اصطياد العصافير
لم يشعر احمد سعيد الشلال بأي تناقض بين ألانتماء وبين التطوع للخدمة في الجيش الاسرائيلي، فقد نشأ وسط أجواء ترى في الخدمة ضماناً للمستقبل والحياة السعيدة ،فوالده ضابط برتبة متوسطة،والكثيرين من أبناء بلده يخدمون في الجيش ويتفاوتون في رتبهم العسكرية.، فلما لا يدخل هو أيضاً أجواء التحدي ليثبت وجوده.كالآخرين وسط هذا المحيط؟.خاصة وان سلطات الجيش بحاجة إليه كغيره من الشباب البدو الذين يملكون الشجاعة،إضافة إلى الفراسة
والتجربة في اقتفاء الأثر ،ثم أن ابن عمه "حمد"الذي هو في مثل سنه ،سبقه في التطوع ،وهو يراه عندما يعود إلى القرية يتدفق ثقة بالنفس ،يضرب الأرض بقدمه وهو ينتعل الحذاء العسكري .ولا يخشى سوى ألخالق سبحانه وتعالى،كما يقول دائماً:-
أنا بخفش غير من الله
ثم إن رعاية المواشي أكسبته قوة وقواماً متناسقاً ،.وتذكر لقد كان
قبل أيام يصعد. ألنهاد. وينزل.الاوهاد.،إضافة إلى
"الشبابة"التي كانت تتعبه من شدة الشهيق والزفير ،ولكنها كانت تشعره بالنشوة البالغة وهو يرى القطيع يأكل ألأخضر بشهية على أنغامها ،وأخذته موجة من الطرب فوجد نفسه يغني:-
"جفرا ويا هربع طلعت ع سلمها ومن بين كل الخلق يا رب أتسلمها"
واستمر شريط الذكريات في دورانه.،.كما أن الرماية لديه دقيقة ،تصيب الهدف بدقة متناهية،فكم من مرة أصطاد عصفوراً بحصوة !!.ووجد نفسه يرفع صدره منتشياًّ ،قد تذكر عندما قتل أفعى جدراء ،كادت أن تلدغ ألعنزة "الحلطاء ".حين ورد النبع بقطيعه ،كما هي العادة كل يوم حين تصل الشمس كبد السماء.
تجمع الأقرباء والجيران في بيت الوالد "سعيد".بعد صلاة العشاء في
مسجد القرية ،لتوديع "احمد"وتمنياتهم له بالنجاح بعد أن بلغهم نيته في
الانضمام إلى "خدمة العلم":؟!!.وحتى أولائك الذين لا يحبذون فكرة انضمام
الشباب إلى
الجيش.حضروا لأداء واجبهم الاجتماعي كما يعتقدون ،وكان السيد "سعيد
"يستقبل ضيوفه بالعناق، ولما لم تتسع الغرفة.أمر الشباب بنصب" شادر"
فوق عرصة الدر للانتقال إلى الجلوس هناك .واستمرت المسامرات،.ولما
تأخرت القهوة .صرخ أبو احمد:-
- التشهوه يا ولد.
وعندها طفق احد الضيوف يهتز قليلاً وهو يغني أغنية المطربة
سميرة توفيق:
"بلله تصبوا هالتشكهوه وزيدوها هيل واسقوها للنشامه ع ظهور الخيل"
وهنا قفز بعض ألحضور عن كراسيهم واخذوا يرقصون وسط العرصة.وأستمر المؤدي في الغناء:-
" قهوتنا للاجوادي ..أول بادي …ويلي ناره وقادي …بظلام الليل"
وجاءت الردة منسجمة:-
والنشامه انلاقيها وانحيبها ويلك يا اللي أتعاديها ….يا ويلك ويييييييييييل."
