الشاعرة المميزة نجلاء الرسول:
تحية طيبة وبعد،،
في غرابة هذا النص واختلافه في الانوجاد على غير عادة المقول، تتربص اللغة بمتوّج الذهول لتتواطىء مع انخطافه المفاجىء، سارقة اياه في افتتان يليق بمقام العصيان الانثوي، تسترجع معه الصورة الشعرية في تشكلاتها المبرقة والمهتزة لتمعلم قصيدة الأنثى باقتدار بليغ:
"تلك الهجرة ُ التي سكنتْ مِخلبَهُ المُدمى بالشوقْ
لعقــتها جنيةُ الذئابِ"
يرى خوان غويتيسولو في ملاحظاته حول شاعرية انخيل فالنتي ان "ذاكرة التخيل النشطة لدى الشاعر.. تسمح له بالهجرة من المحسوس الى المتخيل، العبور من الصمت الى الغناء، دون ان يكسر من اجله الصمت الخالق للقصيدة".
لا استطيع ان أقرأ "جنية الذئاب" إلا على أساس أنها الشاعرة، التي تستطيع أن تُرَكِّب من تورّمات الذاكرة الشعرية مشهدية تتراقص في خلفيتها المضاءة بالغموض غرابة اللغة والتراكيب الشعرية المناوئة تماما للقاموسية القارة.
فما بين الهجرة والمخلب يتأسس الفرار والهروب، لكن الشاعرة وظفت الهجرة واقحمت الشوق في حقل المخلب لتقارب بين المتناقضات حتى تستطيع ان تجترح غرابات المقول وترسم صورة غامضة فنيا لمخاضات الولادة الشعرية "الانثوية"، والقرينة الشعرية التالية تكشف شيئا من ذلك:
"لعقــتها جنيةُ الذئابِ.."
فاللعق يرتبط عند البشر باللذة، ولعق الإناء يكون طلبا للاستزادة من لذة المأكول، وعندما تلعق الجنية الهجرة، فكأنما الشاعرة، تريد ان تمنح الهجرة بعدا غرائبيا ينطبق على عبور الجنية من عالم الخفاء الى عالم الظهور، ومدى ما يخلقه من دهشة وصدمة، وعبر هذه الصورة تريد الشاعرة ان تقدم مخاض الولادة الشعرية المقرون بالانثى في غراباته المستحيلة، والنص الحاضر شاهد على ذلك.
ثم تتابع بعد ذلك انتاج الصور في نفس مستوى الغرابة المقولية:
"تصلب طفله المسيح.." والصلب يرتبط بالفداء، وكأن الشاعرة تمتح من معين الغرابة استقداما لمتعوية الشعر الذي يريح من تعب السيرورة، وما يقوّي من احتمال المعنى في استقدام متعة الشعر، هو الجملة الشعرية التالية:
"تشربُ صورتها في النهرْ"
والدلالة الرمزية لا تحتاج الى تدليل، حيث الإشارة واضحة الى اسطورة نرجس، فذبول الشخص في الاسطورة انتج وردة النرجس، وكذلك هي الشاعرة حينما شربت من الهجرة واستلهمت الفداء من صلب المسيح، انتثرت وردا على حواف الانكسار الانساني من خلال رمزية نرجس.
تحاول الشاعرة وهي تحيك عالم شعرية الانثى ان ترد بعض الإيجاب الى سلبية بعض المفاهيم الدارجة في الوعي الجمعي، لتكرّس غرابة المنحى المقولي إمعانا في ابراز خصوصية صوت الانثى:
"وهي فيهِ تخاطبُ الموتَ الذي تأبَّدَ قامتهُ.."
عندما يتأبد الموت قامته، فالمعنى يحمل دلالة الديمومة، لانه يستحيل ان تعود الحياة بعد الموت، وبما ان المخاطِب انثى، فمخاطبة الديمومة معناه حوارية البقاء من خلال ما تراه الشاعرة ادوات مَكْرِية في تصور الآخر تحاول ان تسدّد الرؤية اليها من خلال اعادة ترتيب التصور:
" أن اخلعْ نعالكَ المزوَّرةِ ببصمةِ المَكرِ
ونادي يا نسائي يا نسائي ... يا كلُّكنَّ في سخطي وكفري ... يا دمى العرَّافِ الماجنةْ*"
المخاطِبة تطلب من المخاطَب ان ينادي على النساء بعدما رتبت مشهدية الديمومة،
ليعيد جس معطيات رؤيته المكرية لهن، فما يراه سلبا هو اداة استشراف لدى الانثى تطالع بها الحياة من حولها وتستقصي متخفيها، وليس ذلك بمكر وانما رؤية استشرافية بدلالة المقول الابهاري المتاح في شعرية "زنديق القرن الوحشي"، وعند هذا المستوى استطيع ان اجد تواصلا بين العنوان والنص، من خلال مفردة القرن، والتي هي من مفردات الحقل الدلالي للجن الذي يحمل قرنا حسب التصور الاسطوري لصورة الجن، فالشاعرة تموقعت نصيا حسب دلالات القرائن وسياقات المعنى كـ "جنية"، ومن ثم نستقرىء الصراعية بين الانوثة والذكورة في عالم شعرية الانثى والتي تحسم لصالح الاخيرة : بدلالة النهاية الشعرية:
"يا أيُّها الإيمانُ في عيونِكنْ ... زنديقٌ أنا"
فعالم الانثى منحوت بالعيون المقرونة بالايمان بينما عالم المخاطِب غامض مهموّم في تعتيم المعنى، حتى ان طبيعته تستنتج من المقابلة بالعيون الملحقة بالأنثى.
دمتم مميزين ودامت لكم مسرة الشعر.
احترامي.
