الأخ ابراهيم
رائع ما كتبت
وبديع ما وصفت
دمت مبدعا ورائعا
[ღ♥ღ ابتسم فالله ربك ღ♥ღ
حين تبتسم سترى على وجهك بسمة لم ترى أحلى منها ولا أنقى
عندها سترى عيناك قد ملئتا دموعاً
فتشعر بشوق عظيم لله... فتهب إلى السجود للرحمن الرحيم وتبكي بحرقة رغبةً ورهبة
تبكي وتنساب على خديك غديرين من حبات اللؤلؤ الناعمة الدافئة
هذه السيرة الأدبية لإبراهيم الدرغوتي
(كما حصلت عليها عبر البحث الشبكي)
إبراهيم درغوثي
قصاص وروائي تونسي
من مواليد 1955 بالمحاسن /توزر / تونس
يشتغل بالتدريس .
يشغل حاليا منصب نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسيين .
من مجموعاته القصصية :
1/ النخل يموت واقفا
ط(1) دار صامد: صفاقس / تونس 1989 _
ط(2) دار صامد:صفاقس / تونس 2000
2/ الخبز المـــــر
ط(1) دار صامد: صفاقس / تونس 1990
3/ رجل محترم جدا
ط(1) دار سحر: صفاقس / تونس 1995
4/ كأسك ...يا مطر
ط(1) دار سحر: تونس 1997
من رواياته :
1/ الدّراويش يعودون إلى المنفى
ط(1) دار رياض الرّيس: لندن بيروت 1992
ط(2) دار سحر: تونس 1998
ط(3) المتوسطية للطباعة والنشر / تونس 2006
2/ القيامة...الآن
ط(1) دار الحوار: سوريا 1994
ط(2) دار سحر: تونس 1999
3/ شبابيك منتصف الليل
ط(1) دار سحر: تونس 1996
ط(2) دار المعارف: تونس 2004
4/ أسرار صاحب السّتــر
ط(1) دار صامد : تونس 2002
5/ وراء السّراب ...قليلا
ط(1) دار الإتحاف: تونس 2002
ط(2) مركز الحضارة العربية - مصر 2004
6/ مجرد لعبة حظ
ط /1 منشورات المدينة / تونس 2006
تحصّل على جوائز عديدة منها :
1. جائزة الطاهر الحداد في القصة القصيرة 1989
2. الكومار الذّهبي جائزة لجنة التحكيم (1999) عن مجمل أعماله الروائية .
3. الكومار الذّهبي لأفضل رواية تونسية 2003 عن رواية : وراء السّراب قليلا
4. جائزة المدينة للرّواية 2004 عن رواية : مجرّد لعبة حظّ .
التّرجمـــــات:
1/ الدّراويش يعودون إلى المنفى ( فرنسية) نشر: دارأسود على ابيض – تونس / مرسيليا (1999) ترجمة أحمد الرمادي
2/ شبابيك منتصف الليل ( فرنسية) نشر : دار أسود علىابيض – تونس / مرسيليا (1999) ترجمة فتحية حيزم العبيدي
3/ تفاح الجنة ( قصة قصيرة) : ترجمة : دينس جونس- ديفس ( انجليزية ) نشرت ضمن مختارات من القصة العربية ـ نشر الجامعة الأمريكية / القاهرة – مصر –2000.
قام بترجمة :
1- ديوان شعري لحارب الظاهري من الإمارات العربية المتحدة
من العربية إلى الفرنسية .
الديوان بعنوان : شمس شفتيك / le soleil de tes lèvres
2 – ترجمة لأشعار صينية إلى اللغة العربية من خلال لغة وسيطة هي الفرنسية
من بينها :
* خمرة في غمازة / لمجموعة من الشعراء الصينيين الحداثيين
* ترجمة لمجموعة من قصائد الشاعر الصيني / دونغ هونغ .
3 – ترجمة لقصص قصيرة وحكايات من الأدب الصيني الحديث .