وكان السيد سعيد يرفع بذراعه بين الفينة والأخرى وهو يلوح بكفه مرحباً بالضيوف رافعاً صوته:-
"هلا هلا هلا هلا
وكم كانت المفاجأة كبيرة حين دخل العرصة خيالان يمتطيان كل فرسه وهما يلعبان بالسيوف ،..لقد كانت صدفة خير من ألف ميعاد …أحد الحضور سحب مسدسه عن خاصرته ،.تقدم حيث لا يحجب الشادر السماء ،وبدأ يطلق النار ، وسرعان ما دوى صوت رصاص الرشاشات؟!.لقد شعر السيد سعيد بالسعادة البالغة وقال لنفسه:-حقاً لي محل في نفوس الاهل هز رأسه، وعاد ليحاور نفسه :- صحيح أن رتبتي متواضعة ،ولكن "الجماعة "لم يردون لي طلباً،لقد استطعت تجنيد كل من طلب مساعدتي للانضمام إلى الخدمة،
وكانت القهوة السادة تدور على الضيوف كما هي العادة،حيث يتولى المهمة احد
ألأقرباء وهو يحمل المصب وفنجانين فوق بعضهما البعض،يصب في الفنجان الاعلى قليلاً جداً ويقدمها بشكل دوري على الحضور ،ليقوم الضيف بارتشافها رشفة واحدة. لينتقل إلى جاره, يصب له ثم يعود إلى الأول لاخذ الفنجان.، فإذا رفع الضيف الفنجان دون أي حركة كان ذلك بمثابة علامة تقول ،إني أريد رشفة أخرى ،أما إذا راقص الفنجان بين إبهامه والمشير .أخذه وتقدم.،.وعلى من يتولى هذه المهمة أن لا يغفل أحداً من القادمين لان احترام الضيف مرتبط إلى حد بعيد بهذا الفنجان فالقهوة السادة تمنح نكهتها اللذيذة الشعور بالكبرياء لمن أعدها بعد أن يبدي الحضور الثناء على معدها ،خاصة وان إعدادها يقتضي الكثير من الجهد والوقت والمهارة،وعادة ما يحتل الحديث عنها مساحة كبيرة من الوقت، هذا يقول:-"تشل"الاحترام ،وأخر يقول:-تسلم أيدين اللي عملها –وثالث يرفع صوته مبتهجاً بعد أن قام بارتشافها:-هاي "تشهوة
وكانت ليلة فرح بها الجميع واخذ الضيوف يودعون احمد ،ويهزون ذراعه وهم يشدون على يده أثناء التوديع ،قال أحدهم:-
- دير بالتش ،بدنا اياتش بطل
وقال اخر:-
- بدنا اياتش ضابط تشبير تشبير أتفوت الوالد
فرد احمد بالغة الانجليزية بالكنه البدوية:-
- اوتشي اوتشي
وأضاف آخر مازحاً:-
- هذا تشبل من ذاتش الاسد
لبس احمد البزة العسكرية وحمل السلاح ،فشحنه ذلك بشعور العظمة ،خاصة عندما كان يرى عيون الأطفال وعيون الكثيرين من الشيوخ والنساء تبرق خوفاً في شوارع الأراضي المحتلة،حيث تقرر أن يخدم هناك ،وزادت فرحته عندما علم بأنه تقرر ضم بعض معارفه إلى نفس الوحدة ، ومرت الأيام وسعادته تزداد ،خاصة عندما كان يربت الضابط "مناحم"على كتفه ليثني على جهوده وشجاعته في اقتحام المخاطر ،وخاصة عندما كان يعود وقد قتل احد المطلوبين
وفي أحد الأيام ،كان احمد يسير برفقة صديقه "سالم الغريف"يتمازحان، وفجأة أنتبه احمد إلى أحد الشبان متسلقاً على هوائية تلفاز فوق احد السطوح لكي يوجه شبكة الالتقاط، ،فقال لسالم مازحاً،وهو يشير بإصبعه:-
- أنظر إلى ذاك العصفور!!
نظر سالم إلى حيث يشير احمد وقال مستغرباً:-
- أبن الملعونة،كيف استطاع الصعود إلى هناك؟!
صمت لحظة وأضاف:-
- انزله
صوب احمد فواهة رشاشه وأطلق النار، فخرّ الشاب صريعاً، نظر احمد إلى وجه سالم ورفع كفه قائلا:-
- كفك
وتصافحا بحرارة والبسمة تعلو وجههما
وبالمقابل تعالت الصرخات،لقد قتل العسكر "كريم"،وتجمهر الناس،قال أحدهم "-
- يا حرام،هذا وحيد أمه
حضرت القوات ،اتصل الضابط بالقيادة وأعلمها بما حدث وتم توقيف احمد وسالم ،وفي هذه الأثناء هجمت عجوز على الجنود وهي تبكي وتصرخ:-
