كــم أحبك.. قصة في حلقات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حنين محمد حيال
    مهندسة وكاتبة
    • 20-10-2008
    • 34

    كــم أحبك.. قصة في حلقات

    السلام عليكم
    في البداية أهدي هذه القصة لمن قام بتنقيحها لي
    لأستاذي وأبي الروحي
    mariami
    هي عبارة عن قصة في حلقات قصيرة
    ارجو ان تكونوا من المتابعين لها وان تعجبكم
    وبالطبع.. انها بقلمي



    كم أحبكـ




    الحلقة الأولى:

    " أنت لا تعلم يا حبيبي كم أحبك"
    " بل أعرف"
    " والله أحبك وأثق بك ثقة عمياء... أتعرف؟ ألستَ بالنسبة لي غريباً بالعرف والدين؟؟ لكنني والله لو وضعونا أنا وأنت فقط وحدنا في غرفة بعيداً عن كل الناس لمدة أشهر ما خفت لحظة ولنمت ملأ أجفاني لأني أعلم إنه لن يمسني منك ما يشينني وإنك ستحافظ عليّ أكثر من حفاظي على نفسي رغم ما تغمرك من أمنيات وما يجيش صدرك بالرغبات نحوي"
    كان صوتها ينساب بعذوبة عبر جهازه النقال فتنهد بقوة وهو يقول
    " آه يا صغيرتي كم أهواكِ.. كل يوم تقولين كلاماً أروع من سابقه فأحبكِ أكثر وأكثر... وأدعو الله بحرقة أكبر أن يجمعنا بالحلال"
    " سيجمعنا يا روحي بإذنه تعالى... أنا أشعر بهذا"
    " يا عمري"
    " روحي... عليّ أن أذهب فغداً كما تعلم... لديّ عمل وعليّ الاستيقاظ مبكراً فبسبب حبي لك المجنون صرت أتأخر كل يوم عن السيارة وأركض إليها كالأطفال كي لا تتركني " قالتها بضحك
    " يا الله ما أروع ضحكتك ... وأنتِ ماذا بالله؟ طفلة رائعة الجمال"
    " وما الذي جنني غير كلامك هذا... حياتي.. تصبح على حب"
    " تصبحين على تحقق الأماني"
    " آمين ... أحبك"
    " أحبك يا أمنيتي"
    لم تنهي الاتصال غالية إلا لأنها قضّت ساعة تتحدث مع عزيز غير آبهة برصيده المسكين ، فأي أحساس سيأتيها بعد أحساس الحب الذي يغمرها من رأسها حتى أخمص قدميها!!!
    وضعت رأسها على الوسادة الغالية وهي تغفو مبتسمة لساعات قليلة تحلم بساعات الوصال مرة أخرى، هذه الدقائق المعدودة معه كافية لكي ترفعها ولكي تبث فيها عزم الدنيا كله كي تحقق ما تريد وتسعد قدر ما تريد وزيادة.

    في الصباح...

    ذهبت للعمل وهي مستعدة لأي شيء لكنها بالطبع لم تكن مستعدة أبداً لما كان ينتظرها...

    " عليكِ تدبر أمرك"
    " ماذا؟؟ كيف أتدبر أمري بالله؟ "
    رغم إنه كان حلمها السفر خارج البلاد لكن ليس بهذه الطريقة المفاجأة ولهذا السبب!!... إنها مسؤولية كبيرة ما يكلفونها به
    " من ناحية جواز سفرك فسنقوم نحن بكل الإجراءات وسيجهز خلال أسبوع .. سأستغل نفوذي"
    " أسبوع؟؟ منذ متى كان الجواز يجهز خلال أسبوع!!"
    " منذ الآن... ليس لديك خيار آخر"
    "ومن قال بأن أهلي سيوافقون؟؟ أم أيضاً أنت ستتدبر الأمر؟"
    " أخوك يعرف ما هي طبيعة عملنا يا أختي غالية وأما عن والدتك فسأطمئنها بوضعي لك مع مجموعة سيدات وسأعرّفها على إحداهن كي توصيها بنفسها عليكِ"
    " سيدي المدير... أنت لا تعرف أمي .. بالتأكيد سترفض.. بل ستؤنبني أنا بشدة كفتاة بعمر العشرين!"
    ضحك المدير وهو ينظر إليها ويقول
    " والله عندها حق"
    رفعت رأسها لسقف الغرفة التي شعرت بأنها صارت أصغر حجماً وهي تحاول أن تهدأ من نفسها فهي بقمة ارتباكها بشأن ما يطلبون منها وهذا المدير يضحك وكأن ما يطلبه بسيط جداً
    " أولاً عمري 29 سنة وثانياً لأجل ماذا هذا كله؟ ألا تستطيع الانتظار حتى تتحسن صحة حسن؟ وربما بعد أسبوع تتحسن صحته"
    "لن تتحسن صحته قبل أسبوعين.. هذا ما قاله الطبيب ونحن لا نريد أن نرسل لهم كارثة ..نريد أن نكسبهم بصفنا"
    " وهل تظن إني المبتدئة سأستطيع؟"
    " لا تقللي من شأن نفسك .. فلا يليق بك إلا الغرور"
    رغماً عنها ضحكت لكذبتها فهي تعلم إنها تستطيع أقناعهم بالتعامل مع شركتهم والاعتماد عليها باستثماراتهم في البلاد .. لكنها تعرف إنها تنتظرها عراقيل كثيرة أولها الحبيبة أمها .. فكيف سترسل أبنتها الوحيدة لـبريطانيا؟؟

