
(1)
نَادِي أَيُّهَا المُسَافِرُ بِدَمِي
وَ أتْلُ صَلاتَكَ قَائِماً أَو مُرْتَحِلاً
لَعَلَّ الوَطَنَ يَوْماً
يَغْفِرُ ذَنْبَ "اغْتِرَابِي"
(2)
سَرَقَنِي لَيْلٌ "غَرْبِيْبٌ"(1) مِنْكَ يَا وَطَن
وَ حَادَ بِيَ الطَرِيْق
"تَغَرَّبْتُ" وَ أَحْسَبُنِي
عَلَى جَادَّةِ الجُنُوْبِ سَائِراً
ضِعْتُ
فَلا بَانَتْ لِي "صَنْعَاءُ" وَ لا "عَدَن"
(3)
"أَغْرَبْتُ"(2) رُوْحِي بِاشْتِيَاقِي
وَ حَنِيْنِي نَاراً لَمْ تَزَلْ
يَا أَرْضَ بِلْقِيْسَ لُطْفَاً
عَيْنَايَ سَكْبٌ
فَهَلاَّ كَفْكَفْتِ بِوَصْلِكِ "غُرُوْبِي"(3) ؟
(4)
نَفَانِي الجُوْعُ يَا وَطَنِي
وَ هَلْ غَيْرُ الجُوْعِ "يُغْربُنِي" ؟
(5)
تَلاطَمَتْنِي "غَوَارِبُ"(4) الدُّنْيَا
وَ ابْتَلَعَنِي مَارِدُ "اغْتِرَابِي"
فَكَانَ ذَنْبِي
أَنِّي بَحْثْتُ عَنِ اليُسْرِ
فِي غَيْرِ أَوْطَانِي
(6)
"غَرَّبَنِي" عِشْقِي عَنْكَ
فَمَا وَجَدْتُ غَيْرَكَ
حَبِيْباً يَسْكُنُ أَوْصَالِي
وَ مَا كَانَ "تَغْرِيْبِي" إلاَّ شَقَاءًا
(7)
أَتْوْقُ لِصَوْتِ "الغِرْبَانِ" فِي عَدَن
لِرَائِحَةِ صَنْعَاءَ حِيْنَ تَدْهَشُنِي
آهٍ كَمْ أَتُوْقُ لِنَزْعَةِ العِشْقِ فِي وَطَنِي
(8)
أَيُّهَا "الغُرَبَاءُ" عَنْ وَطَنِي
الحَامِلُوْنَ شَوْقَهُم وَ احْتِرَاقَهُم
دَثِّرُوْنِي بِالثُوْبِ اليَمَانِي
وَ القُوا عَلَى وَجْهِي حَفْنَةً مِنَ البُّنِ
لَعَلَ قَلْبِي يَرْتَّدُ بَصِيْراً
(9)
"اسْتَغْرَبْتُ"(5) فِي حُزْنِي
حَتَّى مَلَّنِي الحُزْنُ
لَسْتُ بِحَبِيْبٍ جَرَّحَتْهُ سُنَنُ الدَمْعِ
وَ أَضْنَاهُ الهَجْرُ
لَكِنِّي عَاشْقاً يَا وَطْنِي
(نَازِحُ الدَّارِ "غَرِيْبٌ" ذَا شَجَن)*
(10)
تَرَكْتُ السَقْمَ عَلَى "غَارِبِهِ"
يَغْزُو مَا شَاءَ مِنْ جَسَدِي
إلاَّ فُؤَادِي مَا قَدَرَ عَلَيْهِ
فَفِيْهِ إيْمَانٌ وَحُبٌ للهِ وَ لِوَطَنِي
(11)
أَسْتَغْفِرُ اللهَ يَا وَطَنِي
مَا كَانَتِ "الغُرْبَةُ" إخْتِيَارِي
وَ لَكِنَّهُ دَاءٌ أُبْتِلِيْتُ بِهِ
فَابْعَثْ لِي بِشِرْبَةٍ مِنْ مَائِكَ
وَ حَفْنَةٍ مِنْ تُرَابِكَ
لَعَلِّي أَطْرُدُ السَقْمَ
وَ آتِيْكَ عَلَى عَجَل
18/2/2009م الرياض
"غَربيبٌ"1 = شديد السواد
"أَغْرَبتُ"2= ملأتُ
"غُرُوبِي"3= دموعي
"غَوارِبُ"4= هو الموج العالي في البحر
"استغربتُ"5=اشتد حزنه وكثر
المصدر: معجم الصحاح، للإمام إسماعيل بن حماد الجوهري.
•عجز البيت للشاعر العرجي :"يعتريه من محب شوقه نازح الدار غريب ذا شجن"
تعليق