ألوان غامقة .. !! محمد سلطان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    ألوان غامقة .. !! محمد سلطان

    ألوان غامقة محمد ابراهيم سلطان 18/4/2007,
    قصة قصيرة

    أليس من الغــريب أن تطــرأ علـــى وجوههـــم علامـــات التهكم و الانزعــاج ؟ فجأة وجدوهـــا ترتدي ثوبهـا الأسود و تزين ملامحها و لكن بألوان غاية في القتامة و الدكنة....الكـل يقـف مشرئبا , فان قرارها لن يكون في مصلـحة البعض لدرجة أن أحدهم مال على الآخر في استياء :

    ـ تفتكر إنها هتـ..

    لكن أحد المجاورين له ألكمه فأسمعني طقطقة أسنانه :

    ـ فال الله ولا فالك

    حقا فهي منذ لحظات كانت كفتاة لم تتعـد الخامسة عشرة, غايـــة في الهدوء والصفاء.. تشارك الكل أحوالهم المتقلبة.. بسيطـة جداً مع عبـده الفران و الأسطى محروس الحـلاق ..مضيئة في عينـي الشيـخ قدري الكفيــف شيـخ كتاب القريـة, أينما وجد أمامـه صينيـة الفتة المعمـرة باللحم والزبيب, ومتى ســاقتـه قدماه ناحيـة سرادق أو شـادر لمناسبات الولائم والذبائح, حيث لا يفوته عزاء أو تهنئة متشبثا بحجة "الواجب".

    أمـا أنا.. فكثيرا ما أجلس أتأملهـا في صمت, و أتهجـى في ملامحهـا ملامح قريتنا الغبية.. لقد انطفأت الوجنات المضيئة و تحولت إلى وجوم وكدر, لا أبصر فيها سوى الشقوق المنحوتة في كفى والدي, والشقاء المرسوم على جبهته منذ خمسين عاما..
    قرارها أصاب القرية بشلل نصفى في أطرافها البحرية ,أجلس أهلها البؤساء على المداخل يسألون العفو و الرضا, وجعلنى أتقهقر بذهني تجاه جدي المسن.. راقداً على ركبتيه النحيلتين في انكماش من شدة البرد القارص,بجوار كومة النار الواهجة يداعبنى :

    ـ أصبحنا في آذار و سيقع الجدار.

    ولأنني لا أجيد ارتداء الكلاسيك من الثياب, أو حتى إحكام ما يسمونه "رابطة العنق" تلك المدلاة من الرقبـة, كنت أخشى أن أخلع جلبابي أو أنسى مهارتي الفذة في إحكـام "الكوفية الوبر" حول عنقي.. ولأن ما بيني وبين كأس "الفودكا" مقدار عمر يحـاكى عمر قريتنـا الشقية, لم أقلع مرة عن إدمانى لكوب الشـاي "التقيل "..أتأبط حذائي و أجول بحثا عن الشيخ الكفيف ــ مهون عزائي الوحيد في القرية ــ و ما أكاد أجده حتى تنفرج أساريري المظلمة :

    ـ الولد ابن قنديل الكلب قنديل الجزار أعطاني رطليـن عضم وقاللى اعمل شوربة تسند رجليك ويدوب وصلت الدار وقلت لأم شعبـان اعملي لي شويـــة شوربـة محبشـة إلا ولقيت رطليـن العضم في ظهـري وشقايقـى خشبة خشبة.. أتارى ابن الملعونة مشيلنى طريحة خشب.

    وما ينتهي الكفيف من أقصوصته حتى أرتكز على الأرض غير مقاوم الضحـك.

    ثم ألمحهم.. يرقبونها.. هـم مزيج من الفـؤوس والشبـاك !.. بعضهم يحمـل المنـاجـل المسنونـة, والآخـرون يستنـدون إلى قوارب قد نفذ منها ضــوء الشمس.. أطــــراف القريـــة البحرية تلاطمها أمواج البحيرة في شبة مضمار يحف به سياج من غيطان القمح والفول ــ الباهت خضارها ــ فالترع والقنوات صارت يابسة ,وأضحت عامرة
    بالقــوارض, ولو بقيت على هذا التوالد لاستعمرت القريــة .. يالحسرة الريس سليـم, حينما يجد أن ما يصــارعه على البقاء "فأر"من فئران البرارى .. ترى بـأي نظــرات سيشيعه ولده "الهايف"؟! و بأي لــونِ ستنقلب سحنتـه المغمــــورة بتوجــع التعساء؟!!