    " رغم هذا يا سيدي لا أستطيع الذهاب... فتعرفني لا أذهب دون أن أبحث عن المعلومات الكافية عن الشركة وعن المشروع بشكل مفصل كي أعرف من أي زاوية أدخل لهم ولن يكفيني الأسبوع "
    " خذي كل وقتك... لن نشغلك هذا الأسبوع بأي شيء... وسنوفر لك كل المعلومات التي تطلبيها"
    " ومن أجل ماذا كل هذا الإصرار بالله؟"
    " إنها من أهم الشركات في بريطانيا ولم نصدق عندما قبلت بالتطلع إلى عرضنا ونسبة الأرباح قد تتجاوز 35%.. سيحسدنا الجميع إن حصلنا على عقد معها"
    " ألا ترى إن حسن قد تابع المشروع منذ البداية؟ ويعرف كل دواخله؟"
    " نعم ... لكنه مريض"
    أرادت أن تعترض بعد لكنها قال لها
    " سأعيّنك مديرة قسم العلاقات .. وسأحصل لك على ترفيع"
    ظلت مندهشة مما يقدم لها المدير بعد أن حلمت بهذا المنصب عدة سنين حتى أتاها على طبق من ذهب
    " ماذا؟؟ وحسن؟"
    " غالية... لا تسألي كثيراً.. إن ذهبت سيكون المنصب بانتظارك"
    " لكنني لا آخذ مكان غيري.. وحسن.."
    " حسن مريض بالسرطان ولا يستطيع العمل بعد اليوم"
    صرخت وطفرت الدموع من عينيها
    " ماذا؟؟"
    لم تعرف بماذا تفكر... حسن زميل الدراسة ومدير قسمها .. صاحب الكلمة المتزنة.. كيف كيف؟؟
    " لا تبكي يا غالية.. هو من رشحك لهذه المهمة.. وقال بأنه سيساعدك في دراسة المشروع وسيعلمك أسلوب خاص يستخدمه غالباً لكسب الزبائن"
    خرجت من غرفة المدير العام للشركة التي تعمل عليها وقد ألجمها المنصب المعروض لها عن الاعتراض وقضى على ثباتها خبر مرض حسن ... لم تفكر في شيء إلا في احتياجها لعزيز... كم تتمنى أن تركض إلى حضنه الآن كالطفلة تفرغ حقائب اضطرابها وحزنها .. هو فقط من يعرف كيف يهدئها ويرتب لها أمورها رغم اعتدادها بنفسها.

    وهي في طريقها إلى قسمها رن جهازها بالرنة التي تدخل السرور إلى قلبها.. وفي هذه اللحظة شعرت إنها غريقة تتعلق بهذه الرنة لتنقذها ففتحت الرسالة بسرعة فإذا به يكتب ما لم تتوقعه أبداً
    " حبيبتي غالية ... سأغيب عنك أسبوع أو ربما أكثر... لا تقلقي ولا تشغلي بالك إنه أمر عائلي سأخبرك عنه فيما بعد ... خطي هذا سأقفله فاعتمدي على الواسطة القديمة في الوصال.. ربما لن استطيع أن أرسل لك تفاصيل.. لكني سأنتظر أخبارك على أحر من الجمر.. وأعلمي يا روح الروح إني معك وبجنبك... أشعر بكل نبضة من نبضات قلبك... بالله لا تبتئسي من أجلي .. احبك "
    دخلت غرفة العمل الخاصة بها كمسئولة شعبة واتكأت على الباب وهي تكاد لا ترى الأحرف والأرقام... كيف يتركها بهذا اليوم؟ وأي يوم هذا؟؟؟
    ضغطت على الرقم واحد وكأنها تريد أن تضغط على ألم مشاعرها علها تهدأ قليلاً لكنها أرادت تحطيم الجهاز وهي تسمع تلك التي تقول
    " الرقم الذي طلبته قد يكون مغلقاً أو خارج نطاق الخدمة"
    قالت بهمس وبلا شعور
    " بالله روحي لم تركتني اليوم بالذات؟ وأنا في أمس الحاجة لك... عسى أن يكون غيابك خيراً يا رب"
    نظرت إلى الرسالة بعد أن هدأت وقرأت مرة أخرى
    " وأعلمي يا روح الروح إني معك وبجنبك... أشعر بكل نبضة من نبضات قلبك... بالله لا تبتئسي من أجلي .. احبك"
    ابتسمت بحنو وقبلت جهازها وهي تهمس
    " والله احبك أكثر"

    سحبت ورقة من الدرج وأخذت قلمها الذهبي.. هديتها الغالية وطفقت تكتب لعزيز شدة اشتياقها وبأنها تعاني بعض الصعوبات في عملها ووعدته بأن تتجاوزها لأنها تعرف انه معها.. لكنها لم تذكر له أمر سفرها كي لا تقلقه فربما هو يمر بمحنة ولا تريد أن تزيد همه هماً... وما أن أكملت حتى كتبت العنوان الذي تحفظه عن ظهر قلب رغم صعوبته ووضعته في ظرف ثم داخل جيبها كي ترسله عندما تكون في طريقها إلى البيت



    وللحديث بقية

    أختكم
    حنين محمد

    سأستقبل يومي بـابتسامة،، وأوَدِعه بابتسامة
    مـن أجلك يا أبي، مهما حصل
    فستشرق الشمس غداً
  • حنين محمد حيال
    مهندسة وكاتبة
    • 20-10-2008
    • 34

