حد الردة بين الطاعة الدينية و الطاعة السياسية ؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • mmogy
    كاتب
    • 16-05-2007
    • 11282

    حد الردة بين الطاعة الدينية و الطاعة السياسية ؟؟


    [align=center]
    بســـــم الله الرحمــــن الرحيـــــــــــــم
    حد الردة بين الطاعة الدينية
    و الطاعة السياسية ؟؟[/align]

    المؤيدون و المعارضون لحد الردة فى الإسلام .. يخلطون بين الحديث عن الطاعة الدينية لله عز وجل ، و بين الطاعة السياسية للدولة الإسلاميـــة ؟؟؟
    و لهذا نجد كل فريق يستدعى مجموعة من الآيات و الأحاديث النبوية ..يعارض بها الفريق الآخـــر ، و بديهى أن الخطاب الدينى منزه عن التناقض و الإختلاف ... و إنما يأتى التناقض و الإختلاف من الخلط بين مناط عمل الطاعتين (( الدينية و السياسية )) ؟؟
    فالذين يبرزون آيات النهى عن الإكراه فى الدين فى وجه من يتحدثون عن حد الردة و الإنخلاع عن الطاعة السياسية فى الدولة الإسلاميــة مخطئون .. و الذين يبرزون آيات السيف و القتال فى وجه من يعارضون الاكراه فى الدين ، و شق قلوب الناس مخطئون ايضا !!
    فالطاعة الدينية هى عنوان العلاقة بين العبد و ربــه ، و محلها القلب ، و هى لطبيعتها الخفية لا يعقل و لا يتصور أن يكون لأحد سلطان على محاسبة الناس على التقصير فيها أو الانخلاع عنها .. اللهم الا اذاكانت لديه القدرة التفتيش على سرائر الناس و شق قلوبهم ... أو كان ممن يدعون أن الله قد كشف لهم عن علم الغيب بالوحى و الالهام ، و لاأظن أن مسلما يدعى ذلك !!
    و تلك الطاعة ( الدينية ) هى التى وردت بشأنها آيات عدم الاكراه مثل قوله تعالى { لا اكراه فى الدين } { أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } { لست عليهم بمسيطر } الخ؟؟
    أما الطاعة السياسية للدولة الاسلامية.. فهى عنوان العلاقة بين الفرد و بين المجتمع ، و محلها الأفعال و الأعمال و الأقوال المعلنة التى تعبر عن مدى احترام الفرد فى المجتمع الاسلامى و خضوعه لاحكام الاسلام و لشريعة الاسلام .. و تؤكد على مدىالتزامه بالعقد الاجتماعى بنه و بين الجماعة !!
    و إذا كانت الطاعة الدينية غير مطلوبة قسرا من كآفة أفراد المجتمع الاسلامى الذى يضم بطبيعة الحال غير المسلمين { فمن شاء فيؤمن و من شاء فليكفر } .. إلا أن الطاعة السياسسية مطلوبة على سبيل الالزام و الوجب حتى و لو قسرا من أفراد المجتمع الاسلامى ..حتى من غيرالمسلمين !!
    و لذلك لا يقبل فى المجتمع المسلم الا الاسلام ... و لو ظاهريا كصورة ممن صور الطاعة السياسية ... و ليس كعقيدة بالضرورة ... أو الجزية (( التى تمثل هى الاخرى صورة من صور الإذعان السياسى للدولة )) !!
    و جدير بالذكر .. أن هذا الأمر لا يتعلق بالدولة الإسلامية وحدهـــا بل تشترطه كل المجتمعات المدنية ..حيث لايقبل فيها مجترىء على القانون ، أو طاعن فى الدستور ، أو محتقر للنظام الاجتماعى السائد ..لأن وجود مثل هذا العضو المتمرد فى المجتمع ..شــر مستطير و مصدر من مصادر الفتنة !!
    و هذه الطاعة السياسية ..ورد بشأنها العديد من الآيات مثل قوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون } { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } و قوله r (( من بدل دينه فاقتلوه )) الخ ؟؟؟
    كذلك فانه من المهم الاشارة الى ان الخروج عن الطاعة الدينية غير مؤاخذ عليه فى الدنيا ..طالما بقى فى طى الكتمان أو حبيس المجالس الخآصــة ..كما يفعل المنافقون ..إلا أن الخروج عن والانخلاع من الطاعة الدينية لو أعلن فى المجتمع صراحة ..فإنه يعنى بلا أدنى شك ..الخروج عن الطاعة السياسية ، وإعلان التمردعلى القانون و الشريعة الاسلامية و نقض لعقدها الاجتماعى !!
    و من الخطأ الجسيم الاستدلال على إنكار حد الردة الذى مناطه فقط الخروج عن و الانخلاع من الطاعة السياسية ..بعدم قتال الرسول e للمنافقين ..لأن المنافقين و إن انخلعوا عن الطاعة الدينية بشكل غير واضح و لا معلن ..إلا أنهم يلتزمون و لو بشىء من الحيلة ..بالطاعة السياسية و الأحكام الظاهرية للآسلام !! ...{و إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا و إذا خلوا الى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون } و لذلك فمناط الحكم بقتل المرتد هو الانخلاع عن الطاعة السياسية بشكل معلن وواضح..ناهيك عن التواطؤ مع الأعداء و محاربة المسلمين علانية !!
    و بناء عليه .. فإن النصاب الشرعى لإقامة حد الردة ..هو قيام الدولة الإسلامية التى تحكمها التصورات الإسلامية ..و تعلوها أحكام الشريعة الاسلامية ..و هذا النصاب الشرعى غير متوافر الآن فى أكثر البلدان الإسلامية ...التى تحتفى فى أحيان كثيرة بالملحدين و المرتدين ، بل و توليهم المناصب الثقافية و الإعلامية و التربوية ..مما يعنى عدم جواز لإقامة الحد على المرتد الآن ، و هو ما دفع فضيلة الشيخ الغزالى بذكاء و فطنة الى التوقف عن قتل المرتدج ، و الاكتفاء بنفيه أو حبسه لانتفاء الجريمة السياسية (( إنعدام الجهة المتوجه إليها بالطاعة السياسية الإسلامية )) ، و لإن بقى علينا واجب استتابة المرتد و الحوار معه بالحسنى ، و إن استمر طيلة حياته على الكفر ؟؟

