[align=center]بيْضةُ الديك و حادثةُ الصَبَاط.[/align]
لا يوجد شيء أندر و أغرب من بيضة الديك، إن وجدت أصلا، غير أننا هنا نفترض أنها قد توجد و لذا فهي مثال الندرة و الغرابة، و كلما تحدث الناس عن شيء شديد الندرة أو الغرابة إلا و ضُربت بيضة الديك مثلا، لأن الديك، حسب هذه الأعجوبة أو الأسطورة، لا يبيض إلا مرة واحدة في العمر، و من هنا جاء العجب.
و قد ألهمتني حادثة القرن الواحد و العشرين، حتى الآن على الأقل، حادثة رجم الشيطان الأكبر بوش الأصغر بالحذاء يوم 14 ديسمبر الجاري هذه المقالة حيث أشبه فيها الصحفي منتظر الزيدي العراقي ببيضة الديك النادرة و الغريبة و العجيبة و......العزيزة.
تلك الحادثة الغريبة من حيثُ وقوعُها و من حيث صداها و تفاعلُ الناس بها و معها.
فمن حيث وقوعها فهي غريبة إذ أوقعها صحفي، كما يعلم الجميع، في ندوة صحفية أمام كاميرات العالم في نقل مباشر مع رئيس أكبر دولة في العالم اليوم هيمنة و غطرسة و نفوذا و لا داعي للإطناب هنا في هذا إذ الناس كلهم يعرفون عن الولايات المتحدة الأمريكية القليل و الكثير.
و من حيث صداها و تفاعل الناس بها و معها، فقد أتاحت للأمة الإسلامية عموما و الأمة العربية منها خصوصا فرصة كبيرة للنتفيس عن مكبوتاتها الكامنة في نفوس الملايين من البشر المقهورين من طرف حكامهم أو من طرف قوى الشر في العالم، لقد تفاعل الناس تلقائيا مع الحادثة و مع بطلها أيما تفاعل كأنها تحرير للقدس أو للعراق نفسه.
أنا لا أناقش هنا مدى مبالغة الناس بفرحتهم بتلك الحادثة، أو شرعية تلك الفرحة، فأنا شخصيا فرحت و كتبت و شعرت مع الشعراء مهللا و مهنئا، لا ! لا أناقش هنا الفرصة التي أتاحتها لنا جميعا تلك الحادثة للتنفيس فكلنا نشعر بضعفنا و قلة حيلتنا و هواننا على الناس، أقصد الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و الغرب المتجبر، و إذا بالفرصة السانحة تأتينا على طبق من ..... جلد !
غير أنني أحاول اليوم، و بعد مرور بضعة أيام على تلك الواقعة التاريخية أن أفكر فيها مليا و بترو، أما آن لنا أن نكبح جماح تفاعلنا، أو انفعالنا، و ننظر بتمعن و اتزان في القضية كلها ؟
ماذا حدث خلال الأيام العشرة التي مرت على الواقعة؟ لقد تفاعل الناس، كل الناس مثقفيهم و أمييهم، معها و خرجوا في الشوارع هاتفين ببطولة الصحفي، مطالبين بالإفراج عنه، حاملين الأحذية من كل نوع و مقاس، ماشين حُفاة، كدت أكتب عُراة، تأسيا بالبطل و مساندة له، وقد كتب الكُتاب و شعر الشعراء و خطب الخطباء و رسم الرسامون و أبدع المبدعون حتى في الألعاب الرقمية مجاراة للعصر، و أقيمت الندوات و المحاضرات و أسست الجمعيات المطالبة بالإفراج عن الصحفي، أخينا مُنتظر الزيدي، عجل الله فرجه، إلى غيرها من التظاهرات. ثم ماذا؟ لقد تحولت انشغالات الناس، كل الناس، بهمومهم اليومية، و الله وحده يعلم كم هي كثيرة و متنوعة و قاسية، إلى "الحذاء" و أنستهم القضية الكبرى : فلسطين الشاهدة و الشهيدة، و أنستهم العراق المنكوب نفسه، و شغلتهم عن قضايا الأمة و ما أكثرها و أمرها من قضايا، أنستهم هذا كله و مركزتهم في بؤرة "الحذاء"، و اختُصِرت القضايا كلها في قضية واحدة : قضية الصحفي المقدام، و الرجل الهمام، و إنه لكذلك : رجل و بطل و شجاع و جريء و مقدام و همام إلى غيرها من الأوصاف، بل هو كامل الأوصاف، نعم، نعم، ثم ماذا؟
إن إخواننا في فلسطين الشهيدة و الشاهدة يعانون الأمرين و لاسيما في غزة المحاصرة منذ أكثر من عام و نصف، في أكبر عدوان عرفته البشرية في العصر الحديث، و الهدنة انتهت و العدو يهدد بضربها و كأنه لم يضربها من قبل، و العراق نفسه مهدد بالانقسام الطائفي و العرقي و الجغرافي إضافة إلى المآسي اليومية التي يعيشها، و الأمة ممزقة أشد التمزق في ربوعها كلها و هي تعيش الغُثائية الكاملة شكلا و مضمونا، قلبا و قالبا، و تأتي حادثة "الصَبَاط" و يا لها من حادثة؟!!!
"الصَبَاط" الذي نسف الانضباط و نفس الإحباط !
و الآن إلى ماذا أرمي؟ (ليس رمي الصَبَاط، لا تخافوا !) أتوقف هنا مُرجيا الحديث إلى فرصة أخرى و أترك المجال لإخواني و أخواتي لأرى بماذا يرُدَون، إن ردوا فلعلهم لا يزالون مشغولين ب"الصَبَاط" و للحديث بقية، إن شاء الله تعالى، لمواصلة الحديث عن "حادثة الصباط" و "بيضة الديك".
