مسيرة لا تقف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صالح القاسم
    عضو الملتقى
    • 01-03-2009
    • 20

    مسيرة لا تقف

    مسيرة لا تقف

    سَلَخت الجلد الأسري المنّعم بحنان الأمومة ، ودفء الأخوة عن بدنك ، ورميت أسمالك الممزقة المرنخة بعطر الحارات .

    ولَّيت وجهك الحرية ولَظى الشمس - ولهفة انتظار بنت الجيران تمرق من أمامك في شارع الثلاثين ، وصرت تجلس في غرفة قميئة غطت جدرانها المصلقات ، والعبارات ، وتناثرت على أرضيتها المبلطة أعقاب السجائر ، وبقع التنخمات ، يعبق فضاؤها برائحة الأقدام والفساء ، إنحشرت في عمارة إربدية كبيرة لا تدركها الأنظار .

    تلتقون في إجتماعات سرية ، ترتعشون ، تتناقشون ، تضحكون ، تخافون ، يسب بعضكم بعضاً ، تتشايعون ، تتشاجرون ، تضحكون ... وتقهقهون .

    وفي صباح اليوم التالي ، وقبل أن تتوسط الشمس كبد السماء تمتشقون اليافطات القماشية المحبرة بالشعارات من كل اتجاه ، وتقتحمون شوارع الجامعة اللوزية ، وساحاتها الإسفلتية الناعمة تغطيها يافطاتكم كسحب الحمائم الملونة ، تشدون كل حمامة من قدميها الخشبيتين منفرجة عن صحائف محبّرة باللون الأحمر والأسود تحيون ذكرى النكبة ، وذكرى المناسبات الوطنية ، وسقوط الشهداء .
    عاشت فلسطين عاشت حرة عربية
    تدقون قفل الحرية بعناد ، وتسيرون دون اكتراث .

    ينظرون اليكم كومة من حطب ، أو شعلة من غضب ، يدركون أنهم مادة هلامية سرعان ما تتيبس وتتحول الى قشرة هشة تذروها الرياح .
    - " من أنتم ؟ " أسأل
    أشدك من قميصك وأسال ، أهزك بعنف وأنا أصرخ في وجهك :
    - " ما لنا ، ولهذه الأمور ؟ "
    " ابتعد عنهم " .
    " ستسقطون " .
    " منكم وفيكم ستسقطون " .

    " سيزجون بكم في غياهب أماكن لا نعرفها ، لا تدركها الأنظار ، ولا يدّلـوننا عليها " .
    " ابتعد عنهم " .
    أقترب من أنفاسه أكثر ، أمسكه من كتفه ، ينظر اليّ وهو صامت مطأطئ الرأس بلا ملامح ، خجلاً مني أو احتراماً ، لا أدري ! لعله يحترمني ، لا يرد ، لا يريد اغضابي ، أو نرفزتي .

    أقول له : " دعك منهم ، دعهم وشأنهم ، إبتعد عنهم ؟ "

    قبل أن أغادره ، تكون فترة وقوفنا قد سلختنا عن المسيرة ، وابتعدت ، أعيد عليه الكلام ، وفحوى النظام ، أنبهه إلى ضرورة الحرص على جامعته ودروسه ، يظل على حالته ناظراً في الأرض ، صامتــاً لا يتململ ؛ أتركه أودعه ، لكن ليس قبل أن أعتذر منه : " أرجوك ، لا تزعل ، طريقتي فظة ، أنت تعرفني ، أنا قصدي مصلحتك ، خوفي عليك ، على مستقبلك " .

    يبقى في مكانه جامداً لا يتحرك ، الأرض تحت قدمي تتحرك وتهتز لنبرة صوتي الراجية بجبن وحزن ، لكن هدوءه المقيت ينمنم جسدي ويثير أعصابي ، يحجز عني الكلمات ولا يشاركني الحديث ولو بكلمة نعم ، أو لا ، حتى رأسه لا يهزه راضياً أو ساخطاً . طريقة صمته تكون كالسياط تجلدني عقاباً ، أو احتقاراً . ولعله في داخله يكون يبصق في وجهي أو يوشك أن يصفعني بحذائه المهترئ ..

    " هل سمعني ؟ هل يطيعني هذه المرة ؟ هل اقتنع بوجهة نظري وسوف يتركهم ؟ " .

    تودعني المسيرة ، وتنسلخ عني صاخبة بلا توقف ، فيما أظل أنا جامداً في مكاني لا أتحرك .
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    #2
    [align=center]اتركه سيدى كى يتحرر...
    اتركه فلن يموت ناقص عمر..
    الحياة واحدة
    والكرامة و العزة واحدة
    كثيرون من أمثال هذا الأب يقيدون أبناءهم و يتقيدون
    لو كل واحدٍ علم أولاده كسر الصمت
    لكان من الجائز أن يفك الولد صمته
    ويتغير حالنا

    أشكرك على الفكرة الجميلة
    والسرد المنساب بسلاسة

    لكن
    فقط بعض اللفظات تحتاج لإعادة نظر
    تحياتى[/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد سلطان; الساعة 17-03-2009, 07:15.
    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

    تعليق

    • ايهاب هديب
      طائر السماء المقعد
      • 31-12-2008
      • 184

      #3
      الرب واحد والعمر واحد
      فلنترك أنفسنا لتتحرر من أغلال العبودية لغير الله
      تحياتي لك أخي العزيز
      ( طائر السماء المقعد !!)
      ايــهــاب هـديــب

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        الزميل القدير
        صالح القاسم
        أرجوك اعذرني لأن مداخلتي ستكون بسيطة
        قلمك رصد الخوف من المجاهرة على النظام وسياسته والإيمان بمبدأ مغاير.
        الحرية دوما زميلي عطشى لدماء الأحرار
        تحياتي لك وودي
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        يعمل...
        X