مشيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سمير الفيل
    عضو الملتقى
    • 30-06-2007
    • 46

    مشيرة

    [align=center]مشيرة

    بقلم : سمير الفيل [/align]

    البنت مشيرة أم ضفيرتين صغيرتين سارحتين على الظهر ماتت اليوم .
    مشيت في الجنازة البسيطة وكان قلبي يبكي ، ووجهها يلوح لي طوال المسافة الممتدة من جامع البحر التي خرج منه جثمانها وحتى قرافة الست الوالدة قرب " تعاليق شيحة ". بنت صغيرة بغمازتين ، ووجه باسم تستقر به عينان يسكنهما غيط برسيم أخضر في موسم النوار .
    نعم هي البنت مشيرة ابنة خالتي خيرية التي تغلبني في المذاكرة بنباهتها ، وعيونها التي تضحك وبشرتها البيضاء حتى إنني كنت وسط الأولاد كلهم والبنات القادر أن أخطف يدها وأضعها على حافة الشباك وبجوارها يدي السمراء ، وأهتف بها : مصر والسودان ، وعلى ضحكنا تأتي خالتي خيرية بكوبين من الشاي المحلى بالسكر وروح النعناع ، تسألني : أمك فين ؟
    وهو سؤال لا تنتظر إجابته إذ هي تعرف أنها لابد أن تأتي في موعدها قبل أن تبدأ حلقات المسلسل الإذاعي في الخامسة والربع مساء ، ثم تمتد السهرة والضحكات ، والفرفشة حتى موعد القرآن ، وقتها يسكت الجميع ، وكأن على رؤوسهن الطير ، وتبدأ التلاوة ، فتقوم مشيرة بدخول المطبخ لتعمل فناجين القهوة المحوجة بالحبهان ، وتكافئني بفنجان قهوة سكر زيادة ، ويكون من واجبي أن أفتح الأطلس ، واشرح لها تضاريس دول العالم التي تدرسها ، وأفهمها للمرة المليون مقتاح الخريطة : الأخضر يعني سهول ، الأزرق بحار ، البني جبال . تضحك وتقول : مفروض البني يبقى بن !
    النعش فوق سيارة مكتوب عليها بخط منمنم " سيارة تكريم الإنسان " ، لكن الأكتاف شالتها داخل الخشبة وأودعوها المنحنى المعدني الأبيض . لمحتها تشير بيدها أن أجلس أمامها بالضبط كي تشرح لي محيط الدائرة ومساحتها . قال لي الأستاذ بشرى بندلي أنني لن أفهم شيئا طالما لم أحضر المنقلة والمثلث قائم الزاوية والفرجار . وصدقت نبوءته ، فحين كبرت قليلا ، وامتنعت عن ارتداء الشورت ، ودخلت الإعدادية لم أفهم مطلقا لماذا نركز بسن الفرجال على المركز ، وندور بقوس واسع يصنع هذا المحيط المنحني . كنت في رعب أن يجذبني المركز كقاع جب بلا قرار إلى عمقه المستحيل . فضلت دائما أن أكون بعيدا عن هذا المركز ، بل بذلت محاولات مستميتة كي أخترق المحيط نفسه بأي طريقة وأهرب من الدائرة اللعينة ، وقد كانت نبيهة وذكية ، تعرف أن المساحة = ط نق2، وهو الأمر الذي لم أفهمه بسهولة ، مع قانون المحيط الذي هو 2 ط نق . وظل سوء الفهم يلازمني وسوء الحظ يتبعها ، والدائم هو الدائم ولا إله إلا الله .
    شقت الجنازة شارع الحدادين ، وعرصة ساحل الغلال ، في شهر رمضان كانت تنزل في هذا الزقاق تلعب بحق الورنيش القديم لعبة " الأونة " وكنت أراها تحجل بسرعة ، وتقفز برشاقة ، وأنا محمل بأطقم كراسي السفرة والحز فوق رقبتي يؤلمني ، تراني فتتوقف خجلى ثم يدب فيها روح التحدي وتكمل لعبتها ، ولما كانت أمي قد وصفتني بالمؤذي فقد كان من الخطأ ألا أفسد توقعاتها . من السهل أن أستند لجدار بيت قديم وأزحزح الكراسي واحدا واحدا بزعم أني أستريح ، وما علي كي أبدو شريرا إلا أن أمحو بقطعة البطانة التي تسند كتفي حتى لا تدمى وأوقف اللعبة .