لا يوجد شيء أندر و أغرب من بيضة الديك، إن وجدت أصلا، غير أننا هنا نفترض أنها قد توجد و لذا فهي مثال الندرة و الغرابة، و كلما تحدث الناس عن شيء شديد الندرة أو الغرابة إلا و ضُربت بيضة الديك مثلا، لأن الديك، حسب هذه الأعجوبة أو الأسطورة، لا يبيض إلا مرة واحدة في العمر، و من هنا جاء العجب.
و قد ألهمتني حادثة القرن الواحد و العشرين، حتى الآن على الأقل، حادثة رجم الشيطان الأكبر بوش الأصغر بالحذاء يوم 14 ديسمبر الجاري هذه المقالة حيث أشبه فيها الصحفي منتظر الزيدي العراقي ببيضة الديك النادرة و الغريبة و العجيبة و......العزيزة.
تلك الحادثة الغريبة من حيثُ وقوعُها و من حيث صداها و تفاعلُ الناس بها و معها.
فمن حيث وقوعها فهي غريبة إذ أوقعها صحفي، كما يعلم الجميع، في ندوة صحفية أمام كاميرات العالم في نقل مباشر مع رئيس أكبر دولة في العالم اليوم هيمنة و غطرسة و نفوذا و لا داعي للإطناب هنا في هذا إذ الناس كلهم يعرفون عن الولايات المتحدة الأمريكية القليل و الكثير.
و من حيث صداها و تفاعل الناس بها و معها، فقد أتاحت للأمة الإسلامية عموما و الأمة العربية منها خصوصا فرصة كبيرة للنتفيس عن مكبوتاتها الكامنة في نفوس الملايين من البشر المقهورين من طرف حكامهم أو من طرف قوى الشر في العالم، لقد تفاعل الناس تلقائيا مع الحادثة و مع بطلها أيما تفاعل كأنها تحرير للقدس أو للعراق نفسه.
أنا لا أناقش هنا مدى مبالغة الناس بفرحتهم بتلك الحادثة، أو شرعية تلك الفرحة، فأنا شخصيا فرحت و كتبت و شعرت مع الشعراء مهللا و مهنئا، لا ! لا أناقش هنا الفرصة التي أتاحتها لنا جميعا تلك الحادثة للتنفيس فكلنا نشعر بضعفنا و قلة حيلتنا و هواننا على الناس، أقصد الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و الغرب المتجبر، و إذا بالفرصة السانحة تأتينا على طبق من ..... جلد !
غير أنني أحاول اليوم، و بعد مرور بضعة أيام على تلك الواقعة التاريخية أن أفكر فيها مليا و بترو، أما آن لنا أن نكبح جماح تفاعلنا، أو انفعالنا، و ننظر بتمعن و اتزان في القضية كلها ؟
ماذا حدث خلال الأيام العشرة التي مرت على الواقعة؟ لقد تفاعل الناس، كل الناس مثقفيهم و أمييهم، معها و خرجوا في الشوارع هاتفين ببطولة الصحفي، مطالبين بالإفراج عنه، حاملين الأحذية من كل نوع و مقاس، ماشين حُفاة، كدت أكتب عُراة، تأسيا بالبطل و مساندة له، وقد كتب الكُتاب و شعر الشعراء و خطب الخطباء و رسم الرسامون و أبدع المبدعون حتى في الألعاب الرقمية مجاراة للعصر، و أقيمت الندوات و المحاضرات و أسست الجمعيات المطالبة بالإفراج عن الصحفي، أخينا مُنتظر الزيدي، عجل الله فرجه، إلى غيرها من التظاهرات. ثم ماذا؟ لقد تحولت انشغالات الناس، كل الناس، بهمومهم اليومية، و الله وحده يعلم كم هي كثيرة و متنوعة و قاسية، إلى "الحذاء" و أنستهم القضية الكبرى : فلسطين الشاهدة و الشهيدة، و أنستهم العراق المنكوب نفسه، و شغلتهم عن قضايا الأمة و ما أكثرها و أمرها من قضايا، أنستهم هذا كله و مركزتهم في بؤرة "الحذاء"، و اختُصِرت القضايا كلها في قضية واحدة : قضية الصحفي المقدام، و الرجل الهمام، و إنه لكذلك : رجل و بطل و شجاع و جريء و مقدام و همام إلى غيرها من الأوصاف، بل هو كامل الأوصاف، نعم، نعم، ثم ماذا؟
إن إخواننا في فلسطين الشهيدة و الشاهدة يعانون الأمرين و لاسيما في غزة المحاصرة منذ أكثر من عام و نصف، في أكبر عدوان عرفته البشرية في العصر الحديث، و الهدنة انتهت و العدو يهدد بضربها و كأنه لم يضربها من قبل، و العراق نفسه مهدد بالانقسام الطائفي و العرقي و الجغرافي إضافة إلى المآسي اليومية التي يعيشها، و الأمة ممزقة أشد التمزق في ربوعها كلها و هي تعيش الغُثائية الكاملة شكلا و مضمونا، قلبا و قالبا، و تأتي حادثة "الصَبَاط" و يا لها من حادثة؟!!!
"الصَبَاط" الذي نسف الانضباط و نفس الإحباط !
و الآن إلى ماذا أرمي؟ (ليس رمي الصَبَاط، لا تخافوا !) أتوقف هنا مُرجيا الحديث إلى فرصة أخرى و أترك المجال لإخواني و أخواتي لأرى بماذا يرُدَون، إن ردوا فلعلهم لا يزالون مشغولين ب"الصَبَاط" و للحديث بقية، إن شاء الله تعالى، لمواصلة الحديث عن "حادثة الصباط" و "بيضة الديك".
تعليق