::
:: ::
:: :: ::
:: ::
:: :: ::
[align=center]
اِرتَدَى الغُروبُ قُفَّازَاتِ الغَسَق وَ تَأَهَّبَت السَّمَاءُ لِوَضعِ وِشَاحِ الدَّيجُور وَ مِعطَفِ الصَّقِيع دُونَ مُسَاعَدَةِ أُنثَى الغَمَام المُشَتَّتَة الكَيَان بَحثَاً عَن فِكرَةٍ بِحُلَّةٍ رَمَادِيَّة تَجعَلُ مِنهَا سَيَّدَةَ الحَفلِ الأُولَى وَ المَشهُورَة بِأَرصِدَتِهَا المُودَعَة فِي مَصرِفِ المَاءِ الزُّلال ...
وَ بِالقُرب كَانَ عَشيقُ النَّجمَاتِ ذَاكَ البَدرُ النَّبِيل قَد تَسَلَّلَ خِلسَةً .. زَاحِفَاً عَلَى خَدِّهِ الأَبيَض .. مُختَرِقَاً جُندَ السَّحَاب بِخِفَّةِ صُعُودِهِ السَّلالِم وَ دِقَّةِ تَوقِيتِهِ لِمُمَارَسَةِ الحِصَار عَلَى مَدَائِنِ الظَّلام الغَارِقَة فِي صَمتِهَا .. الصَّاخِبَة بِأَنوارٍ مُقَندَلَة وَ مَصلُوبَة لِرَاحَةِ نَفسِ الهَزِيعِ الأَخِيرِ مِنَ الحِكَايَات ...
وَ فِي خِضَمِّ اِنقِلابَاتِ حَاشِيَةِ اللَّيلِ عَلَى قَمِيصِ النَّهَارِ المُجَعَّد تَثَاءَبَت عَقَارِبُ السَّاعَة لِتُعلِنَ لِلوَقتِ أَنَّ الفَضَاء قَد لَبِسَ خُلُقَهُ الضَّيِّق وَ اِنتَعَلَ الأَرصِفَة المُصَابَة بِالدُّوار بَحثَاً عَن بارِقَةِ غَفوَةٍ بَينَ ضَفَائِرِ البُطءِ الحَانِق ...
بَينَمَا جَلَسَت هِيَ بِالقُربِ مِن نَافِذَتِهَا الصَّدِيقَة تَحكِي لَهَا الأَرَقَ بِزَخمِ أَنفَاسٍ حَارِقَة تَنفُثُهَا كَأُسطُورَةِ التِّنِّين مِن كِبريتِ رَئَتَيهَا فَوقَ ظَاهِرِ أَدِيمِ الزُّجَاج المُرتَجِف لِهَولِ سَطوَةِ الصَّقِيعِ عَلَى جَسَدِهِ الأَملَس ...
وَ بَعدَ كُلِّ مُحَاوَلَةٍ شَرِهَة تُبتَلَعُ صُورَةُ الطِّرِيق بِضَبَابِيَّةِ الزَّفِير المُصَنَّع فِي مَعَامِلِ قَلَقِ الرُّوح إِلَى أَن تَتَسَابَق البَنَان بِشَقَاوَةِ الأَطفَال لِرَسمِ الحُروفِ وَ الأَرقَام عَلَى لَوحِ الجَّلِيد وَ مِن ثَمَّ إِزالَة العَبَث السَاذَج بِمِندِيلِ أَكُفِّهم الغَضَّة ...
هَكَذَا شَهِدَت سَتَائِرُ جُحرَهَا المُلَوَّن بِشَتَّى أَقلامِ الصَّمت بِأَنَّهَا تُمَارِسُ أَوَّلَ الجُّنُون بِشَغَبِ طِفلَة وَ مِن ثَمَّ يَنتَقِل دَبِيبُ نَملِ الرَّعشَة إِلَى جَسَدِهَا النَّحِيل مُعلِنَاً بِصَرخَةِ بُوقِ الهَذَيَان تَسجيلَ حُضُورٍ مَلآن لِلشَتَاتِ عَلَى رَأسِ قَائِمَةِ المُحتَفِلِين بِمِيلادِ وَردَةٍ بِلَونِ الرِّيح ...
بَعدَهَا بِنَظرَةٍ تَقتَلِعُ نَاصِيَةَ ذَوائِبِ الدَّربِ المُؤَدِّي إِلَى حُلمِهَا وَ بِاِستِدَارَةٍ كَامِلَة لِأَمنِ مُرورِ الحَدَق يَصفُرُ الاِمتِعَاضُ بِتَشَنُّجِ الوَجَع تَحتَ طَبَقِ الصَّدر بِأَنَّة تَلتَوِي لَهَا ضُلُوعُ الصَّبرِ المُتَقَوِّسَة وَ تَقرَعُ الدُّمُوع جَرَسَ الجُّفُون سَحَّاً لا يَمُتُّ بِغَلَيَانِهِ لِذَاكَ الفَصلِ المُتَمَرِّد عَلَى الدِّفءِ بِأَدنَى صِلَة ...
فَجأَةً يَسكُنُ الاِضطِرَاب سَاقَيهَا فَتَبدَأ بِعَزفِ لَحنٍ يَكسِرُ قَيدَ هُدُوءِ الأَشيَاء كُلَّمَا تَوَغَّلَ أَكثَر فِي التَّنقِيبِ عَن الظُّرُوفِ الَّتِي جَعَلَت كُلَّ مَن يَسهَر مَع قَلَقِهَا أَخرَسَاً يَشكُو الهَواءَ عَجزَهُ وَ ضَعفَ حِيلَتِهِ فِي دَغدَغَةِ فَرَاغِهَا بِلِسَانٍ مَقطُوع ...