    وقتها تندفع البنات الصغيرات : والنبي .. نكمل الأونة !
    وأمتنع حتى تحضر هي ، وتضع حقلي البرسيم في عيني مباشرة فأتصنع الغضب : صغيرة أنت حتى تلعبي معهن .
    أشعر بالنوار يتفتح فتزهزه الدنيا ، وتطير فراشات مبرقشة وتحط على كفي : نعم صغيرة ، لكنني أطول منك .
    تشب على أمشاطها فتطولني ، وتنحدر الجنازة نحو شارع البدري ببلاطاته المربعة البازلتية الصغيرة ، ونهم بأن ندخل الدرب الضيق من ناحية الحدادين فتوارب المقاهي أبوابها ويقوم الرجال ، ويصوبون السبابة في مواجهة النعش الموضوع بالسيارة ، ويتلون التشهد فيما تخفف العربات المنطلقة من سرعتها ، وتركن بجوار الطوار حتى يمر المشهد .
    في ركن الحجرة وجدتها تصفف شعرها ، كنا قد كبرنا ودخلنا الثانوي ، والسطح ضاق بألعابنا القديمة ، داخت أمي في علاج سعال الصدر ، لكنها تذكرت أن أمها قد حمصت قشر الرمان ،فاندفعت نحو العش الخيزراني الأعواد وسحبت حفنة من القشر ، وذهبت به للوابور الذي أشعلته ، ثم غلت القشور ، ومدت يدها بالكوب . كان شعرها أسود ، وضفيرتاها قد طالتا وانسدلا على كتفين صغيرين ، وكانت السماء في انحدارها البعيد تذكرني بالدائرة ، ويشغلني أن يكون هناك حد للأفق . راهنتها : من يمكنه أن يجري ويجري ليبلغ الأفق ؟
    قالت وهي تستعيد أسماء الأبطال في ذهنها : السندباد .
    قلت وأنا بين الشك واليقين : ولا هذا أيضا . تعالي نجرب أن نبلغ الأفق . أن نطول الانحدار البعيد بأيدينا . ركضنا مسافات بعيدة ، ونال منا التعب واكتشفنا أن هناك أشياء لا يمكن أن نطولها أبدا .
    تابعت الجنازة سيرها ، وصرنا في صرة الميدان الشهير ، ومن بعيد كان دكان الأب تاجر الحبوب مغلقا من سنوات بعيدة بنفس القفل الضخم النحاسي ، وقد صدأت المفصلات ، لمحت ابن عمنا الدكتور لطفي وقد جاء مغبرا من السفر ، أصبح في أول صف والشمس تلهب الوجوه ، ونداءات الباعة تأتي واهنة . كان باعة المشمش قصير العمر ، والبرقوق فاكهة الذوات ، وكانت بشائر البطيخ ، وأنا أخفي عرج خفيف يناوش قدمي .
    سألتني وأنا أحمل جمجمة أخيها طالب الطب بيدي : ألا تخشى أن يطلع لك صاحبها في الليل .
    تفحصت الفك واستدارة الصدغين ، ووضعتها بجوار مزهرية بها وردة قرنفل بيضاء : أنا لا أخاف . فقط لعلي حزين .
    فقد كانت الأحلام تتبخر ، والحجرة الملحقة بالسطوح تكشف عن شرخ كبير في السقف والجدار . قالت لي خالتي خيرية : لو انهد البيت أين نذهب ؟
    وجمت للسؤال ، والتفت للسلم الخشبي الحلزوني الذي كان يسرسب بعض التراب في تكتم شديد : لا تخافي يا خالتي .
