غول أسطورى إسمه الآخر
أربعة و عشرين سنة كان عمره حين أنهي الخدمة العسكرية و إنخرط فى الحياة المدنية ليجد عالما جديدا لم يعهده . مخلوقات ذات لحى تملأ الشوارع .. صباح الخير لم تعد تحية الصباح بل تحية الكفار..كفار فى بلاده ؟ مبلغ علمه أن كل من يسكن بلاده يعبد الله مسلما كان أو مسيحيا لكن كفار..!! أصبحت المساجد تعج بأطفال طوال يأمون المصلين..أين مشايخنا الذين علمونا الصلاه ..غربة .. أصدقاء الطفولة هاجروا إلى بلاد بها البترول وعادو يحملون المال و أفكارا عجيبة و مقدرة غريبة على التصنع وهز الرأس والفتوى و المُعارض هو فاجر كافر.. لكن لا وقت للجدال هو معدم لا يملك إلا ملابسه لا بد من مجاراة هذه الموجودات ليتحقق الهدف المال ثم المال .. الزواج .. الأسرة .. المستقبل ليكن منهم حتى يدور الدولاب.. مرت سنتان تعلم فيهما أن الغباء هو الحل لكل المشاكل عليه أن يكره الآخر وعلي الآخر بالتالى أن يكرهه و يشك فى نواياه.
خدع نفسه واعتقد لفترة أنه يستطيع أن يكون متعصبا وهو ابن المدينة التى إحتوت كل الجنسيات فالمبنى الذى سكنه طفلا بدا كهيئة الأمم فكان سكانه من الإيطاليين و اليونانيين و الأرمن وأولاد العرب من ليبيا و مصر و سورية ، تربي وكبر مع أبنائهم و احتفلوا بجميع الأعياد سويا إسلامية و مسيحية شرقية و أوروبية شامية و مصرية أمهاتهم أطعمنهم جميعا أطعمة من كل نوع و صنف وكان لهن جميعا حق التربية من زجر وتوجية لجميع أولاد العمارة.. كفار..؟ هل من ربطوا جرحه بعد تطهيره كفار..؟ الكفار علموا أمه أجمل طرق الطهى..؟ كان يجرى الى السوق طفلا ليشترى طلبات المنزل ل"مالاما" جارتهم الأرملة اليونانية لتمنحه قطعة من أجمل كعك تذوقه ..
هم كفار..وكان عليه أن يكرههم.. الى أن جاءت القشة التى أسقطت الحمل فضحك الحمال والحمار معا.
كان ذلك فى قرية وادى النطرون حيث تم ندبه للقيام بأعمال الإمتحانات العامة ، و نظرا لأن القرية صحراوية متطرفة فعلى مجموعة المعلمين الإقامة لمدة خمسة عشر يوما فى هذا المكان النائى وكان مقر الإقامة مدرسة ابتدائية صغيرة بلا ماء فعلى من يحتاج الماء حمل الدلو الى طلمبة الماء العامة و التى تبعد عن المدرسة بحوالى مائتى متر..والطلمبة عبارة عن ساقية يديرها شخص وفى مواجهته يقف شخص آخر يحمل الدلو حيث يجمع الماء..مجهود مضنى و الحر شديد يوم جاء دوره هو وشخص يدعى جورج لإحضار الماء للمجموعة..جورج؟ إنه من الأعداء..! كلا هما كان يلبس جلبابا صيفيا خفيفا..نظر كل منهما الى الآخر بإمتعاض و تركا الدلو و كأنه سيتبعهما.. استدار رافعا حاجبه الأيمن وبكبرياء قال صاحبنا: سأحمل الدلو نصف المسافة فقط .. رد جورج و شفاه العليا تكاد تلمس أنفه فى قرف: إتفضل.
