين مجراه ...إنه يخرج ... ادفعي ... أحسنت ...
    لا تصرخي ، فالصراخ يشنجك ... ونحن نريدك أن تسترخي ... ليخرج الصغير بصورة طبيعية ... أه ...
    عاد الطفل ... انتهى عارض الوجع ... سيحاول الخروج من جديد ... استعدّي ...
    كانت هذه كلمات القابلة المناوبة في تلك الليلة ... الآنسة حنان السويسي ...
    أسمعها وكأنها بجواري ...ولقد أعجبتني نصائحها وطريقة عملها ...
    حتى أنني كنت خارج الغرفة أنا أيضا أستجيب ... وأتنفس ... وأضغط ... وأسترخي ... وأدفع ...وأشارك بكل أعضائي في إنجاب الحفيد الجديد الذي سيجعلني جدا ... وسيجعل زوجتي جدة ...

    كدت أهتف بابنتي من وراء الشباك : تذكري نصائحي ... استجيبي لأقوال القابلة ... استعدي ...

    ثم تماسكت وقلت : لم لا أعود للصلاة ؟... لم أكمل ركعتي الصبح ...
    وتوجهت إلى نفس الغرفة التي صليت فيها قبلا ...
    كبرت وبدأت في تلاوتي فانهالت دموع عيني وأنا أقرأفاتحة الكتاب ... ما أحوجني إلى عنايتك أيها الرحمان الرحيم ... وتواصل سيل الدموع الغزير ... وتواصلت تلاواتي وتضرعاتي ... ودعواتي ...
    ما أعظم معجزة الولادة ... ما أعظم معجزة الولادة ... ما أعظم معجزة الولادة ...

    عدت إلى نفس المكان بعد التسليم ... وراء الزجاج المعتم ...
    فلم أعتبر ذلك ذنبا أو تصنتا غير مشروع ...
    لم أتردد ولم أفكر في الأمر أصلا ...
    عاودت القابلة نفس النصائح ... التحقت بعارض الوجع في الوقت المناسب ... سمعت زفرات إيمان وهي تحاول الدفع ... وتصبر على الألم ... وتتحمل وتتحمل ... فعاودتني الدموع ...
    ما أعظم هذا الموقف ... لقد كنت في أقسى حالات التأثر والخوف والرجاء ... لا أذكر أنني مررت بهذه الحالة إلا عند وفاة والدي ووالدتي ...
    ما أشبه لحظة الولادة بلحظة الموت ...
    أيقظتني الغمغمات والأنات من خواطري ...فعدت إلى التصنت من جديد ...
    إيمان ... اسمعي جيدا ...سيكون هذا العارض الأخير ... تماسكي واصبري ...واضغطي جيدا ... احذري الصراخ ... تنفسي بعمق ... ثم اضغطي بقوة ... ها إن الجنين تحرك ... ها إنه يُطل ...

    الخفقان يشتد على قلبي ...
    العبوس والتجهم يكتنفان تقاسيم وجهي ...
    الإنتظار والترقب ...
    ما أعظم هذه اللحظات ، وما أغباني وما أجهلني إذ لم أخاطب صهري منذ البداية ليعيشها لحظة بلحظة ... فيتمتع بها ... ويعتبر منها ...

    الحمد لله ... خرج ... نزل ... وصل ... الضغطة الأخيرة ...
    بطلة أنت يا إيمان ... قليلة المثيلات في بنات جنسك ...
    أحسننننننننننننت ... أحسنننننننننننت ...

    وتعالت صرخة المولود الجديد ... فخفق معها الفؤاد راحة وطربا وسعادة ...
    وتحير نزيف الدموع من جديد ... وخنقتني عبرات الفرح ... وسمعت رنين الزغاريد في المصحة ... تختلط بصراخ الجنين الذي أصبح رضيعا ...

    الآن يأخذ حفيدي أنفاسه الأولى من الدنيا ... ويصرخ محتجا لأنه أصبح مجبرا على التنفس ليعيش ...
    وقد كانت ابنتي تتنفس عنه قبل نزوله ... سبحان الله ...
    دخلت إلى المصحة ... طرقت باب غرفة الولادة ... أريد تهنئة ابنتي على شجاعتها ، ورسم القبلة الأولى على جبين الحفيد ، واسماعه تكبيرة الأذان ...