    وفي لحظات الغروب تسرب إلى قلبي شجن عظيم ، وأنا أرى الإرهاق في وجهها وهي تذاكر دروس الكلية . كانت قد انعتقت من الجغرافيا ، والأطالس ، لكنها تسأل هذه المرة عن دورة حياة الكائنات . أطلعتني على فراشة محنطة وقد كتبت اسمها باللاتينية ، ومجموعة صخور ة صلبة لها أسماء عجيبة . ضحكت في وجهي وهي تسألني : هل نصير في يوم ما مثل هذه الأشياء . قبل أن أجيب سمعنا صوت ارتطام عنيف . كانت طيارتان ورقيتان قد تشابكت خيوطهما وسقطتا فوق السطح في لحظات الغسق الشاحبة . لم أجب عن السؤال المحير فقد انهمكنا في فك الخيوط المتشابكة وتخليص الطيارتين من مشكلة صنعتها الرياح .
    مدخل شارع صلاح الدين مكتظ بالباعة والدراجات والسيارات المسرعة ، تتقدم الجنازة ببطء ونهر النيل الذي خلفناه وراءنا يعكس ضوء الشمس ، وخالتي خيرية تشتكيني لأمي ، لأنها تعتقد أنني أغويت ابنها نصحي وشجعته أن يعبر النهر جيئة وذهابا ، كان رهانا قديما وقد كسبه ، حين أمسك برهان الفيومي ثيابنا ، ولما خرجنا خفنا سوء العاقبة فجلسنا نتشمس ، ولكن الجنايني طردنا فارتدينا ملابسنا على عجل ، وكشفت البقع المبتلة جريمتنا النكراء ، كان الرهان على من يستطيع أن يعبر النيل ، ويمكنه كذلك أن يحفن بيديه بعض أسماك الشبار . عبرنا بسهولة ، وتبقت المغامرة الأخيرة صعبة التحقق حتى انتزع نصحي القميص وجعل منه " شلبا " لاقتناص سمكتين . كانت الزعانف مشرعة ، والقشور الفضية تلتمع ، وقد غلبني .
    وفيما كانت خالتي خيرية تكيل لي الاتهامات رأيت مشيرة تبتسم في سرها فقد عرفت أن شقيقها قد كسب الرهان ، وأصبحت في نظرها خاسرا ، ولكي أفوت عليها فرصة الشماتة والتلذذ بانهزامي أخبرت خالتي بأنه قد حصل مني على خمسين قرشا كاملة بعد عبور النهر ،ثم انطلقت اهبط السلم ممسكا بالدرابزين ، واللعنات تلاحقني ، ونظرة الانتصار رأيتها تذبل ومشيرة تحدجني بنظرة محتجة ، تمزج الصمت بالاستنكار ؛ فهي تعرف أن " علقة " ساخنة ستكون بانتظار شقيقها أما أنا فمدرب على مثل هذه الأمور . تابعتني وأنا أمرق كالسهم من السلم ، رمتني بدعائها : يا رب تموت !
    اقتربنا من الجبانة ، وراح باعة السمك علي الجانبين يلمون طاولاتهم ويزحزحزنها إلى الخلف قليلا ، وقد قالت لي ، أنها اختارت أن تتزوج من مهندس معماري يعمل بالعراق ، وهي فرصة لتغير نمط حياتها . رحت أحدثها عن الحر الشديد ، وقرص الشمس الذي يلتهم البدن ، وينخر العظام . كانت مصممة ، ضحكت : العمر واحد والرب واحد .
    في فرحها كانت جميلة بثوب أبيض يزيدها رقة ، وجاء نصحي وعقد حاجبيه ، ومنحني سيجارة ، فسألته عن حـُـق النشوق الذي كانت أمه تفضله . لكزني بكوعه ضاحكا ، في حين دقت الدفوف ، وشعرت أن خالتي تكاد تطير من الفرحة ، كانت أمي تزغرد ، وهي تنظر للسماء البعيدة . وقتها تذكرت الدائرة بمركزها الممعن في مشاكسته ، والمحيط الذي فشلت دائما في العثور على بداية مؤكدة له .
    وفي العراق انقطعت أخبارها ، لكنني علمت أنها أنجبت البنين والبنات ، ومثلها فعلتُ .
    في مرة كنت أصعد درجات بنك مصر . وجدت امرأة متلفعة في الأسود الغطيس ، كانت تشير لأحد خلفي ، نظرت ورائي لم يكن سوى الجدار ، ولوحة التعامل بالدولار تضيء بأسهم صاعدة هابطة . مددت يدي ، متسائلا في حيرة : حضرتك . تقصدينني أنا ؟