    #2
    الحلقة الثانية:-

    مر الأسبوع بسرعة مجهداً لها كثير التعقيد والإرباك والصعوبة بالنسبة لها.. فكان تأنيب أمها شديداً لها وتضايق أخوها من الأمر كله وسهرها من اجل دراسة الأمر ومشاويرها إلى المستشفى لترى حسن وتقف جنبه في محنته... أمور كثيرة وكتابتها اليومية لعزيز تضحكه تارة وتشكو له تارة وتخبره عن أخبار حسن تارة أخرى... ولم تكف عن الدعاء برسائلها بأن يجمعهم الله بالحلال.
    في بريطانيا
    شعرت بالغربة هناك منذ أول يوم لكن السيدة ثناء حفظها الله لم تترك غالية لوحدها وهي من قامت بالحجز في الفندق وهي من كانت تعلمها على كل الطرق كي لا تتوه في هذه البلاد.. وعلمتها وسائل الاتصال بها إن حدث لها شيء ، فالسيدة ثناء دوماً تأتي هنا تعيش عند ابنها وتعود للبلاد لتعيش عند ابنتها متنقلة بسعادة بين البلدين... في البداية وجدت صعوبة في فهم تحدثهم بالانجليزي فلكنتهم غريبة قليلاً لكنها تعودت عليها بعد يومين فليست غالية التي يصعب عليها شيء أو يقف عائقاً لديها
    صارت عشر أيام لا تعرف خبراً عن عزيز خاصة إنها أخبرته أنها ستغيب أسبوع وأقسمت له إنها لا تفعل هذا عمداً لأنه غاب عنها بل لأنها مجبرة وستخبره فيما بعد عن الأسباب على أن لا يقلق عليها ونوهت له إنها ظروف عمل ليس إلا ولم تخبره عن سفرها لبريطانيا لأنها تعرفه مجنون وقد يطير إليها تاركاً ظرفه الذي تركها من اجله بالتأكيد مجبراً
    " سيدي المدير... اتصل بحسن وأخبره بأني فعلت ما اخبرني به وقد نجح الأمر... غداً سيتصلون بي ليردون لي الخبر.. نعم نعم.. إني مستعدة لمنصبي الجديد"
    أثمرت جهودها وتعبها وسهرها .. أعطاها المدير هدية لها 5 أيام سياحة في بريطانيا على حساب الشركة بعد أن أتمت الصفقة على أتم وجه بحيث صار غرورها أضعافاً
    كتبت لعزيز عن سعادتها وإنها ما أن تسمع صوته حتى ستخبره بعدة أخبار..وسألته برجاء أن يطمئنها عن نفسه وأحواله..
    اتصلت من هاتف عمومي بالسيدة ثناء تخبرها أنها ستتجول في المحلات فأخبرتها السيدة عن أفضل المحلات التي تستطيع الاعتماد عليها بأسعار مناسبة... أمسكت غالية بالدليل وهي تؤشر لسائق التاكسي عن المكان التي ترغب بالوصول إليه . أخرجت من جيب معطفها الطويل النقود أعطتها لسائق التاكسي ونزلت مسرعة ناسية حقيبتها وذلك لأنها كالأطفال انبهرت بالبناية القديمة والعتيقة الكبيرة التي أمامها ... تقدمت نحو البناية ووجدت الكثير من السياح هناك ، تلمست الجدران المهترئة وكم تمنت أن يكون عزيز هنا لأنه أكيد سيخبرها عن قصة هذا المبنى نظراً لقضاء سنين دراسته في بريطانيا..كان مظلماً من الداخل مخيف لكنها لم تفكر في شيء إلا باكتشاف داخله من غرف ودهاليز . وكأنها تعيش في قصة رعب في وضح النهار.. كانت تدفع الجدران ضاحكة علّها تجد ممر سرّي كما في الأفلام التي تهواها.. هل وصل عزيز إلى هنا؟؟ كانت تسأل نفسها بين الحين والآخر هذا السؤال وهي في قمة من النشوة والفرح والانبهار. في البداية دخلت المبنى مع السياح وكانوا يسيرون هنا وهناك لكن بعدها هي تعمقت في دخول الدهاليز ولم تدرك أنها ظلت وحدها تستكشف المكان، سارت وهي تحلم كطبيعتها بقصص وروايات ووجدت مكان واسع كالحجرة وقد أضيء المكان بالفوانيس الكحولية ليضفي جواُ رائعاً من القرون الوسطى بحيث يأخذك خيالك إلى تلك الحقبة من الزمن... وهناك وجدت غالية صور محفورة على الجدران ومكان لوضع جرة الماء ومكان للجلوس كله من الحجر وقد تناثرت أغراض بسيطة هنا وهناك وكأنها