    "ولم كل هذا الاهتمام بهم؟"ـــ"عند ك حق"

    فهم أيضا يستحقون ما أصابهم من هم وغم , ولا عزاء لهم إلا في هذا التجمع الذي يطرحونه بعد كل وجبة للتهامز والتنابز بخلق الله, فثق أنهم لـن يتركـوا أهداب الحديث عنك إلا عندما يرتطم جسدي النحيل بأحداقهم, ونصبح من العشرة المبشرين بالفتنة .

    الآن.. أظنها فرغت من التجمل بالعبوس والتحلي بالسواد , واختفت شمسها.. تدلت منها الأشـعة كأهداب مكتحلة.. لحظـات وعلا صراخـها الرعــدي في غضب وجهامة, وبدأت ترسل أمطارها

    ـ خلاص مطرت يا رجالة

    فانطلق بعضهم حاملين فؤوسهم ينظفون فتحات المياه والشقوق الموجودة بالأرض كأطباء يتمنون للجرح أن يندمل ، أما الآخرون فانتحوا بشباكهم منزوعي الظـل كل إلى بيته بتبلد واستياء .

    لقد فرجت السماء باكية عليـهم, وخلت الساحة تماما من البشر.. غيــر أنى ألمــح الشيــخ الكفيف متحفظـا على ابن قنديـل الجزار..علقه من ساقيه على أحد القوارب , وتالِ عليه ما يتيسر له من آيات الذكرالحكيم, ويمـطره هو أيضاً وابلاً من الضربات القاسية بواحدة من سعف النخيل.....
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد سلطان; الساعة 04-03-2009, 05:05.
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    لغة جميلة .. منسابة .. ونفس هادىء فى القص .. إلا أن الموضوع
    وبرغم سهولة القص .. هناك نوع من الشتات .. لا أدرى .. أعجبنى الشيخ .. و ما فعل به كثيرا .. تحمل القصة ذكاء كاتبها .. و قدرته على الفن الذى يخوض فيه !!
    ربما عدت إليها مرة ثانية
    تحيتى و تقديرى
    sigpic

    تعليق

    • محمد سلطان
      أديب وكاتب
      • 18-01-2009
      • 4442

      #3
      بداية هذه هى المشاركة الأولى بالموقع
      بكل صدق استفدت كثيرا بمطالعتى للمنتديات والسادة الكتاب
      أما بالنسبة للشتات الموجود فى أى عمل ابداعى سواء كان شعر أو قصة أو رواية أو مسرح......اخ قد لا يشعر به الكاتب نظرا لمعايشته الحالة أو ربما يكون سببا أولى لمخاض تلك الحالة.
      بكل الحب والشكر والاحترام والتقدير لك أستاذ ربيع عقب الباب أنبهتنى.
      كما أشكر مرورك الكريم وشرفتى بزيارتك للقصة.
      محمد...
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد سلطان; الساعة 10-02-2009, 15:32.
      صفحتي على فيس بوك
      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

      تعليق

      • محمد سلطان
        أديب وكاتب
        • 18-01-2009
        • 4442

        #4
        بداية هذه هى المشاركة الأولى بالموقع
        بكل صدق استفدت كثيرا بمطالعتى للمنتديات والسادة الكتاب
        أما بالنسبة للشتات الموجود فى أى عمل ابداعى سواء كان شعر أو قصة أو رواية أو مسرح......الخ ـ قد لا يشعر به الكاتب نظرا لمعايشته الحالة أو ربما يكون سببا أولى لمخاض تلك الحالة.
        بكل الحب والشكر والاحترام والتقدير لك أستاذ ربيع عقب الباب أنبهتنى.
        كما أشكر مرورك الكريم وشرفتى بزيارتك للقصة.
        محمد
        صفحتي على فيس بوك
        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          الزميل القدير
          محمد ابراهيم سلطان
          لاتثريب عليك.. كلنا نرتكب الهنات!!
          القصة برمزيتها المطرية جميلة التي تأتي بغير موعدها فتحمل معها اقتلاع لآمالنا!
          فيها من هموم المواطن وهمومنا الكثير.. وأوجاع حطها الزمن علينا.
          لكن عليك أن تفصل بين الجمل
          رصدت لك
          استاقته.. واتصور قصدك.. ساقته قدماه
          ونصبحا.. ونصبح
          القصة زميلي جميلة
          تحياتي لك وودي
          أرجوك لاتنزعج من تدخلي فهو للصالح .. أشكرك
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • محمد سلطان
            أديب وكاتب
            • 18-01-2009
            • 4442