4 – ترجمة لجملة من الخرافات الصينية : des fables chinoises
5 – ترجمة كتاب نتي ( 86 نصا ) من قصص وأشعار عربية لكتاب منتدى " من المحيط للخليخ " من العربية إلى اللغة الفرنسية .
6 – صور في الذاكرة : مجموعة شعرية لمنير مزيد
من العربية إلى الفرنسية .
7 – مشرف على باب الترجمة في منتدى " أدبيات " الالكتروني
8 – مشرف على باب الترجمة في منتدى " من المحيط للخليج " الالكتروني "
9 – مشرف على باب الترجمة في و القصة في منتدى " مرافىء " الالكتروني
10 – مشرف على ركن القصة في منتدى " آفاق أدبية " الالكتروني
كتاباتي في القصة والشعر والرواية والترجمة والنقد منشورة في أكثر من 50 مجلة وجريدة ومنتدى الكتروني .
يقول عن نفسه في:
رواية الحرية .... حرية الرواية - شهادة ابداعية
في ثمانينات القرن الماضي خضت تجربة السجن . كانت المدة قصيرة ولكنها على كل حال جعلتني أعرف قدرا من المعاناة التي يعيشها البشر داخل جهنم الدنيا .فتعاطفت مع المسجونين في العفير والسجن المركزي وسجني العبيد والقليعة . وازددت مقتا للجلاوزة بمختلف رتبهم من العسكري البسيط إلى آمر السجن . لأن السجن واحد وإن اختلفت مواقعه ، والسجان واحد لئن ارتدى الدشداشة واعتمر الكوفية أو لبس كسوة الفرنجة . سيان لا فرق بين هذا وذاك الا بمعجم التلفظ الخاص بالسب والشتم .
كانت المناسبة التي عرفت فيها التحقيق وغرف السجن ، الحوادث التي عرفت بثورة الخبز. ا ندلعت حوادث الشغب في كل بلدات ومدن الجمهورية من جنوبها إلى شمالها . حوادث عفوية لم يؤطرها أحد من اليمين أو اليسار . وكاذب من يدعي عكس ذلك . لأن تلك الأحداث لو كان وراءها مؤطر لكان لها شأن آخر ...
احس المواطن أن السكين وصلت اللحمة الحية وبأنه لن يكون بمقدوره مستقبلا الحصول على قضمة الخبز فخرج للشارع ليعبر عن سخطه في غضبة قل نظيرها في تاريخ تونس الحديث . وبحث النظام الحاكم في تلك الفترة عن كبش فداء فوجد ظالته في المعارضة بمختلف أطيافها من يمين ويسار . فزج بالجميع في السجن.....
وبما أنني مغرم بالمثيولوجيا وقارئ نهم لكل الكتب التي تحدث عن اليوم الآخر وعجائب الجنة والنار فقد أردت أن أحاسب من موقعي كسجين سابق الجلاد والضحية ، فاستحضرت من رواية عبد الرحمان منيف ، الشهيري والعطيوي ، آمري سجني العبيد والعفير وعادل الخالدي وطالع العريفي ، وهما ضحيتان من ضحايا السجن .
ورؤية القاص لها علاقة وطيدة بالتربة والطين/ الإنسان، الحجارة /الإنسان
وقال في رواية: الدراويش يعودون إلى المنفى -
قال: حدتني يحي بن عقاب قال :
"رأيت قبر حاتم طيء ببقة وهو أعلى جبل ، و له واد يقال له الخابل ، و إذا قدر عظيمة من بقايا قدور حجر مكفأة في ناحية من القبر، وهي من القدور التي كان يطعم فيها الناس . و عن يمين قبره أربع جوار من حجارة . و على يساره أربع جوار من حجارة . كلهن صاحبة شعر منشور. متحجرات على قبره كالنائحات عليه . و الجواري بالنهار كما ذكرنا . فإذا هدأت العيون . إرتفعت أصوات الجن بالنياحة عليه. و نحن بمنازلنا نسمع ذلك . إلى أن يطلع الفجر. فإذا طلع الفجر سكتن و هدأن . وربما مر المار فيراهن . فيفتتن بهن فيميل إليهن عجبا بهن . فإذا دنا منهن وجدهن حجارة".
