وستلد بعد الحمل حواء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هادي زاهر
    أديب وكاتب
    • 30-08-2008
    • 824

    وستلد بعد الحمل حواء

    ملاحظة لا بد منها قبل مراجعة المقال
    قبل اكثر من ربع قرن كانت موجة كبيرة من معارضة الشباب الدروز للخدمة الاجبارية في جيش الاحتلال وصلت إلى 650 متهرباً وكنت واحداً منهم واضطر وزير الحربية الصهيوني انذاك إلى وضع خطة لمواجهة هذه الالشكالية

    وستلد بعد الحمل حواء
    هادي زاهر

    قبل ما يربو عن ربع قرن وصلني استدعاء لعين للخدمة الإجبارية في جيش المارقين، لم يكن هذا (يوبيلاً فضياً) وإنما كان من تنك، تمرّدت على هذا الطلب وقد بدأت آنذاك بكتابة ردّ على هذا الاستدعاء، وصدفة وجدت مسودته مصندقةً في صندوقي القديم؟! ومؤخراً تسلم ابني أمرا للخدمة في هذا الجيش الرجيم، لم يغز أوراقي الاصفرار ولم يعتلها الغبار رغم مرور الزمن وما جاء به من محن، فأكملته، لقد وجدت فيه فشة غلّ، أسلوباً أقدم فيه للغُزاة وجبة هجاء، بعد أن استلوا من أعماقي زهر الفل، وجدته أسلوباً أفهم به البسطاء، الأغبياء والسفهاء ما معنى الانتماء، فأنا فلسطيني ، فلسطيني الصمود، فلسطيني المعاناة، فلسطيني الإباء، لا خطر عليّ من الذوبان، ماضيّ مرتبط بحاضري ومستقبلي امتداد لحاضري ولا أعاني من النسيان، جذوري في أعماق الأرض وجبهتي في السمّاء، فكيف تحطم فـيّ العنفوان؟!! صهيون! زعمت مزاعم متلفعة في الرياء، أردت إيهامي بأن إخوتي هم الأعداء، خسئت، فعدوي هو من سلبني الغبراء .


    ********************************

    أردتني كرة يركلها الحذاء، توجهها كيفما تشاء، سرَّبت لي السم من خلال البرامج الدراسية، لتستل مني الانتماء، ظننت ان جذوري أضحت يابسة منسية، فاستخدمت عشيرتي " فئران تجارب" وأردتني بسلاحك أن أحارب، أردت أن تبطش بنا جميعاً بعد أن نمسي فرقاء، أردت أن تبعث فينا داحس والغبراء، فلا تحلم بالغفران مهما يمر الزمان وان عاد صعوداً إلى نبعه الماء.

    ********************************

    سرقت من فصولنا الربيع سرقت الضفاف سرقت الينابيع، سرقت الحلة والحلال سرقت القطيع، سحقت الزهور سرقت البئر والغطاء؟!! سرقت حتى القبور" قتلت وورثت " أطماعك أس الشرور، ستقودنا إلى ثالثة البلاء، لن يصمت القادمون وان تآمر اليوم على الأرض الزعماء.

    *********************************

    لقد رأوا كيف نواجه ونعاني وتركنا الأشِقّاء، رأوا كيف يسحق الأطفال تحت جنازير الدبابات، خشي أعراب أمريكا أن يُشن عليهم اعتداء، شاهدوا كيف تحولت المساجد والكنائس إلى مقاهٍ (وبيوت.........) نقول ذلك بمرارة فحضر "السادات"؟!! لبس قفطان الطائي وجاء بالعطاء؟! وكانت المفارقات، وكان الجزاء، أن تبادل العرب مع إسرائيل السفارات!! وكان الخنوع وكان الركوع وقيل للجموع إن هذا يحمينا من الجوع، وان هذا تصرف حكيم مصدره الذكاء، قيل إننا فوتنا عليهم بل وغ النيل واسترجعنا سيناء ؟!!.

    *********************************

    ثم جاء "الطنطاوي" وحاول طي القضية، قدم الهدية، قال: " إن حماية الأقصى مسؤولية فلسطينية " أعتقد أننا صيصان يمكن أن تبتلعها الحية لكننا قطط لا نملك سبعاً من الأرواح كما يشاع وإنما ( مية ).