    بحمد الله تعالى
    إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
    يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
    عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
    وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
    وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.
  • عارف عاصي
    مدير قسم
    شاعر
    • 17-05-2007
    • 2757

    #2
    أستاذنا الموجي

    بوركت قلبا وقلما

    مقال طيب أحاط بالموضوع
    إحاطة جيدة

    واللفتة الطيبة منك في أن عدم
    وجود الإطار السياسي للدولة
    الإسلامية غير مانع من توجيه
    وإعلان ردة فلان إذا قام بما
    يخالف صريح الدين علانية ودعا
    لهذا الفعل 0
    وليس هذا لكل إنسان ولكن للجان
    الشرعية المكلفة بإقامة الحجة
    وإثباتها على من يقع في حقه
    هذا الحكم

    بوركت سيدي

    تحاياي
    عارف عاصي

    تعليق

    • بنت الشهباء
      أديب وكاتب
      • 16-05-2007
      • 6341

      #3
      أستاذنا الفاضل
      محمد شعبان الموجي
      إن فصل الطاعة الدينية عن الطاعة السياسية هي نتيجة معلومة
      فصل الدين عن الدولة
      وهنا نسأل أنفسنا بصدق :
      من أين جاء فصل الدين عن الدولة , ومن سنّ لنا هذه القوانين والشعارات والأحزاب الغريبة عن ديننا ومبادئنا وثوابت أصولنا !!؟؟؟...
      وما الهدف والغاية من وراء هذا كله !!!؟؟...
      في مجلة أكاسيا الماسونية سنة ( 1903) قولهم :
      (( إن النضال ضد الأديان لا يبلغ نهايته إلا بعد فصل الدين عن الدولة ))
      وفي النشرة الرسمية التي أذاعها الشرق الأعظم في فرنسا في تموز سنة
      ( 1856م) قولهم :
      (( نحن الماسونيين لا يمكننا أن نتوقف عن الحرب بيننا وبين الأديان , لأنه لا مناص من ظفرها أو ظفرنا , ولا بد من موتها أو موتنا , ولن يرتاح الماسون إلا بعد أن يقفلوا جميع المعابد ))..
      ومن أقوال المحفل الماسوني الأكبر سنة ( 1922م ):
      (( سوف نقوي حرية الضمير في الأفراد بكل ما أوتينا من طاقة , وسوف نعلنها حربا شعواء على العدو الحقيقي للبشرية . الذي هو ( الدين ) وهكذا سوف نتنصر على العقائد الباطلة , وعلى أنصارها )).
      أما ما جاء في
      بروتوكولات حكماء صهيون :
      ومن أوامر هذه البروتوكولات:
      في مجال الدين والعقيدة :
      يجب أن ننزع فكرة الله ذاتها من عقول غير اليهود وأن نضع مكانها عمليات حسابية .. أو رغبات مادية
      ( ب: 4 )


      فالهدف والغاية واضح ولا لبس فيه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ...
      ولكن للأسف ما زلنا نلهث وراء الغرب ومعتقداته الزائفة وننسى بأن هدفه هو سلب كرامتنا , وضياع هويتنا من أجل أن يسهل عليهم سرقة أموالنا ونهب ثرواتنا وضياع بلادنا ..
      أما بالنسبة إلى موضوع الردة الذي جاء في سياق موضوعك
      فقد أعجبني فيه قول الإمام الغزالي – رحمه الله – بعدم جواز قتل المرتد , والاكتفاء بنفيه أو حبسه ما إذا كان هناك دولة إسلامية !!!؟؟؟...
      ولكن حال الأمة اليوم لا يسمح حتى بإقامة الحد على السارق أو الزاني والزانية ....
      أليس هذا صحيحًا !!!!؟؟؟....
      والحديث يطول ويطول في هذا المجال
      ولي عودة بإذن الله
      جزاكَ الله خيرا , وبارك بكَ

      أمينة أحمد خشفة

      تعليق

      • عارف عاصي
        مدير قسم
        شاعر
        • 17-05-2007
        • 2757

        #4
        أختنا الراقية
        بنت الشهباء

        بالنسبة لفصل الدين عن الدولة
        لا أحد من المسلمين الذين يعرفون
        دينهم ينادي أو يسمح بأن ينادَى على
        مسمعه بفصل الدين عن الدولة وأن
        تكون الحكومة والسياسة في جانب
        والدين في جانب إذ هم متلازمان لا
        ينفك أحدهما عن الآخر فالأسلام
        نظام شامل ينتظم شؤون الحياة جميعا
        في المسجد كانت تعقد الأحلاف وتدار
        الغزوات وتجمع الزكوات ويصلح بين
        الناس ويتعلم الناس من شؤون دينهم
        ما يغنيهم في دنياهم

        وأما الحجة الباطلة التي تنادي بقدسية
        الدين ودنس السياسة فهي من باب
        ( صدقك وهو كذوب ) إذ الغرض منها
        اقصاء الدين عن الحياة وجعله كهنوتيا
        ينزوي في بعض الطقوس والشعائر
        وقد أنزل الله لنا قرآنا نعبده بتلاوته فيه
        السياسة والحكم والإقتصاد والعلاقات
        الدولية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم

        فمن قال بغير هذا فهو يحرث في البحر
        ولن يؤتي قوله ثمرة إلا لدى البسطاء
        الذين لا يعون معنى الدين الحق فهو
        عبادة وعقيدة وشريعة وحكومة وجيش
        ومصحف وسيف كل ذلك في إطار شامل
        لكل مستجدات الحياة

        ومن نعم الله علينا أن فقهاء الإسلام وقفوا
        لكل مستجد من الأحداث بالمرصاد فما أن
        يستجد أمر إلا ويجعل الله له من يقوم بفك
        طلسمة ووضعه في إطاره الشرعي الذي
        يسهل ألية التعامل معه من سائر البشر

        هذا الدين لا خوف عليه هو دين الله والله
        حافظه إلى قيام الساعة 0
        ومن كان خائف فليخف على نفسه ولنوقن
        جميعا بأن لهذا الدين من يحمله من أبنائه
        وسيكون في يوم له سيادة البشرية

        ويقولون متى هو ؟
        قل عسى أن يكون قريبا
        ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
        وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