حجرة كانت لعبد ما لم تتعد أغراضه إلا عدة أشياء.. فصارت تقلبها وأرادت تصوير هذه الحجرة فتفقدت حقيبتها فإذا بها ليست معها ففزعت وتذكرت بأنها نسيتها في سيارة التاكسي فضاق صدرها فإن كل معلومات العودة للفندق وأرقام الاتصالات بتلك الحقيبة ثم شعرت إنها أضلت أصلاً طريق الخروج من هذه الدهاليز ، نظرت لساعتها فأدركت إنها قد قضت ساعات هنا في هذا المبنى مما يعني أنها بعيدة جداً عن المخرج فطفرت دموع الخوف لعينيها الزمردتين وتوجهت نحو الممر الطويل وما أن استدارت حتى وجدت أمامها آخر شخص تتوقع أن تراه
    " عزيز!!"
    " حبيبتي غالية!!"
    لم تسأله كيف وصل أو أي صدفة جمعتهم في هذا المكان أو ما أروع هذه المفاجأة فقط لجأت إليه كعادتها عندما تشعر بالخوف وقالت باكية
    " عزيز لقد تهت ولا أعرف الخروج من هذا المبنى وأيضاً لقد نسيت حقيبتي ولا اعرف كيف أعود للفندق وأنا لم اخبر السيدة ثناء إني هنا وبهذا لن تعرف أين اختفيت أنا وقد تتصل بماما وعندها .."
    فتقدم منها عزيز ببطيء يخشى عليها من الخوف منه أيضاً وقال لها بحنو بالغ
    " ما بك يا عمري.. اهدئي قليلاً ودعيني افهم... أنا معك لا تخشي شيئاً.. سأعيدك بنفسي للفندق يا غالية.. اهدئي حبيبتي "
    فأخفت وجهها بيديها وأجهشت بالبكاء وكأنها تريد التخلص من هذا الضيق الذي كان يثقل صدرها وقد تأثرت جدا بصوت حبيبها الرائع بحنانه البالغ.. فأمسك بهدوء بكتفها وبحذر لأنه يعرفها لا تحب أن يلمسها أحد وصار يحثها على السير داخل الحجرة وأجلسها على الحجر وقال لها
    " اهدئي يا عمري.. أنا بقربك.. بالله كيف وصلتي هنا؟؟ والله بقيت في حيرة من أمري عندما وجدت إن عنوان رسالتك الأخيرة من بريطانيا وقلقت عليك جداً.. هل أنت بخير حياتي؟"
    نظر إليها بقلق ظناً منه إنها أتت هنا للعلاج وأراد أن يتأكد من صحتها بالنظر لوجهها الحبيب فهزت رأسها بنعم بعد أن ضمت كف بكف ووضعتها على حجرها
    " غالية يا غالية بالله أخبريني كيف وصلتي هنا"
    " هل ستوصلني للفندق بحق عزيز .. قل أرجوك"
    فضحك بمرح على سؤالها المضطرب هذا .. يا الله كم يحب هذه الفتاة ، تجهم وجهها وبان الغضب عليها كعادتها عندما تجده يضحك على اضطرابها
    " لم تضحك ها؟"
    " سعادة يا عمري .. سعادة برؤيتك وبسماعك وبقربك هذا .. ممنوع؟؟ "
    عندها أشرق وجهها بابتسامة عريضة وهي تتذكر حديثهما معاً ساعات الوصال وكيف انه يردد دوماً هذه الجملة " سعادة يا عمري.. ممنوع؟" .. كم تحبه
    " عزيز"
    " عيون عزيز"
    " والله غير مصدقة لحد الآن إنك قربي .. بالله هل أنا أحلم "
    " إن كنت تحلمين فأعلمي إني وردني نفس الحلم .. لا يا حبيبتي إنك لا تحلمين .. أخبريني فقط ما الذي أتى بك إلى هنا؟ وأنتِ دوماً تخبريني بصعوبة الخروج من البلاد .. ولم لم تخبريني وتعرفين بأني أستطيع الطيران إليك كي نلتقي ونحقق حلمنا الغالي "
    " خفت يا روحي أن يكون ظرفك صعب جداً فتترك كل شيء وتأتي لأنك مجنون فتخاصمك عائلتك "
    " يا حياتي كم أحبك"
    " وأنا أيضاً"
    " وأنتِ ماذا؟"
    كان يشاكسها لأنه يعرف أنها تخجل من نطقها وتطفق تكتبها ألف مرة بأنها تحبه أكثر وبهذا نظرت إليه وقد أدركت مشاكسته فقالت هي تشاكسه أكثر
    " وأنا أريد قتلك"
    فأنفجر ضاحكاً
    " كل هذا حب !! ما أروعكِ"
    نهضت هي قائلة
    " عزيز دعنا نخرج من هنا أرجوك .. وبعد أن توصلني للفندق أعدك بأن نلتقي غداً وأحدثك بكل شيء "
    " حاضر"

