
ليل معتم00شاطئ مهجور00صمت يتسكع حولي00ورائي مدينة مزدحمة تخلو منها الروح00أجلس وحيدة على مصطبة أمام البحر00عائلتي هناك تفترش الأرض00تتبادل الأحاديث وأكواب الشاي00ونسمات الهواء الصامتة00أفكر بذاتي..احاول أن أخمد كآبتي00لحظات00تشوشت أفكاري00الجو الصامت فجأة تغير00أضحى الضجيج يعم الأجواء00وابل من النسيم الرقراق هبط المكان00تاركا خلفه حالة ثقيلة من البشر يجرون هنا وهناك00أصوات أطفال يتمتعون بصدى أصواتهم الصاخبة00
لمحت صغيرا في عامه الثالث كما ظننت00يهرول بخطواته البطيئة وراء كرته المتدحرجة من تأثير حركة الهواء00كان ممتلئا بالحيوية 00متدفقا في حماس00نابضا بالحياة00البشر يلوح على وجهه00ويقفز من عينيه السرور00تتراقص كلماته وتتخللها ضحكات عذبة على شفتيه00مغنيا تارة ومناديا على كرته تارة أخرى00تكشف عن حالة وجدانية متأججة ببراءة الطفولة وحب الحياة00كان قريبا مني00لا أدري كيف امتدت ذراعاي نحوه وكأنهما طالا تلك اللحظة00أمسكته00في حين بدت ملامح الخوف والجزع ترتسمان على وجهه الجميل00اعتصره صدري00
تذكرت صغيري الذي نفق بعد ولادته بعدة ساعات00لم يكن الموت يفزعني بقدر ما كنت خائفة من الحياة بدونه00الحياة التي عشتها كل لحيظة معه وهو في أحشائي00حياة فيها كل يوم بداية 00بداية بلا نهاية00هكذا ظننت.
راح الصغير يعدو نحو أمه000بينما تركني أعدو بين أروقة الطب الحديث والقديم وحتى المشعوذين لم أمنع نفسي من التفكير بهم والاستعداد لزيارتهم00كل ذلك أملا في أن أحمل طفلا كان الأمل في تحقيقه ضعيفا..ولكن الله كان كريما0
تلك الليلة القاسية الخاوية من كل شيئ سوى كآبة وظلمة سوداء حين أخبروني أن طفلي متوف دماغيا ولكن قلبه ما زال ينبض00
وكما السفن تتهادى على أمواج البحار بحنان تارة إلا أنها قد تغدر بها إلى أعماق مجهولة تارة00فتكبر المأساة ويعتريك إحساس غريب لم تألفه من قبل00ملؤه الأسى والحزن إذا ما وقفت في حضرة زوجين يناشدانك أن تتبرع بقلب ابنك ليعيش ابنهما00
ما زلت أحس بابني الذي لم أره كلما ارتأيت طفلا في عمر قلبه00
*
تعليق