- إبني إبني
مسكت بعنق احد الجنود فما كان إلا أن ضربها جندي آخر بأعقاب بندقيته على رأسها فخرت مغشياً عليها ،وكان الضابط في هذه الأثناء يقول للأهالي :-
- أن أخلاق الجيش لا يمكن أن تسمح بقتل الأبرياء،وإن من قتل لا بد وأن يكون متخفياً بزي الجيش
حاولت القيادة جاهدة التغطية على الجريمة ،خاصة وأنه تربط الوالد علاقات حميمة مع ألقيادات السياسية والعسكرية،فقد سبق وأقام الولائم للمسئوولين:-
- إن أبني لم يرتكب مجزرة إن كل ما قام به هو قتل عصفور عفوًا إن كل ما قام به هو قتل شاب وأحد،وهناك من ارتكب مجزرة وغرم بأغورة واحدة،بل هناك من ارتكب المجازر وتمت ترقيته ،ديروا "بالتشم" على الولد
أضف الى مفضلتك
لم يشعر احمد سعيد الشلال بأي تناقض بين ألانتماء وبين التطوع للخدمة في الجيش الاسرائيلي، فقد نشأ وسط أجواء ترى في الخدمة ضماناً للمستقبل والحياة السعيدة ،فوالده ضابط برتبة متوسطة،والكثيرين من أبناء بلده يخدمون في الجيش ويتفاوتون في رتبهم العسكرية.، فلما لا يدخل هو أيضاً أجواء التحدي ليثبت وجوده.كالآخرين وسط هذا المحيط؟.خاصة وان سلطات الجيش بحاجة إليه كغيره من الشباب البدو الذين يملكون الشجاعة،إضافة إلى الفراسة
والتجربة في اقتفاء الأثر ،ثم أن ابن عمه "حمد"الذي هو في مثل سنه ،سبقه في التطوع ،وهو يراه عندما يعود إلى القرية يتدفق ثقة بالنفس ،يضرب الأرض بقدمه وهو ينتعل الحذاء العسكري .ولا يخشى سوى ألخالق سبحانه وتعالى،كما يقول دائماً:-
أنا بخفش غير من الله
ثم إن رعاية المواشي أكسبته قوة وقواماً متناسقاً ،.وتذكر لقد كان
قبل أيام يصعد. ألنهاد. وينزل.الاوهاد.،إضافة إلى
"الشبابة"التي كانت تتعبه من شدة الشهيق والزفير ،ولكنها كانت تشعره بالنشوة البالغة وهو يرى القطيع يأكل ألأخضر بشهية على أنغامها ،وأخذته موجة من الطرب فوجد نفسه يغني:-
"جفرا ويا هربع طلعت ع سلمها ومن بين كل الخلق يا رب أتسلمها"
واستمر شريط الذكريات في دورانه.،.كما أن الرماية لديه دقيقة ،تصيب الهدف بدقة متناهية،فكم من مرة أصطاد عصفوراً بحصوة !!.ووجد نفسه يرفع صدره منتشياًّ ،قد تذكر عندما قتل أفعى جدراء ،كادت أن تلدغ ألعنزة "الحلطاء ".حين ورد النبع بقطيعه ،كما هي العادة كل يوم حين تصل الشمس كبد السماء.
تجمع الأقرباء والجيران في بيت الوالد "سعيد".بعد صلاة العشاء في
مسجد القرية ،لتوديع "احمد"وتمنياتهم له بالنجاح بعد أن بلغهم نيته في
الانضمام إلى "خدمة العلم":؟!!.وحتى أولائك الذين لا يحبذون فكرة انضمام
الشباب إلى
الجيش.حضروا لأداء واجبهم الاجتماعي كما يعتقدون ،وكان السيد "سعيد
"يستقبل ضيوفه بالعناق، ولما لم تتسع الغرفة.أمر الشباب بنصب" شادر"
فوق عرصة الدر للانتقال إلى الجلوس هناك .واستمرت المسامرات،.ولما
تأخرت القهوة .صرخ أبو احمد:-
- التشهوه يا ولد.
وعندها طفق احد الضيوف يهتز قليلاً وهو يغني أغنية المطربة
سميرة توفيق:
"بلله تصبوا هالتشكهوه وزيدوها هيل واسقوها للنشامه ع ظهور الخيل"
وهنا قفز بعض ألحضور عن كراسيهم واخذوا يرقصون وسط العرصة.وأستمر المؤدي في الغناء:-
" قهوتنا للاجوادي ..أول بادي …ويلي ناره وقادي …بظلام الليل"
وجاءت الردة منسجمة:-
والنشامه انلاقيها وانحيبها ويلك يا اللي أتعاديها ….يا ويلك ويييييييييييل."