    - لا ، لآ ، مازال الوضع لا يسمح لك بالدخول ...
    - عفوا ... طيب ، طيب ... شكرا على دماثة الأخلاق ... شكرا على جهودك ... شكرا على حسن أدائك لعملك ... لا تكفيك عبارات الكون من لغات الدنيا ما تستحقينه من شكر ...

    تبادل أفراد العائلتين التهاني والقبلات ...

    ووصل الصهر أب الحفيد ...
    - مبروك يا أبا منصف ...

    - مبروك يا جد منصف ...
    [align=center]محمد نجيب بلحاج حسين
    الميدة - تونس[/align]
  • محمد نجيب بلحاج حسين
    مدير عام
    • 09-10-2008
    • 619

    #2
    (2)


    ماذا ينتابني ...؟... تسعة أشهر وأنا أعد نفسي لهذه اللحظات ... بل أكثر من ذلك بكثير ... فأنا لم أتزوج إلا لأكون أسرة ... و لأصبح أبا ... يجب أن أتحكم في هذا الإنفعال ، خاصة وأنا أقود سيارتي في الهزيع الأخير من الليل ... وصهري إلى جانبي ...
    طلبت منه البقاء في المنزل ليلتحق بجامعته يوم الغد ، فرفض ... هو أيضا معنيّ بالتأثر والإنفعال ...
    فزوجتي أخته ...
    أريد أن أسرع وأن أتريث في نفس الوقت ...
    وددت لو أن للسيارة جناحين فتطير وتريحني من معاناة هذه الإلتواءات في الطريق ...