        بورك القلب والقلم
        تحاياي
        عارف عاصي

        تعليق

        • mmogy
          كاتب
          • 16-05-2007
          • 11282

          #5



          استاذنا الكبير .. عارف العاصي
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          أشكرك أولا على الإهتمام وعلى القراءة الجيدة لمقالي .. وأود أن أؤكد على ماتفضلت حضرتك وذكرته .. وأن ألقي الضوء على عدة أمور هآمة :

          أولا : أن العلمانيين يضغطون بقوة ويمارسون إرهابا فكريا حول قضية التكفير .. مطالبين أولا بإلغاء المصطلح وعدم استخدامه .. مثلما يطالبون بتغيير الخطاب الديني واستبدال المفرادت العلمانية بالمفردات القرآنية .. وهذا أمر في غآية الخطورة وسيتم علاجه فى موضوع مستقل .. لكنني هنــا أقول بأن العلمانية تهدف إلى حذف وشطب كلمة الكفر .. حتى تحذف معها بالضرورة كلمة ايمان .. فليس هناك إيمان بدون كفر .. وليتهم حريصون على أن يكونوا من المؤمنين .. ولكنهم يستبيحون كل شىء .. ثم تراهم ينتفضون حينما تواجههم بكلمة كفر .. وهي ليست انتفاضة ايمانية فى الغالب .. وإنما هي محاولة خبيثة لأذابة الفوارق بين الكفر والإيمان فتسقط آيات قرآنية كثيرة تحدثت عن الكفر والكفار والذين كفروا .. ويسقط معها الدين كله .

          ثانيا : وعليه فإن اتهام الآخرين بالكفر حق مكفول للجميع متى قام على أسس شرعية صحيحة .. ومتى استند إلى أدلة يقينية لاتقبل الشك أو الريبة .. وعندها يصبح تكفير الكافر من أوجب الواجبات الشرعية .. ولكن المنهي عنه هو الغلو فى التكفير .. والتكفير بالشك وبالهوى .. والتكفير بسبب الخصومات .. والتكفير بهدف التفشي والإنتقام .. وعندما يستند التكفير إلى اسس شرعية .. يبقى المتهم بالكفر بريئا حتى تثبت إدانته أمام القاضي .. ثم يصدر بشأنه حكما بالقتل أو النفي .

          ثالثا : وعليه فإننا ينبغي أن نفرق جيدا .. بين سلطة الإتهام بالكفر .. وهي حق للجميع .. كحق اتهام الآخرين بالسرقة أو الزنى أو القتل أو الرشوة أو الإختلاس .. وبين سلطة التقاضي ومحاكمة المتهم .. وهي مخولة للسلطة القضائية .. ثم سلطة إقامة الحد .. وهي مخولة لولي الأمر .. والخلط بين أي من هذه السلطات الثلاثة .. يترتب عليه مفساد كثيرة .

          رابعا : لكن ربما يسأل أحدنا نفسه ومافائدة اتهام من تظهر عليه علامات الكفر بالكفر ؟؟ الجواب ببساطة أن هناك واجبات عقدية وعملية تقوم على التفريق بين الكافر والمسلم .. من ولاء وبراء وزواج وطلاق ومواريث وعبادات .. وبالتالي .. من ظهر عليه علامات الكفر يقينا وجب اتهامه بالكفر وإبلاغ السلطات الإسلامية بذلك حتى يتجنب المجتمع شره المستطير .

          أقول قولي هذا بإيجاز شديد حتى لا أطيل عليكم

          هذا والله تعالى أعلى وأعلم
          إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
          يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
          عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
          وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
          وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

          تعليق

          • mmogy
            كاتب
            • 16-05-2007
            • 11282

            #6
            الأستاذة الفاضلة .. إبنة الشهباء

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            كنت أتمنى أن يكون لديك الوقت الكافي لقراءة مقالاتي حول ظاهرة الإسلام السياسي والتي أوضحت فيها بجلاء طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة .. ودور الدين المنوط بالسياسة ودور السياسة المنوط بالدين .. وباختصار شديد أقول :

            أن للدين حيثيتان من المهم جدا التفريق بينهما :

            الحيثية الأساسية للدين .. أو جوهر الدين .. هي إقامة علاقة نفسية قوية بين العبد وربه .. هذه العلاقة النفسية هي التي تتحقق من خلالها حقائق القرآن الأساسية من ايمان وخشية وخشوع وإخلاص وتوكل وصبر وتوبة وزهد تفكر وتدبر ومحاسبة وذكر إلى آخره .. وكل هذه الأمور من المطلوبات المباشرة فى القرآن الكريم .. وهي التي عليها قوام إقامة الدين .. وهذه الحيثية لاتسقط عن المسلم أبدا مهما كانت الظروف المحيطة به .

            الحيثية الإضافية للدين .. وهى الواجبات الشرعية العملية .. وهي التي يجب على المسلم أدائها بدقة إذا توافرت له الظروف .. ولكنه غير مطالب بخلق تلك الظروف .. والواجب الشرعي يجب أن يكون مقدورا عليه .. وعليه فإن السياسة ليست حيثية أساسية فى الدين .. وإنما هي واجب شرعي .. يترتب عليه عدة واجبات أخرى .. لكنه يسقط عند عدم المقدرة عليه .. لاينقص ذلك من ايمان الإنسان شيئا .. ولكن حينما تتوافر الظروف لإدائه والقيام به .. يصبح التقصير فيه دليل على ضعف الحيثية الأساسية .. أي ضعف العلاقة بين العبد وبين الرب .. فمن الممكن فى ظروف معينة .. أن تحول الظروف بين المسلم وبين ممارسة السياسة .. وحينئذ يعيش مسلما كامل الإيمان مع كونه لايمارس السياسة .. فالسياسة واجب من واجبات الدين .. لكنها ليس هي عين الدين .

            وأقرب دليل على ذلك .. أن كثيرا من الأنبياء والرسل عاشوا وماتوا ولم يمارسوا من أمر السياسة شيئا .. وسيدنا إبراهيم عليه السلام وصفه الله عزوجل بأنه أمة ومع ذلك لم يمارس السياسة ؟؟

            والحوار مستمر .