    اقتربت ، وهي تعنفني : أترى خيالك ؟
    كانت مشيرة بشحمها ولحمها ، وقد تغيرت كثيرا وانحنى ظهرها بعض الشيء ، وكانت معها فتاة رائعة الجمال بفستان أزرق مشغول بورود كبيرة : أنسيت مشيرة يا نساي.
    سبحان الحي الواحد القيوم ، وحدبات القبور تظهر على البعد ، والخوص الأخضر في أيدي النسوة ، والبكاء الخافت يتصاعد ببطء درجة درجة . سلمت عليها بحرارة : لكنني لم أعرفك .
    مالت تضم الفتاة من منكبيها : مشيرة الصغيرة .
    ضحكت : بدون حقلي البرسيم .
    كانت جميلة وبرسيمها أفتح قليلا ، ولم يكن النوار قد تفتح بعد ، فموسمه لم يقبل .
    قلت لها وأنا أشير إلى السواد : ما بك؟
    زوجي الله يرحمه مات في العراق . خبطت رأسي بكفي : البقاء لله .
    وعليها نادى صراف البنك ، فتبادلنا العناوين وأرقام الهواتف التي لن تطلب أبدا ، وتقدمت السيارة حاملة الجثمان فتوقفت بجوار الطوار ، وأنزل النعش ،فحملته الأيدي بخشوع وورع ، وكان من المستحيل أن أنسى يدها وهي تربت علي حين فصلوني من الخدمة لدخولي دائرة السياسة بدون أن اعرف أن ط نق 2 غير ممكنة هناك ، حملقت في الأفق البعيد : أبتعد عن مكائدهم .
    ضحكتُ والكتاكيت تتقدم نحوها وهي تصوصو ، وخالتي تقدم لي شايا قليل السكر ، وهي تشتمني : فوق لنفسك . حرام عليك أمك .
    ولقد أكدت لها أن الدائرة لم تصنع كي نسجن فيها ، وأن علينا واجب دائم أن نصنع ثغرة مهما بدت ضئيلة فهي ضرورية لتحرير أرواحنا .
    قالت وهي مهمومة : الحكومة ستبهدلك .
    وحين جاءت أمي وذكرتني بلعبة مصر والسودان ، كانت حافة الشباك مشغولة بصبارات ونباتات زينة ، وقلل قناوي بغطيان من الفخار المحروق ، فلم نمارس لعبتنا القديمة رغم أن قلوبنا ضحكت .
    اتجهنا للمدفن ، وداست أقدام المشيعين الخوص القديم الأصفر ، وتفادينا طوبات فارقت قبور قديمة ، فيما رأيت المدخل على هيئة نصف دائرة ، وسـَّـع اللحاد الحفرة بيدين مدربتين ، صرخ في الواقفين : تصريح الدفن .
    امتدت يد مرتعشة ، فتح الورقة وقرأ الاسم ، بهدوء وروية كشفوا الغطاء ، وحملوا الجثمان ، ودلدلوه ، ثم أهال اللحاد التراب ، ووقف الملقن يمارس عمله ، وكانت هي مشغولة في هذا الوقت بالذات في إفهامي أن مساحة الدائرة ط نق 2 . وكان الوجع يملأ قلبي أن الأفق هناك بعيدا وبلا انتهاء ، ربما انحدرت دمعة فقد عجزت عن رؤية الصخرة وهي تسد الحفرة واللحاد يثبتها بالجبس وخليط الأسمنت ، ولقد رأيتها تلوح لي : إذهب ، سأكون بخير ، ولم يكن ممكنا إلا أن أرى حقلي البرسيم مليئان بخضرة زاهية ، وكان النوار يهتز بتأثير الريح ، وأوشكت أن أفقد اتزاني فسمعتها ، أوقن أنها لم تكن تكذب عليَّ : لقد بلغت حد الأفق . هناك نهاية مبرقشة بالتعب والزرقة يا بن خالتي .
    استعدت خضرة حقلي البرسيم وأنا أمضي وحدي نحو الشوارع المأهولة بالبشر المحزونين . كنت أعرف أنك ستدركين غايتك . وضعت رأسي على كتف خالتي التي ماتت من ربع قرن مضى . قالت لي وهي تنخرط في نحيب مؤثر : لقد سبقتك إلى هناك . أنا جهزت لها الأرائك!