وَ كَعَادَتِهَا فِي كُلِّ لَيلَةٍ مِن لَيلاتِ الهُجرَان البَارِدَة تَتَجَرَّعُ الفَجرَ بِقَدَحِ شَالِهَا الصُّوفِيّ حِينَمَا تَعبَثُ بِهِ نَسمَةٌ هَارِبَة مِن مُعتَقَلِ البَحرِ الهَائِمِ بِمُدَاعَبَةِ النَّوارِسِ لِمَوجَاتِهِ مُحَاوَلَةً مِنهَا لِإِغواءِ اللَّحَظَات بِعِنَاقِ أَجنِحَتِهَا لِتَغسِلَ عِبءَ هُمُومِ الكَائِنَاتِ الَّتِي وَشَت بِهَا أَصدَاءُ اِنكِسَارَاتِهِم فَحَبَلَت بِهَا الرِّيشَات ...
عِندَهَا فَقَط تَنتَفِضُ كَعُصفُورَةِ الصَّبَاح وَ تَمُدُّ ذِراعيهَا وَ كَأَنَّهَا تَستَقبِلُ أَعزَّ إِنسَانٍ عَلَى قَلبِهَا !
وَ عَلَى عَجَلَة يَنخَسِفُ الضَّعفُ عَن جَسَدِهَا الأُنثَوِيّ بِاِرتِكاسَةِ مَسَامِهَا لِدِفءِ مَاءِ الاِستحمَام وَ اِغراءِ أَنَامِلِ رَغوَةٍ لَيمُونِيَّةٍ مُنعِشَة لَطَالَمَا كَانَت لَهَا القُدرَة عَلَى إِيقَاظِ أَكثَرِ مَلامِحهَا غَرَقَاً فِي سُبَاتِ اليَأس ...
: ( تَلتَحِفُ بِقطعَةِ قُمَاشٍ بَيضَاء وَ تُلقِي بِتَحِيَّةِ الصَّبَاح عَلَى أَنَاهَا المُبتَسِم بِصُعُوبَة فَوقَ شُروخِ مِرآتِهَا المُتَعَرِّجَة ..
: ( تَستَقطِبُ أُنوثتهَا بِمُرَاقَصَةِ خِصَلِ شَعرِهَا الأَسوَد وَ إِلقَاءِ القَبضِ عَليهِ بِرَبطَةٍ حَمراء كَدَمِ الغَزَال ..
: ( تُلَملِمُ أَورَاقَهَا المُبَعثَرَة وَ بَقَايَا طَبَاشِيرٍ مُلَوَّنَة ..
: ( تَلبَسُ ثَوبَهَا الفَضفَاض الطَّويل وَ تَستُرُ رَبطَتهَا الحَمراء وَ حَريرهَا الأَسوَد بِحِجَابِ الشَّرقِيَّةِ الغَيُور ..
: ( تَصعَدُ حَافِلَة المَدرَسَة وَ تُلقِي بِتَحِيَّةٍ رَاقِيَة عَلَى أَوَّلِ الأَفواه قُدرَةً عَلَى كَسرِ حَاجِزِ السُّكُون الزَّاحِم ..
: ( تُمَارِسُ قَضمَ مَسَافَاتِ الوصُول بِفَكَّيّ تِمسَاحٍ يُغَازِلُ الفَريسَة رَيثَمَا يَنكَبُّ عَليهَا بِشَهوَةِ اِفتِرَاس ..
: ( تَأكُلُ أَوَّلَ تُفَّاحَاتِ العُبُور وَ تَختَرِقُ عَتَبَةَ غُرفَةٍ وَاسِعَة تَجتَاحُ أَرضَ الصَّمتِ بِتَرَدُّدِ دَوِيّ ثَلاثِينَ عِبارَةٍ مُتَشَـــابِهَة مِن ثَلاثِينَ حَبلٍ صَوتِيّ مُختَلِف تَصدَحُ بِــ " صَبَاحُ الخَيرِ يَا مُعَلِّمَتِي "
: ( آنَذَاك وَ بِاِبتِسَامَةٍ خَضرَاء كَمَا الرُّبَى لِلوجُوه البَريئَة تُعلِنُ حُرِّيَّتَهَا التَّامَّة مِن زِنزَانَةِ الإِيمَاءَاتِ البَكمَاء بِرَفعِ رايَةِ الكَلام بِصَدَىً يَتَرَدَّدُ عَلَى سَمعِ حَبَّاتِ مَطَرِ الحَيَاة بِــ " صَبَاحُكُم نُورٌ يَا أَبنَائِي "
... ... تَستَدِيرُ كَمَا النَّسمَة وَ تُبَسمِلُ بِــ " حَسَنَاً " دَرسُنَا اليَوم
** "" اِنحِسَارُ اللَّيل وَ قَعقَعَة الحَيَاة "" [/align]
[align=center]جُمَان الرُّوح
صَدَى المَطَر[/align]
طَازَجَة فِي تَمَامِ مَدِّ الرُّوح
وَ جَزرِ البَوح
4 - 12 - 2008
وَ جَزرِ البَوح
4 - 12 - 2008
تعليق