    وللحديث بقية

    أختكم
    حنين محمد

    سأستقبل يومي بـابتسامة،، وأوَدِعه بابتسامة
    مـن أجلك يا أبي، مهما حصل
    فستشرق الشمس غداً

    تعليق

    • حنين محمد حيال
      مهندسة وكاتبة
      • 20-10-2008
      • 34

      #3
      الحلقة الثالثة:-

      كان لا يريد أن يرفع نظره عنها .. ولا يريد أن تتلاشى أمامه حقيقة هذه الصدفة الرائعة لكنه لا يريد أن يسبب لها الخوف أو الاضطراب منه لأنه يعرف غالية رقيقة جداً بمشاعرها وبهذا تقدم ليدلها على الطريق وهو يطمئنها بأنها ستخرج من هذا المبنى
      ما أن قطعوا مسافة قصيرة في الممر الضيق المتصل بالحجرة حتى حدثت هزة قوية وسمعوا من بعيد ناس تصرخ وأحدهم يقول
      " والله لم أقصد هذا"
      " أيها المجنون وماذا كنت تتوقع من مبنى قديم كهذا.. اخلوا المكان حالاً هيا قبل أن ينهار"
      وأثناء هذا الكلام كانت صخور صغيرة تتساقط على غالية وعزيز فقالت غالية وهي مرعوبة
      " عزيز ما هذا"
      لكنه لم ينطق وأمسك بمعصمها وجرها يحثها على الإسراع للخروج من هذا الممر لكن كأن الممر صار طويلاً جداً وازدادت الانهيارات حتى تساقط جزء كبير من الجدار والسقف حتى أغلق بهذا المنفذ للخروج من هذا الدهليز فصارت غالية ترتجف وتبكي
      " يا الهي .. هل سنموت .. عزيز أرجوك احميني .. عزيز أرجوك.. "
      فاستدار إليها ورآها منهارة وهو خائف عليها أكثر من خوفه على نفسه لأنه أدرك الحقيقة المرة بأنهم علقوا بهذا المكان وقد تمر ساعات طويلة قبل أن تصل إليهم فرق الإنقاذ .. أحتضن كفيها بكفيه وجعلها تواجهه وهو يقول
      " غالية .. حبيبتي أسمعيني"
      " هل سنموت عزيز .. بعد أن رأيتك نموت .. ألم نتفق .. قل ألم نتفق .."
      كانت لا تعرف ماذا تقول وهي تشعر إنها ستموت قبل أن تتزوج بعزيز بعد أن شعرت إن حلمها صار قريباً جداً منها ..
      " قلت أسمعيني"
      فانهمرت دموعها وهي تراه يعلي صوته
      " لا تقسو هكذا.. أنا خائفة ، لا أحبك"
      يا إلهي ، اعتصر قلب عزيز وهو يرى دموعها وهو لم يقصد إلا تهدئتها بحزم ونسي مشاعرها الغاية في الرقة فمسح بأصابعه دموعها وسحبها بسرعة وهو يقول
      " يا عمري ... ما كنت قاسياً على أحد قبلاً فكيف سأقسو على روحي؟؟ .. والله فقط أردت أن أهدئك فأنت متوترة جداً"
      " قل ... لكني لا أحبك هل فهمت؟"
      " والله أعرف"
      قال هذا بابتسامة فهي دوماً تكذب عليه بهذا الشأن .. كم يهواها
      "حياتي ... لن نموت بإذن الله .. ستأتي فرق الإنقاذ قريباً وإن تأخروا فأنا معك يا عمري ... هل تخافين لأنك ستبقين هنا لساعات معي ... هل تخافين مني غاليتي؟"
      "لا"
      " إذن ؟"
      ابتسمت ابتسامة مرتعشة ونظرت إلى أكوام الأحجار ثم قال له
      " طيب .. ألا نعود للحجرة فهنا يعم الظلام "
      " هيا"
      " عزيز"
      نادته وكأنها اكتشفت شيئاً
      " عيون عزيز.. ماذا؟"
      " هل تتذكر؟؟ هل تتذكر بالله .. إن الأمر يتحقق ... إنه اختبار.. بل إنه .. عزيز انه لإثبات كم أنا أثق بك .. أتذكر؟"
      " عن ماذا تتكلمين يا غالية؟"
      "أتتذكر يوم قلت لك بأني أثق بك لدرجة أني لو بقيت معك وحدي في مكان ما ولأيام فلن أخاف لأني أعلم إنك لن تفعل شيء يؤذيني أو يؤذي مشاعري أتذكر بالله .. ألم تفهم بعد"
      " آه يا عمري .. ألا ترين أي أقدار تجمعنا معاً .. ألا ترين!!"
      كانا يتكلمان بانفعال فقالت غالية وقد اتسعت شفتيها بضحكة رائعة
      " إذن لن أخاف يا عزيز ... لن أخاف"
      " كم أحبكِ يا عمري ... كم أهواكِ"
      عادا وجلسا على المصطبة وبعد لحظات من الصمت هدأت غالية وحدثته عن ما حصل لها وكيف وصلت هنا وكم مرت بأيام صعبة وأخبرته عن مرض حسن فقال يشاكسها
      " سأقتل حسن"
      " لم بالله؟"
      " لأنكِ ذهبتِ لزيارته كثيراً "
      فضحكت غالية لأنه دوماً يخبرها إنه يحسد كل من يراها وهو محروم من رؤيتها
      " بالله عزيز ما الذي أتى بك لبريطانيا؟"
      " لن تصدقي "
      " ماذا ؟؟ هل أنت بخير"
      " بكل خير والله ... ألست بخير وأنا قرب حبيبتي؟"
      " بجد عزيز قل.. ما الذي أتى بك على هنا"
      " يا عمري .. الستِ دوماً تقولين لي أيها الأعمى كيف ستراني؟؟"
      قالها وهو يبتسم فقالت له وهي تضحك
      " نعم صحيح .. أين نظارتك؟؟ لا تقل لي انك تضع عدسات لاصقة.. فدرجة انحراف عينك لا تنفعها أي عدسة"
      " لم أعد بحاجة لها"
      " بالله قل عزيز.. أين نظارتك؟"
      " غالية.. لقد أتيت هنا للعلاج"
      فنظرت غالية إليه بقلق وهي تقول
      " بالله للعلاج من ماذا؟؟ أنت بخير صح؟"
      " بخير يا عمري بخير..لقد أصلحت عيني من أجلك"
      " عزيز .. والله كنت امزح معك .. بالله لم عرضت نفسك للعملية؟"
      " لا تخشي علي حبيبتي ... إنها عملية بسيطة ولقد شفيت تماماً"
      " هل تقصد .. هل تقصد إن هذا هو الأمر الذي جعلك تغيب عني هذه الأيام؟"
      " نعم "
      " ولِم لَم تخبرني؟"
      " لأني أخاف أن تقتليني"
      يشاكسها كالعادة فأبرزت قبضتها وهي تقول له
      " أتمنى أن ألكمك على عينك الآن لتعود أعمى من جديد"
      " كل هذا حب؟ ما أسعدني"
      فضحكا معاً

      وللحديث بقية

      أختكم
      حنين محمد

      سأستقبل يومي بـابتسامة،، وأوَدِعه بابتسامة
      مـن أجلك يا أبي، مهما حصل
      فستشرق الشمس غداً