    دمياط 19/ 5/ 2005
    [CENTER][COLOR="Blue"][SIZE="2"]
    سمير الفيل
    كاتب مصري
    [email]Samir_feel@yahoo.com[/email]
    مدونتي :
    [url]http://samir-feel.maktoobblog.com/[/url] [/SIZE][/COLOR][/CENTER]
  • اسلام المصرى
    عضو أساسي
    • 16-05-2007
    • 784

    #2
    استعدت كلمات القصة بعقلى وكيانى وجدتنى ادخل بكيان الانسان مع القصة وشقاوة الاطفال ومرحهم وحتى لقائهم الجدار ، ولوحة التعامل بالدولار تضيء بأسهم صاعدة هابطة . مددت يدي ، متسائلا في حيرة : حضرتك . تقصدينني أنا ؟
    اقتربت ، وهي تعنفني : أترى خيالك
    الاستاذ سمير لك حس قصصى راقى نتابع بكل انتظار روائع اعمالك
    [color=#00008B][size=7][align=center]"واإسلاماه"[/align][/size][/color]

    [align=center][img]http://www.almolltaqa.com/vb/image.php?u=46&dateline=1179777823[/img][/align]
    [CENTER][SIZE="5"][COLOR="Black"]دعائكم لى بالشفاء[/COLOR][/SIZE][/CENTER]

    تعليق

    • د. جمال مرسي
      شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
      • 16-05-2007
      • 4938

      #3
      يا الله
      لا أدري ماذا أقول
      أأرحب بك أولا يا صديقي القاص القاص سمير الفيل
      أم أكفكف الدمعة التي أجرتها قصتك المبكية على خدي .
      حسناً .. سأجعل الترحيب في مكان آخر حيث قاعة الترحيب بالكبار أمثال سمير الفيل
      أما هنا .. فلتسمح لي أن أعبر لك عن مدى إعجابي و تأثري بهذه القصة الرائعة سرداً و تصويراً
      و التي جعلتني أعيشها بحزافيرها لحظة لحظة ابتداءً من حقلي البرسيم و انتهاءً بهما . و مروراً بذكريات
      فتقتها الشوارع و الحواري التي سارت فيها الجنازة فعشت ذكريات الطفولة و الشباب و الكهولة
      و ما صاحب كل مرحلة فيها من أحداث و ذكريات .
      و تذكرت أن رحلة الحياة قصيرة قصيرة و إن طالت و أن الآباء يسلمون الدفة للأجيال لتظل الحياة مستمرة
      كما أرادها الله إلى أن يقضى عز و جل أمراً كان مفعولا ثم أخيرا عشت اللحظة المبكية جدا و التي لا يمكن أن تغيب عن عين بشر . لحظة إهالة التراب على الميت و انفضاض الأهل عنه و تركه بين يدي عزيز رحيم .
      رحلة قاسية تلك التي أخذتنا فيها معك أخي القاص المبدع سمير الفيل و لكنها رحلة لابد منها لكل عين متبصرة
      سعدت بالقراءة لك و بانضمامك إلينا
      و ليسمح لي الزملاء بتثبيت هذه الرائعة التي تستحق
      محبتي و تقديري
      أخوكم جمال مرسي
      sigpic