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
            الزميل القدير
            محمد ابراهيم سلطان
            لاتثريب عليك.. كلنا نرتكب الهنات!!
            القصة برمزيتها المطرية جميلة التي تأتي بغير موعدها فتحمل معها اقتلاع لآمالنا!
            فيها من هموم المواطن وهمومنا الكثير.. وأوجاع حطها الزمن علينا.
            لكن عليك أن تفصل بين الجمل
            رصدت لك
            استاقته.. واتصور قصدك.. ساقته قدماه
            ونصبحا.. ونصبح
            القصة زميلي جميلة
            تحياتي لك وودي
            أرجوك لاتنزعج من تدخلي فهو للصالح .. أشكرك
            لم أنزعج أستاذة عائدة بل كسانى الفرح لإعجابك بما قصدته من هموم و أوجاع .
            صدقينى أستاذة عائدة مازلت تلميذا لكى فأنت فنانة بكل المعانى
            شكرا وتقبلى احترامى.
            محمد
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد سلطان; الساعة 04-03-2009, 05:04.
            صفحتي على فيس بوك
            https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

            تعليق

            • آمنه الياسين
              أديب وكاتب
              • 25-10-2008
              • 2017

              #7
              الاستاذ الكريم

              ؛؛ محمد ابراهيم سلطان ؛؛

              مساء الخير والعافيه

              بداية احب ان اسجل اعجابي بما قرأت اعلاه

              قصه جميله ورائعه كما توقعتها ...

              كنت اقرأ بسرعه لإكتشاف التالي من الاحداث

              استغرب لان الاعضاء الباقين لم يمروا بها...؟؟؟!!!

              ساقرأ مشاركاتك الاخرى يوماً بعد اخر ولأطلع عليها ...

              لك اهدي باقة من جوري عربون صداقه

              و

              تقديري

              ر
              ووو
              ح

              تعليق

              • محمد سلطان
                أديب وكاتب
                • 18-01-2009
                • 4442

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة امنه الياسين مشاهدة المشاركة
                الاستاذ الكريم

                ؛؛ محمد ابراهيم سلطان ؛؛

                مساء الخير والعافيه

                بداية احب ان اسجل اعجابي بما قرأت اعلاه

                قصه جميله ورائعه كما توقعتها ...

                كنت اقرأ بسرعه لإكتشاف التالي من الاحداث

                استغرب لان الاعضاء الباقين لم يمروا بها...؟؟؟!!!

                ساقرأ مشاركاتك الاخرى يوماً بعد اخر ولأطلع عليها ...

                لك اهدي باقة من جوري عربون صداقه

                و

                تقديري

                ر
                ووو
                ح
                سعدت بمداخلتك وكنتى زائرة طيبة للألوان الغامقة
                أتابع أعمالك و أنصهر بين الشخصيات فأجد طاقة جميلة تزداد جمال يوم بعد آخر
                أما بالنسبة لعدم زيارة باقى الزملاء فأنا مشفق عليهم
                فمن يا صديقتى ينشغل بهذة الملكة الطاهرة و ينعم الله عليه بها لا يجب أن يلومه أحدا فالمنافسة الطاهرة بين الزملاء لاخراج أجمل ما عندهم جعلتهم ينشغلون فقط بالفكرة كى تخرج الى الحياة فى أبهى صورها
                و طبعا هذا الرأى لا يمنع زعلى الشديد منهم للتقصير فكنت أتمنى أن أحصد من كل الحقول ما يكفينى للنماء
                ولكن يا صديقتى آمنة لقد عوضنى الله بالرائعة و القريبة جدا من سطورى ( الأستاذة عايدة محمد نادر) حفظها الله و حفظ لها تلك الملكة النامية ... دائما تسعفنى بالتوجية واعترف : لولاها لأنسحبت بكل هدوء من الموقع ولكنها هى عزائى الوحيد هنا وكفى لى بها من عزاء.
                أشكرك أختى آمنة و أشكرها على تثبيت قصتى الأخيرة( الكلاب لا تكره اللحم )
                صفحتي على فيس بوك
                https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                تعليق

