روعة/ محمد مفتاح الزروق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الزروق
    تلميذكم المحب
    • 10-10-2007
    • 877

    روعة/ محمد مفتاح الزروق

    روعة

    1
    ما أن رأت الموظف الجديد يخطو في الممر بهدوء , وكأنما يقوم بعد قطع البلاط في الأرضية , حتى تراجعت خطوة إلى الوراء في حركة تلقائية , وكحت وابتلعت ريقها , ثم انطلقت في خطوات سريعة فيما كانت تلمح خياله يقترب منها على الإنارة الخافتة المنبعثة من بعض مصابيح السقف , والتي لا زالت على قيد الحياة ..
    كلما اقترب ببطء كلما زاد خفقان قلبها . خال إليها أنها تسمع قلبها يدق . هذا الرجل الذي جد على المقر منذ بضعة أشهر , ولم ينجح في الاندماج مع أي من زملائها أو زميلاتها , أو ربما تعمد ذلك , فهو لا يكاد يسمع صوته إلا رادا على تحية ألقتها زميلة . وأحيانا يبادر بالتحية لزملائه من الرجال , لكنها لا تتذكر أنها سمعته يفعل ذلك مع أي من النساء , زميلاتها ..
    سد مصدر الضوء الخافت بهامته المرتفعة وجسده النحيل الذي يوحي بالقوة ..
    ووصل إليها .. فتوقفت ..
    واستمر في سيره , وسمعته يقول :
    • صباح الخير , يا روعة !
    وشهقت , لم تتمكن من الرد .. خال إليها أن قلبها توقف ثم انطلق يطلق أيقاعا سريعا قويا كمثل صوت طبل " بو سعدية" * ..
    إنه يغازلها ..
    يا للوقاحة ! يا للجرأة ! بل يا للروعة !
    وأسرعت مبتعدة حتى وصلت إلى مكتبها ..
    تهاوت على المقعد ..
    لن تصدق أي من زميلاتها أنه غازلها إن هي أخبرتهم ..
    فركت أذنيها , قرصتهما ثم قالت وكأنهما تخاطبهما :
    • هل كذبتما علي ؟ لم يسبق لكما أن فعلتما ذلك ؟


    بنغازي 20 أغسطس 2007
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الزروق; الساعة 12-12-2008, 12:28.

    ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة
    ليمر النور للأجيال مرة.
  • محمد الزروق
    تلميذكم المحب
    • 10-10-2007
    • 877

    #2
    2
    وقت الإفطار , أو اللمة ...
    امتلأ مكتبها بحشد من النسوة ...
    أغلقت الباب بالمفتاح ... وباحت لهن بالسر الخطير ... وتعالت الأصوات ..
    • لا غنى للرجل عن المرأة .. مهما كابر .
    • أنا لا أصدق هذا .. إنه جارنا وهو يخجل من ظله .. ثمة أمر غير واضح .
    • سمعنا هذا كثيرا .. ولكنهم يتزوجون في نهاية المطاف ..
    • جن الرجل وراءك والله .. أنا أراك كلما هم بالخروج من مكتبه تسبقينه إلى الممر .. أصدقينا القول .. ألا يروق لك ؟
    • ثمة خطأ ما .. أنا متأكدة ..
    • حسبما أعرف إنه عزب .. من الممكن أن يكون قرر الزواج ..
    • .................................................. .........................
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الزروق; الساعة 12-12-2008, 12:26.

    ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة
    ليمر النور للأجيال مرة.

    تعليق

    • محمد الزروق
      تلميذكم المحب
      • 10-10-2007
      • 877

      #3
      3
      صباح اليوم التالي كانت قد حضرت إلى المكتب مبكرة ..
      أبكر من المعتاد ..
      وأوهمت نفسها بأن لديها عملا تقوم به ..
      كابرت وادعت بينها وبين نفسها بأنها لا تهتم لأمره كثيرا , ومع ذلك استرقت السمع ..
      انتظرت قدومه ...
      لعله هذه المرة سيقول لها شيئا ..
      ربما عندما يخلو المقر من أعين الرقباء سيبوح لها بما يدور في خاطره ..
      وسمعت وقع خطوات في الممر الطويل ..
      إنه هو ..
      نهضت من مكتبها بسرعة وخرجت تحمل أكواب الشاي الفارغة بحجة غسلها ..
      سارت تنظر إلى الأرض ..
      ولما اقتربت رفعت عينيها إليه وقالت :
      • صباح الخير يا باشمهندس عبد العزيز ..
      • أهلا ... صباح الخير يا روعة ..
      قالها بكل برود .. واستمر في مشيه حتى وصل إلى مكتبه ..
      واستمرت في مشيها بسرعة أقل .. ماذا دهاه ؟
      وكأنه مصاب بالتوحد ..
      همت أن ترجع إليه وتقول له :
      • ألا تعرف أن الغزل يتطلب رقة في الفعل مع الكلمات الرقيقة ..
      لكنها فضلت الصمت ..
      فلتنتظر إلى الغد , عساه يحمل جديدا ..
      إن غدا لناظره قريب ..
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد الزروق; الساعة 12-12-2008, 14:59.

      ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة
      ليمر النور للأجيال مرة.