    ترى كيف حالها ؟... هل وضعت منصف أم لا ؟...
    أهلا أهلا بمنصف ... أهلا بخليفة والدي – رحمه الله – عسى أن يكون أقل حدة وعنفا في طبعه ... رحمه الله ... رحـــــــــــمه الله ... لقد كان طيبا ... رحيما ... محبا ... في الأيام العادية ... ولكنه كان يبالغ في القسوة عند الخطإ ... سريع الثورة ... سريع الغضب ...
    أنا الآن أفهم ذلك ... فمهما يكن ... فإن تربيته أدت إلى أسرة متماسكة ... ناجحة الأفراد ...
    لقد كنت ابنه البكر ... طبعا بعد الأخت الكبرى ألفة ...ولكنه كان يركز على حركاتي وتصرفاتي في كل حين ... وفي كل شأن ... لم يكن يعتقني في طفولتي ... فهو حريص على متابعتي ... وعلى نجاحي ... وعلى أن أبلغ درجة الكمال المطلق ... لا يتجاوز عن خطإ أبدا ... لقد وصل بي الأمر إلى أن حقدت عليه في فترة ما ... سامحه الله ...
    وها أنا الآن أحقد على حقدي ...أنا الآن أفهمه وأعذره ...
    وما أشد بطء هذه السيارة ... ترى هل سألتحق بالمصحة في الوقت المناسب ؟...ليتني أعيش لحظة نزول منصف إلى الدنيا ... لست أدري ما الذي جعل صهري لا يوقظني في الوقت المناسب ؟...
    أخطأ الرجل الطيب هذه المرة ... ألا يوقظني لأعيش أسعد لحظات حياتي ؟... لعله فكر في أنني سأنزعج ، وسأتعب ... أراد أن يوفر جهودي وأتعابي للشغل ...
    ذلك الشغل المرهق المميت ... في الليل والنهار ... بدون انقطاع أو راحة ...
    كل شيء تحت مسؤوليتي ... كل شيء أقوده وأسهر على تطبيقه وأراجعه ... وأدققه ...
    مجموعة الشيوخ في إدارة المعمل لا يسهرون على شيء ... ولا يقدرون على شيء أصلا ...
    - مراقبة آلات الطحن ... صيانة المحركات الكهربائية ... تفقد عجلات الشاحنات ...إغلاق الأبواب حين يجب أن تكون مغلقة ... مراقبة العمال والحرص على حسن انتاجهم ...جلب آلات التعصير من الخارج ... كل شيء على أكتافي ...
    يوقظونني في الليل من أعمق نوم ليستشيروني في أمر ...أو ليستقدموني في كثير من الأحيان لأشرف على سير عمل ما بنفسي ...
    أطنان القمح يجب أن تطحن كل يوم ، حسب آليات وطرق يحددها الحريف ... كل حسب هواه ...
    وصاحب المعمل لا يريد كثرة الإنتدابات ... أقل عدد ممكن من العمال والمسيرين ... لأكثر ما يمكن من الإنتاج ... والطاحونة تدور ليلا ونهارا بدون انقطاع ولا توقف ... وأنا المسؤول عن آلاتها العملاقة والصغيرة ... وأنا المسؤول عن حضائر التوسع والبناءات الجديدة ...وأنا المسؤول حتى على شاحنات الجر وسيارات المعمل على اختلافها ...
    إذا نسيت جزئية ، أو وقعت في خطأ ، فإن شيوخ المعمل لي بالمرصاد ... ينتظرون خطئي وزللي ليوصلوه إلى صاحب المعمل فيحاولون تأليبه علي حسدا وحقدا ...
    كيف لا وأنا الطفل أمامهم ، أكلف بالإدارة التقنية لكل نواحي المعمل وأجزائه ... يتوقفون عند كل ثغرة ... ليوصلوا تقرير النميمة في الإبان ... وقد تصل في أكثر الأحيان تقارير مفتعلة للحرق والتعكيل ...
    وفي كل مرة أجد نفسي مجبرا على الدفاع عن نفسي ... وعلى رد اعتباري ... وإظهار الحقائق الدامغة ... والسيارة تزداد بطءا كلما زدت ضغطا على زر التحكم في الطاقة بأقدامي ...
    متى نصل ؟... متى نصل؟...
    - تجاوزت مائة وأربعين ياسي محمد ...
    قالها صهري أيمن فيما كنت غارقا في خواطري ...
    - تخاف من السرعة يا أيمن ؟ لا بأس ... نريد أن نصل في الوقت ... نريد أن نواكب حدث النزول ... تمهل ياولدي ... يا حبيبي ... انتظر أباك يا عزيزي ... احذر من أن تتعب أمك عند الخروج من بطنها...
    أسأل الله لك الهداية ...
    ترى كيف حالها الآن ؟... ماذا لو يحصل لها – لا قدر الله – عسر في الولادة ؟... إنها فتاة طيبة ... رغم ما ألاقيه منها من سلبية في بعض النواحي ... نعم ... ليست سريعة الحركة ... لم تندمج معي تماما ...
    لا أجد منها مبادرة لأي شيء ... يزعجني ذلك ويثيرني ... ويصل بي إلى حد الغضب ...
    أعود مرهقا ، فتلقاني مرهقة ...
    صحيح أن معها حق هي أيضا ... فهي معتادة على الجو الأسري ...
    وضعتها في منفى بالطابق الخامس من شقة بالعاصمة ... وحيدة مع الجدران والأثاث ...
    تمسح ، تنظف ، تشاهد التلفاز ، تطبخ ... وأحيانا أعود في وقتي المحدد ... وأحيانا يضطرني العمل إلى التأخر ... وأحيانا يضطرني جنوني إلى التأخر ...وقد كثر ذلك في الأيام الأخيرة ... حين أصبحت أبحث عن راحة أعصابي بتناول بعض العلب أو الكؤوس المحرمة ...
    آه... ليتني أتوقف ... ويجب أن أتوقف الآن ...
    بعد مجيء منصف ... ما عاد ذلك يناسبني ...
    الغريب أنني بعد كل مرة ، أعد نفسي بالتوقف ... ثم أجدني بعد إنهاء العمل على نفس المقعد ... أمام نفس الطاولة ... أطلب نفس الشرب ... يجب أن أتوقف ... يجب أن أتوقف ...

    اقتربنا من مدينة الميدة ... رن جرس الهاتف المحمول ...
    - الحمد لله ، الحمد لله ... شكرا ... مبروك ... وكيف حال زوجتي ؟...
    يا إلاهي ... لقد حل ركب ابني البكر منصف ... الحمد لله على سلامتها ... انتبه يا أيمن ... أنا أقود السيارة ... طيب طيب ... مبروك علي وعليك ...فأنا أصبحت أبا وانت أصبحت خالا ... إن شاء الله في نجاحك وفي فرحك ... ما أطول الطريق إلى المصحة ... ما أكثر نتوءات الطريق ... الحمد لله ... وصلنا ... نزلت ... فاعترضني جمع من الأسرتين ...واستقبلتني زغاريد الوالدة ...وقد امتلأت عيناها دموعا ... لم أستطع أن أتمالك ، مع أني لست سريع البكاء ... ارتميت في أحضان المهنئين دون أن أعلم بمن ابتدأت وبمن انتهيت ...