      تعليق

      • حنين محمد حيال
        مهندسة وكاتبة
        • 20-10-2008
        • 34

        #4
        الحلقة الرابعة:-

        مرت ساعات وهما غارقان في الحديث فصارا يتكلمان بنفس الوقت بأعينهم وبألسنتهم وعن روعة الصدفة التي جمعتهما في هذا المكان بلا موعد ثم صمت عزيز وقال
        " غالية ... نحن نسينا أنفسنا .. علينا أن نبين لهم إن هناك أحياء هنا كي يأتوا لإنقاذنا"
        " هل سننجو عزيز .. بالله قل"
        " بإذن الله يا غالية .. بإذن الله"
        كان يخاف عليها أكثر من خوفه على نفسه لأنها هشة قد لا تحتمل ساعات الانتظار بهذا البرد الذي يزداد في المكان وبلا طعام ولا شراب، وهذا ما جعله يقطع أروع حديث مع أروع حبيبة
        جعلها تبقى في مكانها جالسة وذهب هو يحاول أن يتصل بمن وراء الحاجز لكنه لم يسمع أي صوت ويبدو إنهم لم يصلوا إلى هنا بعد أو ربما الأضرار كبيرة بحيث نسوا إن هناك أضرار في هذه الدهاليز
        ظل يصيح ويصيح بلا فائدة ثم عاد للحجرة وحاول إيجاد شيء أي شيء يستطيع به زحزحة هذا الحجار فوجد عصا من الحديد في نهايتها عجينة من القير وهمّ بالعودة للممر الضيق لكنه رأى غالية وهي تجلس رافعة ركبتيها قرب رأسها وتضم نفسها كالجنين وتنظر إليه فقال هو بحنو بالغ
        " غالية هل أنت خائفة"
        فهزت رأسها بالنفي رغم إنه رأى نظرة الخوف في عينيها لكنه يعلم إنها ليست خائفة منه بل خائفة من البقاء هنا لمدة طويلة فقال لها
        " يا عمري سننجو وسترين"
        فهزت رأسها موافقة وقد ترقرقت عينيها بالدموع ، كم تمنى حينها أن يحتضنها لكن عليه العودة لمحاولة عمل فتحة صغيرة أو حتى ضجيج عالي كي يستدلون عليه وأيضا كان يريد أن يعطها فرصة للتعود عليه
        ظل يطرق ويزيح من الحجار لكن وكأن شيء لم يحصل ، نفس أكوام الحجر ولازالوا محتجزين هنا .. نظر نحو الحجرة وأعتصره قلبه لأن حبيبته هناك ترتجف خوفاً وبرداً قد تتعرض لخطر الجوع والعطش .. يا الهي كيف سيحميها؟؟
        صار يضرب بقوة ويحاول افتعال ضجيج ويشتم ثم يقف بيأس متكأً على الجدار يدعو الله أن ينقذهم .. عاد للحجرة وقد رسم على شفتيه ابتسامة صغيرة كي يطمئن حبيبته فوجدها تنظر إليه بأمل رغم سماعها صراخه الذي كان بلا جدوى فقال لها
        " كم الساعة ؟" نظرت إليه بتساؤل وأجابت
        " العاشرة والنصف "
        " إذن حبيبتي ألا تستريحين قليلاً؟؟ "
        " أسترح؟"
        " نعم يا عمري.. فقد لا يصلنا أحد حتى الصباح فلما لا تستريحين الآن"
        " وأنت؟"
        " أنا سأبقى أحميك يا عمري ... لعل ثعبان اشتم رائحتك الزكية فجاء ليلتهمك حباً"
        فنظرت للأسفل بسرعة وتطلعت نحو الغرفة وهي تقول
        "بالله عزيز هل هناك ثعابين؟"
        فانفجر ضاحكاً وهو يقول
        " يا عمري إني أشاكسك"
        فقالت بحنق وغضب
        " والله لا أحبك يا أعمى"
        فعاد يضحك بعمق وهو يقول
        " لا لا لا يا حياتي.. ما عدت أعمى تذكري ذلك"
        " لا أحبك وكفى"
        " والله أعرف"
        "طيب"
        كانت تهم بوضع قدميها على الأرض كي تحاول أن تسترح قليلاً على هذه المصطبة الصغيرة عندها قال لها عزيز
        "غالية ... هل أنت جائعة"
        فهزت رأسها بالنفي ثم قالت له
        " هل أنت جائع ؟ لدي في معطفي فطائر بالجبن كنت اخزنها لرحلتي في السوق "
        ثم أطلقت ضحكة صغيرة
        "لا يا عمري لست جائعاً فقط كنت أريد أن اطمئن أن هناك شيء تأكليه إن شعرت بالجوع"
        "طيب"
        أخرجت الفطائر من جيب معطفها وأعطتها له تخبره انه لو جاع فليأكلها فقال بأنه قد أكل قبل أن يدخل المبنى لكنه كان يكذب كي يوفر لها الشطائر في حال تأخُر فرق الإنقاذ..راقبها كيف تبدو كأنها متقيدة تحاول الاضطجاع ثم تنظر إليه وتستدير ثم تعود لتستدير نحوه ثم تعود للجلوس وهكذا وهو يعرف لِمَ كل هذا فقال لها
        " غالية"
        " نعم"
        " استرخي أرجوك ... لا تفكري بي... فلن أقترب منك "
        " لكني لم اكن.."
        " هيا نامي واستريحي وأنا سأبقى جالساً على الأرض هنا وقد أحاول أن أجد طريقة للخروج دون أن أزعجك.. اطمئني يا عمري لن أدع أي شيء يؤذيك "
        "حاضر"
        " ما أروعك"
        " ما أروعك أنت يا عزيز"
        نظر إليها وضوء الفانوس الخافت يجعلها تبدو كفتاة قد خرجت من قصة أسطورية ألا وهي قصة حبهما فقال وهو ينهض يريد الهرب من هذه الحجرة كي يتماسك نفسه عن لمسها
        " هيا نامي وإلا غيرت رأيي"
        فهمت ما قصد فابتسمت وقالت
        " حاضر حاضر ... والله سأغفو"
        ما أن همّ بالخروج حتى نادته بخوف
        " عزيز"
        فعاد يتطلع لها بسرعة وبقلق
        " ماذا حياتي .. هل هناك شيء"
        " لا تتركني أرجوك"
        فابتسم وقال
        " وأين سأذهب بالله؟"
        " لا أعرف ... فقط لا تذهب"
        " حاضر يا غالية.. أنا بقربك.. نامي مطمئنة"
        " حسناً"
        وللحديث بقية

        أختكم
        حنين محمد

        سأستقبل يومي بـابتسامة،، وأوَدِعه بابتسامة
        مـن أجلك يا أبي، مهما حصل
        فستشرق الشمس غداً

