
ما زلت مؤمنة أنني لن أصمد في هذا المجال طويلا.....ولكنها الحاجة ....التي أرغمتني للرجوع الى تلك المدرسة ...
عادت صاحبة المدرسة تلح علي بالعمل لديها مرة أخرى ..وافقت على مضض..دُهشت لتلك الوجوه والملامح التي لم اعتدها من ذي قبل..أحس من خلالها أن المعلمة لا يحسب لها حساباً لا لجليل أثرها ولا لهيبة وقعها..عكس تلك الأحاسيس القديمة حين كنا طالبات .
هنا ..كثيراً ما أخذت نفساً عميقاً أمتص به انفعالات هي حديثة عهد بي..
حَدَث َأنني رصدت درجات مادتي ..وحين عرضتها على الطالبات ..قامت إحداهن معترضة على درجاتها..ومن ثم شقت طريقاً نحو الإدارة بلا استئذان ..بصورة أحسست أنني غريبة حطت في وسط متغيرات غير مألوفة..
أخذت نظرات الطالبات الأخريات تتوارى خلف كتبهن..واختلطت همهماتهن ..إحداهن أذابت الجليد المتراكم في حناجرهن..وقالت :
-لكنها يا ابلة بنت ذوات..!
-و ماذا يعني ..أليست مثلكن !!!
توزعت النظرات ..فبدا وكأن هناك أملاً مجدداً في السماء..
تيار متدفق من الفكر الحائر بيني وبين المديرة والمرشدة ..حاولن معي إعادة النظر الى درجات تلك الطالبة..ولكنني تشبثت بموقفي..رمقنني بنظرات عدائية.
أيام وكنت أتعثر بحفر ومطبات اصطناعية هُيأت لي ....حاولتا تسجيل أي بادرة خاطئة مني لتُغرز نصل سهامها في أوراقي المشتتة فوق ملفي البائس..
رائحة عفنة انتشرت حولي تبعث في النفس الكآبة.
لم يجدن مخرجاً سوى خطاب شكر مذيلاً بإنهاء خدماتي كمعلمة مصحوباً بخطاب حسن سيرة وسلوك يفتح آفاقاً مشرعة للمطر.......
ولكنني آثرت الإحتفاظ بضفاف صحرائي المجدبة.
_________________
تعليق