    ********************************

    لقد راق لك الزمان فبرطع كما تشاء، عث في الأرض فساداً ودهاء، ابسط نفوذك على اليابسة والبحار، لكن لن يبقى البركان مسجوناً ستلد بعد الحمل حواء، اعتقدت أنك بالدهاء بالنار والحديد ستخلق شرق أوسط جديد وانك إذا امتلكت الذرّة ستملك العتيد، لم تدرك ان من كانت قوة عظمى أصبحت مجرد عظمة نخرة وهذا الرماد كان جمرة، فالثبات لا يحلله أحد الا الواحد الأحد، ولنا في المماليك والأباطرة، أمثلة لا تعد ولا تحصى من فُرس وتُرك من روم وإغريق وقياصرة، من تتار ، فراعنة ، هكسوس ، انحليز ، فرنسيين ، افرنج وبرابرة.

    ********************************

    تمسكنت دهوراً، استعطفت فسُمح لك الصلاة بجوار " البراق" فزعمت مزاعم نفاق، قلت انه حائط " البكاء " فأية صلاة تصلي؟ إنها صلاة كفر من ألفها إلى الياء. وباشرت النبش والبحث عن وهم، زعت أنك تبحث عن هيكل طواه الماضي السحيق، طردت أصحاب الثراء ومن أعماقك الضمير، كسرت الإبريق، قتلت العصافير ، نسفت البيوت، اقتلعت أشجار الزيتون وهرقت الزيوت، حرمت الأولاد من الأعياد ومحوت من الطفولة الهناء، وماذا بعد؟ لم يبق سوى صناعة الصابون من أجسادنا، إنّه آخر إجراء.

    ********************************

    أتغتسل من شحم جسدي؟ أتصنع كرسيك من عظام ولدي؟ وبعد تريدني أن أخدمك أيها المجنون؟!! كيف تحلم بذلك ونار البغضاء ملء القلب وملء العيون، بل ملء الإناء.

    ********************************

    أيها الغاصب فيم السرعة؟ إلى أين أنت ذاهب؟ انتهى يوم الجمعة، والسبت أوليس هو يوم استراحة ودلعة؟.. آه ..انه يوم صلاة وإشعال شمعة،.. يوم تكفير عن الذنوب وإسقاط دمعة! حسناً قف وقل لي، أيهما أسهل، ارتكاب الجريمة أم الجرعة؟

    *******************************

    حاولت كسري عبر أعوام مضت، طردتني من عملي، حاولت سد مصادر العيش أمامي، حاولت قتل أحلامي، ولكني بقيت منتصباً صامداً وان تلوَّت داخلي الأمعاء، قهرتني اعترف، بل ابصم بالعشرة، أسقيتني كاسات الحنظل المرة، اعترف مرة تلو مرة، فهل زادك ذلك مسرة؟ لا بأس استل المدية بمهارة وفجرّ "المحارة" لتخرج الدرة، ارقص فرحاً على أوجاعي وأطرب على صوت تأوهاتي، استمد سعادتك من المضرة، قهرتني، أعترف في لحظة ضعفي، وفي لحظة قوتي، في الليل في الصباح والمساء لقد كان نجاحك باهراً وكان فعلك قاهراً ولكنك لم تشدني قيد أنملة إلى الوراء.

    ******************************

    أنا لا أخشاك أيها المحتل، أدرك ان ضميرك المختل سيقودك إلى ارتكاب جريمة جديدة، وان عواقبي وخيمة شديدة، ولكن جلدي تخدر!! لم أعد كباقي البشر، الفتُ العذاب وما عاد ينفع معي وخز الإبر، وترتد السهام من صدري إذا تطايرت من الوتر .

    ******************************

    هذا هو موقفي ولا حديث لي معك ولا مراء، لا نقاش ولا كلام، أتتلذذ على قتل أطفال أطرافهم غضة، وعلى قتل الأجنة داخل الأرحام؟!! وقد اعترفت، قال جنرالكم " عمرام ليفين " بصريح الإنشاء، لا رحمة عندنا، إننا نرتكب الجرائم بحق الأبرياء، وقال: (ومعذرة من القراء) قال " إننا خراء نترك الفلسطينيين على الحواجز حتى تجهضن النساء" ، من فمك أدينك، غير أني أدرك ان الشمس خلف الغيوم، أويصحو ضميرك عندما يبدأ عمودك الفقري بالانحناء؟ً! لا تحلم بالتكفير عن الذنوب، كان عليك أن لا تسحق القلوب كان عليك أن تصلح مؤشر الصواب في جهازك المعطوب ، لكي لا ترى المشهد بالمقلوب، كان عليك أن تدرك أن المياه لا تروب ، كان عليك أن لا تكون البعوضة التي تمتص الدماء، كان عليك أن لا تسلك هذه الدروب، كان عليك أن لا تجهل، إن كل شيء يكبر ويذبل، فهل اعتقدت انك أقوى من فرعون وأشد باساً من المقدون وأكثر صولة من كسرى أو قدرة من هِرقل؟ ولا مجال هنا للعد والإحصاء لن تغسل رجسك المحيطات وان استحالت الجبال ماء.
    التعديل الأخير تم بواسطة هادي زاهر; الساعة 13-03-2009, 20:11.
    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2

