اسمعوا .. واعوا !
اصحى يا نايم ، وحّد الدايم ، و قول نويت بكرة إن حييت : الشهر صايم ، والفجر قائم ، و رمضان كريم . و فى بغداد ، كان ابن نقطة ينادى لايقاظ الخليفة الناصر لدين الله العباسى ، و يقول : " يا نياما قوما .. قوما للسحور قوما " .
المسحراتى أو المنادى : هى تلك الشخصية الشعبية التراثية التى ينتظرها الناس كل رمضان لايقاظهم وقت السحور .. شخصية لطيفة تؤدى دورها - لمدة 30 يوم - عن طريق النداء و قرع الطبلة .
لو تخيلنا أن بعض القرى ، أصاب أهلها الصمم ، و جثمت على صدرها أمية الفكر ، حتى إن الوجع الذليل استفحل ، و سرى فى أوصالها ! فهل النداء قادر على ايقاظ أهل القرى و إن نادينا ليل نهار ؟ أم ستذهب الكلمات و الهتافات كـنفخة فى رماد أو صرخة فى واد ! هل يجدى الضرب فى حديد بارد ؟ أو ينفع تحريك جسد هامد !
قديما قال الشاعر :
لقد أسمعت لو ناديت حيا *** و لكن لا حياة لمن تنادى
و نار لو نفخت بها أضاءت *** و لكن أنت تنفخ فى رماد
و لأن الغد بيد الله وحده ، أى أن النتائج مجهولة ، و لا يمكن معرفتها ، لذا علينا أن نعمل اليوم .. من الآن .. و أول قرار اتخذته هو أن أبتلع صمتى الذى أصبح يرتد ضجيجا مدويا يجرح حنجرتى و يشوه معالم الحرية فى قلبي .
قررت أن أشترى طبلة كبيرة، فى حجم طاولة المفاوضات التى يلتف حولها العرب فى قممهم و مؤتمراتهم الطارئة . أشترى عصا كبيرة ، ربما فى حجم تلك التى تستخدم لتأديب المعتقلين فى السجون العربية ، أو حتى سجون الدول المتقدمة مثل سجن أبو غريب !
قررت أن أجوب البلاد لأنادى " اسمعوا و اعوا " و إن كان كلامى مكررا ، ففى الإعادة إفادة . قررت ذلك لأن على كل منا أن يؤدى دوره فى ايقاظ بعض المواقف العربية المتقاعسة .. لايقاظ أبله هنا و متواطئ هناك ! لايقاظ إعلام فاسد مقزز ، باتت مهمته التنويم المغناطيسى الساذج ، فى الوقت الذى يعتدى فيه على الأمة العربية الإسلامية .
أقول قولى هذا و نحن نودع عام 2008 و نستقبل سنة ميلادية جديدة و هجرية أيضا ، أقول قولى هذا بعد أيام قليلة من رشق صاحب البيت الأبيض بحذاء الصحفى العراقى .. لا أعرف ما الذى يحمله لنا العام الجديد ؟! بتنا نخاف من المجهول .. نخاف جدا !!
هل سيحمل لنا المزيد من الانشقاقات التى تسارعت و تيرتها فى المشهد العراقى ! هل ستنزلق لبنان و تغوص أكثر فى اشتباكات طائفية ، و التى تعيد أمام أعيننا مشاهد الحرب الأهلية التى فرقت البلد لأعوام طويلة !. هل سيصبح أوباما ابن إفريقيا ديموقراطيا حقيقيا !. هل يحمل لنا المزيد من الجوع و الفقر المضنى فى مصر !. هل سنظل نحصد أرواح آلاف المصريين سنويا الناجم عن حوادث الطرق نتيجة انعدام النظام ، و تفشى الفوضى - رغم قانون المرور الجديد ! هل ستزداد نسب التحرش بالفتيات و التى بلغت أقصاها مؤخرا ، وإن دلت على شىء فإنما تدل على إنعدام الرجولة -عند البعض- و انهيار قيم الدين داخل الفرد و الأسرة و المجتمع .
هل ستنتهي مجازر الإبادة الجماعية فى غزة الماضية فى قتل أهلنا فى فلسطين الحبيبة ، و فى تدمير المساجد و الجامعات و المستشفيات هناك ؟!
أقول قولى هذا و استغفر الله لى و لكم ، من كل صمت و خنوع سكن الضلوع ، من كل حرية جائعة التهمت خيراتنا و براكتنا ، من كل عدو محتل شرد أمتنا و قتل أطفالنا و شيوخنا و انتهك عرضنا و أرضنا ، من كل الذى نهش فينا الكرامة و هتك الضمير و بصق على تاريخنا و حاضرنا .
أقول قولى هذا .. ليتهم يسمعوا و يعوا قبل أن يخدعوا أكثر فأكثر .
تم نشرها بجريدة المصريون
تعليق