    كنت أريد أن أرى ولدي رأي العين ، بعد أن قضيت تسعة أشهر في النظر إلى بطن الزوجة تنتفخ ... أين هو ؟...
    دخلت الغرفة ، فوجدت الأهل وقد التفوا حول مجموعة مناديل وأغطية ملفوفة ...
    مفتاح السيارة في يدي ...
    غمرني ابتسام عريض ...
    وشعرت أنني في قمة السعادة ...
    تقدمت إلى الرضيع ... ثم تأخرت ... ثم تقدمت ... ثم تأخرت ...وأخيرا اقتربت ...
    ومددت يدي تتلمس المولود الجديد في حذر ولين ... ورفق ...
    - أهلا بك ياحبيبي ... أهلا بك ياعمري ... أهلا بامتدادي في الحياة ...
    رسمت قبلة خفيفة على جبين ولدي ثم عدت أدراجي ... وقد ازدادت ابتسامتي عرضا ...
    أمسكت رأسي براحتي خشية أن يطير به الفرح مني...
    ملت يمينا ... ثم ملت يسارا ...
    لقد كانت رقصة حقيقية ... بلا نغم ، وبلا إيقاع ...
    كان رقصا تعبيريا عن أروع درجات السعادة ...
    - المفاتيح ، أين المفاتيح ؟... لقد أضعت مفاتيح السيارة ...
    وينقذني الصهر الطيب من هذا الموقف ...
    - لقد خبأها لك منصف ... انظر إلى مهده ، وستجدها قرب وسادته ...
    اين زوجتي الحبيبة أسألها عن صحتها ؟... وأهنئها ... وأرسم على جبينها قبلة الرضى والحب ... نعم ... الحب الجارف العميق ...
    كيف كنت أسمح لنفسي بتركك وحيدة في البيت ؟... في الشقة المعلقة ...؟...بينما أحاول الترويح عن نفسي بشرب علب البشاعة ... ؟...
    خرجت لأحتضن والدتي ... لقد جاء منصف يا أمي ... لقد عاد أبي ... وبلّلت دموعي ثياب والدتي ... وبللت دموعها ثيابي ... رميت بنفسي داخل حضنها ... وأسندت رأسها على كتفي ...
    أمي أيضا في أعلى رتب سعادتها ...
    تذكر الزوج الذي غادرها ... وكان يمكن أن يشاركنا جميعا هذه اللحظات الخالدة من السعادة ... فقد توفي في نفس السنة التي أحيل فيها على المعاش ... رحمه الله ... رحمه الله ... وبارك لنا في خليفته منصف الحماوي .... على اسم والدي – رحمه الله -
    [align=center]محمد نجيب بلحاج حسين
    الميدة - تونس[/align]

    تعليق

    • محمد نجيب بلحاج حسين
      مدير عام
      • 09-10-2008
      • 619

      #3
      (3)



      قبلتك التي ارتسمت على جبيني وأنا على طاولة الولادة بالمصحة ... نشرت في كل أجزاء بدني موجة سعادة ورضى ... ورسمت على شفتي بسمة رقراقة صافية .
      أيها الحبيب ... غفرت لك كل شيء يا أبا منصف ... كل شيء ...
      منذ حين كنت ناقمة عليك ... غاضبة منك .. فأنت من زرع في جسمي نطفة هذا الجنين الذي كاد يخرج بأحشائي معه ... ثم تركتني وأنا أشعر ببوادر أعراض الولادة ... وذهبت إلى شغلك ... تركتني أواجه الموت ... لقد مرت علي فترة شك في أنني سوف لا أنجح في وضع المولود بسلام ...
      الحمد لله على سلامتي ...
      نظرت إلى بطني التي كانت منتفخة منذ قليل ... فرأيتها خاوية فارغة ...
      كيف حال رضيعي ؟... أين منصف ؟... أريده أن يأخذ مكانه فوق بطني ...أريد رؤيته ...
      ثقلت الرموش على بؤبؤ عيني ... غلبني نعاس لذيذ لذيذ ... فيه راحة وارتخاء ...
      صعدت أثناء نومي إلى عنان السماء ... شعرت بأني أطير ... وأحلق خفيـــــــــــفة خفيفة ....
      ثم غبت عن الوعي ... ربع ساعة ، نصف ساعة ...
      أيقظتني عمتي كلثوم ... وتعاونت على مساعدتي في الذهاب إلى سريري بالمصحة مع الفتاة القابلة ...
      ما أسعدني وما أوفر حظي بالآنسة حنان القابلة المناوبة ليلة ولادتي ...