            أشكرك
            التعديل الأخير تم بواسطة mmogy; الساعة 03-07-2007, 15:20.
            إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
            يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
            عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
            وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
            وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

            تعليق

            • عارف عاصي
              مدير قسم
              شاعر
              • 17-05-2007
              • 2757

              #7
              معذرة أستاذنا الحبيب لتطاولي
              وتداخلي معك أكثر من مرة
              ولكن أنت ممتع حقا وصدقا
              وطبع الإنسان الإستزادة من
              الخيرات

              سيدي الكريم
              نعم إذا حيل بين الإنسان المسلم
              وبين حقه في ممارسة السياسة
              فهومن أصحاب الأعذار وهو
              مؤمن كامل الإيمان بحسب ما
              وقر في صدره وصدقته أعماله

              ولكن هنا نكتة لطيفة
              ماذا على المجتمع إذا حيل بينه
              وبين إقامة حدود الله ومناصرة
              المظلومين من إخوانه المسلمين
              في الأرض وممارسة كافةالحقوق
              الشرعية ودرء المفاسد الناخرة
              في جسد الأمة

              هل عليه الإستسلام لهذا الأمر
              والخلود التام للراحة وكما يقولون
              ( اليأس إحدى الراحتين ) ويقول
              بالعامية المصرية ( بركة يا جامع )
              أم ماذا عليه أن يفعل

              أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو
              واجب وعلى المسلمين استفراغ
              الوسع وبذل الطاقة الكاملة لديهم
              لإتمام هذا الأمر والله جعل الإنسان
              خليفة في الأرض ليعمرها بحكم الله
              وشرعه وأنزل معه الشيطان ليدفعه
              عن هذه العمارة ويجره للعمارات
              الفاسدة التي لا ترضي الله ولا ترضي
              المؤمنين وأنزل الله في قرآنه قانون
              التدافع ( ولولا دفع الله الناس بعضهم
              ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل
              على العالمين )0 ( ولولا دفع الله الناس
              بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع
              وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله
              كثيرا ولينصرن الله من ينصره أن
              الله لقوي عزيز 0 الذين إن مكناهم
              في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا
              الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا
              عن المنكرولله عاقبة الأمور )

              فكان التدافع - بعد إرادة الله المهيمنة
              ومشيئته سبحانة المسيطرة - سببا
              للتمكين لدين الله في الأرض 0 وكان
              التمكين بعد ذلك سببا لاستقرار دين
              الله ورسوخ الأرض من تحت أقدام
              القائمين بأمر الله في الأرض ومن ثم
              إقامة العدل وإصلاح الدنيا بالدين

              عفوا للإطالة
              ولكنها من باب الإستزادة من خيراتكم

              بورك القلب والقلم
              تحاياي
              تلميذك
              عارف عاصي

              تعليق

              • بنت الشهباء
                أديب وكاتب
                • 16-05-2007
                • 6341

                #8
                مرة ثانية أعود أستاذنا الفاضل
                محمد شعبان الموجي
                بل قرأت ما أتى على لسان قولكَ , واستوعبت الهدف والغاية منه
                وكان ردي على نقطة هامة جدًا في موضوعكَ يا أستاذنا الكريم
                وخاصة أن حال أمتنا اليوم يومًا بعد يوم يزداد سوءًا بعدما تكالبت عليها الأمم من كل صوب وحدب …
                فهل من الممكن أن نتناسى هذا الوضع الذي آلت إليه أمتنا من نهب للثروات , وانتهاك للأعراض والحرمات , وسلب الديار !!؟؟؟…
                هل من الممكن أن يقف أحدنا ويقول لنفسه :
                لا يهمني ما يجري في العراق وفلسطين وأفغانستان وووو…..
                الحالة السياسية اليوم تفرض وجودها حتى على الطفل الصغير وهو يرى على شاشات التلفاز دماء المسلمين تهدر بكل مكان دون أن تهزّ ضمير الأمة وشرفها ….
                هل من الممكن أن ألجأ إلى صومعتي وأعبد الله ربي بعيدًا عن حال أمتي !!!؟؟؟…
                صحيح أن الأنبياء كما جاء في قولك أنهم عاشوا ولم يمارسوا من أمر السياسة شيئًا .... لكن الله تعالى حين بعث النبي الأميّ إلى العالم ليكون رحمة للناس أجمعين ... رحمة من ظلم الحكام وعبودية البشر ... نقل الإنسان من عبادة الحكام والملوك والأباطرة إلى عبادة الله الواحد الأحد ....
                فكانوا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ...
                متى كنا خير أمة أخرجت للناس !!!؟؟..
                حين التزمنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وعلمنا بحق اليقين أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , وحين كنا نعلم أننا أمة لها الصدر دون العالمين ....
                خليفة رسول الله أبو بكر الصديق حين خطب أثناء توليه الخلافة ماذا قال :
                ( إن رأيتموني على حق فأعينوني , وإن رأيتموني على باطل فسددوني )
                فمبدأ الحكم في زمن الخلفاء الراشدين كان قائما على مبدأ الشورى فيما بينهم لأن الشورى كانت مظهر من مظاهر الحكم الإسلامي في زمنهم ....
                طبعًا قد يأتي أحدهم ويقول لي :
                الخلافات والشقاقات زمن الدولة الأموية والعباسية ووو.... كانت قائمة .....
                لكن بالرغم من هذا كله كانت فكرة العقيدة تتناول جميع مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وووو .... ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر ....
                وتاريخ أمتنا يشهد لها ذلك ...
                جزاكَ الله خيرًا أستاذنا محمد
                وما زلت متابعة معكم


                وكل الشكر والتقدير لأخي الفاضل
                عارف العاصي على هذه المداخلة الكريمة , وأقول كما جاء على لسان قوله أن المستقبل للإسلام ولهذا الدين الحنيف الذي فطرنا الله عليه , ولكن علينا أولا أن نعود بصدق إلى منهج الله وسنة نبيه الأميّ محمد صلى الله عليه وسلم , وأن نسعى معًا لبناء أنفسنا من جديد على مبدأ الصدق والإخلاص والوفاء والالتزام بما أمرنا الله ورسوله ....