      تعليق

      • د.مصطفى عطية جمعة
        عضو الملتقى
        • 19-05-2007
        • 301

        #4
        القاص الجميل / سمير الفيل
        أهلا بك ومرحبا
        نرى في القصة هنا مسيرة حياة ، عمر ، ويبدو أن مشيرة ذات صلة بالسارد ، فجاء السرد والوصف حميميا ، وقد لاحظنا في بنية القصة أنها :
        - تعتمد على الفلاش باك ( الارتداد ) ، حيث استرجع السارد عمرا بأكمله في علاقته مع مشيرة .
        - لم يأتي الارتداد على اساس التداعي ، بل جاء في علاقة تبادلية مع السير في الجنازة ، تذكر جانبا من الجنازة ومن ثم تمعن في التذكر ، وهنا نلاحظ أن السارد اعتمد على تيار الوعي ، وقد بدأ يسترجع علاقته بمشيرة ، وهو استرجاع بوعي زمني متدرج من الطفولة إلى الممات .
        - لجأ السارد إلى السرد الاستباقي ، حيث بدأ القصة بجملة " البنت مشيرة ماتت " ، ونلاحظ أنه ذكر البنت ولم يذكر السيدة علما أنها ماتت في سن كبيرة ، ولكنها تحيا في أعماقه بشكل البنت الصغيرة ، وهكذا ذكريات الطفولة دائما . كما جاء السرد الاستباقي في مواضع أخرى .
        - إننا نرى في القصة زمنا ممتدا إلى عمر كامل ، في علاقة حب وافتراق بين السارد والمحبوبة ، ودلالة القصة حياتية : يظل الحب الأولي كامنا ، قد لا يتحقق ، ولكنه يظل في معزة خاصة في النفس .
        - تقاطعت مع الروح الرومانسية ذات العبير العقلاني المقدر طبيعة الافتراق ، أو القسمة والنصيب ، والتعامل مع البطلة على هذا الأساس ، تقاطع هذا مع لمسات من الوضع في مصر والسفر للعراق وكبر الأبناء .
        هل هذه قصة مشيرة أم قصة وطن أم قصة عمر ؟
        تحياتي

        تعليق

        • الأديب السيد حنفي
          عضو الملتقى
          • 04-06-2007
          • 378

          #5
          [frame="4 80"]الصديق الغالي والأديب الرائع سمير الفيل..
          بالطبع ان لم تكن المشاركة الأولى لسمير { بك } الفيل تأخذ طريقها للتثبيت فمن يكون......... ؟
          وبالتأكيد أخذت طريقها الى قلوبنا أيها المتميز..
          وحشتني جدا .. هل صار قدرنا أن لا نلتقي إلا على الصفحات الزجاجية..
          أملي أن نلتقي قريبا على خير..
          تحياتي وحبي
          [/frame]
          [align=center][CENTER][B][FONT="Arial"][SIZE="4"][COLOR="DarkRed"][frame="1 98"]أشهد أن لا إله إلا الله
          أشهد أن محمدا رسول الله
          أستغفرك ربي وأتوب إليك[/frame][/COLOR][/SIZE][/FONT][/B][/CENTER][/align]