وقال عنه عمر حفيظ / تونس في: تجربة الكتابة وسؤال التأصيل
1- إبراهيم درغوثي، صاحب تجربة بالمعنى الذي أدارعليه جورج باطاي Georges Bataille مفهوم التجربة. فالتجربة عند باطاي هي سفر الإنسان إلى أقصى ممكنه، ومن شروط ذاك السّفر التنكّر لكلّ سلطة أو قيمة تحدّ من ذاك الممكن. التجربة، إذن، سؤال مستمرّ يعرّض القيم كلها إلى السؤال ويلغي كلّ يقين ثابت ويدفع الذات إلى مواجهة هشاشتها وهشاشة الوجود. وهو ما يعني أنّ الكتابة ستكون انفتاحا مستمرّا على الألم. فكلّما كان الأدب منفتحا على الألم كان إنسانيا، لأنّه – وقتها – سيكون أكثر جرأة في طرح الأسئلة التي يراد لها أن تُكبَت وأن تُرجأ إلى أن يحين وقتها الذي لن يحين. الأسئلة التي تؤجّل باستمرار هي التي تجعل الأدب إنسانيا عندما يطرحها. والمتأمّل تجربة درغوثي في الكتابة – قصة ، رواية - يمكنه أنّ يدرك بيسر أن الخلفية التي توجّه فعل الكتابة، خلفية ترفض تأجيل الأسئلة أو إرجاء الخوض فيها. فالرواية، عند درغوثي، ليست حكاية تُحكى، وإنّما هي حفر في الذاكرة المطمئنة وغوص على الغريب والمفاجئ بل العجائبي في ما عُدّ مألوفا أو بلا معنى. وهو ما يعني أنّ هاجس تأصيل الرواية، في سياقاتها القريبة والبعيدة، مكين، بل إنّه هاجس يكشف عن وعى ترسّب فيه أنّ للأدب وظيفةً، هي إعادة بناء الإنسان على نحو يجعله عصيا على الاختزال في بعد واحد أو في صورة نمطية.
ولئن كانت هذه السمات عامّة، في أدب درغوثي، فإنّنا سنكتفي بالنّظر في روايتين اثنتين هما:...
التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 27-03-2009, 21:36.
[align=center]الطين[/align]
بدا المطر في الهطول مدرارا، ففاجأ هطوله الجميع.
كان الرجال في قمصان قصيرة الأكمام وكانت النساء في فساتين فوق الركب.
قطرات المطر الكبيرة كانت تترك حفرا على لحم الأجسام المتحركة بسرعة على الرصيف.
ثم بدأ الطين في الذوبان...ليسيل على الثياب
والأحذية أمام ذهول الجميع وارتباكهم وحيرتهم...
نظرت من خلال زجاج نافذة السيارة، فرأيت عجبا: الرجال والنساء يتحولون إلى أكداس من الطين اللازب تملأ الرصيفين.
ونقرت على صدري بسبابتي فطن طنين الخزف المشوي...