                أمينة أحمد خشفة

                تعليق

                • عبدالرحمن السليمان
                  مستشار أدبي
                  • 23-05-2007
                  • 5434

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد شعبان الموجي مشاهدة المشاركة



                  أولا : أن العلمانيين يضغطون بقوة ويمارسون إرهابا فكريا حول قضية التكفير .. مطالبين أولا بإلغاء المصطلح وعدم استخدامه .. مثلما يطالبون بتغيير الخطاب الديني واستبدال المفرادت العلمانية بالمفردات القرآنية .. وهذا أمر في غآية الخطورة وسيتم علاجه فى موضوع مستقل .. لكنني هنــا أقول بأن العلمانية تهدف إلى حذف وشطب كلمة الكفر .. حتى تحذف معها بالضرورة كلمة ايمان .. فليس هناك إيمان بدون كفر .. وليتهم حريصون على أن يكونوا من المؤمنين .. ولكنهم يستبيحون كل شىء .. ثم تراهم ينتفضون حينما تواجههم بكلمة كفر .. وهي ليست انتفاضة ايمانية فى الغالب .. وإنما هي محاولة خبيثة لأذابة الفوارق بين الكفر والإيمان فتسقط آيات قرآنية كثيرة تحدثت عن الكفر والكفار والذين كفروا .. ويسقط معها الدين كله .


                  [align=justify]أخي العزيز الأستاذ محمد،

                  شكرا على هذا التحليل المتميز. أود أن أتوقف عند هذه الجزئية التي اقتبستها:

                  هنالك سياسة علمنة واضحة شديدة العدوانية لجميع مؤسسات الدولة في الدول العربية الجمهورية والجمهوكية، يتبع في تنفيذها آليات لا إنسانية. وبما أن أنظمة تلك الجمهوريات والجمهوكيات أنظمة علمانية متطرفة، فإنها علمنت المؤسسات التعلمية برمتها، وأقصت جميع العلماء المتدينين منها وقصرت التوظيف فيها على العلمانيين. لهذا السبب، بالذات، أصبحت جامعات زمبابوي وفولطا العليا ـ بلا صغرة ـ أفضل من أفضل جامعة عربية لأن الجامعات العربية خلت من العلماء (إلا قليلا) لقلتهم في صفوف العلمانيين! ولهذا السبب بالذات ـ من جديد ـ لم يرد اسم جامعة عربية واحدة تقريبا في التصنيف العالمي لأفضل 500 جامعة في العالم!

                  هنالك مشكلة كبيرة جدا في العقل العربي العلماني.

                  من جهة أخرى، العلمانية مؤسسة غربية، وهي في الغرب على ضربين: علمانية شمولية، وعلمانية متطرفة جعلت عقيدتها محاربة الأديان (الكنيسة في الأصل) وأهلها. والعلمانيون المتطرفون في الغرب أقلية قليلة، وهم أصحاب المحافل الماسونية فيه! أما العلمانيون الشموليون ـ بغض النظر عن موقفنا من علمانيتهم ـ فهم ليسوا متطرفين وليسوا ضد أصحاب الأديان بالفطرة. وجميع العلمانيين العرب من النوع الثاني المتطرف، أي الذي يبني فكره على محاربة الدين وأهله، ولا يعرفون شيئا من تسامح العلمانية الشمولية في الغرب. وهذه مصيبة أخرى.

                  وتحية طيبة،
                  [/align]
                  التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرحمن السليمان; الساعة 03-07-2007, 21:48.
                  عبدالرحمن السليمان
                  الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                  www.atinternational.org

                  تعليق

                  • mmogy
                    كاتب
                    • 16-05-2007
                    • 11282

                    #10



                    استاذي الفاضل .. وأخي الحبيب .. عارف عاصي

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    للأسف الشديد فإن أكثر الدعاة إلى الله اليوم .. على اختلاف طبقاتهم .. أصبحوا وأمسوا وأضحوا وياتوا و عيونهم وقلوبهم معلقة على إقالة الحكومات العلمانية والكافرة ، وإقامة الحكومة الإسلامية التي تطبق الشريعة ، وتقيم الحدود .. وهذا خطأ جوهري فى تفسير الدين كله .. ترتب على ظاهرة الإسلام السياسي .. من حيث أنها أهملت الدعوة القرآنية الأساسية إلى ( إقامة الدين ) وتعبيد القلوب لله عزوجل .. وإقامة علاقة نفسية قوية مع الخالق عزوجل .. وتوحيده والتعلق بذكره على كل حال ، وتدبر الكون ، والشكر فى السراء ، والصبر على البلواء ، والتوكل على الله ، و ومحبة الله ، والأنس به ، والرضا بقضائه وقدره ، والخشية ، والخوف ، والرجاء ، والإنابة ، والإخبات ، والتوبة عن الذنوب والمعاصى ، ومحاسبة الجوارح ، والتضرع إليه وحده ، والإيثار ، والزهد فى زينة الحياة الدنيا ، والتعلق بالآخرة ، وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه ، والحب فى الله ، والبغض فى الله ، واصلاح القلب ، ورياضة النفس وتهذيب طباعها ، ومقاومة شهوتى الفرج والبطن ، والتخلص من آفات اللسان مثل الكذب والغيبة والنميمة والخوض فى الباطل واللعن والغناء الفاحش والوعد الكاذب والسخرية والإستهزاء والمدح ، ومقاومة الغضب والتخلص من الحقد والحسد ، ومن الرياء ، ومقاومة حب الجاه والتخلص من كل مظاهر الكبر والعجب والغرور ، إلى آخر كل تلك المطلوبات القرآنية المباشرة .

                    بينما جعلت جل همها ( تطبيق الشريعة .. أقصد الجوانب العملية منها ) .. حتى صارت هى القضية الأولى وربما الوحيدة .. مع أن الأمر القرآنى ( بإقامة الدين ) فى القلوب .. أكثر إلحاحا من الأمر القرآنى بتطبيق الشريعة .. بل إن التطبيق الدينى الصحيح للشريعة .. يتوقف أولا على إقامة الدين .. فالـصلاة مثلا لاقيمة لها لوكان قلب صاحبها غافل .. حتى ولو أتم المصلى ركوعها وسجودها وأركانها وسننها وهيئاتها كلها .. بينما يتقبل الله صلاة عبد ولو بالإيماء .. أى بدون أن يأتى بأركانها أوواجباتها أوسننها أوهيئاتها فى ظروف معينة من عدم القدرة كما حددتها كتب الفقه ، وكذلك الصائم أيضا قد يرد صومه إذا كان فاسد القلب .. فالأعمال بالنيات .. وعمل القلب الذى هو مناط إقامة الدين مقدم على عمل الجارحة التى هى مناط إقامة الشريعة .. فإقامة الدين مقدم على تطبيق الشريعة .

