[align=center]
[align=center] آمين
جدتي - أطال الله في عمرها - لم تدرس لغات أجنبية أو علوما اقتصادية أو سياسية أو عسكرية ولم تقرأ تاريخ العرب المجيد عن حروب صلاح الدين أو أدب محمد عبده أوجمال الدين الأفغاني .كل ثقافتها أنها عاصرت جمال عبد الناصر وبكت يوم النكسة ويوم التنحي.
وبعدها صارت تشتم أمريكا لأتفه الأسباب.
أحيانا تشتمها بسبب وأحيانا بلا سبب.
شتمتها عندما سوّقت لنا ثرواتنا المرغوبة والرائجة ، وفتحت لها أسواقا في بلادها ، تحت رعايتها ، متقاسمة معنا ثرواتنا تقاسم الإقطاعي مع الأجير أو السيد مع العبد .
شتمتها عندما صنعت لنا استسلاما مدعية أن هذا سلاما.
شتمتها عندما رأت ما يفعله جنودها في العراق .
وشتمتها عندما رأت بوش يقرأ الفاتحة مع العرب على حصار الشعب الفلسطيني ويعطي "الأوكي "لسفك الدم الفلسطيني المغموس بالصمت العربي الذي يتردد صداه في القطبيتين.
شتمتها عندما رأت بوش يتناول سيفا عربيا يده من ذهب ويرقص به على الدم الفلسطيني.
وشتمتها عندما اخذ ألباز بيده متباهيا بكرم العرب بدمائهم وبثرواتهم وبزعامتهم وبغبائهم وحتى بطيور السماء الحرة أكثر من نسائهم وكل شعوبهم ليصطاد من يريده من أبناء الشعب الفلسطيني ثم ليزج بها بعد ذلك في غياهب سجن غوانتينامو أو سجن مجيدو أو كتصيعوت.
وشتمتها عندما رأت زعماء العرب يفرشون المنتجعات السياحية بالبسط الحمراء كي لا يتوسخ حذاء بوش المصنوع من جلودهم برمال الصحراء.
وشتمتها عندما صممت لنا إسلاما وديمقراطية على مقاسها ، كما يصمم مصمم الأزياء الملابس على الموضة التي يريدها .
وأنا كعادتي ، لا آخذ كلام جدتي على محمل الجد ،على اعتبار أنها عجوز بنصف وعي ، ولكن لا أرد لها كلامها ، احتراما لسنها أول كونها جدتي التي ليس لي غيرها ، فأوافقها على شتيمة أمريكا بصمت لا ترتاح له .
فتشدني من أذني وتقول:
" قل آمين"
فأقول وأنا أبتسم "آمين" رغم أني مؤمن أن الشتيمة لا تليق ولا تكفي!!
قبل ثمانية شهور
***
بعد ثمانية شهور
فجأة ظهرت جدتي ، بعد موت ثمانية شهور بالتمام والكمال، ووقفت في الباب تبتسم والغضب يتطاير من عينيها
سأللتها : كيف عدت وأنت ميتة!!؟؟
قالت: ما يحدث على الأرض يقض قبورنا، ويبعد النوم عن عيوننا!
- أنتم معشر الأموات تطلبون الهدوء! ونحن نحسدكم عليه!!؟
- ما يحدث في غزة أيقظ الأموات وأشعل قبورهم!
- لو تدرين أن الذي أشعل القبور يطلب الأمان، لضحكت رغم الحزن والموت!
- لكنه يعتدي على هدوء المقابر، فيدكها بالقنابل!
- ألا تخافين أن يقتلوك مرة ثانية!؟؟
- قتلوني عشرات المرات، فلم تعد تهمني قنابلهم العنقودية أو الفوسفورية!
- كأنك تعيشين في غزة!
- قلت لك أن ما يفعلونه هناك يستفز الأموات!
- لكن عندنا رؤساء لم تتعكر قيلولتهم!
- هؤلاء أموات وإن كانوا أحياء!
- صحيح! ما الذي جاء بك ؟ وليس عندنا شيء يسر القلب!
- تذكرتك وأنا أتخبط في قبري كيف ترددت وأنت تقول "آمين" عندما شددت أُذُنك، هل لا زلت على العهد؟؟
- طبعا ما زلت على ألعهد.
- أتعدني أن تبقى ؟
- إن اعترفت أن الشتيمة لا تكفي ولا تليق!
- أعدك!
- وأنا أعدكِ!
ثم تلاشت ، وكلانا يبتسم ابتسامة القهر والحزن!!!