                • محمد سلطان
                  أديب وكاتب
                  • 18-01-2009
                  • 4442

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                  لغة جميلة .. منسابة .. ونفس هادىء فى القص .. إلا أن الموضوع
                  وبرغم سهولة القص .. هناك نوع من الشتات .. لا أدرى .. أعجبنى الشيخ .. و ما فعل به كثيرا .. تحمل القصة ذكاء كاتبها .. و قدرته على الفن الذى يخوض فيه !!
                  ربما عدت إليها مرة ثانية
                  تحيتى و تقديرى
                  أستاذى ربيع .. تحيات مباركات من عند رب العالمين..
                  وهل غيرك إستقبلنى و وضعنى هنا ثم تركنى وانسحب؟؟؟؟؟
                  إبنك...
                  صفحتي على فيس بوك
                  https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                  تعليق

                  • زهار محمد
                    أديب وكاتب
                    • 21-09-2008
                    • 1539

                    #10
                    الأخ محمد
                    يامبدع ويا متواضع
                    واصل ولا تخف ولا تتراجع
                    [ღ♥ღ ابتسم فالله ربك ღ♥ღ
                    حين تبتسم سترى على وجهك بسمة لم ترى أحلى منها ولا أنقى
                    عندها سترى عيناك قد ملئتا دموعاً
                    فتشعر بشوق عظيم لله... فتهب إلى السجود للرحمن الرحيم وتبكي بحرقة رغبةً ورهبة
                    تبكي وتنساب على خديك غديرين من حبات اللؤلؤ الناعمة الدافئة

                    تعليق

                    • محمد سلطان
                      أديب وكاتب
                      • 18-01-2009
                      • 4442

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة زهار محمد مشاهدة المشاركة
                      الأخ محمد
                      يامبدع ويا متواضع
                      واصل ولا تخف ولا تتراجع
                      حبيبى و أخى
                      أستاذى زهار
                      إنتظرت هذا التعليق طويلا و إنتظرتك .. الحين فقط رأيتك هنا
                      وأتمنى أن أراك دوما هنا و هناك
                      لك الود من السماء الباكية إلى الأرض المجروحة
                      صفحتي على فيس بوك
                      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                      تعليق

                      • سمية البوغافرية
                        أديب وكاتب
                        • 26-12-2007
                        • 652

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
                        ألوان غامقة محمد ابراهيم سلطان 18/4/2007,
                        قصة قصيرة

                        أليس من الغــريب أن تطــرأ علـــى وجوههـــم علامـــات التهكم و الانزعــاج ؟ فجأة وجدوهـــا ترتدي ثوبهـا الأسود و تزين ملامحها و لكن بألوان غاية في القتامة و الدكنة....الكـل يقـف مشرئبا , فان قرارها لن يكون في مصلـحة البعض لدرجة أن أحدهم مال على الأخر في استياء

                        ـ تفتكر إنها هتـ

                        لكن أحد المجاورين له أوخذه لكمة أسمعتني طقطقة أسنانه :

                        ـ فال الله ولا فالك

                        حقا فهي منذ لحظات كانت تضاهى فتاة لم تتعـدى الخامسة عشر غايـــةفي الهدوء والصفاء تشارك الكل أحوالهم المتقلبة بسيطـة جدا مع عبـده الفران و الأسطى محروس الحـلاق مضيئة في عينـي الشيـخ قدري الكفيــف شيـخ كتاب القريـة أينما وجد أمامـه صينيـة الفتة المعمـرة باللحم والزبيب ومتى اســتاقتـه قدماه ناحيـة سرادق أو شـادر لمناسبات الولائم والذبائح حيث لا يفوته عزاء أو تهنئة متشبثا بحجة "الواجب"

