غزة وعاصفة الحرب

**د.مازن صافي** · 21-01-2009, 18:02

الرسالة الثانية

استمر الصمود في غزة مدة 23 يوما والفضائيات تنقل كل لحظة مشاهد الدمار والدماء والاشلاء والقصف العنيف ليل نهار .. في غزة شعرنا بأن المحتل الصهيوني يريد تدمير المدينة كلها .. واضطر الكثير لاخلاء بيوتهم تحت ضغط الرعب أو الارهاب الصهيوني . وقد أصيب واستشهد الكثير منهم على الطريق أو قبل اخلاء البيوت بلحظات ... واستمرت المقاومة في القتال دفاعا عن الديار والقضية والهوية واسلامنا العظيم .. واستمرت طائرات العدو في دك جميع مناطق قطاع غزة ... والغاية كانت تحطيم المقاومة ومنع اطلاق الصواريخ تجاه البلدات الاسرائيلية التي هي أراضي فلسطين المحتلة ...
لقد اتخذ الاجتياح عدة أشكال .. وحاصروا غزة عبر البحر والبر والجو .. لقد ظهرت غزة على شاشات الفضائيات واللهب يتصاعد من جميع انحائها ... ولم تتمكن اسرائيل من احتلال منطقة لمدة 24 ساعة كاملة .. حيث أبلت المقاومة بلاء حسنا ومشهودا في صد العدوان و تكبيده الخسائر الفادحة والتي وان اخفى العدو الكثير الكثير منها فقد أظهرت المقاومة بعض الصور التي تؤكد صدق اصابتها لجنود العدو وعتاده العسكري ..
لقد صمدت غزة في حرب كانت من أصعب أيام عاشها الناس في حياتهم بل أن المحللين ذهبوا إلى أن ألف طن من المتفجرات اسقطت من الطائرات على غزة كانت كفيلة بتركيع عدة دول مجتمعة .. لقد كانت أعداد الشهداء كبيرة جدا .. ففي كل يوم كانت هناك مجزرة وكلما تراجع العدو عن المنطقة التي اجتاحها كلما زادت أعداد الشهداء التي كانت عبارة عن جثث ممزقة الأشلاء أو مدفونة تحت الركام ..
" لم يطلع فجر بلا قصف أو موت أو قذائف الدبابات .. لقد نسينا كيف كانت حياتنا ... وكأننا لم نعرف أو نعيش سوى الغارات الجوية ... حتى ينتهي عذابنا ... كنا كالغرقى في بحر مائج نتذكر شريط حياتنا وندفن من يرتقي شهيدا ونعلن أن العزاء لساعات خشية على استهداف اسرائيل لبيوت العزاء وقد فعلتها كثيرا .. كان كل فجر يحمل مزيدا من الموت والضحايا والدمار والألم ... فقد عمَّت رائحة دخان الفسفور الابيض الحارق والقاتل والمحرم دوليا سماء غزة ..
لقد تعاملت مع احدى الحالات المحترقة بالفسقور الابيض .. كان الحرق غير طبيعي .. اللحم بلا جلد والجلد المتبقي مصفرا ومسودا ورائحة ثوم تبعث من المصاب وشظايا في كل جزء من جسده ... كان المشهد غاية في المأساة .. والحمد لله لقد نجى الطفل من الموت بمعجزة من الله .

21-1-2009

**د.مازن صافي** · 21-01-2009, 19:11

الرسالة الثالثة

قالوا عن غزة بعد الحرب: صدمة مشاهد الدمار ومستقبل بلا مقومات للحياة .. ألاف بلا مساكن وخسائر بالمليارات وتساؤلات وماذا بعد ..؟؟!!
وماذا بعد مشاهد الدمار في البيوت المهدَّمة والمزارع المحروقة وأعمدة الكهرباء المحطَّمة والسيارات المتفحِّمة ومياه المجاري المتدفقة من الأنابيب المكسورة والجو الذي تعلَق فيه رائحة الأجساد المتعفِّنة للبشر
بعد الحرب بدأت الأسر الخروج من أماكن اختبائها في غزة بما فيها مجمعات مدارس الأمم المتحدة حيث سعى 45 ألفا الى الاحتماء أثناء القتال والعودة الى منازلهم ليجد البعض منهم أنها دمرت او أصيبت بأضرار... فقد
تم تسوية نحو أربعة آلاف مبنى سكني بالأرض أثناء الحرب العسكرية. وقال دبلوماسيون غربيون أن إصلاح البنية التحتية في غزة يمكن ان يتكلف نحو 1.6 مليار دولار أمريكي.
وفي اليوم الأول لوقف الحرب استغلت أجهزة الإنقاذ الفلسطينية توقف القصف فجابت مناطق الدمار صباحا وانتشلت حوالي مئة جثة تعذر انتشالها من قبل بسبب المعارك وكشفت المصادر الطبية أن عدد الشهداء يفوق 1300 شهيد و5300 جريح على الأقل ... فيما أعلن العدو الصهيوني أنه خلال الــ 22يوما من الحرب شن الطيران الحربي 2500 غارة على مختلف مناطق قطاع غزة .. أدت إلى تدمير 20 ألف منزل في قطاع غزة بدرجات متفاوتة، من بينها 4 آلاف منزل دمرت بالكامل .. ولم يقف الدمار على المنازل، بل امتد إلى مدارس تابعة لوكالة الاونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين)، ومستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه

[align=left]21-1-2009[/align]

**د.مازن صافي** · 21-01-2009, 19:16

الرسالة الرابعة

سوف أتنقل الان الى بعض المشاهد المأساوية وأصورها بالحروف الحزينة ...
كان مسجدا آمنا يؤمه المصلون وفي منتصف إحدى ليال الحرب وبدون سابق إنذار كانت طائرات الاحتلال تتربص به وأطلقت عليه صاروخا دمرته بشكل كامل وبقي مدخله شاهدا على بشاعة الجريمة ،و في المنزل المجاور للمسجد الذي لم يبق منه سوى الركام كانت الطفلات الخمسة نائمات قبل أن تحول طائرات الاحتلال أحلامهن لكوابيس وتسرق منهن الحياة .وسطرت صواريخ الاحتلال جثث الطفلات الخمسة بجانب بعضها لتبقى دمائهن لعنة تطارد الغازين .لم تتوقف صاروخ الاحتلال على هدم المسجد فحسب فحولت المنازل المجاورة أثرا بعد عين وشردت عشرات الأسر في البرد القارص وباتت مدارس وكالة الغوث مأوى لهم .وبقيت المأذنة شاهدة على بشاعة وعنجهية الاحتلال ولا زالت شامخة في سماء المنطقة التي خيمت عليها أصوات الانفجارات وطائرات الاحتلال .في ثوان معدودة حولت صواريخ الاحتلال السيارة الى ركام بعد أن كانت متوقفة أمام المسجد ، فيما كانت المجزرة مستمرة !
[align=left]
21-1-2009[/align]

**د.مازن صافي** · 24-01-2009, 12:29

الرسالة الخامسة
الطفلة/ بيسان نسيم السلاق

حكايات الحرب لا تنتهي لكنها اليوم حكاية مختلفة .. إنها حكاية الطفلة الفلسطينية بيسان ذات الرداء الأحمر والعينين الواسعتين .... بكت وضحكت أمام عدسات الفضائيات وانتهزتها فرصة كالكبار لترسل رسالة الى والدتها وتطمئنها قائلة:" لا تبكي يا ماما أنا عايشه بس كيف بابا؟.

القصة تبدأ من ذاك الحقد الأسود وصاروخ الموت بل عدو يتربص بالأطفال وبالبراءة .. هذا الصاروخ كان قدرا لبيسان .. سقط على برج فلسطين بحي الرمال وسط غزة نال من حجابها الحاجز وشطره إلى نصفين وفتح أمعائها على صدرها وهتك جزءا كبيرا من رئتيها وكليتيها وأحدث ثقبا في معدتها الصغيرة كما مزق أمعائها والقولون.

الأطباء الأجانب والعرب الخمسة عشر والذين أشرفوا على إنقاذ حياتها امضوا سبع ساعات يجرون عمليات جراحية عاجلة لما يرونه أمامهم ولسان حالهم يقول :" كم أن حالتها حرجة"... حالة تدمي القلوب وبكل تأكيد لا نعرف كيف تشعر وما هي الآلام التي تعيشها في كل دقيقة،

لقد نقلت بيسان وعلى وجه السرعة إلى مستشفى الشفاء لتنقل فيما بعد إلى مستشفى العريش بمصر ومن هناك قد يطير بها الأطباء والوالد الجريح إلى فرنسا لإصلاح ما أفسده الصاروخ الإسرائيلي.

أم بيسان " أم واصف السلاق " تقول للصحفيين والناس " أطمئنكم ابنتي قوية وجريئة وأنا واثقة من الله ومن رغبة ابنتي بالحياة واعتقد أنها ستعود كما كانت وآمل ذلك".

تقول بيسان وهي على سرير الشفاء "دخلت في غيبوبة وأثناء قيام الأطباء بإجراء عملياتهم الجراحية لي رأيت هالة بيضاء حولي وكأنهم ملائكة بيض ذوي أجنحة رأيتهم يمدون أيديهم لقلبي كما قاموا بذلك مع الرسول محمد ولم اشعر بأي ألم ولكنني اشعر ان الملائكة بأمر من الله أنقذوا حياتي".

وللهالة البيضاء والمساحات الخضراء ووجوه منيرة قصة أخرى لــ شاب في أواخر الثلاثينيات من العمر كان أيضا نصيبه صاروخ وبتر لكلتا رجليه وقصة أخرى في رسالة جديدة إن شاء الله ..
[align=left]
إلى الملتقى ...
24-1-2009[/align]

**رنا خطيب** · 14-04-2009, 16:23

رسائل ثورية تصيح من عمق الوجد ، و من منبر الضمير اليقظ ، و من موقد الحرقة و الألم..

أيها الرجل الذي يسكن الإنسان في أعماقك، كم أنت معبرا و موجعا برسائلك عندما تريد مخاطبة ضمائر الناس.. فهل هناك من يسمع صوت الضمير؟؟!!

دمت ألقا يا مازن

مع التحيات
رنا خطيب

غزة وعاصفة الحرب

غزة وعاصفة الحرب

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

ما الذي يحدث