                    ولكن إذا توافرت الظروف لتطبيق الشريعة يصبح من ثم الإلتزام بها دليل على صدق الإيمان بالله ودليل على محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. يقول الله عزوجل فى كتابه الكريم (( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الأيمان فى قلوبكم )) .. فالعمل بشريعة الإسلام قبل إقامة الدين هى أقرب إلى إيمان الأعراب .. وقد شاهدنا الفشل الذريع الذي منيت به بعض الجماعات الإسلامية التي وصلن إلى سدة الحكم .. وفرضت بعض أحكام ومظاهر تطبيق الشريعة .. دون أن تعبد النفوس أولا لله عزوجل .. ودون أن تتحقق فيهم معاني الربوبية .. وقد رأينا أيضا نماذج من الإنحرافات بين الجماعات تعامل فيها البعض مع الناس كقطاع طريق .. وليس كهداة مهديين .. نتيجة اهمال هذا الجانب والتركيز على جوانب السيطرة والإستعلاء والإستطالة على الخلق ببعض مظاهر التدين .. وما أحسن ما قاله المستشار الهضيبى فى كلمته الخالدة التى لم يعمل بها أحد .. ( أقيموا دولة الإسلام فى قلوبكم تقم على أرضكم ) .. ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب ، ورب داع إلى قيام الدولة الإسلامية .. مجاهد بالسلاح ودخول البرلمان ، والقرآن يلعنه !!



                    ولكن لماذا تركز كثير من الجماعات على تطبيق الشريعة بينما تهمل جانب إقامة الدين فى النفوس أولا ؟؟ .. أهم الأسباب .. يكمن في الدنيوية أو مايمكن أن نسميه بالعلمانية المتأسلمة .. التي تسيطر على نفوس كثير من قادة تلك الجماعات .. ومايترتب عليها من الرغبة الجامحة إلى السيطرة على الخلق ، وفرض الوصاية على الآخرين .. واعتبار ذلك انتصار للإسلام ذاته ، و المتمثلة كذلك فى التساهل مع النفس والتشدد حيال الآخرين .. فإقامة الحكومة المؤمنة والخلافة والدولة الإسلامية يحقق تلك الرغبة عند كثير من قادة جماعات الإسلام السياسى .. مثل غيرهم من أصحاب الإتجاهات السياسية الأخرى .. بينما ( إقامة الدين ) تتركز أساسا فى محاولة السيطرة على النفس البشرية ذاتها أولا ، وهى أمر شاق جدا وغير مرغوب .. لأن طريقها وعر وتبعاتها ثقيلة ، ولاتحقق لأصحابها فى الغالب الوجاهة التى تتحقق لهم عند ممارسة السياسة باسم الإسلام والدخول فى معترك الحياة الحزبية .. كما لاتوفر لهم مبررات الإستعلاء على خلق الله كما يحققها لهم الإسلام السياسى بالمعنى الذى أوردناه سابقا .. أولئك الذين تنكبوا طريق الدعوة إلى الله ولايحرصون على اخضاع القلوب لله بقدر حرصهم على إخضاع الأعناق والرؤوس ، ولايشعرون كذلك بحلاوة الإيمان إلا عن طريق النجاح فى الإنتخابات ودخول البرلمان والنقابات والأحزاب .. أولئك الذين لايعلمون أن الطريق الحقيقى لأستحقاق الإستخلاف فى الأرض والتمكين لهم هو إقامة الدين أولا فى القلوب مصداقا لقوله تعالى (( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم يعبدوننى لايشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون )) النور 55



                    وأما قاعدة مالايتم الواجب إلآ به فهو واجب .. فقد سبق وأن أوضحت فى مقالاتي عن الإسلام السياسي أنه :

                    لاجدال فى صحة تلك القاعدة الشرعية الجليلة .. ولكن الإستدلال هنا خاطىء أو ناقص .. يقول المفكر وحيد الدين خآن ردا على ذلك : (( ففى هذا الإستدلال يكمن الخطأ .. وهو اعتبار أصل تحصيل الواجب واجب .. كأنه حكم مطلق ؟؟ يتعلق بكل فرض وواجب مذكور فى القرآن الكريم .. أى كأن كل فعل أمر الشارع به يجب على المؤمنين - بناء على هذا الإطلاق - إن لم يتمكنوا من تطبيقه أن يسعوا إلى تحصيل أسبابه ليطبقوه ؟؟؟ ))

                    - ثم يبين وجه الصواب فى فهم تلك القاعدة الجليلة .. قائلا : (( والأمر ليس كذلك .. فالقاعدة الفقهية المذكورة ليست مطلقة .. بل مقيدة بشرطين وضحهما علماء الأصول : اولهما : أن يكون الواجب مطلقا لم يقيده الشارع بسبب أو شرط ؟؟ وثانيهما : أن يكون السبب أو الشرط فى مقدور المكلف ؟؟ )) بحيث إذا فقد أى قيد منهما فلا يجب تحصيل ذلك الواجب .. ففى مثل تلك الأحكام أو الواجبات المقيدة .. لاتطالب الشريعة أحدا بالسعى لتحصيل الأسباب أو اتمام الشروط .. بل تطالبه بالعمل إذا توافر الشرطان


                    وأخيرا أقول : أنه في ظل الرغبة المحمومة من جماعات لم تتحقق لها شروط التمكين فى الأرض .. لتطبيق الشريعة على جماعات من البشر لم ترتضي الإسلام دينا .. هو أشبه بمحاولة استنبات بذور فاسدة فى الهواء .. وأن الطريق الصحيح هو إقامة مجتمع رباني عبر آليات الدعوة المتاحة .. وبشرط أن يتحقق للقآئمين عليها صفات الربانية .. وأن نتعامل مع الناس بمفهوم الهداية إلى الله .. وليس بمفهوم التجنيد .