        تعليق

        • حنين محمد حيال
          مهندسة وكاتبة
          • 20-10-2008
          • 34

          #5
          الحلقة الخامسة:-

          أغمضت عينيها مبتسمة لكنها كانت تتكور على نفسها.. ربما هي تشعر بالبرد
          يبدو إن غالية تعبة جداً بحيث إنها نامت بسرعة وكم قاوم عزيز الاقتراب منها وتدفئتها بحضنه ، لما تأكد إنها غفت ذهب يتفقد الممر عساه يجد مكان يستطيعان الخروج منه لكنه لم يجد فعاد إلى الحجرة وظل يتفقد الجدران فوجد شبه نافذة جدارها رقيق ربما بعدة ضربات يستطيع أن يصنع منفذ صغير ولو لدخول الهواء ... لكنه قال في نفسه إن من الأفضل أن ينتظر حتى الصباح كي لا يزعج حبيبته غالية
          نظر إليها وهي مستلقية نائمة ومتكورة على نفسها .. نعم الجو شديد البرودة هنا، بالتأكيد لأن هذه الحجرة موقعها تحت البناء تقريباً ... عاد ليجلس على الأرض وينظر إلى غالية بشوق كبير ويبدو إنه قضى وقتاً طويلاً في البحث عن مخرج لهذا نام دون أن يشعر
          استيقظا على صوت ضجيج في الخارج فوقف ليجد غالية تجلس وتنظر إليه بفرح وهي تقول
          " عزيز ... لقد وصلت فرق الإنقاذ"
          فقال بهدوء بالغ
          " نعم "
          " نعم !! ألست مسروراً"
          " كيف لستُ مسروراً؟ .. لكن يا عمري أيضاً قد يتأخرون حتى يصلون لنا .. وربما هم لا يعلمون بعد أننا هنا أحياء محجوزين"
          " إذن؟"
          " علينا أن نصنع ضجيج عالي لعلهم يهتدون إلينا أو ننتظر حتى يزيلون كل الجدران الساقطة ومن ضمنها هذا الجدار"
          ذهبا معاً ليفتعلا الضجيج فظلت غالية تصرخ طالبة المساعدة وعزيز يضرب الحجر بقوة وبقيا ساعات يحاولون حيناً ويستريحون حيناً آخر لكن يبدو إن حاجز الحجار سميك بحيث لم يهتدي إليهم أحد بعد ... نظر عزيز إلى حبيبته فوجدها مجهدة تماماً تكاد تسقط إعياءً فأجلسها وأخرج فطيرة من جيب معطفه وأمرها أن تأكلها وأن لا تنهض أبداً فأطاعت بسرعة لأنها شعرت بنفسها إن نهضت فسيغمى عليها
          شعرت غالية بأن عزيز تقصّد فتح مواضيع عدة من أجل أن يروّح عن قلبها الخائف وقد نجح في ذلك وجعلها تبتسم عدة مرات وتندمج بالحديث وتتناقش معه بتناغم أفكارهم الشيء الذي عرفوه منذ أول يوم تعرفا به على بعضهما البعض ... تذكر عزيز ما وجده في إحدى جدران الحجرة الذي يبدو كالنافذة المغلقة.. فجاء بالعصا وظل يطرق بها ويطرق وغالية ترجوه أن لا يتعب نفسه عندما وجدت إن لا فائدة تقريباً من الطرق رغم تقدمه في عمل حفرة... ولم تهتدي لهم فرق الإنقاذ رغم سماعهم ضجيجها ولم يستطيعوا هم من إنقاذ أنفسهم وبهذا أشارت ساعة غالية الثانية عشر بعد منتصف الليل فنظرت غالية لعزيز وكأنها تسأله هل سيخرجون فكانت تراه هو أملها وهو بطلها الذي سينقذها من هذا السجن لكنه كان يغير الأحاديث وينظر إليها بقلق.. عرفت ماذا كان يسأل نفسه.. هل ستتحمل الجوع والعطش حتى يصل إليهم أحد.؟؟
          " عزيز"
          " حياتي.. نعم"
          " لا تخف عليّ... سأكون قوية وسأتحمل"
          " هذا ما أرجوه يا عمري... لكن هذه آخر شطيرة لدينا ولا ماء.. ولا نعرف كم سيطول الأمر وجسمك الصغير الحبيب ضعيف أخشى عليه وأخشى عليك"
          " لكن عزيز أنا إن مت بين يديك فأعلمْ بأني قد مت وأنا أسعد فتاة في العالم"
          تقدم نحوها عزيز وقد دمعت عيناه وصار قلبه يدق بسرعة خوفاً على حبيبته
          " أرجوك لا تقولي هذا يا غالية... ستكونين بخير.. أعدك"
          " لا تتركني أبداً"
          " لن أتركك يا عمري.. لن افعل"
          تنهدت بقوة فنظر إلى وجهها الذي بان عليه التعب بسرعة بل إنه يعتقد إن وجهها لا قطرة دم فيه من شدة اصفراره ورغم انه وعد نفسه أن لا يأكل أي شيء ليوفر لها إلا إن غالية أقسمت بأن لا تتذوق شيء حتى يأكل معها فأكل ما لا يكاد يسد جوعه فقط .
          ناما مجهدين من هذا اليوم الطويل وهي نامت كالقتيلة إلا انه ظل يفكر ويفكر في طريقة لإنقاذها أو بأي أمل في النجاة حتى نام.. صحا على صوت غالية وهي تبكي وكم قطع صوت بكاءها قلبه فحدق بالحجرة فوجدها تغرق في الظلام وبعد أن طرد النعاس فهم غالية وما تقوله
          " عزيز.. عزيز.. أين أنت.. أرجوك رد.. عزيز"
          " حبيبتي أنا هنا... ماذا بك ؟ .. لا تخافي أنا هنا بقربك"
          حاول الوصول إليها واهتدى بصوتها فأمسك بكفيها فوجدها ترتجف
          " ما بك.. لا تخافي .. أنا هنا بقربك"
          " يا الهي عزيز.. ظننت نفسي في القبر. ظننت انهم دفنوني وأنا حية.. هل تفهم.. ظننت انهم دفنوني.. دفن.. ولم أخبرك بعد أني احبك.. ظننت انهم.. وقبل أن أرى عائلتي وأني مت عزيز وأني... رأيت هذا الظلام و .. بالله لم الظلام.. أين الضوء عزيز؟ ولم ابتعدت؟ هل تركتني؟؟ قل قل.. عزيز أرجوك أنا خائفة"
          كانت تتحدث بسرعة وهي ترتجف وتتناثر دموعها على وجهها فلم يستطع إلا أن جلس قربها وأحاط كتفيها بذراعه وقربها إلى صدره ويقول
          " أرجوك اهدئي يا غالية.. بالله ما هذا الخوف.. أنت معي الآن .. اشششش .. هيا اهدئي.. لازلتِ على قيد الحياة يا حبي... "
          ظلت غالية تسند رأسها على صدره وتشهق بقوة حتى هدأت وعزيز يهدئها بكلماته وبأن الله لن ينساهما وبأنه كما جمعهما معاً فلن يفرقهما بأذنه.. ثم صار يمزح معها وهو يؤنبها على أنها كبرت ولم تعد طفلة كي تخاف هكذا..واخبرها إن هذا الظلام أكيد سببه انتهاء كحول الفوانيس ولهذا انطفأت.. وأنه لم يبتعد عنها أبداً ولن يفعل لأنها عمره وحياته.. حتى هدأت وطلب منها أن تعود للنوم وأن تعلم انه قربها دوماً فأطاعت تحت تأثير التعب والنعاس.
          استيقظا على ضجيج أعلى مما كان قبل يوم وبهذا عرفا إن فرق الإنقاذ أكيد تقدمت بحفرياتها وربما سيصلون إليهما فعادا لافتعال الضجيج وغالية تصرخ وتصرخ حتى سمعوا سكوناً وكأن الجهة الأخرى يريدون التأكد من المصدر فصاحت غالية تطلب النجدة وعزيز يضرب بالحجر بقوة علّه يوصل إليهم رسالة بأن هناك من هم على قيد الحياة هنا وبالفعل وصلت الرسالة فطارت غالية من الفرح وازدادت قوة وصاروا يشعرون أخيراً أنهم متصلون بالعالم الخارجي

