الفراشة .. و بعوض التبة !
ثمة اختلاجٌ فى النفس , يعوق الروابط أحياناً , و أحياناً تتحطم معه كل القيود و تتفتت.
ملامح الجينات متفقة .. همتها الذكورية رغم أنوثتها , وبراءته الطفولية رغم رجولته .. تراكمات ذهنه رسبت فيها التوحش و الوفاء , و صارت أطواداً ناضجةً عاشقةً للعقد المقروط فى جيد الثريا .. لكنها لم تدنس دماء الأوردة.
التطبع واجباً عليها , لكنه لم يكن مفروضاً , والطبع الذى ولدت به بالتأكيد غالبٌ .. كانت تؤمن أن الدار و القراريط و هي , ونور عينها وجهدها كله من أملاكه .. رواسب الأيام كسخافات البعوض الناذح من خلف التبة الصامدة .. وحواديت الخالة "عنود" لا ينضب كل ليلة .. أحياناً كانت تتعفن منها القصة وترميها فى قاع الخُرُجُ المشدود من عنق حمارها بتوازن على الجانبين ـ رغم الحبكة و الأحداث ـ تعيد وتزيد قصته المفضلة ـ التبة ـ مرات ومرات , تطربه بأحداث مشوقة وجديدة لم تحكها من قبل , فيفور و يثور كالأطفال رغم تخشن لحيته , وينهرها :
ـ إنتي كذابة ياعنود موش دى الحدوتة .
فتخونها أنوثتها و تنفضح فى ضحكتها الرنانة :
ـ ورحمة أمى ما بكدب يا مبروك.
تعود للبداية , يصغى إليها بأذنٍ أرنبية .. وبدون إذنٍ منها يقضم حمارها القاطن فى صحن الدار حب الفول اليابس .. الجاهز للزراعة من النجمة .
يدفن رأسه فى الحصير , جاعلاً من سبابتيه سُدادتين لأذنيه .. يجف وجهها و تتوقف عن السرد , تهدهد شعره الحلزوني بيدها المسترسلة بعوامل التعرية , ينكمش و يتكور فى حِجرها .
لم يكن بقاءها دون رجل بأمر يهددها , هي قدها وقدود .. بمائة رجل , ودائماً جاهزة لمقاومة الأيام بلا ذكور .. هكذا كانت تصف له شخصيتها متى توسد ركبتها مختبىءً من الكلاب النبّاحة والبعوض الطنّان ..!!
تسكب عليه بعض أغنيات التبة ممررةً يدها اليابسة على جسده المتكور ؛ ليهدأ , يشعر بخدرٍ يملأ نخاعه الشوكي , وعندما تزحف نحو ذقنه الشائكة يقشعر و يتداخل فى بعضه كالدودة .. يزداد انكماشاً , يدور فى حِجرها دورة كاملة .. يتعدد الأطوار .. يتخلق في رحم الليل .. يرقة باهتة المعالم , تتشرنق و تنقر جدارها .. تثقبه .. تخرج من فتحة صغيرة .. تتضح تدريجياً .. !!
فراشة .. انطلقت .. حلقت بعيداً بعيداً .. طافت كل الأرجاء .. راحت التبة لفت كل الحقول وقبلت كل الزهور , انتشت أريجها و تراقصت مع الأنفار .. عزفت معهم أغنيات الزرع و القلع و داعبت شواربهم المهملة , شذبتها بهندامٍ .. جففت جباههم المتفصدة بعرق ملون .. ثم انحدرت خلف التبة مع الحقول , البعوض المستوطن هناك لمحها .
خرج الكبير , بلاعنق .. أمرهم بالانطلاق :
ـ أمسكوها .. أمسكوها .
هاج أتباعه .. حركوا أجنحتهم و سمعوا الكلام ..
اندفعت نحو حقول الفول ؛ تواري جسدها الرقيق بالأوراق الخضراء .. انتظرت حتى تمر الجيوش .. كان الكلب ممددا بين السيقان .. رمقها , تأكدت من نيته الخبيثة , ولم تجد مفر من العودة ..
فغر فاه ولاحقها متأهباً .. توعدها بكلماتٍ ممتلئة بالافتراس .. سمعته جحافل البعوض فجددت طنينها .
أدركها الإعياء .. خسرت كل طاقتها .. أصابها الدوار .. تأكدت أنها فريسة سهلة .. سقطت متلاهثة ..
انقض عليها الكلب بضراوة , يرضى لعابه السائل و أنيابه البارقة .. دنا منها بفاهٍ مشقوق .. بكت .. جذبها بلسانه وفتح فكاه مبعداً العلوي عن السفلي ؛ ليطبقهما و يزيحها إلى معدته دفعة واحدة .. !!
صرخت :
ـ إلحقني يا مبروك .. الحمار أكل الفول كله !
