((عطش)) قصة الشاعر: مهتدي مصطفى غالب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مهتدي مصطفى غالب
    شاعروناقد أدبي و مسرحي
    • 30-08-2008
    • 863

    ((عطش)) قصة الشاعر: مهتدي مصطفى غالب

    عطش

    تأليف الشاعر: مهتدي مصطفى غالب

    غريبة أنت يا عيوني ...تبكين حين الفرح .. تضحكين حين الحزن ... غريبة أنت يا عيوني سفنك المبحرة في البعيد البعيد تجر الموانئ إليها ... بينما الليل يعيِّد في عيون النساء العائدات من الحقل ...
    حزينة أنت يا عيوني ...الجفاف يخيم على خلجان وجهك ...و هذه الأرض لم تذق الماء منذ عمر طويل ، لعلها نسيته أو نسيت مذاقه ، إنها في حالة عطش قارس له، و في كلِّ خطوة فتحت فماً لاستقبال نهر من الماء .... حزينة أنت يا عيوني ..
    و هاأنذا جلجامش العائد من رحلة البحث عن اللقمة ، أحمل بين يدي زجاجة خمر معتقة ، حصلت عليها بعد تخمير عرقي في جرار التعب و الغربة و القهر ، و على بوابتك يا عيوني ، كانت عيون الأطفال ترقبني كالفهود الهندية السوداء ، و هي تستعد للخروج من وجوهها و تشرب ((بقاً)) مما معي
    - إنه خمرٌ ... ألا تصدقونني ؟؟!!
    + لا عليك ... إنه سائل كالماء ..بل هو الماء بعينه
    - إنه خمر و يُسكر !!
    + أتريدنا أن نسكر أم نموتَ عطشاً ؟؟!!
    ركضت فاراً بكنزي العظيم .. فركض خلفي الأطفال و الشيوخ و النساء و الرجال و الشباب ... هربت إلى الأمام ، و كلما سقطت قطرة من الزجاجة نتيجة هزات الركض و الخوف .. كانت أظافرهم تتحول لمعاول تشقُّ الأرض و ألسنتهم تمتد كالجذور متعمقة في الأرض باحثة عنها بين الشقوق ...تمسكت بعمق بزجاجتي كأنني صرت هي و صارت أنا ..خائفا عليها العطش الكاسر و مخالبه الملتوية حتى الحلق .. و فجأة ..آه .. سقطت على الأرض .. أفلتت الزجاجة من كفي و راحت تتدحرج إلى أن ارتطمت بصخرة لئيمة ... فاندلق ما فيها على التراب ليرسم خريطة من ضحك و بؤس ..و صلت الأيدي التي كانت تلاحقني ..اختفيت خلف شجرة هرمة ذابلة ، أرقب ضياع جني العمر وردة الأبدية و الخلود..امتدت الأيدي نحو الخمر لاستقباله ، اشتد الصراع فيما بين الأيدي و الأظافر و الأنياب و الأفواه و الشيوخ و الرجال و النساء و الأطفال ... و عندما هدهم الصراع بتعبه .. نظروا جميعاً بما فيهم أنا إلى زجاجة الخمر الفارغة .. لتبدأ ديدان الأرض تروي عطشها.. من نهر الدم الذي خرج من شرايينهم و أوردتهم ...
    حينها بدأت يا عيوني... تضحكين
    ليست القصيدة...قبلة أو سكين
    ليست القصيدة...زهرة أو دماء
    ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
    ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
    القصيدة...قلب...
    كالوردة على جثة الكون
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل الشاعر
    مهتدى مصطفى صالح

    وقفت أمام نصك الرمزي منبهرة
    وجلجامش يمسك بالقارورة ويجري بها.. أكانت التاريخ المعتق العتيق..أم الحضارة..وإن يكن
    وعلى بوابة بغداد امتدت الأيدي لتسفك الدماء
    رائع نصك
    عميق
    يغور كثيرا
    قصة تستحق القراءة ألف مرة
    تحياتي لك سيدي الكريم
    التعديل الأخير تم بواسطة عائده محمد نادر; الساعة 23-06-2009, 20:46.
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • مهتدي مصطفى غالب
      شاعروناقد أدبي و مسرحي
      • 30-08-2008
      • 863

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
      الزميل الشاعر
      متهدى مصطفى غالب
      وقفت أمام نصك الرمزي منبهرة
      وجلجامش يمسك بالقارورة ويجري بها.. أكانت التاريخ المعتق العتيق..أم الحضارة..وإن يكن
      وعلى بوابة بغداد امتدت الأيدي لتسفك الدماء
      رائع نصك
      عميق
      يغور كثيرا
      قصة تستحق القراءة ألف مرة
      تحياتي لك سيدي الكريم
      الزميلة الأديبة عائدة محمد نادر
      أشكر اهتمامك هذا و رأيك الجميل
      فمن أوروك إلى بغداد إلى دمائنا تمتد جسور من الغزوات و الأسى و الإنتصارات و الحضارات التي مهما حاولوا طمسها لن يستطيعوا لأنها أهم جزء من تاريخ البشرية ... هي رؤية البحث الدائم عن الخلود الذي نضيعه بين أجسادنا التي نمزقها ببقايا جهلنا العدمي المخيف
      لكن اسمي هو مهتدي مصطفى غالب (و أتمنى و أسعى دائماً كي أكون صالحا)
      مع محبتي و مودتي
      ليست القصيدة...قبلة أو سكين
      ليست القصيدة...زهرة أو دماء
      ليست القصيدة...رائحة عطر أو نهر عنبر
      ليست القصيدة...سمكة .... أو بحر
      القصيدة...قلب...
      كالوردة على جثة الكون

      تعليق

      يعمل...
      X