17/1/2009 [/align]
[/align]
جدتي - أطال الله في عمرها - لم تدرس لغات أجنبية أو علوما اقتصادية أو سياسية أو عسكرية ولم تقرأ تاريخ العرب المجيد عن حروب صلاح الدين أو أدب محمد عبده أوجمال الدين الأفغاني .كل ثقافتها أنها عاصرت جمال عبد الناصر وبكت يوم النكسة ويوم التنحي.
وبعدها صارت تشتم أمريكا لأتفه الأسباب.
أحيانا تشتمها بسبب وأحيانا بلا سبب.
شتمتها عندما سوّقت لنا ثرواتنا المرغوبة والرائجة ، وفتحت لها أسواقا في بلادها ، تحت رعايتها ، متقاسمة معنا ثرواتنا تقاسم الإقطاعي مع الأجير أو السيد مع العبد .
شتمتها عندما صنعت لنا استسلاما مدعية أن هذا سلاما.
شتمتها عندما رأت ما يفعله جنودها في العراق .
وشتمتها عندما رأت بوش يقرأ الفاتحة مع العرب على حصار الشعب الفلسطيني ويعطي "الأوكي "لسفك الدم الفلسطيني المغموس بالصمت العربي الذي يتردد صداه في القطبيتين.
شتمتها عندما رأت بوش يتناول سيفا عربيا يده من ذهب ويرقص به على الدم الفلسطيني.
وشتمتها عندما اخذ ألباز بيده متباهيا بكرم العرب بدمائهم وبثرواتهم وبزعامتهم وبغبائهم وحتى بطيور السماء الحرة أكثر من نسائهم وكل شعوبهم ليصطاد من يريده من أبناء الشعب الفلسطيني ثم ليزج بها بعد ذلك في غياهب سجن غوانتينامو أو سجن مجيدو أو كتصيعوت.
وشتمتها عندما رأت زعماء العرب يفرشون المنتجعات السياحية بالبسط الحمراء كي لا يتوسخ حذاء بوش المصنوع من جلودهم برمال الصحراء.
وشتمتها عندما صممت لنا إسلاما وديمقراطية على مقاسها ، كما يصمم مصمم الأزياء الملابس على الموضة التي يريدها .
وأنا كعادتي ، لا آخذ كلام جدتي على محمل الجد ،على اعتبار أنها عجوز بنصف وعي ، ولكن لا أرد لها كلامها ، احتراما لسنها أول كونها جدتي التي ليس لي غيرها ، فأوافقها على شتيمة أمريكا بصمت لا ترتاح له .
فتشدني من أذني وتقول:
" قل آمين"
فأقول وأنا أبتسم "آمين" رغم أني مؤمن أن الشتيمة لا تليق ولا تكفي!!
قبل ثمانية شهور
***
بعد ثمانية شهور
فجأة ظهرت جدتي ، بعد موت ثمانية شهور بالتمام والكمال، ووقفت في الباب تبتسم والغضب يتطاير من عينيها
سأللتها : كيف عدت وأنت ميتة!!؟؟
قالت: ما يحدث على الأرض يقض قبورنا، ويبعد النوم عن عيوننا!
- أنتم معشر الأموات تطلبون الهدوء! ونحن نحسدكم عليه!!؟
- ما يحدث في غزة أيقظ الأموات وأشعل قبورهم!
- لو تدرين أن الذي أشعل القبور يطلب الأمان، لضحكت رغم الحزن والموت!
- لكنه يعتدي على هدوء المقابر، فيدكها بالقنابل!
- ألا تخافين أن يقتلوك مرة ثانية!؟؟
- قتلوني عشرات المرات، فلم تعد تهمني قنابلهم العنقودية أو الفوسفورية!
- كأنك تعيشين في غزة!
- قلت لك أن ما يفعلونه هناك يستفز الأموات!
- لكن عندنا رؤساء لم تتعكر قيلولتهم!
- هؤلاء أموات وإن كانوا أحياء!
- صحيح! ما الذي جاء بك ؟ وليس عندنا شيء يسر القلب!
- تذكرتك وأنا أتخبط في قبري كيف ترددت وأنت تقول "آمين" عندما شددت أُذُنك، هل لا زلت على العهد؟؟
- طبعا ما زلت على ألعهد.
- أتعدني أن تبقى ؟
- إن اعترفت أن الشتيمة لا تكفي ولا تليق!
- أعدك!
- وأنا أعدكِ!
ثم تلاشت ، وكلانا يبتسم ابتسامة القهر والحزن!!!
17/1/2009 [/align]
تعليق