    الزميل الكاتب الرائع
    هادي زاهر
    والله لن يستطيعوا أن يمسحوا الذاكرة مهما فعلوا
    لن يقدروا أن يقتلعوا الجذور التي ضربت عميقا بالأرض تتمسك بها أيما متمسك.. ليفعلوا مايفعلوا فمادام هناك عرق دم ينبض فهو سيقاوم وسيبقى
    لله درك أخي
    نحن الأصلاء ولن تفعل الأيام فعلها بنا مادمنا نتفس هواء الوطن الغالي
    تحياتي لك سيدي الكريم
    أيها الساكن بعمق بأرضك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • حياة سرور
      أديب وكاتب
      • 16-02-2008
      • 2102

      #3
      [align=center]

      فلسطيني العزة والصمود ،،، فلسطيني الإباء ،،، فلسطيني الكلمة الثائرة ،،، الأخ القدير ... هادي زاهر

      العزة لــ فلسطين وغزّة و العراق و كل الشعوب الصامدة في وجه المغتصبين و

      بالمقابل كل الهوان و الذل لنا نحن شعوب و حكومات الأوطان المتحررة ( التي لها سيادة جغرافية و إرادة ورقية ).

      الصفعات تتوالى على وجوهنا على اختلاف أحجام الأيادي و تنوعها و حكوماتنا تتلذذ .

      ولكن ها هو البطل الزيدي نصره الله .. كشف للعالم بأسره ان المسلم لا يرضى بــ الذل والقهر والتخاذل ..

      وبالأمس حزب الله برهن أن القوة قوة عزيمة .. لا آليات تشبه فيلة أبره الحبشي..

      وهاهي غزة الدُرّة التي تتباهى بلمعانها بالرغم من الحصار والجوع والدمار والرماد تثبت أن الأمر بيد الله لا بيد مخلوقاته ..

      أخي الكريم هادي لقد وضعتّ الموازين محلها ،، وعرّفت الكلمات في مواضعها

      وأبدعت بنسج الصورة الحقيقية وشبك خيوط الواقع من كل الاطراف بــ عمقٍ وقوةٍ وأسلوبٌ فاق الجمال..

      انت مبدع وواعٍ ومدرك ،، سلم قلمك المميز وفكرك الرزين ..

      دمت بكل يقينٍمعين للمؤمنين الصابرين المحتسبين ..

      لك عظيم تقديري واحترامي على شعورك الأصيل النبيل ..[/align]


      تعليق

      • هادي زاهر
        أديب وكاتب
        • 30-08-2008
        • 824

        #4
        اختي عائدة
        لقد وضعت عصارة قلبي في هدة (المقامة )
        تحياتي
        " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

        تعليق

        • هادي زاهر
          أديب وكاتب
          • 30-08-2008
          • 824

          #5
          رد

          اختي الكاتبة حياة
          " الاوطان المتحررة التي لها سيادة جغرافية وارادة ورقية"
          كان اجمل تلخيص لما نحن نعاني منه اليوم
          تحياتي
          هادي
          " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

          تعليق

          • هادي زاهر
            أديب وكاتب
            • 30-08-2008
            • 824

            #6
            تعديل مهم جداُ
            " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

            تعليق

            • بلال عبد الناصر
              أديب وكاتب
              • 22-10-2008
              • 2076

              #7
              [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:100%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]الجميل الكبير [ هادي ]

              نحن أصاحبُ حق و الأرض و التاريخ .

              تقديري و إحترامي .[/ALIGN]
              [/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

              تعليق

              • هادي زاهر
                أديب وكاتب
                • 30-08-2008
                • 824

                #8
                رد

                أخي العزيز بلال
                لا أخفي عليك بان هذا المقال من أعز المقالات التي كتبتها في حياتي
                لقد دلقت حقدي على المحتلين
                لقد عصرت فيه فكري ووجداني
                عبرت عن موقفي السياسي ( الحاقد) على المجرمين الامرالذي كلفني الكثير من الملاحقات وسد مصادر الرزق امامي، من هنا فان لهذا المقال منزلة خاصة في قلبي
                اخي بلال رغم الوجع لقد سررت بمرورك، وامل ان يأتي اليوم الذي نعبر فيه عن الفرح
                أخوك
                هادي زاهر
                " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                تعليق

                يعمل...
                X