                    شكرا استاذنا الكبير
                    إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
                    يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
                    عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
                    وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
                    وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

                    تعليق

                    • عارف عاصي
                      مدير قسم
                      شاعر
                      • 17-05-2007
                      • 2757

                      #11
                      سيدي الكريم
                      وأستاذي الحبيب
                      إن أذنت لي
                      عندي مداخلة
                      جديدة وأرجو
                      ألا أكون مملا

                      سيدي الكريم

                      ليس هناك إسلام سياسي وإسلام إقتصادي وإسلام تكنولوجي وإسلام أدبي وإسلام عسكري وإسلام داخلي وخارجي ؛ هذه التصنيفات هي من ابتداع العلمانيين ليشغلوا الناس عن حقيقة إسلامهم المسلم ( ولا مانع من التخصص) يجب أن يعي أن الإسلام شامل لجميع مناحي الحياة السابقة المذكورة وغير المذكورة حتى وإن لم يعمل بشئ منها ولكن وعيه هذا يجعله يعلم من دينه ما يصلح به دنياه ؛ ولم يقل أحد أن العاملين على الساحة الإسلامية لا تشغلهم قضية التربية الروحية بشتى صنوفها الموضحة في ردكم الرائع


                      (((( إقامة الدين وتعبيد القلوب لله عزوجل .. وإقامة علاقة نفسية قوية مع الخالق عزوجل .. وتوحيده والتعلق بذكره على كل حال ، وتدبر الكون ، والشكر فى السراء ، والصبر على البلواء ، والتوكل على الله ، و ومحبة الله ، والأنس به ، والرضا بقضائه وقدره ، والخشية ، والخوف ، والرجاء ، والإنابة ، والإخبات ، والتوبة عن الذنوب والمعاصى ، ومحاسبة الجوارح ، والتضرع إليه وحده ، والإيثار ، والزهد فى زينة الحياة الدنيا ، والتعلق بالآخرة ، وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه ، والحب فى الله ، والبغض فى الله ، واصلاح القلب ، ورياضة النفس وتهذيب طباعها ، ومقاومة شهوتى الفرج والبطن ، والتخلص من آفات اللسان مثل الكذب والغيبة والنميمة والخوض فى الباطل واللعن والغناء الفاحش والوعد الكاذب والسخرية والإستهزاء والمدح ، ومقاومة الغضب والتخلص من الحقد والحسد ، ومن الرياء ، ومقاومة حب الجاه والتخلص من كل مظاهر الكبر والعجب والغرور ، إلى آخر كل تلك المطلوبات القرآنية المباشرة . ))))

                      وانهم لا يأخذون أنفسهم بالجد في هذا المضمار ومن قال بهذا فهو من باب التقول لأنه لا يطلع على عباد الله في خلواتهم وكيف وهم يصلون ويبكون ويتضرعون ويشعرون بفقرهم الشديد إلى الله والحاجة الماسة لعونه وطاعته 0 وكيف هم في بيوتهم مع زوجاتهم وأقاربهم وأبنائهم 0 وقد وقع في الخطأ الذي يتهم به أصحاب الإسلام السياسي من الدخول في النيات وعلم ما تنطوي عليه الصدور والقلوب 0
                      أما القول بأن الإسلام السياسي كما يسمونه من يطلقون عليه هذا الإسم يركز على تطبيق الشريعة بينما يهمل جانب إقامة الدين فى النفوس أولا ؟؟ ..

                      ((( وأن أهم الأسباب .. يكمن في الدنيوية أو مايمكن أن نسميه بالعلمانية المتأسلمة .. التي تسيطر على نفوس كثير من قادة تلك الجماعات .. ومايترتب عليها من الرغبة الجامحة إلى السيطرة على الخلق ، وفرض الوصاية على الآخرين .. واعتبار ذلك انتصار للإسلام ذاته ، و المتمثلة كذلك فى التساهل مع النفس والتشدد حيال الآخرين .. فإقامة الحكومة المؤمنة والخلافة والدولة الإسلامية يحقق تلك الرغبة عند كثير من قادة جماعات الإسلام السياسى .. مثل غيرهم من أصحاب الإتجاهات السياسية الأخرى .. بينما ( إقامة الدين ) تتركز أساسا فى محاولة السيطرة على النفس البشرية ذاتها أولا ، وهى أمر شاق جدا وغير مرغوب .. لأن طريقها وعر وتبعاتها ثقيلة ، ولاتحقق لأصحابها فى الغالب الوجاهة التى تتحقق لهم عند ممارسة السياسة باسم الإسلام والدخول فى معترك الحياة الحزبية .. كما لاتوفر لهم مبررات الإستعلاء على خلق الله كما يحققها لهم الإسلام السياسى بالمعنى الذى أوردناه سابقا .. أولئك الذين تنكبوا طريق الدعوة إلى الله ولايحرصون على اخضاع القلوب لله بقدر حرصهم على إخضاع الأعناق والرؤوس ، ولايشعرون كذلك بحلاوة الإيمان إلا عن طريق النجاح فى الإنتخابات ودخول البرلمان والنقابات والأحزاب 0))))

                      هذا كلام ليس على الوجه الأكمل وهو من باب الدخول في النيات ؛ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم معلما لنا جميعا ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان) 0 فبعد هذا القول الواضح المبين لا يحق لكائن من كان أن يفسر دخول إنسان للمسجد ودعوته لله وسعيه لإ قامة دين الله على الأرض أنه من عمل الدنيا وأنها الرغبة الجامحة في الإستعلاء على الآخرين 0 ( حتى وإن كانت ) 0 مالم يقم عليها من الله برهان واضح مبين لا غموض فيه ساطع كالشمس في رابعة النهار كما وأننا ننفي ونرفض اتهام أحدا من المسلمين بالكفر إلا بالدليل العلمي الصريح بعد إقامة الحجة الواضحة الناصعة 0 فكذلك لا يحق لي تحريف النيات والدخول فيها وتفسيرها وتأويلها ما لا تحتمل

                      وأما قاعدة مالايتم الواجب إلآ به فهو واجب .. فقد سبق وأن أوضحت فى مقالاتي عن الإسلام السياسي أنه :

                      لاجدال فى صحة تلك القاعدة الشرعية الجليلة .. ولكن الإستدلال هنا خاطىء أو ناقص .. يقول المفكر وحيد الدين خآن ردا على ذلك