                        أمـا أنا, فكثيرا ما أجلس أتأملهـا في صمت و أتهجـى في ملامحهـا ملامح قريتنا الغبية لقد انطفأت الوجنات المضيئة و تحولت إلى وجوم وكدر لا أبصر فيها سوى الشقوق المفحوتة في كفوف والدي والشقاء المرسوم على جبهته منذ خمسين عاما ان قرارها أصاب القرية بشلل نصفى في أطرافها البحرية ,أجلس أهلها البؤساء على مداخلها يسألون العفو و الرضا وجعلنى أتقهقر بذهني تجاه جدي المسن راقدا على ركبتيه النحيلتين في انكماش من شدة البرد وإلى صحبة كومة النار الواهجة مداعبنى :

                        ـ أصبحنا في آذار و سيقع الجدار

                        ولأنني لا أجيد ارتداء الكلاسيك من الثياب أو حتى إحكام ما يسمونه "رابطة العنق" تلك المدلاة من الرقبـة كنت أخشى أن أخلع جلبابي أو أنسى مهارتي الفذة في إحكـام "الكوفية الوبر" حول عنقي ولأن ما بيني وبين كأس "الفودكا" مقدار عمر يحـاكى عمر قريتنـا الشقية لم أقلع مرة عن أدمانى لكوب الشـاي "التقيل "أتأبط حذائي و أجول بحثا عن الشيخ الكفيف مهون عزائي الوحيد في القرية و ما أكاد أجده حتى تنفرج أساريري المظلمة :

                        ـ الولد ابن قنديل الكلب قنديل الجزار أعطاني رطليـن عضم وقاللى اعمل عليها شوربة تسند رجليك ويدوب وصلت الدار وقلت لأم شعبـان اعملي لي شويـــة شوربـة محبشـة إلا ولقيت رطليـن العضم في ظهـري وشقايقـى خشبة خشبة أتارى ابن الملعونة مشيلنى طريحة خشب

                        وما أن ينتهي الكفيف من أقصوصته إلا وأرتكز على الأرض غير مقاوم االضحـك

                        ثم ألمحهم يرقبونها انهـم مزيج من الفـؤوس والشبـاك ! بعضهم يحمـل المنـاجـل المسنونـة والآخـرون يستنـدون إلى قوارب قد نفذ منها ضــوء الشمس أطــــراف القريـــة البحرية تلاطمها أمواج البحيرة في شبة مضمار يحف به سياج من غيطان القمح والفول ــ الباهت خضارها ــ فالترع والقنوات صارت يابسة وأضحت عامرة

                        بالقــوارض ولو بقت على هذا التوالد لاستعمرت القريــة يالحسرة الريس سليـم حينما يجد أن ما يصــارعه على البقاء "فأر"من فئران البرارى ترى بـأي نظــرات سيشيعه ولده "الهايف"و بأي لــون ستنقلب سحنتـه المغمــــورة بتوجــع التعساء؟!!

                        "ولما كل هذا الاهتمام بهم؟"ـــ"عند ك حق"

                        فهم أيضا يستحقون ما ينوط بهم من هم وغم ولا عزاء لهم إلا في هذا التجمع الذي يطرحونه بعد كل وجبة للتها مز والتنابز "بخلق الله", فثق أنهم لـن يتركـوا أهداب الحديث عنك إلا عندما يرتطم جسدي النحيل بأحداقهم ونصبحا من العشرة المبشرين بالفتنة

                        الآن أظن أنها فرغت من التجمل بالعبوس والتحلي بالسواد واختفت شمسها تدلت منها الأشـعة كأهداب مكتحلة لحظـات وعلا صراخـها الرعــدي فيغضب وجهامة وبدأت ترسل أمطارها

                        ـ خلاص مطرت يا رجالة

                        فانطلق بعضهم حاملين فؤوسهم ينظفون فتحات المياه والشقوق الموجودة بالأرض كأطباء يتمنون للجرح أن يندمل ، أما الآخرون فانتحوا بشباكهم منزوعي الظـل كل إلى بيته فيتبلد واستياء

                        لقد فرجت السماء باكية عليـهم وخلت الساحة تماما من البشر غيــر أنى ألمــح الشيــخ الكفيف متحفظـا على ابن قنديـل الجزار معلقهم من ساقيه على أحد القوارب وتال عليه ما يتيسر له من آيات الذكر وممـطرا عليه هو الأخر وابلا من الضربات القاسية بواحدة من سعف النخيل.....