          تعليق

          • سمير الفيل
            عضو الملتقى
            • 30-06-2007
            • 46

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة اسلام المصرى مشاهدة المشاركة
            استعدت كلمات القصة بعقلى وكيانى وجدتنى ادخل بكيان الانسان مع القصة وشقاوة الاطفال ومرحهم وحتى لقائهم الجدار ، ولوحة التعامل بالدولار تضيء بأسهم صاعدة هابطة . مددت يدي ، متسائلا في حيرة : حضرتك . تقصدينني أنا ؟
            اقتربت ، وهي تعنفني : أترى خيالك
            الاستاذ سمير لك حس قصصى راقى نتابع بكل انتظار روائع اعمالك
            الأخ الكريم اسلام المصري

            اشكرك على كلماتك الرقيقة.
            [CENTER][COLOR="Blue"][SIZE="2"]
            سمير الفيل
            كاتب مصري
            [email]Samir_feel@yahoo.com[/email]
            مدونتي :
            [url]http://samir-feel.maktoobblog.com/[/url] [/SIZE][/COLOR][/CENTER]

            تعليق

            • سمير الفيل
              عضو الملتقى
              • 30-06-2007
              • 46

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة د. جمال مرسي مشاهدة المشاركة
              يا الله
              لا أدري ماذا أقول
              أأرحب بك أولا يا صديقي القاص القاص سمير الفيل
              أم أكفكف الدمعة التي أجرتها قصتك المبكية على خدي .
              حسناً .. سأجعل الترحيب في مكان آخر حيث قاعة الترحيب بالكبار أمثال سمير الفيل
              أما هنا .. فلتسمح لي أن أعبر لك عن مدى إعجابي و تأثري بهذه القصة الرائعة سرداً و تصويراً
              و التي جعلتني أعيشها بحزافيرها لحظة لحظة ابتداءً من حقلي البرسيم و انتهاءً بهما . و مروراً بذكريات
              فتقتها الشوارع و الحواري التي سارت فيها الجنازة فعشت ذكريات الطفولة و الشباب و الكهولة
              و ما صاحب كل مرحلة فيها من أحداث و ذكريات .
              و تذكرت أن رحلة الحياة قصيرة قصيرة و إن طالت و أن الآباء يسلمون الدفة للأجيال لتظل الحياة مستمرة
              كما أرادها الله إلى أن يقضى عز و جل أمراً كان مفعولا ثم أخيرا عشت اللحظة المبكية جدا و التي لا يمكن أن تغيب عن عين بشر . لحظة إهالة التراب على الميت و انفضاض الأهل عنه و تركه بين يدي عزيز رحيم .
              رحلة قاسية تلك التي أخذتنا فيها معك أخي القاص المبدع سمير الفيل و لكنها رحلة لابد منها لكل عين متبصرة
              سعدت بالقراءة لك و بانضمامك إلينا
              و ليسمح لي الزملاء بتثبيت هذه الرائعة التي تستحق
              محبتي و تقديري
              أخوكم جمال مرسي
              [align=right]صديقي المبدع الدكتور جمال مرسي
              تحليل عميق ، ودلالات مضيئة قدمتها لتثري النص
              الف شكر لك..
              [/align]
              [CENTER][COLOR="Blue"][SIZE="2"]
              سمير الفيل
              كاتب مصري
              [email]Samir_feel@yahoo.com[/email]
              مدونتي :
              [url]http://samir-feel.maktoobblog.com/[/url] [/SIZE][/COLOR][/CENTER]

              تعليق

              • سمير الفيل
                عضو الملتقى
                • 30-06-2007
                • 46