I. دراسة الجانب الشكلي
ما كانت الزهرة الفواحة لتجود بعطرها، لو لم تجد لرياحينها رسالة تؤديها للبشرية، وما خلقها ربها عبثا، وما كان البلبل ليملأ الحديقة الغناء بفيض من ألوان الموسيقى تختلف فيها نبرات الإيقاع، وجودة الإمتاع، وأديبنا اهتز جل من طلت عليه هذه اللوحة، ومن هنا فالاحتفاء بها ليس من قبيل ضياع الوقت، وإنما هو عمل إبداعي يستحق ان نركب موجة نقده، سعيا لاستخراج مكمن عبقريته، وإبرازا لمكان شخصيته، ووضع اليد على ما يصحب كل عمل بشري من ثغرات وما يتركه أثر المسير من اثار وهفوات. 1. السمة البارزة للقصة:
اندرجت لوحة الأديب ضمن ثقافة { أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ } [هود : 116]. فتسارعت خطى الأدب الإسلامي لضمها إلى صدرها وأدخلتها خانة القصة القصيرة جدا؛
2. رؤية مجهرية للشكل:
لم يرن في الأذن صوت القصة الموسيقي، وإن انساقت ألفاظها وتتالت خفة ورشاقة، وانسابت كالماء الزلل، بعيدا عن كل تكلف يعضل سير قارئها، كما لم ترش طلاوتها بعبيرالبديع يزيد الذوق حلاوة وجمالا. واللوحة بطلعة إشراقها أنارت الفكر وسكبت فيه حسها وأثرها. ولم يرتق الأسلوب الأدبي قيمته، باصطفاء الألفاظ ونسجها نسج رنات الموسيقى الشعرية، كما تغيب عنها الخيال الشاعري الذي يوقظ عبقرية القارئ ويدغدغ مشاعره.
أ. التعبير والمصطلحات:
كانت تعابيرها محيطة، تستحث القارئ وأساليبها بسيطة كأنْ تمسكنت للبارئ اعترافا بجلالته، فلا تكلف مشين، ولا استعلاء بأسلوب متين، وإنما ألفاظ مألوفة، سيقت على طريقة غير مألوفة : جذبت انتباه القارئ، برشاقة أسلوبها وأدخلته زنزانة التأمل.
ب. الأفعال وأثر الزمن:
ورصعت اللوحة بصبغة الماضي الذي ينقش على أطلال الخلود مفاخره في الذاكرة الخزفية، .وتتعقبه رحى المضارع؛ لتطحن أسراره وتفشي حقيقة أمره، بأنه ماض إلى رصيفين: أهل يمين وشمال. مما جعل الزمن ينفرط من المشهد لتبقى اللوحة بلآلئها رسما خالدا يعلو محياها بني اللون يتزحزح رويدا نحو الصفرة؛ إذ القصة تدور أدوارها في شمال إفريقيا.
ج. وظيفة المصادر:
يتدخل المفعول المطلق بنباهته ملتمسا التوقف، وتعضده المصادر (هطول، حيرة، ارتباك، طنين) ليعبر العظة، وبهذا شد المبنى على المعنى في تناغم الأفعال.
3. نوع الخطاب:
الخطاب العقلي: ومضى الخطاب في رؤية العقلانية تسدده ميثولوجيا الكاتب، نقدا لواقع غفل المصير - الرجال في قمصان قصيرة الأكمام وكانت النساء في فساتين فوق الركب-، ويجنح الخيال بعيدا بالجملة المحذوفة لتبقى الأحذية شاهدة على انفراط عقل الإنسان بذهوله أمام مشهد القيامة، أما الفستان ذي الثمن، والقمصان لفها الطين بين أحشائه.
الخطاب القلبي:
فالمشهد لاستكمال رسالته كان في حاجة قوية للألوان عاطفية جياشة تترك خلاصة تجربة واقع في صوى من علامات الطريق كيلا ينخدع بعدها مار.
خطاب البصيرة :
أما الرؤية البصيرية للكاتب علقت لافتة كبيرة: وقد كتبت عليها بداية{ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [55] }(من سورة طه), وختمت سطرها {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} [هود : 24].
4. أنواع القول المدرجة في النص:
سرد القاص لا غير؛ حيث لم يتدخل متدخل القول بل عزف في إضراب يومها، لاستغناء الكاتب عنه.
أما عن المضمون
ولا ثمن لأسلوب أطرب الوجدان، وهز الروح تارة هزات عنيفة تهدهد الفؤاد بقوة، وتارة أخرى تحركه بلطف، وتدغدغ مشاعره، وتسكب فيها نبضات إحساسه، ورقة ألفاظه، وسطوة مشاعره.