                        محمد إبراهيم عبد الكريم سلطان
                        الأخ الكريم المبدع محمد إبراهيم سلطان
                        تحيات طيبات
                        ها أنا وصلت إلى قصتك.. عرفت اللحظة فقط، أنك جديد في المنتدى.. فأنا أيضا قد عرضت أول مشاركتي خلال هذا الشهر.. القليلون جدا من تعرفت عليهم.. ضيق الوقت يحد كثيرا من رغبتي في التجول في هذا الصرح الأدبي الكبير..
                        بعد قراءتي لقصتك أكاد أجزم أن لك قدرة فائقة في عرض أفكارك بالشكل الذي يستحوذ على القارئ ويأسره .. البداية كانت جد موفقة في نظري والبناء جيد جدا ومقدرتك على عرض الصور والمشاهد فائقة جدا.. أعيب عليك فقط علامات الترقيم أراك تتجاهلها كثيرا وتبدو الجملة كأنها فقرة في حين هي جمل قصيرة جميلة معبرة أغفلت الفصل بينها بعلامات الترقيم...
                        لك احترامي وتقديري وإعجابي
                        ومزيدا من الإبداع أتمناه لك

                        تعليق

                        • محمد سلطان
                          أديب وكاتب
                          • 18-01-2009
                          • 4442

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة سمية البوغافرية مشاهدة المشاركة
                          الأخ الكريم المبدع محمد إبراهيم سلطان
                          تحيات طيبات
                          ها أنا وصلت إلى قصتك.. عرفت اللحظة فقط، أنك جديد في المنتدى.. فأنا أيضا قد عرضت أول مشاركتي خلال هذا الشهر.. القليلون جدا من تعرفت عليهم.. ضيق الوقت يحد كثيرا من رغبتي في التجول في هذا الصرح الأدبي الكبير..
                          بعد قراءتي لقصتك أكاد أجزم أن لك قدرة فائقة في عرض أفكارك بالشكل الذي يستحوذ على القارئ ويأسره .. البداية كانت جد موفقة في نظري والبناء جيد جدا ومقدرتك على عرض الصور والمشاهد فائقة جدا.. أعيب عليك فقط علامات الترقيم أراك تتجاهلها كثيرا وتبدو الجملة كأنها فقرة في حين هي جمل قصيرة جميلة معبرة أغفلت الفصل بينها بعلامات الترقيم...
                          لك احترامي وتقديري وإعجابي
                          ومزيدا من الإبداع أتمناه لك
                          زميلتى العزيزة أستاذة سمية
                          أشكرك على هذا الإطراء الراقى
                          دمتى بكل خير أختى
                          صفحتي على فيس بوك
                          https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                          تعليق

                          • الحسن فهري
                            متعلم.. عاشق للكلمة.
                            • 27-10-2008
                            • 1794

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة
                            ألوان غامقة محمد ابراهيم سلطان 18/4/2007,
                            قصة قصيرة

                            أليس من الغــريب أن تطــرأ علـــى وجوههـــم علامـــات التهكم و الانزعــاج ؟ فجأة وجدوهـــا ترتدي ثوبهـا الأسود و تزين ملامحها و لكن بألوان غاية في القتامة و الدكنة....الكـل يقـف مشرئبا , فان قرارها لن يكون في مصلـحة البعض لدرجة أن أحدهم مال على الأخر في استياء

                            ـ تفتكر إنها هتـ

                            لكن أحد المجاورين له أوخذه لكمة أسمعتني طقطقة أسنانه :

                            ـ فال الله ولا فالك

                            حقا فهي منذ لحظات كانت تضاهى فتاة لم تتعـدى الخامسة عشر غايـــة في الهدوء والصفاء تشارك الكل أحوالهم المتقلبة بسيطـة جدا مع عبـده الفران و الأسطى محروس الحـلاق مضيئة في عينـي الشيـخ قدري الكفيــف شيـخ كتاب القريـة أينما وجد أمامـه صينيـة الفتة المعمـرة باللحم والزبيب ومتى اســتاقتـه قدماه ناحيـة سرادق أو شـادر لمناسبات الولائم والذبائح حيث لا يفوته عزاء أو تهنئة متشبثا بحجة "الواجب"