      - متى ولد منصف بالضبط ؟...
      - الساعة الرابعة إلا ربعا فجر يوم الإثنين ...
      أتيت يا صغيري أخيرا ؟... تسعة أشهر وأنت ترتع بين أحشائي ...تلعب يمينا وشمالا ...أثقلتني كثيرا في الأشهر الأخيرة ... ما عدت أستطيع الوقوف بدون مساعدة ... مع أنني كنت مغرمة بالرياضة ... أفوز في كل سباقات البنات في قسمي ... صحيح أنك كنت تؤنس وحدتي ... صحيح أنني كنت أبثك لواعجي ... أتذكر ؟... عندما كان أبوك يشاكسني فأسكت في الرد على مشاكساته حتى لا يزداد غضبا ... فيغضب لصمتي ... كنت لا أريد أن أكون مثل أمي في تحاورها مع والدي ...تعقدت من نقاشاتها التي كثيرا ما تثير غضب أبي ، فيتحول البيت الهادئ إلى مركز ثورة وعنف ...بسبب وبلا سبب ...
      وعيت الدرس في بيت والدي ... فتعلمت الصمت أثناء الغضب ... حتى لا أقول كلاما مستفزا بشعا ... أتذكر يامنصف عندما كنت أضع يدي على بطني ... و أبدأ في الحديث ... كثيرا ما كنت تتحرك ، وأنا أقص عليك فصلا مزعجا ... ما أسعدني بك يا حبيبي ، وقد نزلت لتؤنس وحدتي ، وتجسم سعادتي ... ما أسعدني بك وأنا آخذك إلى حضني ، وأقدم لك ثديي ... فتفتح فمك الصغير ... وتبدأ في سحب نخاعي ...
      اسحب حبيبي ... فهذا الألم في جراح ثديي المفتوحة لا يهمني مادمت تتغذى لتكبر ... وتملأ البيت صراخا وضجيجا وحركة ...
      انتبه ... اترك أباك ينام يا منصف ... أبوك متعب مرهق منهوك ... عمله شاق ... ولعله مر على بعض الحانات فزاده تناول الشراب عناء ومشقة ...
      لا ... لا لا لا ... لقد أقلع محمد عن تناول مثل هذه الأشياء ... وأصبحت صلاته حاضرة ... إن شاء الله ... إن شاء الله يا حبيبي ...
      طيب أبوك يا منصف ... والله طيب ... سوف تفخر به عندما تكبر ... إنه من جنس البشر النادر، العاشق للعمل ... الطموح المتشبث بأعلى درجات الطموح ... إنه المكافح الجاد ... هو كذلك يا منصف ... ولا شك أنك سترث منه ذلك ... وستكون بطلا بإذن الله ...
      لقد أحبني ، وتقدم لخطبتي من أهلي ... فأحببته ووافقت على الزواج منه ...
      هو الشاب الناجح ... وعيني تثقل من جديد يا حبيبي ...
      وهذا الصراخ وهذه الزغاريد ... وهؤلاء الزائرين والزائرات ...
      لا شأن لنا بأي شيء ... ننام ياعزيزي ... فليس في الكون الآن أحلى من النوم ... بعد التعب الذي تجشمناه ، أنا في وضعك ...وأنت في الخروج من رحمي لتبدأ رحلتك في الحياة ...