                      (( ففى هذا الإستدلال يكمن الخطأ .. وهو اعتبار أصل تحصيل الواجب واجب .. كأنه حكم مطلق ؟؟ يتعلق بكل فرض وواجب مذكور فى القرآن الكريم .. أى كأن كل فعل أمر الشارع به يجب على المؤمنين - بناء على هذا الإطلاق - إن لم يتمكنوا من تطبيقه أن يسعوا إلى تحصيل أسبابه ليطبقوه ؟؟؟ ))

                      - ثم يبين وجه الصواب فى فهم تلك القاعدة الجليلة .. قائلا : (( والأمر ليس كذلك .. فالقاعدة الفقهية المذكورة ليست مطلقة .. بل مقيدة بشرطين وضحهما علماء الأصول : اولهما : أن يكون الواجب مطلقا لم يقيده الشارع بسبب أو شرط ؟؟ وثانيهما : أن يكون السبب أو الشرط فى مقدور المكلف ؟؟ )) بحيث إذا فقد أى قيد منهما فلا يجب تحصيل ذلك الواجب .. ففى مثل تلك الأحكام أو الواجبات المقيدة .. لاتطالب الشريعة أحدا بالسعى لتحصيل الأسباب أو اتمام الشروط .. بل تطالبه بالعمل إذا توافر الشرطان




                      نعم سيدي كلام المفكر وحيد الدين خان واضح ودقيق وصريح
                      ولكن من قال أن واجب إقامة شرع الله وتعبيد المسلمين لربهم غير مطلق 0 هو مطلق إلا في حالة العجز عن ذلك لأنه بذلك يدخل في الأعذار ولن يكون العجز بمجرد أن أدعي أنني عاجز دون حركة وممارسة وتحدي للصعاب وتذليل للعقبات وإلا لجلس رسول الله في مكة وما خرج للطائف وما هاجر للمدينة وما قام بما حكته لنا كتب السيرة عن جهاده ودعوته وحركته وما تحرق قلبه لإيمان الناس 0 ولجلس في مصلاه بارد القلب وقال يارب قومي حاربوني وحاصروني في الشعب وقتلوا أصحابي وأتباعي ولا طاقة لي بهم 0 يارب أنت تعلم أن قلبي معلق بك 0 وهذا هو جهدي وهذا ما أملك 0 سيرة الحبيب غير هذا تماما جاع وجاهد وصبر وصابر وثبت وتحدى وجرح وكسرت رباعيته وبنى العزة في قوم كانوا أذلاء بين الفرس والروم



                      وأخيرا أقول : أنه في ظل الرغبة المحمومة من جماعات لم تتحقق لها شروط التمكين فى الأرض .. لتطبيق الشريعة على جماعات من البشر لم ترتضي الإسلام دينا .. هو أشبه بمحاولة استنبات بذور فاسدة فى الهواء .. وأن الطريق الصحيح هو إقامة مجتمع رباني عبر آليات الدعوة المتاحة .. وبشرط أن يتحقق للقآئمين عليها صفات الربانية .. وأن نتعامل مع الناس بمفهوم الهداية إلى الله .. وليس بمفهوم التجنيد .


                      ياسيدي الحبيب
                      إن التمكين لن يأتي دون عمل وجهاد ودعوة وخوض غمار المشاق وتحقيق الربانية في النفوس والقلوب بغية أن ينظر الله إلى الأرض فيرى أمة من الناس قائمة بأمره جادة في العمل له وبه فيمكن لهم 0وقد لا يدرك العامل التمكين وقد لا يرى شيئا من الثمرة وقد يكون مصيره القتل ولكنها رسالة لا يحملها إلا أصحاب القلوب الكبيرة والهمم العالية 0 وشعار العاملين في هذا كما يقول قائلهم رحمه الله ( حتى إذا خلت نفوسهم من حظ نفوسهم حتى من شهوة الإنتصار لهذا الدين مكن الله لهم في الأرض )0
                      أن التمكين لن يأتي وأعداء الله يخططون ولديهم مكر الليل والنهار للقضاء على هذا الدين 0 إن المراقص والملاهي والقنوات في بلاد المسلمين لتفتن العابد عن عبادته 0 إن التمكين لن يأتي وعباد الله يحال بينهم وبين عبادته وتوضع علامات الإستفهام حول كل من استقام على أمر الله وكأن المسلم في بلده متهم حتى تثبت براءته 0 إن التمكين لن يأتي والمسلم تعطل معاملاته وتساء معاملته وتضيع حقوقه 0 ياسيدي مُنع الحجاب الشرعي في بعض بلدان المسلمين - ودون تسمية حتى لا نجرح أحدا - بأمر رسمي من الحكومات العلمانية 0 وفُتحت أبواب البغاء أمام الداخلين لهذه البلدان شريطة استعمال وسائل الأمان خوفا من الإيدز ( وليس من الله )

                      ولله در القائل :-
                      قل للمليحة في الخمار الأسود
                      000000 000000ماذا فعلت بناسك متعبد
                      قد كان شمر للصلاة رداءه
                      0000000000حتى خطرت له بباب المسجد

                      هذا وهي بالخمار الأسود
                      فكيف بالأحمر والفوشيا
                      وكيف بالنصف كم
                      وكيف بغير الكم
                      وكيف ببطن عار
                      وكيف برداء البحر
                      وكيف وكيف وكيف

                      شكرا استاذي الحبيب والكبير
                      لسعة صدركم ونبل خلقكم وعظيم
                      حلمكم على غِر مثلي

                      أخوكم الصغير
                      عارف عاصي
                      التعديل الأخير تم بواسطة عارف عاصي; الساعة 04-07-2007, 09:58.

                      تعليق

                      • خليل حلاوجي
                        عضو الملتقى
                        • 04-06-2007
                        • 97

                        #12
                        السادة الاحبة الكرام

                        سلام الله عليكم اجمعين

                        قرأت بحثا ً هاما ً للدكتور طه جابر العلواني عن حد الردة

                        احاول البحث عنه والعثور عليه لان جاء برأي مغاير تماما ً لما ألفناه

                        احبتي في الله : الموضوع مدهش حقا ً

                        وسأعود لاتمام النقاش بحول الله وقدرته

                        تعليق

                        يعمل...
                        X