                            أمـا أنا, فكثيرا ما أجلس أتأملهـا في صمت و أتهجـى في ملامحهـا ملامح قريتنا الغبية لقد انطفأت الوجنات المضيئة و تحولت إلى وجوم وكدر لا أبصر فيها سوى الشقوق المفحوتة في كفوف والدي والشقاء المرسوم على جبهته منذ خمسين عاما ان قرارها أصاب القرية بشلل نصفى في أطرافها البحرية ,أجلس أهلها البؤساء على مداخلها يسألون العفو و الرضا وجعلنى أتقهقر بذهني تجاه جدي المسن راقدا على ركبتيه النحيلتين في انكماش من شدة البرد وإلى صحبة كومة النار الواهجة مداعبنى :

                            ـ أصبحنا في آذار و سيقع الجدار

                            ولأنني لا أجيد ارتداء الكلاسيك من الثياب أو حتى إحكام ما يسمونه "رابطة العنق" تلك المدلاة من الرقبـة كنت أخشى أن أخلع جلبابي أو أنسى مهارتي الفذة في إحكـام "الكوفية الوبر" حول عنقي ولأن ما بيني وبين كأس "الفودكا" مقدار عمر يحـاكى عمر قريتنـا الشقية لم أقلع مرة عن أدمانى لكوب الشـاي "التقيل "أتأبط حذائي و أجول بحثا عن الشيخ الكفيف مهون عزائي الوحيد في القرية و ما أكاد أجده حتى تنفرج أساريري المظلمة :

                            ـ الولد ابن قنديل الكلب قنديل الجزار أعطاني رطليـن عضم وقاللى اعمل عليها شوربة تسند رجليك ويدوب وصلت الدار وقلت لأم شعبـان اعملي لي شويـــة شوربـة محبشـة إلا ولقيت رطليـن العضم في ظهـري وشقايقـى خشبة خشبة أتارى ابن الملعونة مشيلنى طريحة خشب

                            وما أن ينتهي الكفيف من أقصوصته إلا وأرتكز على الأرض غير مقاوم االضحـك

                            ثم ألمحهم يرقبونها انهـم مزيج من الفـؤوس والشبـاك ! بعضهم يحمـل المنـاجـل المسنونـة والآخـرون يستنـدون إلى قوارب قد نفذ منها ضــوء الشمس أطــــراف القريـــة البحرية تلاطمها أمواج البحيرة في شبة مضمار يحف به سياج من غيطان القمح والفول ــ الباهت خضارها ــ فالترع والقنوات صارت يابسة وأضحت عامرة

                            بالقــوارض ولو بقت على هذا التوالد لاستعمرت القريــة يالحسرة الريس سليـم حينما يجد أن ما يصــارعه على البقاء "فأر"من فئران البرارى ترى بـأي نظــرات سيشيعه ولده "الهايف"و بأي لــون ستنقلب سحنتـه المغمــــورة بتوجــع التعساء؟!!

                            لما كل هذا الاهتمام بهم؟"ـــ"عند ك حق"

                            فهم أيضا يستحقون ما ينوط بهم من هم وغم ولا عزاء لهم إلا في هذا التجمع الذي يطرحونه بعد كل وجبة للتها مز والتنابز "بخلق الله", فثق أنهم لـن يتركـوا أهداب الحديث عنك إلا عندما يرتطم جسدي النحيل بأحداقهم ونصبحا من العشرة المبشرين بالفتنة

                            الآن أظن أنها فرغت من التجمل بالعبوس والتحلي بالسواد واختفت شمسها تدلت منها الأشـعة كأهداب مكتحلة لحظـات وعلا صراخـها الرعــدي فيغضب وجهامة وبدأت ترسل أمطارها

                            ـ خلاص مطرت يا رجالة

                            فانطلق بعضهم حاملين فؤوسهم ينظفون فتحات المياه والشقوق الموجودة بالأرض كأطباء يتمنون للجرح أن يندمل ، أما الآخرون فانتحوا بشباكهم منزوعي الظـل كل إلى بيته فيتبلد واستياء

                            لقد فرجت السماء باكية عليـهم وخلت الساحة تماما من البشر غيــر أنى ألمــح الشيــخ الكفيف متحفظـا على ابن قنديـل الجزار معلقهم من ساقيه على أحد القوارب وتال عليه ما يتيسر له من آيات الذكر وممـطرا عليه هو الأخر وابلا من الضربات القاسية بواحدة من سعف النخيل.....