      وتأخذني إغفاءة ثقيلة ... فأسير عبرها إلى المستقبل ... أراك كبيرا كبيرا ... أراك دارسا جادّّ ا ...أراك عالما جليلا ... أراك بطلا من أبطال وطننا الحقيقيين ... مهندسا مبدعا ... أو مخترعا بارعا ...
      احذر يا حبيبي من أن تكون من النجوم الموهومة التي يثور جدك لرؤيتها على الشاشات... تملؤها ميوعة وسذاجة ...كفناني آخر الزمن ...
      الحمد لله أن تجاوزت كل الخلافات التافهة مع أبيك ... والتحمنا وانسجمنا تماما ... لأجل حبنا ولأجلك انت ...
      سبحان من غيره ... كان لمجيئك عليه كل التأثير ...انقطع عن كل ما يجعلني أعتب عليه ... واندمج معي في ترتيب شؤون البيت عند عودته من الشغل ... تصور يا منصف ياعزيزي أنه وافقني على الإشتغال ... بل وشجعني ، وبحث عن الإدارة المناسبة لمؤهلاتي ...ودربني وأسندني في الأيام الأولى ... تصور أنه أصبح يدخل إلى البيت بمفاجآت ونكت وضحكات تملأ النفس بهجة وسعادة ...
      سبحان من غيره ...ما كان يثير حنقه وغيظه قبل مجيئك ، أصبح يضحكه ...
      تهكماته ، وكلماته التي كانت تملأ نفسي كآبة ... تغيرت وأصبحت تشجيعا ... وعتابا خفيفا مازحا ...
      ذلك ما جعلك تنجح يا منصف ... وتصل إلى هذه المراتب الممتازة ...
      تعال إليّ ... احتضن والدتك يا حبيبي ... هنيئا لي بك ... وهنيئا لك بأبيك ...

      ولكن ، ما هذا الألم الخبيث الذي يخزني ... يقطعني ... يصهد أوصالي ...
      آه ، نسيت أني كنت أتمزق في قاعة الولادة ...
      أين أنت يا منصف يا حبيبي ؟...
      أنظر إليك فأراك تنام ملء جفنيك الصغيرتين ...
      هل سيكون أسمر يا أمي ؟... لمن سيشبه؟...
      أهلا أهلا ... يامرحبا يامرحبا ... عمي حاتم عندنا ؟...
      لقد مر علي في المصحة قبل أن يفتح المتجر ...
      عظيم أنت يا منصف ... وعلامة عظمتك ، مجيء عمي حاتم لاستقبالك والتهنئة بك ... فهو منغمس في الشغل إلى النخاع ... ومع ذلك ، ها إنه يجد الفرصة لزيارتك والإطمئنان عليك ...
      الحمد لله ياعمي ... نعم ، ها إنك ترى أنني استطعت وضعه ... وها إنك ترى جوهرتي الثمينة ...
      لا لاداعي للهدايا يا عمي ... إطلالتك بالدنيا وما فيها ... شكرا شكرا ...
      ويزداد ثقل أجفاني من جديد ... تنطبق ... فأحاول فتحها ... فيزداد انطباقها ...فأحاول فتحها من جديد ... لم أنم لليلتين متواليتين ... بدأني الوخز في الليلة الأولى ، وتواصل معي خلال اليوم الموالي ... ثم استفحل ليلة ميلادك يا حبيبي ...
      احذر يامنصف أثناء نزولك من المدرج ... وأثناء قطع الطريق ... انت كبير الآن ياولدي ... سوف لا أصاحبك إلى المدرسة كما كنت أفعل في عامك الأول ... ماذا سيقول عنك أصدقاؤك ؟...
      انتبه لمعلمك ... شارك في كل الحوارات ... كن بطلا كما كان أبوك ... وكما كان أجدادك ...
      ويوقظني الوخز هذه المرة في صدري الذي تكور وانتفخ ...
      ماهذا يا أمي ؟...
      - هذا هو الجرس المنبه للأم ... جعله الله ليذكرها بموعد رضاعة صغيرها...
      قومي وقدمي للسيد منصف أهم وأنفع رضعات العمر ...
      أمي تسميه اللباء ... له فوائد غذائية وصحية لا تحصى ... هيا عزيزتي ... قومي بهدوء حتى لا تتألمي ... أمسكيه جيدا ... بيديك الإثنتين ...
      أسندي ظهره ورأسه بيدك اليسرى ...
      وأمسكي ثديك باليمنى ...
      أبعدي عن أنفه الصغير شحم ثديك ... حتى يتنفس براحة ... ويسحب الغذاء والدواء من صدرك الحنون ... نعم ... هكذا كنت أمسكك ... وهكذا كانت أمي – رحمها الله - تعلمني ...
      كم كنت رائعا يا عزيزي وأنت تفتح فمك الصغير ... ويظهر منك اللسان ... وتبحث فيك الغريزة لتمسك المكان المناسب وتستعمل الطريقة المناسبة بالمهارة اللازمة ، لتتغذى ...
      أين تعلمت كل هذا يا عزيزي ؟... هل كنت تتدرب في بطني ؟...
      سبحان الله ... سبحان الله ...
      انتبهي يا أمي ... هناك طرق خفيف على الباب ... لا تسمحي لأحد بالدخول ...
      لا ما دام سي محمد ، فليتفضل ...
      الحمد لله يا حبيبي ...
      كما ترى ... مبروك علي وعليك ... انظر بنفسك ... أمك تقول أنه يشبهك أنت ، وأمي تقول أنه يشبهني أنا ... تفضلي يا أمي ...ساعديني من فضلك ... أظنه أخذ كفايته ... أنا بخير يا حبيبي ... لا أحتاج شيئا ... الحمد لله ... سلامتك ... جلبت الأدوية ؟... شكرا ... بقي أن تبحث مع إدارة المصحة التراتيب والإجراءات ... لالا لا أعتقد ... القابلة حنان قالت أنه لا بد من قضاء ليلة في المصحة ...
      خرجت يا حبيبي ؟... أعانك الله في عملك ... وأعانني على محاولة إرضائك وإسعادك ...
      اخترتك راضية مرضية ... فجعلتني أما ، وجعلتك أبا ... أرجو أن يزيد ذلك في حبنا ، وأن يجنبنا عواصف الإختلاف ...