عبد الحفيظ.
تحية طيبة وبعد،،
في غرابة هذا النص واختلافه في الانوجاد على غير عادة المقول، تتربص اللغة بمتوّج الذهول لتتواطىء مع انخطافه المفاجىء، سارقة اياه في افتتان يليق بمقام العصيان الانثوي، تسترجع معه الصورة الشعرية في تشكلاتها المبرقة والمهتزة لتمعلم قصيدة الأنثى باقتدار بليغ:
"تلك الهجرة ُ التي سكنتْ مِخلبَهُ المُدمى بالشوقْ
لعقــتها جنيةُ الذئابِ"
يرى خوان غويتيسولو في ملاحظاته حول شاعرية انخيل فالنتي ان "ذاكرة التخيل النشطة لدى الشاعر.. تسمح له بالهجرة من المحسوس الى المتخيل، العبور من الصمت الى الغناء، دون ان يكسر من اجله الصمت الخالق للقصيدة".
لا استطيع ان أقرأ "جنية الذئاب" إلا على أساس أنها الشاعرة، التي تستطيع أن تُرَكِّب من تورّمات الذاكرة الشعرية مشهدية تتراقص في خلفيتها المضاءة بالغموض غرابة اللغة والتراكيب الشعرية المناوئة تماما للقاموسية القارة.
فما بين الهجرة والمخلب يتأسس الفرار والهروب، لكن الشاعرة وظفت الهجرة واقحمت الشوق في حقل المخلب لتقارب بين المتناقضات حتى تستطيع ان تجترح غرابات المقول وترسم صورة غامضة فنيا لمخاضات الولادة الشعرية "الانثوية"، والقرينة الشعرية التالية تكشف شيئا من ذلك:
"لعقــتها جنيةُ الذئابِ.."
فاللعق يرتبط عند البشر باللذة، ولعق الإناء يكون طلبا للاستزادة من لذة المأكول، وعندما تلعق الجنية الهجرة، فكأنما الشاعرة، تريد ان تمنح الهجرة بعدا غرائبيا ينطبق على عبور الجنية من عالم الخفاء الى عالم الظهور، ومدى ما يخلقه من دهشة وصدمة، وعبر هذه الصورة تريد الشاعرة ان تقدم مخاض الولادة الشعرية المقرون بالانثى في غراباته المستحيلة، والنص الحاضر شاهد على ذلك.
ثم تتابع بعد ذلك انتاج الصور في نفس مستوى الغرابة المقولية:
"تصلب طفله المسيح.." والصلب يرتبط بالفداء، وكأن الشاعرة تمتح من معين الغرابة استقداما لمتعوية الشعر الذي يريح من تعب السيرورة، وما يقوّي من احتمال المعنى في استقدام متعة الشعر، هو الجملة الشعرية التالية:
"تشربُ صورتها في النهرْ"
والدلالة الرمزية لا تحتاج الى تدليل، حيث الإشارة واضحة الى اسطورة نرجس، فذبول الشخص في الاسطورة انتج وردة النرجس، وكذلك هي الشاعرة حينما شربت من الهجرة واستلهمت الفداء من صلب المسيح، انتثرت وردا على حواف الانكسار الانساني من خلال رمزية نرجس.
تحاول الشاعرة وهي تحيك عالم شعرية الانثى ان ترد بعض الإيجاب الى سلبية بعض المفاهيم الدارجة في الوعي الجمعي، لتكرّس غرابة المنحى المقولي إمعانا في ابراز خصوصية صوت الانثى:
"وهي فيهِ تخاطبُ الموتَ الذي تأبَّدَ قامتهُ.."
عندما يتأبد الموت قامته، فالمعنى يحمل دلالة الديمومة، لانه يستحيل ان تعود الحياة بعد الموت، وبما ان المخاطِب انثى، فمخاطبة الديمومة معناه حوارية البقاء من خلال ما تراه الشاعرة ادوات مَكْرِية في تصور الآخر تحاول ان تسدّد الرؤية اليها من خلال اعادة ترتيب التصور:
" أن اخلعْ نعالكَ المزوَّرةِ ببصمةِ المَكرِ
ونادي يا نسائي يا نسائي ... يا كلُّكنَّ في سخطي وكفري ... يا دمى العرَّافِ الماجنةْ*"
المخاطِبة تطلب من المخاطَب ان ينادي على النساء بعدما رتبت مشهدية الديمومة،
ليعيد جس معطيات رؤيته المكرية لهن، فما يراه سلبا هو اداة استشراف لدى الانثى تطالع بها الحياة من حولها وتستقصي متخفيها، وليس ذلك بمكر وانما رؤية استشرافية بدلالة المقول الابهاري المتاح في شعرية "زنديق القرن الوحشي"، وعند هذا المستوى استطيع ان اجد تواصلا بين العنوان والنص، من خلال مفردة القرن، والتي هي من مفردات الحقل الدلالي للجن الذي يحمل قرنا حسب التصور الاسطوري لصورة الجن، فالشاعرة تموقعت نصيا حسب دلالات القرائن وسياقات المعنى كـ "جنية"، ومن ثم نستقرىء الصراعية بين الانوثة والذكورة في عالم شعرية الانثى والتي تحسم لصالح الاخيرة : بدلالة النهاية الشعرية:
"يا أيُّها الإيمانُ في عيونِكنْ ... زنديقٌ أنا"
فعالم الانثى منحوت بالعيون المقرونة بالايمان بينما عالم المخاطِب غامض مهموّم في تعتيم المعنى، حتى ان طبيعته تستنتج من المقابلة بالعيون الملحقة بالأنثى.
دمتم مميزين ودامت لكم مسرة الشعر.
احترامي.
عبد الحفيظ.
تعليق