والأديب والشاعر يكون عظيم الأمل، نزاعا إلى السبق، سواء في ساحة الواقع حيث وقفات صدق تنقش المفاخر، وتعلو به في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أو حين تشرق لوحاته الوضاءة بأنوارها وإشراقة طلعتها على الوجود.
"ودراسة أسلوب أدبي ليست هي تحليل نسيج الألفاظ والعبارات من حيث ذاتها، ولكنها محاولة الوصول إلى جمهرة من الدوافع والملابسات التي تضافرت على إيجاد ضرب من الأسلوب الأدبي ".(عبد العلي الوزاني)
1. في الجو العام للقصة:
ويبقى الكمال دوما لله، فرغم إسلامية النص، ورغم ما جاء به الكاتب من وسائل لبناء نصه، يبقى البناء يحتمل التناقضات والاختلافات سواء منها تلك التي ضربت أبعادا في الأرض عميقة أو تلك التي حضرت باختلاف أصنافها وألوانها، وهذا مصداق قوله سبحانه وتعالى { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}[النساء : 82] من ذلك على سبيل المثال: أي تنوعت الاختلافات ضمن ما جاء عن غير الله، لتقول للناقد: هذه مَهمتك.
أ. ملحوظة حول رسم خريطة كتابته؛
إذ جعل الناس صنفين على الرصيفين (اليمين والشمال) وبقي هو في سيارته، كأن المشهد في الآخرة وليس في الدنيا حيث هناك: رجال على الأعراف وناس في الجنة وناس في السعير.
وكان الأليق به أن يبقى قارئا للوحة، نكرة يسرد الأحداث، ويفصل تعاقب الأمور.
ب. وصفه الناس بلباس الغرب موحدا رجالا ونساء، وهذا ما لا يتفق مع تصنيفه الناس صنفين؛ فإن كان من غفل عنهم قلة، وطبعا لا حكم للناذر، فكيف يقول بعدها بامتلاء الرصيفين؟
ج. (قطرات المطر الكبيرة كانت تترك حفرا على لحم الأجسام) كان أولى به أن يصف فعل قطرات المطر بالمبيد الذي يمزق الثياب وليس الأجسام؛ ليترك الناس أمام الحقائق عراة؛ إذ المنافق يزركش المظهر ويبطن الجوهر، وينمق الألفاظ لبسا على العوام؛ وتأتي الحقائق لتزيح اللثام وتكشف المخبوء، غافلا قوله تعالى{وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة : 72].
ح. توحي كلمة " المطر" بالتعريف
إشارة إلى { مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} إذ هو المطر المعرف في القرآن، وهو كناية عن عقاب الله استحقه المجتمع بعد إنذار المنذرين في مدة بلغت بضع سنين{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} [الشعراء : 173] .
خ. إلخ...
2. دراسة المضمون:
" ودراسة أسلوب أدبي ليست هي تحليل نسيج الألفاظ والعبارات من حيث ذاتها، ولكنها محاولة الوصول إلى جمهرة من الدوافع والملابسات التي تضافرت على إيجاد ضرب من الأسلوب الأدبي ".
وليس الأمر على ما نسجه بعض الأحبة من دراسة للمصطلحات القصة، فالدراسة المصطلحية هي دراسة شكلية وليست قراءة للمضمون.
" والدارس للأساليب الأدبية هو دارس الطبائع والأنماط النفسية والوجدانية، فلا بد له من منظار صحيح لنقد ما يتعرض له من طبائع وأنماط، أي لا بد من تذوق صحيح، وعين ناقدة بصيرة، وقدرة على معرفة نفسية من يدرس أسلوبه؛ حتى لا يعطي صاحب الأثر ما ليس منه بسبب، وحتى لا يسلبه خاصة من خواصه النفسية ."(عبد العلي الوزاني).