      - ما قصة هذا النوم الذي يهاجمني طوال النهار يا أمي ؟...
      - عادي عزيزتي ... إنه نوم النفساء ... كنت مرهقة بالجنين ... منشغلة به في كل أطوارك ...
      ارتحت منه الآن ... فارتخت أعصابك ... وصرت تبحثين عن الراحة ... ستبقين كذلك لثلاثة أيام ... ثم سينتظم وقت نومك مع وقت رضيعك ... شيئا فشيئا ...
      وعليك أن تقبلي هذا الواقع الجديد ...
      فأنت الآن في خدمة هذا الرضيع وتحت تصرفه ... ليلا ونهارا ...
      إنه عمل شاق ياعزيزتي... يتطلب سهرا وعناية وحرصا وتوفيقا ... ستتعودين عليه إن شاء الله ...
      نعم يا أمي ... إن شاء الله ... إن شاء الله ...
      وتثقل الأجفان من جديد ...
      فأرتفع إلى جنان الراحة ...
      بأربعة أجنحة أطير ... إلى الفردوس الأعلى الذي أعده الله للأمهات المخلصات ... وللآباء المنضبطين ... وللأبناء البررة ...
      أجنحتك بيضاء جميلة يا محمد ...
      انظر هناك ...
      انظر إلى أجنحة ابننا منصف ... بألوانها الزاهية العجيبة ...
      ماذا فعل ليخصّه الله بهذا التميز ؟...

      أمي ... يا أمي ... حفيدك يبكي ، وصرته مفتوحة ...
      لقد شبع من اللباء ، فما به يا ترى ؟...
      لا تجزعي حبيبتي ... فبكاؤه طبيعي جدا ...
      كل شيء متغير بالنسبة إليه ... ضوء النهار يزعجه ... التنفس جديد عليه ... ومع ذلك ، فسوف أبحث الأمر ... فلعله ......
      فعلا ، لقد فعلها ...
      حــــــــــــاضر ...
      سأغير لك حفاظا نظيفا عطرا أيها الملك الملاك ...
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد نجيب بلحاج حسين; الساعة 11-12-2008, 18:59.
      [align=center]محمد نجيب بلحاج حسين
      الميدة - تونس[/align]

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4

        الكاتب القدير
        محمد نجيب بلحاج حسين
        ثلاث رؤى مختلفة لساعة المخاض نجحت كثيرا بتركيبتها المتقاطعة أحيانا
        ثلاث قصص كنت أحياها مع كل شخص من شخوصها
        حتى أن أنفاسي تلاحقت
        تحياتي لك سيدي الكريم
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • محمد نجيب بلحاج حسين
          مدير عام
          • 09-10-2008
          • 619

          #5
          [align=center]المبدعة الفاضلة عايدة محمد نادر
          السلام عليك ورحمة الله وبركاته

          شكرا لمرورك الملائكي الرائع

          ولمشاركتك اللطيفة التي عبرت عن

          تعمقك في خفايا النص

          كل عام وانت بخير

          توقيعك أعجبني كثيرا

          الشمس شمسي والعراق عراقي

          ما غير الدخلاء من أخلاقي

          تحياتي[/align]
          [align=center]محمد نجيب بلحاج حسين
          الميدة - تونس[/align]

          تعليق

          يعمل...
          X