سار الشابان بدون كلام و حرارة رمال الصحراء ساعة الظهيرة تحرق أرجلهم والشمس تشوى جلودهم ،
فى منتصف الطريق قذف صاحبنا بالدلوعلى الأرض.. التقطه جورج بعصبية و أتما المشوار الى الطلمبة العامة فى غليان ..صعدا درجا من سلمتين فصارا على المنصة قذف جورج بالدلو على الأرض قائلا: دورك ..نظر كلاهما بشكل بانورامى حولهما فلم يجدا إنسانا على مرمى البصر ..أنا و أنت و الصحراء و القيظ ..حمل صاحبنا الدلو وبدأ جورج فى إدارة الساقية فانساب الماء يملأ الدلو و يزيد الحمل على كاهل صاحبنا .. إمتلأ الدلو وطفح الكيل ..فى عصبية و قوة شمشون رفع صاحبنا الدلو الى أعلى و.. سكب الماء القراح على رأس رفيقه ..إرتعش جورج من برودة الماء وأخذ جلبابه يقطر ماءا كصنبور ..بحركة تلقائية حمل الدلو وبدأ صاحبنا فى إدارة الساقية وعندما إمتلا الدلو جاء دور جورج فى الانتقام فأغرق رفيقه ماءا ..
إستمر تبادل الأدوار لمدة ساعتين مع هذا الحمام المثلج لكن ..تعالت الضحكات و التعليقات والتفنن فى سكب الماء على رأس الرفيق بطرق مبتكرة .. لم يتوقفا حتى جاءت مجموعة المعلمين فى قلق شديد ليتحول قلقهم الى حمام جماعى أما جورج و صاحبنا فقد تركا الطلمبة و عادا سويا الى السكن هذه المرة لم يتوقفا عن الكلام
كانا يشبعا جوعا لديهما إسمه الصداقة أو التفاهم أو المشاركة أو..أو.. لم يستطيعا تحديد المصطلح لكنهما أحساه ..سألا نفس السؤال : ما الذى كان يمنعنا؟ و الإجابة كانت : غول أسطورى إسمه الآخر.
أربعة و عشرين سنة كان عمره حين أنهي الخدمة العسكرية و إنخرط فى الحياة المدنية ليجد عالما جديدا لم يعهده . مخلوقات ذات لحى تملأ الشوارع .. صباح الخير لم تعد تحية الصباح بل تحية الكفار..كفار فى بلاده ؟ مبلغ علمه أن كل من يسكن بلاده يعبد الله مسلما كان أو مسيحيا لكن كفار..!! أصبحت المساجد تعج بأطفال طوال يأمون المصلين..أين مشايخنا الذين علمونا الصلاه ..غربة .. أصدقاء الطفولة هاجروا إلى بلاد بها البترول وعادو يحملون المال و أفكارا عجيبة و مقدرة غريبة على التصنع وهز الرأس والفتوى و المُعارض هو فاجر كافر.. لكن لا وقت للجدال هو معدم لا يملك إلا ملابسه لا بد من مجاراة هذه الموجودات ليتحقق الهدف المال ثم المال .. الزواج .. الأسرة .. المستقبل ليكن منهم حتى يدور الدولاب.. مرت سنتان تعلم فيهما أن الغباء هو الحل لكل المشاكل عليه أن يكره الآخر وعلي الآخر بالتالى أن يكرهه و يشك فى نواياه.
خدع نفسه واعتقد لفترة أنه يستطيع أن يكون متعصبا وهو ابن المدينة التى إحتوت كل الجنسيات فالمبنى الذى سكنه طفلا بدا كهيئة الأمم فكان سكانه من الإيطاليين و اليونانيين و الأرمن وأولاد العرب من ليبيا و مصر و سورية ، تربي وكبر مع أبنائهم و احتفلوا بجميع الأعياد سويا إسلامية و مسيحية شرقية و أوروبية شامية و مصرية أمهاتهم أطعمنهم جميعا أطعمة من كل نوع و صنف وكان لهن جميعا حق التربية من زجر وتوجية لجميع أولاد العمارة.. كفار..؟ هل من ربطوا جرحه بعد تطهيره كفار..؟ الكفار علموا أمه أجمل طرق الطهى..؟ كان يجرى الى السوق طفلا ليشترى طلبات المنزل ل"مالاما" جارتهم الأرملة اليونانية لتمنحه قطعة من أجمل كعك تذوقه ..