أ. مميزات شخصية الدرغوثي
ودراسة كتابات ذ. إبراهيم الدرغوثي تنبني على العزف على وترين حساسين للغاية لديه:
[align=right]
1. وتر نصرة المستضعفين؛
2. وتر الأصالة.[/align]
1. العزف على وتر المستضعفين:
يقول ذ. الدرغوثي: "في ثمانينات القرن الماضي خضت تجربة السجن . كانت المدة قصيرة ولكنها على كل حال جعلتني أعرف قدرا من المعاناة التي يعيشها البشر داخل جهنم الدنيا .فتعاطفت مع المسجونين في العفير والسجن المركزي وسجني العبيد والقليعة . وازددت مقتا للجلاوزة بمختلف رتبهم من العسكري البسيط إلى آمر السجن . لأن السجن واحد وإن اختلفت مواقعه ، والسجان واحد لئن ارتدى الدشداشة واعتمر الكوفية أو لبس كسوة الفرنجة . سيان لا فرق بين هذا وذاك الا بمعجم التلفظ الخاص بالسب والشتم .
كانت المناسبة التي عرفت فيها التحقيق وغرف السجن ، الحوادث التي عرفت بثورة الخبز. ا ندلعت حوادث الشغب في كل بلدات ومدن الجمهورية من جنوبها إلى شمالها . حوادث عفوية لم يؤطرها أحد من اليمين أو اليسار . وكاذب من يدعي عكس ذلك . لأن تلك الأحداث لو كان وراءها مؤطر لكان لها شأن آخر ..." (رواية الحرية .... حرية الرواية - شهادة ابداعية)
لم يزد الدرغوثي في بيانه هذا عن تفسير وتبيين لقوله تعالى { ِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم : 34]، { إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ} [الحج : 66]، { ِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ} [الزخرف : 15]، { كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى} [العلق : 6]، { إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود} [العاديات : 6].
وحينما يدرك الأديب مواصفات الناس هذه - وبخاصة الظالمين منهم - ينتخذ منهم موقفا حياديا ينم عن معارضة لجبروتهم وطغيانهم، ويصدع بكلمة الحق التي لا تترك لك صديقا، وهكذا يعيش غربة مضاعفة سواء لدى كتابته، أو عند خروجها على الناس من جهة، ومن جهة ثانية لا يستطيع بشرا مؤازرة الصادع بالحق على خيفة من الفراعنة وملئهم.
وهذا ما يستوجب له سندا ومتكئا وركنا شديدا يأوي إليه، حينما ينبذه الجميع، وهو ما يؤهلنا للكلام عن الوتر الحساس الثاني.
2. وتر الأصالة:
يقول الدرغوثي عن نفسه : " وبما أنني مغرم بالمثيولوجيا وقارئ نهم لكل الكتب التي تحدث عن اليوم الآخر وعجائب الجنة والنار فقد أردت أن أحاسب من موقعي كسجين سابق الجلاد والضحية ، فاستحضرت من رواية عبد الرحمان منيف ، الشهيري والعطيوي ، آمري سجني العبيد والعفير وعادل الخالدي وطالع العريفي ، وهما ضحيتان من ضحايا السجن..".(المصدر السابق).
كان الكاتب يأوي إلى ربه في مناحاة ملتمسا قوة سند تعضده وتشد على يديه في أحرج اللحظات. مما جعل فكره منسجما مع عقيدته، دون تبرم.
وبهذه المواصفات يمكننا وضع اليد على مميزات شخصية الدرغوتي:
ب. أثره الشخصية على النص:
"كان الرجال في قمصان قصيرة الأكمام وكانت النساء في فساتين فوق الركب."
هذه الجملة لا داعية لها لولا الأثر المثيولوجي للكاتب. حيث تعرب عن وقت المصيف، وسلوك عن الشرع منحرف، بالنسبة للنساء اللائي ألفن لباس الحشمة والوقار في المجتمعات المحافظة. فضلا عما توحيه عبارة الفستان من دلالة لباس ذي شان وثمن، وهو ما يعرب عن ثقافة إتباع الشهوات للمجتمع، والمخالفين لهن قلة، ولا حكم للقليل الناذر- كما يقول الفقهاء-.