          وللحديث بقية

          أختكم
          حنين محمد

          سأستقبل يومي بـابتسامة،، وأوَدِعه بابتسامة
          مـن أجلك يا أبي، مهما حصل
          فستشرق الشمس غداً

          تعليق

          • حنين محمد حيال
            مهندسة وكاتبة
            • 20-10-2008
            • 34

            #6
            الحلقة السادسة:-

            مضت ساعات والحفر مستمر وازداد قلق عزيز على غالية فلقد رآها شاحبة شحوب الأموات وشفتيها تشققت عطشاً وكانت ترتجف وهي تحاول أن تزيح الأحجار فأمرها بأن تذهب للحجرة لكنها عاندت ورفضت وأزداد ارتجافها وهي تلهث ثم فجأة سقطت أمامه جثة هامدة بلا حراك .. لقد تعرض عزيز للكثير الكثير من المواقف في حياته وأغلبها مؤلمة لكنه لم يعرف ألماً كالذي اعتصر قلبه عندما رآها تسقط أمامه
            صرخ بصوت يستطيع أن يجزم إن لسانه لم ينطقه بل إن قلبه وعقله وكل ذرة بجسمه قد ناداها
            " غالية "
            وحملها بسرعة وهو يحاول أن يهدأ من الألم الذي اعتصر قلبه والخوف الذي تملكه ، ظل يحاول أن يوقظها لكنها بقيت بلا حراك .. نعم لازال قلبها ينبض، لا زالت على قيد الحياة لكن إن لم يفعل شيء الآن سيخسر أغلى ما في حياته، سيخسر حبيبة لم يحلم يوماً بأنه سيجدها تسكن الأرض...
            عاد للممر وهو يريد حثهم على الإسراع بالحفر فهنا من هي بخطر... ولم يعد يستطيع الصبر عاد للحجرة وظل بكل قوة وعنف يطرق على الجدار الذي ظن انه رقيق ظل يطرق ويطرق فلم يعد يبالي بتعب أو انه قد يضر نفسه فغالية أهم منه ويبدو إن مشاعر الخوف الشديد والتشبث بهذا الجدار قد جاء بنتيجة بحيث إن قوة ضرباته هذه أدت إلى ظهور نور قليل فأشرق وجهه وطرق عدة طرقات أخرى ثم سمع صوتها الضعيف وهي تناديه
            "عزيز"
            لحظة وكان قرب رأسها وهو يمسك بكفها يطمئنها لكنها كانت في حالة اللاوعي فقط تردد مغمضة العينين
            " ماء، عزيز ماء.. أرجوك .. ماء"
            " يا غالية اصمدي من اجلي... الفرج قريب "
            " ماء.. ما .."
            ثم لا تكمل جملتها وهي تغرق في إغماءتها مرة أخرى
            "غالية... ابقي معي أرجوك.. افتحي عينيكِ"
            لقد خارت قواه التي كانت قبل القليل في أشدها.. شكلها وهي هكذا جعله لا يستطيع الابتعاد عنها سنتمتراً واحداً.. جلس على المسطبة وأجلسها وهو يضع رأسها على كتفيه ويقربها إليه يحاول أن يجعلها تستفيق.. بعد دقائق شعر أنها سنوات فتحت غالية عينيها بتثاقل وهي تحاول أن تبتعد عنه لكنه شدها إليه وهو يقول
            " ابقي هكذا.. ستسقطين مرة ثانية"
            " هل سأموت عزيز"
            طفرت الدموع من عينيه وهو يسمعها تقول هذا بضعف كامل وتحاول أن تكمل الجملة بصعوبة لما تشعر به من جفاف
            " لن تموتي صغيرتي.. لن تموتي"
            " عزيز.. أنت تبكي.. أنا سأموت صح؟"
            " أرجوك لا تقولي هذا... انظري لقد دخل النور للحجرة"
            "عزيز ..أنا لن اصمد "
            كانت تتكلم وهي تحاول أن تمد يدها لتمسك بكفه فضم كفها بكفه ووضعها على قلبه وهو يقول
            " هل تسمعين هذا.. أقسم إن فقدتك سأفقده، هل ترضين لي هذا؟"
            "عزيز "
            بكت بحرقة وهي تضغط بكفها على كفه
            "لا تقل هذا.. لا استطيع أرجوك.. اعلم أني سعدت جداً بهذه الصدفة.. عزيز احبك جداً"
            "إذن اصمدي من اجل عزيز"
            "عزيز"
            " اششششش.. الكلام يتعبكِ... فقط ادعي من الله أن لا يفرقنا"
            قبل رأسها برفق وهو يدعو ويدعو أن ينجي الله غالية.. لم يكف عن ذكر الله وهو يتضرع كي يمدهما بالفرج من عنده ويكتب لغالية أن تعيش
            سمع الأصوات تعلو وتزداد فعرف إن فرق الإنقاذ قد وصلت إليهم أخيراً فحمل غالية بآخر ما بقي له من قوة وسار نحو الممر لكنه ولضعفه تعثر فسقط وسقطت غالية على رأسها وسمعت صوت صرختها فأغمي عليه.



            وللحديث بقية

            أختكم
            حنين محمد

            سأستقبل يومي بـابتسامة،، وأوَدِعه بابتسامة
            مـن أجلك يا أبي، مهما حصل
            فستشرق الشمس غداً

            تعليق

            يعمل...
            X