هم كفار..وكان عليه أن يكرههم.. الى أن جاءت القشة التى أسقطت الحمل فضحك الحمال والحمار معا.
كان ذلك فى قرية وادى النطرون حيث تم ندبه للقيام بأعمال الإمتحانات العامة ، و نظرا لأن القرية صحراوية متطرفة فعلى مجموعة المعلمين الإقامة لمدة خمسة عشر يوما فى هذا المكان النائى وكان مقر الإقامة مدرسة ابتدائية صغيرة بلا ماء فعلى من يحتاج الماء حمل الدلو الى طلمبة الماء العامة و التى تبعد عن المدرسة بحوالى مائتى متر..والطلمبة عبارة عن ساقية يديرها شخص وفى مواجهته يقف شخص آخر يحمل الدلو حيث يجمع الماء..مجهود مضنى و الحر شديد يوم جاء دوره هو وشخص يدعى جورج لإحضار الماء للمجموعة..جورج؟ إنه من الأعداء..! كلا هما كان يلبس جلبابا صيفيا خفيفا..نظر كل منهما الى الآخر بإمتعاض و تركا الدلو و كأنه سيتبعهما.. استدار رافعا حاجبه الأيمن وبكبرياء قال صاحبنا: سأحمل الدلو نصف المسافة فقط .. رد جورج و شفاه العليا تكاد تلمس أنفه فى قرف: إتفضل.
سار الشابان بدون كلام و حرارة رمال الصحراء ساعة الظهيرة تحرق أرجلهم والشمس تشوى جلودهم ،
فى منتصف الطريق قذف صاحبنا بالدلوعلى الأرض.. التقطه جورج بعصبية و أتما المشوار الى الطلمبة العامة فى غليان ..صعدا درجا من سلمتين فصارا على المنصة قذف جورج بالدلو على الأرض قائلا: دورك ..نظر كلاهما بشكل بانورامى حولهما فلم يجدا إنسانا على مرمى البصر ..أنا و أنت و الصحراء و القيظ ..حمل صاحبنا الدلو وبدأ جورج فى إدارة الساقية فانساب الماء يملأ الدلو و يزيد الحمل على كاهل صاحبنا .. إمتلأ الدلو وطفح الكيل ..فى عصبية و قوة شمشون رفع صاحبنا الدلو الى أعلى و.. سكب الماء القراح على رأس رفيقه ..إرتعش جورج من برودة الماء وأخذ جلبابه يقطر ماءا كصنبور ..بحركة تلقائية حمل الدلو وبدأ صاحبنا فى إدارة الساقية وعندما إمتلا الدلو جاء دور جورج فى الانتقام فأغرق رفيقه ماءا ..
إستمر تبادل الأدوار لمدة ساعتين مع هذا الحمام المثلج لكن ..تعالت الضحكات و التعليقات والتفنن فى سكب الماء على رأس الرفيق بطرق مبتكرة .. لم يتوقفا حتى جاءت مجموعة المعلمين فى قلق شديد ليتحول قلقهم الى حمام جماعى أما جورج و صاحبنا فقد تركا الطلمبة و عادا سويا الى السكن هذه المرة لم يتوقفا عن الكلام
كانا يشبعا جوعا لديهما إسمه الصداقة أو التفاهم أو المشاركة أو..أو.. لم يستطيعا تحديد المصطلح لكنهما أحساه ..سألا نفس السؤال : ما الذى كان يمنعنا؟ و الإجابة كانت : غول أسطورى إسمه الآخر.
تعليق