فانتفض مبروك لاهثاً .. و استل عصاه الرُمان .. وفتتها على رأس كلبٍ ينبح بالخارج .
ملامح الجينات متفقة .. همتها الذكورية رغم أنوثتها , وبراءته الطفولية رغم رجولته .. تراكمات ذهنه رسبت فيها التوحش و الوفاء , و صارت أطواداً ناضجةً عاشقةً للعقد المقروط فى جيد الثريا .. لكنها لم تدنس دماء الأوردة.
التطبع واجباً عليها , لكنه لم يكن مفروضاً , والطبع الذى ولدت به بالتأكيد غالبٌ .. كانت تؤمن أن الدار و القراريط و هي , ونور عينها وجهدها كله من أملاكه .. رواسب الأيام كسخافات البعوض الناذح من خلف التبة الصامدة .. وحواديت الخالة "عنود" لا ينضب كل ليلة .. أحياناً كانت تتعفن منها القصة وترميها فى قاع الخُرُجُ المشدود من عنق حمارها بتوازن على الجانبين ـ رغم الحبكة و الأحداث ـ تعيد وتزيد قصته المفضلة ـ التبة ـ مرات ومرات , تطربه بأحداث مشوقة وجديدة لم تحكها من قبل , فيفور و يثور كالأطفال رغم تخشن لحيته , وينهرها :
ـ إنتي كذابة ياعنود موش دى الحدوتة .
فتخونها أنوثتها و تنفضح فى ضحكتها الرنانة :
ـ ورحمة أمى ما بكدب يا مبروك.
تعود للبداية , يصغى إليها بأذنٍ أرنبية .. وبدون إذنٍ منها يقضم حمارها القاطن فى صحن الدار حب الفول اليابس .. الجاهز للزراعة من النجمة .
يدفن رأسه فى الحصير , جاعلاً من سبابتيه سُدادتين لأذنيه .. يجف وجهها و تتوقف عن السرد , تهدهد شعره الحلزوني بيدها المسترسلة بعوامل التعرية , ينكمش و يتكور فى حِجرها .
لم يكن بقاءها دون رجل بأمر يهددها , هي قدها وقدود .. بمائة رجل , ودائماً جاهزة لمقاومة الأيام بلا ذكور .. هكذا كانت تصف له شخصيتها متى توسد ركبتها مختبىءً من الكلاب النبّاحة والبعوض الطنّان ..!!
تسكب عليه بعض أغنيات التبة ممررةً يدها اليابسة على جسده المتكور ؛ ليهدأ , يشعر بخدرٍ يملأ نخاعه الشوكي , وعندما تزحف نحو ذقنه الشائكة يقشعر و يتداخل فى بعضه كالدودة .. يزداد انكماشاً , يدور فى حِجرها دورة كاملة .. يتعدد الأطوار .. يتخلق في رحم الليل .. يرقة باهتة المعالم , تتشرنق و تنقر جدارها .. تثقبه .. تخرج من فتحة صغيرة .. تتضح تدريجياً .. !!
فراشة .. انطلقت .. حلقت بعيداً بعيداً .. طافت كل الأرجاء .. راحت التبة لفت كل الحقول وقبلت كل الزهور , انتشت أريجها و تراقصت مع الأنفار .. عزفت معهم أغنيات الزرع و القلع و داعبت شواربهم المهملة , شذبتها بهندامٍ .. جففت جباههم المتفصدة بعرق ملون .. ثم انحدرت خلف التبة مع الحقول , البعوض المستوطن هناك لمحها .
خرج الكبير , بلاعنق .. أمرهم بالانطلاق :
ـ أمسكوها .. أمسكوها .
هاج أتباعه .. حركوا أجنحتهم و سمعوا الكلام ..
اندفعت نحو حقول الفول ؛ تواري جسدها الرقيق بالأوراق الخضراء .. انتظرت حتى تمر الجيوش .. كان الكلب ممددا بين السيقان .. رمقها , تأكدت من نيته الخبيثة , ولم تجد مفر من العودة ..
فغر فاه ولاحقها متأهباً .. توعدها بكلماتٍ ممتلئة بالافتراس .. سمعته جحافل البعوض فجددت طنينها .
أدركها الإعياء .. خسرت كل طاقتها .. أصابها الدوار .. تأكدت أنها فريسة سهلة .. سقطت متلاهثة ..
انقض عليها الكلب بضراوة , يرضى لعابه السائل و أنيابه البارقة .. دنا منها بفاهٍ مشقوق .. بكت .. جذبها بلسانه وفتح فكاه مبعداً العلوي عن السفلي ؛ ليطبقهما و يزيحها إلى معدته دفعة واحدة .. !!
صرخت :
ـ إلحقني يا مبروك .. الحمار أكل الفول كله !
فانتفض مبروك لاهثاً .. و استل عصاه الرُمان .. وفتتها على رأس كلبٍ ينبح بالخارج .
تعليق