الاسرة وحدة اجتماعية تحتاج كغيرها من الوحدات الى نظامها الخاص الذي تعول عليه في جمع شملها وإصلاح شأنها وحل المشكلات والخلافات التي تعرض لأعضائها ولكنها أحوج من سائر الوحدات الاجتماعية الى الدقة والحكمة في نظامها الخاص بها لأنه تظام يناسبها دون غيرها ولا يتكرر على مثالها في وحدة من وحدات المجتمع أو فئة من فئاته ..
إن الخلاف والوفاق في الاسرة يدوران على دخائل النفوس ولافتات الشعور ولمحات البشاشة والعبوس وقد يبدأ الخلاف وينتهي في لحظة وقد ينشأ في ساعة تتبدل فيها أذواق الطعام والكساء ، ودواعي الزيارة والاستقبال بين الأهل والأصحاب . ولا يوجد بين الناس نظام عام يلجأ اليه المختلفون على أمثال هذه الأمور .. كلما طرأت في لحظة من لحظاتها ، وهي مما يطرأ في جميع الأوقات . كذلك لا تترك هذه الخلافات بغير ضابط يتداركها . وينفع أبناء الأسرةعند احتياجهم الى الانتفاع به في حينه . فلا غنى لهذه الوحدة عن نظامها وأول المقتضيات العامة في نظام كل وحدة أن يكون لها رئيسها المسئول عنها .
وسيد الأسرة المسؤول عنها هو الزوج : عائل البيت وأبو الأبناء ومالك زمام الأمور والنهي فيه . اذا جاء الخلل من هذا السيد ، فنتيجة الخلل كنتيجة كل خلل يصيب الوحدة من سيدها ، يزول السّيد وتزول الوحدة ، ولكن لا يزول النظام ولا تزول الحاجة اليه . فإن نظام الدولة لا يزول لخلل قادتها ، ونظام المحاكم لا يزول لخلل قضائها ونظام الشركات لا يزول لعجز مدير لها ، أو لخيانته واختلاسه .
نظام الأسرة باق وحاجته الى الذي يتولاه باقية ، وللذين هم في ولاية هذا الرئيس أن يحاسبوه اذن بحساب الشريعة العامة ، حيثما يجدي هذا الحساب.
ولا جدال في حول نظام الأسرة في حق الأب على أبنائه الصغار اذا خالفوه ، واستوجبوا عقابه ، فليس في هذا الحق من جهته العامة ان الاباء الصالحين قليلون ، وأنه ليس كل جزاء يوقعه الاب بأبنائه عدلا وصلاحا . وانما مناط حقه على علاته أن إلغاءه أخطر من الخلل في تنفيذه ، وانه لا يوجد في العالم آباء مكمّلُون ولا أبناء مكمّلون .
تعليق