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة د.مصطفى عطية جمعة مشاهدة المشاركة
                القاص الجميل / سمير الفيل
                أهلا بك ومرحبا
                نرى في القصة هنا مسيرة حياة ، عمر ، ويبدو أن مشيرة ذات صلة بالسارد ، فجاء السرد والوصف حميميا ، وقد لاحظنا في بنية القصة أنها :
                - تعتمد على الفلاش باك ( الارتداد ) ، حيث استرجع السارد عمرا بأكمله في علاقته مع مشيرة .
                - لم يأتي الارتداد على اساس التداعي ، بل جاء في علاقة تبادلية مع السير في الجنازة ، تذكر جانبا من الجنازة ومن ثم تمعن في التذكر ، وهنا نلاحظ أن السارد اعتمد على تيار الوعي ، وقد بدأ يسترجع علاقته بمشيرة ، وهو استرجاع بوعي زمني متدرج من الطفولة إلى الممات .
                - لجأ السارد إلى السرد الاستباقي ، حيث بدأ القصة بجملة " البنت مشيرة ماتت " ، ونلاحظ أنه ذكر البنت ولم يذكر السيدة علما أنها ماتت في سن كبيرة ، ولكنها تحيا في أعماقه بشكل البنت الصغيرة ، وهكذا ذكريات الطفولة دائما . كما جاء السرد الاستباقي في مواضع أخرى .
                - إننا نرى في القصة زمنا ممتدا إلى عمر كامل ، في علاقة حب وافتراق بين السارد والمحبوبة ، ودلالة القصة حياتية : يظل الحب الأولي كامنا ، قد لا يتحقق ، ولكنه يظل في معزة خاصة في النفس .
                - تقاطعت مع الروح الرومانسية ذات العبير العقلاني المقدر طبيعة الافتراق ، أو القسمة والنصيب ، والتعامل مع البطلة على هذا الأساس ، تقاطع هذا مع لمسات من الوضع في مصر والسفر للعراق وكبر الأبناء .
                هل هذه قصة مشيرة أم قصة وطن أم قصة عمر ؟
                تحياتي

                أخي الفاضل / د.مصطفى عطية جمعة..
                سعادتي باللغة بما قراته اليوم ..
                .. من قراءة نقدية تتسم بالعمق وتشي بذائقة رائعة.
                [CENTER][COLOR="Blue"][SIZE="2"]
                سمير الفيل
                كاتب مصري
                [email]Samir_feel@yahoo.com[/email]
                مدونتي :
                [url]http://samir-feel.maktoobblog.com/[/url] [/SIZE][/COLOR][/CENTER]

                تعليق

                • سمير الفيل
                  عضو الملتقى
                  • 30-06-2007
                  • 46

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة الأديب السيد حنفي مشاهدة المشاركة
                  [frame="4 80"]الصديق الغالي والأديب الرائع سمير الفيل..
                  بالطبع ان لم تكن المشاركة الأولى لسمير { بك } الفيل تأخذ طريقها للتثبيت فمن يكون......... ؟
                  وبالتأكيد أخذت طريقها الى قلوبنا أيها المتميز..
                  وحشتني جدا .. هل صار قدرنا أن لا نلتقي إلا على الصفحات الزجاجية..
                  أملي أن نلتقي قريبا على خير..
                  تحياتي وحبي
                  [/frame]
                  [align=right]صديقي العزيز السيد حنفي

                  طبعا لاانسى اننا تزاملنا فترة في أمانة مؤتمر ادباء مصر
                  وكانت لنا لقاءات جميلة قبل الاجتماعات وبعدها
                  تحية لشخصكم الكريم.
                  [/align]
                  [CENTER][COLOR="Blue"][SIZE="2"]
                  سمير الفيل
                  كاتب مصري
                  [email]Samir_feel@yahoo.com[/email]
                  مدونتي :
                  [url]http://samir-feel.maktoobblog.com/[/url] [/SIZE][/COLOR][/CENTER]

                  تعليق

                  يعمل...
                  X