ولهذا الانطباع أثر على نقد النص، الذي يشير " الرجال والنساء يتحولون إلى أكداس من الطين اللازب تملأ الرصيفين. " وهو ما يلاحظ على الكاتب تناقض حيث إذا كانت القلة التي لم يشر لحالها، فكيف به يقول : " تملأ الرصيفين" وهم قلة من جانب وكثرة من جانب آخر.
" قطرات المطر الكبيرة كانت تترك حفرا على لحم الأجسام المتحركة بسرعة على الرصيف".
فالقطرات تقال للطش والرش، والمطر يصب صبا، ويثج ثجا، وما تعنيه قطرات المطر الكبيرة؟ يترك ثغرة في لغة الكاتب وثقافته اللهم إن جهلت معنى هذا التركيب: قطرات، المطر، كبيرة؟
" والتحرك بسرعة على الرصيف " يشي بالزمن الذي نحن فيه؛ إذ هو زمن السرعة، وعبارة على الرصيف جاءت بمنتهى الدقة، فليس للمرء أن يختار إلا بين سبيلين لا ثالث لهما سبيل الله وسبل الشيطان مهما تعددت، وهذا المنحى عقدي ذي أسس.
" ثم بدأ الطين في الذوبان...ليسيل على الثياب "
فالإنسان أصله من طين وفق مقتضيات القرآن، والطين يذوب بالماء، وهنا تجلت بمراعاة الأديب فن التناغم بين التصوير ودقة الألفاظ وجزالتها، مما يجعل لها أصداء وأضواء في نفسية القارئ لما تتبرج المعاني وتلبس صورها الفنية.
ونلاحظ هنا عبارات الثياب، - عوض الفستان، والقميص-، وقد اندرج ضمن طيات الطين وأكوامه.
"والأحذية أمام ذهول الجميع وارتباكهم وحيرتهم..."
. وروعة الشاعرية لا تنبثق عن الخيال المجنح، والأحلام الطائشة؛ وإنما تنبعث من صميم الواقع لتساعد إشاراتها لتركيب الفكرة وتكميلها بمجرد الرمز، أو الإشارة التي تغني عن العبارة، وكم تتكلم الجمل المحذوفة في مثل هذا المجال وتنوب عما لا يمكن لمسه حالا أو مقالا.
وبقيت الأحذية شاهدة على أطلال حياة كانت هناك.
" نظرت من خلال زجاج نافذة السيارة، فرأيت عجبا: الرجال والنساء يتحولون إلى أكداس من الطين اللازب تملأ الرصيفين.
ونقرت على صدري بسبابتي فطن طنين الخزف المشوي"...
جمل بيانية تأكيدية للصيرورة البشرية (الطين) التي ذابت تحت وطأة المطر.
الخلاصة :
لا غرو فالدراسة كشفت ثغرا، وأبانت بأن القاص ما رسم خريطة لوحته قبل الكتابة، وإنما الكتابة فرضت نفسها عليه، وتذوق جمالية تعبيرها ولذة معانيها وأمضاها.
ورغم بساطة الألفاظ، وغياب بديع النقش فقوة المعاني فرضت نفسها من كوة منظومة عقائدية للكاتب، وانقاد لها وانقادت له وأسلست له زمام الأمور.
التعديل الأخير تم بواسطة محمد جابري; الساعة 29-03-2009, 08:40.
الرائع محمد جابري
لا أدري بماذا أعبر لك عن سعادتي لكل هذه الاضافات التي زادت في تنوير نصي الصغير.
شكرا من القلب على عرض سيرتي الذاتية
وشكرا أكبر على المداخلة الكبيرة التي قرأت النص من وجهة نظر أسعدني كثيرا.
دام لك الود والتقدير
تعليق