                            محمد إبراهيم عبد الكريم سلطان
                            بسم الله.

                            العزيز/ محمد ، حيّاك الله.
                            بلا مقدمات:


                            1.عـلامـات التـرقـيـم..(وقد أشارت إليها أختنا/ سمية)
                            أمر لا يناقش، لأهميتها وضرورتها.
                            2.العنوان:... غامقة، اسم فاعل، فيه تجدد وانقطاع.. وغمِقة، صفة فيها ثبوت واستمرار(فاختر أيهما تراه أنسب). والمصدر: الغَمَق)
                            3.أوخذه لكمة(؟؟؟)// لا أرى لها معنى!
                            4.لم تتعدى الخامسة عشر// لم تتعدَّ الخامسةَ عشْرةَ
                            5.الشقوق المفحوتة في كفوف والدي// .. المفتوحة في كفَّيْ والدي
                            6... وإلى صحبة كومة النار الواهجة مداعبتي(؟؟؟)
                            7.وما أن ينتهي الكفيف... إلا وأرتكز...// وما إنْ ينتهي... حتى أرتكز...(إنْ، زائدة هنا)
                            8.نفذ منها ضوء الشمس أطراف القرية(؟؟؟)
                            9.ولو بقتْ// بقِـيـَتْ
                            10.ولِمَا كل هذا الاهتمام؟// ولِمَ...
                            11.ما ينوط بهم(؟؟؟)
                            12.فثقْ أنهم..// فثقْ بِأنهم..
                            13.ونصبحا// ونصبحَ
                            14.معلقهم من ساقيْهِ(؟؟؟)
                            15.وممطرا عليه(؟؟؟)// (أمطره، يُمطرهُ بِـ..، يتعدّى بنفسه)


                            *هذا كله يسير، فلا تنزعجْ، وأرجو أن تتأمّل فيه، فتراجعه، وتعدله، أو تتصرف فيه بكل حريّة.. وما كان دون هذا، فهو أيسر:

                            *الآخر، تضاهي، إنّ قرارها، إدماني، عظم، للضحك، إنهم، في غضب، في تبلد، هو الآخر..

                            أخي/ محمد، لا تنسَ أن قصتك جميلة، وأفْضِيَتها متفاعلة ومُغريَة بالاكتشاف.. فمزيدا من الهمّة والتحدّي، والله الموفِّق..
                            ولا تـنـسَ عــلامــات الــتــرقــيــم!!
                            وكل الود والتشجيع من أخيك.
                            ولا أقـولُ لقِـدْر القـوم: قدْ غلِيَـتْ
                            ولا أقـول لـباب الـدار: مَغـلـوقُ !
                            ( أبو الأسْـود الدّؤليّ )
                            *===*===*===*===*
                            أنا الذي أمرَ الوالي بقطع يدي
                            لمّا تبيّـنَ أنّي في يـدي قـلــمُ
                            !
                            ( ح. فهـري )

                            تعليق

                            • محمد سلطان
                              أديب وكاتب
                              • 18-01-2009
                              • 4442

                              #15
                              الغالية عائدة
                              الراقية سمية
                              الأب الرائع الحسن الفهرى
                              أشكر تداخلكم وتصحيحى وترتيبى من جديد
                              أعترف .. لولا توجيهكم ما ظهرت الآن بهذا الشكل
                              قمت بالتعديل
                              حاولت إنقاذ ما يمكن.
                              لكن لى تنويه بسيط جداً
                              هذة القصة كانت هى أول قصة و أول تجربة لى مع القص فى حياتى.
                              لا أعرف كيف أشكركم و أخصك أستاذى الحسن للمجهود المبذول من أجل تسطير القصة من جديد.
                              ليتها الآن تكون قد استقرت كما يجب أن تكون بعد ما طرأ عليها من تعديل.
                              صفحتي على فيس بوك
                              https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                              تعليق

                              يعمل...
                              X