وكان السيد سعيد يرفع بذراعه بين الفينة والأخرى وهو يلوح بكفه مرحباً بالضيوف رافعاً صوته:-
"هلا هلا هلا هلا
وكم كانت المفاجأة كبيرة حين دخل العرصة خيالان يمتطيان كل فرسه وهما يلعبان بالسيوف ،..لقد كانت صدفة خير من ألف ميعاد …أحد الحضور سحب مسدسه عن خاصرته ،.تقدم حيث لا يحجب الشادر السماء ،وبدأ يطلق النار ، وسرعان ما دوى صوت رصاص الرشاشات؟!.لقد شعر السيد سعيد بالسعادة البالغة وقال لنفسه:-حقاً لي محل في نفوس الاهل هز رأسه، وعاد ليحاور نفسه :- صحيح أن رتبتي متواضعة ،ولكن "الجماعة "لم يردون لي طلباً،لقد استطعت تجنيد كل من طلب مساعدتي للانضمام إلى الخدمة،
وكانت القهوة السادة تدور على الضيوف كما هي العادة،حيث يتولى المهمة احد
ألأقرباء وهو يحمل المصب وفنجانين فوق بعضهما البعض،يصب في الفنجان الاعلى قليلاً جداً ويقدمها بشكل دوري على الحضور ،ليقوم الضيف بارتشافها رشفة واحدة. لينتقل إلى جاره, يصب له ثم يعود إلى الأول لاخذ الفنجان.، فإذا رفع الضيف الفنجان دون أي حركة كان ذلك بمثابة علامة تقول ،إني أريد رشفة أخرى ،أما إذا راقص الفنجان بين إبهامه والمشير .أخذه وتقدم.،.وعلى من يتولى هذه المهمة أن لا يغفل أحداً من القادمين لان احترام الضيف مرتبط إلى حد بعيد بهذا الفنجان فالقهوة السادة تمنح نكهتها اللذيذة الشعور بالكبرياء لمن أعدها بعد أن يبدي الحضور الثناء على معدها ،خاصة وان إعدادها يقتضي الكثير من الجهد والوقت والمهارة،وعادة ما يحتل الحديث عنها مساحة كبيرة من الوقت، هذا يقول:-"تشل"الاحترام ،وأخر يقول:-تسلم أيدين اللي عملها –وثالث يرفع صوته مبتهجاً بعد أن قام بارتشافها:-هاي "تشهوة
وكانت ليلة فرح بها الجميع واخذ الضيوف يودعون احمد ،ويهزون ذراعه وهم يشدون على يده أثناء التوديع ،قال أحدهم:-
- دير بالتش ،بدنا اياتش بطل
وقال اخر:-
- بدنا اياتش ضابط تشبير تشبير أتفوت الوالد
فرد احمد بالغة الانجليزية بالكنه البدوية:-
- اوتشي اوتشي
وأضاف آخر مازحاً:-
- هذا تشبل من ذاتش الاسد
لبس احمد البزة العسكرية وحمل السلاح ،فشحنه ذلك بشعور العظمة ،خاصة عندما كان يرى عيون الأطفال وعيون الكثيرين من الشيوخ والنساء تبرق خوفاً في شوارع الأراضي المحتلة،حيث تقرر أن يخدم هناك ،وزادت فرحته عندما علم بأنه تقرر ضم بعض معارفه إلى نفس الوحدة ، ومرت الأيام وسعادته تزداد ،خاصة عندما كان يربت الضابط "مناحم"على كتفه ليثني على جهوده وشجاعته في اقتحام المخاطر ،وخاصة عندما كان يعود وقد قتل احد المطلوبين
وفي أحد الأيام ،كان احمد يسير برفقة صديقه "سالم الغريف"يتمازحان، وفجأة أنتبه احمد إلى أحد الشبان متسلقاً على هوائية تلفاز فوق احد السطوح لكي يوجه شبكة الالتقاط، ،فقال لسالم مازحاً،وهو يشير بإصبعه:-
- أنظر إلى ذاك العصفور!!
نظر سالم إلى حيث يشير احمد وقال مستغرباً:-
- أبن الملعونة،كيف استطاع الصعود إلى هناك؟!
صمت لحظة وأضاف:-
- انزله
صوب احمد فواهة رشاشه وأطلق النار، فخرّ الشاب صريعاً، نظر احمد إلى وجه سالم ورفع كفه قائلا:-
- كفك
وتصافحا بحرارة والبسمة تعلو وجههما
وبالمقابل تعالت الصرخات،لقد قتل العسكر "كريم"،وتجمهر الناس،قال أحدهم "-
- يا حرام،هذا وحيد أمه
حضرت القوات ،اتصل الضابط بالقيادة وأعلمها بما حدث وتم توقيف احمد وسالم ،وفي هذه الأثناء هجمت عجوز على الجنود وهي تبكي وتصرخ:-
- إبني إبني
مسكت بعنق احد الجنود فما كان إلا أن ضربها جندي آخر بأعقاب بندقيته على رأسها فخرت مغشياً عليها ،وكان الضابط في هذه الأثناء يقول للأهالي :-
- أن أخلاق الجيش لا يمكن أن تسمح بقتل الأبرياء،وإن من قتل لا بد وأن يكون متخفياً بزي الجيش
حاولت القيادة جاهدة التغطية على الجريمة ،خاصة وأنه تربط الوالد علاقات حميمة مع ألقيادات السياسية والعسكرية،فقد سبق وأقام الولائم للمسئوولين:-
- إن أبني لم يرتكب مجزرة إن كل ما قام به هو قتل عصفور عفوًا إن كل ما قام به هو قتل شاب وأحد،وهناك من ارتكب مجزرة وغرم بأغورة واحدة،بل هناك من ارتكب المجازر وتمت ترقيته ،ديروا "بالتشم" على الولد
أضف الى مفضلتك
تعليق