      تعليق

      • محمد الزروق
        تلميذكم المحب
        • 10-10-2007
        • 877

        #4
        4
        انتصف النهار ..
        دخل وليد ... شاب في أوائل العشرينيات يرتدى بدلة عمال النظافة ...
        • كالعادة الزجاج .. الأرضية .. أما مكتبك ... لا مساس ..
        • شوف شغلك ..
        هكذا ردت دون أن ترفع عينيها عن شاشة الكمبيوتر ...
        وأطلق وليد قنبلته الصغيرة لكي تنتبه إليه ..
        • بالمناسبة يا رجعة , البنات في المقر يتحدثن عنك وعن المهندس عبد العزيز .. هل ثمة شيء ؟
        عاد إيقاع "بو سعدية" يضرب صدرها بقوة ...
        ماذا يقلن هؤلاء التافهات ؟
        • لا أعلم بالضبط ولكن أريد أن اخبرك شيئا بخصوص عبد العزيز ...
        • ما به ؟
        • لقد سألني عنك منذ يومين ..
        أخذ بو سعدية يقرع طبله بعنف ,
        • قال لي : اسمع يا وليد .. أنت تعرف كل الفتيات هنا ... أريد أن أسالك عن إحداهن .. تعرف اسمي وتحييني كل يوم .. وأنا أحس بالخجل منها لأني لا أعرف اسمها ... هل لك أن تخبرني به ؟
        وعرفت أنه يسأل عنك ...
        سامحيني .. قلت له إن اسمك روعة , أحسست أن اسم رجعة ** شعبي للغاية فغيرته .. الأجدى كان أن أستأذنك قبل أن أغيره , ولكن هكذا كان .. سامحيني يا روعة .. أقصد يا رجعة ..
        وخفت حدة طبول " بو سعدية" ..
        • أخرج يا وليد .
        خرج وليد .. أغلقت الباب .. وأجهشت بالبكاء.
        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
        * بوسعدية : شخصية حقيقية لرجل زنجي كان يحمل الطبل ويتجول في شوارع بنغازي متسولا لنفسه ولسكان الزرائب من الفقراء إبان النصف الأول من القرن العشرين .
        ** رجعة : علم مؤنث شائع في شرق ليبيا قديماً .. ونادر جداً حديثاً
        __________________
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد الزروق; الساعة 12-12-2008, 12:27.

        ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة
        ليمر النور للأجيال مرة.

        تعليق

        • م. زياد صيدم
          كاتب وقاص
          • 16-05-2007
          • 3505

          #5
          اخى القاص محمد زروق..

          ** محمد.................


          صدق انى اعتقدت جزما بان اسمها كان روعة.. فعبد العزيز رجل ملتزم بخجل..!!

          تحايا عطرة................
          أقدارنا لنا مكتوبة ! ومنها ما نصنعه بأيدينا ؟
          http://zsaidam.maktoobblog.com

          تعليق

          • محمد الزروق
            تلميذكم المحب
            • 10-10-2007
            • 877

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة م. زياد صيدم مشاهدة المشاركة
            ** محمد.................


            صدق انى اعتقدت جزما بان اسمها كان روعة.. فعبد العزيز رجل ملتزم بخجل..!!

            تحايا عطرة................
            الفاضل الزميل زياد :
            ربما نسيت الإشارة إلى أننا - في بلدنا قد نستخدم كلمة روعة للتغزل او التشبب - سيان .. وهي أيضا علم مؤنث ..
            أسعدتني بقراءتك ومرورك ..
            تقبل فائق تقديري وإعزازي ..
            دمت بتوفيق الله ..

            ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة
            ليمر النور للأجيال مرة.

            تعليق

            • محمد الزروق
              تلميذكم المحب
              • 10-10-2007
              • 877

              #7
              أتمنى إتاحة مزية تعديل النص .. فهناك أخطاء أود تصحيحها ..
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد الزروق; الساعة 14-12-2008, 15:09.

              ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة
              ليمر النور للأجيال مرة.

              تعليق

              • جلال فكرى
                أديب وكاتب
                • 11-08-2008
                • 933

                #8
                يا أستاذ محمد:
                تصورت عند بداية القراءة أننى لن أتمكن من إكمال العملية نظرا لطول النص وأنا أمل بسرعة خاصة إذا كان النص مقسم الى صفحات و مشاركات
                ما أدهشنى هو أنى أنهيت القراءة و بحثت عن تكملة ربما..
                ابن ليبيا العبقرى أنت تكتب القصة بأسلوب القصة القصيرة جدا تشويق و تكثيف و إيقاع سريع ولا تنسى المفارقة هنيئا لنا وجودك بيننا..
                بالحب نبنى.. نبدع .. نربى ..نسعد .. نحيا .. نخلد ذكرانا .. بالحقد نحترق فنتلاشى..

                sigpicجلال فكرى[align=center][/align]

                تعليق

                • محمد الزروق
                  تلميذكم المحب
                  • 10-10-2007
                  • 877

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة جلال فكرى مشاهدة المشاركة
                  يا أستاذ محمد:
                  تصورت عند بداية القراءة أننى لن أتمكن من إكمال العملية نظرا لطول النص وأنا أمل بسرعة خاصة إذا كان النص مقسم الى صفحات و مشاركات
                  ما أدهشنى هو أنى أنهيت القراءة و بحثت عن تكملة ربما..
                  ابن ليبيا العبقرى أنت تكتب القصة بأسلوب القصة القصيرة جدا تشويق و تكثيف و إيقاع سريع ولا تنسى المفارقة هنيئا لنا وجودك بيننا..
                  أخي جلال :
                  أنا ابن ليبيا ومصر وكل بلاد المسلمين .. هنيئا لي بقراءاتك البهية وتعليقاتك السخية ..
                  جزاك الله خيراً ..

                  ربما ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة
                  ليمر النور للأجيال مرة.

                  تعليق

                  يعمل...
                  X