في صندوق بريد حربي!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد حسن محمد
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 716

    في صندوق بريد حربي!

    في صندوق بريد حربي!


    نمْ يا بنيَّ على سرير دمي، فصلب أبيك أرحم من قبور الآخرينَ..
    ولن أقدم وجبة أخرى إلى وطنٍ بَدِينٍ، أتخمتْه لحوم عائلتي وكأسَ الدمعِ..
    تعصرنا الإهانةُ، وهْو يشربُ..
    شمعةُ العمرِ استعدّتْ للظلامِ وَأَنْتَ تنفخُهَا بِشَوْقِكَ للخروج، مفتشًا عن أي أمٍ..
    لن أشارك في جريمة مولدٍ أخرى!
    أرى عامًا جديدًا يا بنيّ أتى يعزي فيكَ..
    يحفظ قصةً أخرى عن الدمِ في البلادِ..
    يعمِّر الأعصاب بالشكوى، وما زال السرادقُ يشرب السنواتِ..
    ألسنةُ الحدادِ تكفِّنُ العينينِ في غمض بليغٍ..
    تأكلُ الساعاتُ أرغفةَ التذكرِ..
    والدقائقُ ترتدي أثوابها السوداءَ، تشرب قهوةَ الإحباطِ
    تجلس فوق كرسيٍّ من البَرْدِ الوثيرِ..
    ويبدأ النفسُ العميقُ مراسمَ التشييعِ..
    يابْنِي، لن يرى أنفاسك الخضراء غيري..
    لا قبورَ على رصيفِ العمرِ، أمشي في مكاني..
    والجنازةُ تلبسُ الأشياءَ، يلبسها البكاءُ
    وأنتَ في تابوت لحمي قصةٌ أخرى عن الوطنِ الذي جلدوه بالسرقاتِ
    وافتضوا حضارةَ ضَوْئهِ العربيِّ في وضح السلامِ
    وكفَّنوا ثمراتهِ في جيْبِ الِاسْتِعْمَارِ..
    مائدة العزاء شهيةٌ للجرْحِ: أرغفة السماع..
    وبيضتان لفارسينِ استشهدا في فترةِ الجوعِ الصليبيِّ..
    الوفيرُ من الملوحةِ في شقوق الجلدِ..
    لحمُ القلبِ محروقٌ بنار الموتِ...
    كوبٌ من دمي المعصورِ في حَنَكِ الحصارِ
    ﴿........﴾

    ثقيلةٌ يا جثة الأرض الغنيّة بالفتوحات القديمةِ..
    والمآذنِ.. والعساكرِ، والحقولِ، وضحكة الأطفالِ، والجرحي، وخنزير احتلالكِ..
    لا قبور على طريقِ الليلِ؛ أمشي في مكاني..
    هل عرفْتَ الفرق بين مساء تابوتي وبين الساعة الستين في ليل العروبةِ
    هل تعلَّمتَ السماعَ..
    فمنذ لم تولدْ وحقل الجار يشكو من صداع الطائرات العسكريَّة..
    بنت جار الجارِ تصرخُ من مضاجعة الجنود لها..
    وحتى جثة الأوراق بين يديّ أحقنها فتصحو في صراخ الحرفِ..
    شُفتُ اليوم مذبحةً وراء الدارِ؛ زرت مقابر الأحلامِ بعد القصفِ..
    غسلنا شهيدًا، لم نجد كفنًا له إلا ملاءة بنت جار الجارِ..
    رافقنا نعوشًا مثل نمل الصيفِ، شيعنا الحقولَ وشيعتنا في مساء الدفنِ..
    أكملْ نومك المرجوَّ يابْني.. عامُ ميلاد بعيدٍ
    إنه عام جدير باحترام الموتِ في بدن العروبةِ
    عامُ ميلاد يهوديّ جديدٌ، عامر بصراخ أطفال الحروبِ..
    وفي يديه بنادقٌ مخمورة بعصير أجسام الشبابِ..
    عليه ثوبٌ من جلود الطيبينَ..
    ومقلتاه بحيرتانِ من الدم العربيِّ تتصلان بالعام القديمِ..
    روائح العرق الأليفةُ قصة بقيتْ من الصبر المملح بالدموعِ..
    ونسخة من عقْد بيع بلادنا يومًا على رَفِّ الدُّيُونِ الأجنبيةِ.
    في رحاب البيع دارت خمرةُ الدم بين تجار الحضارةِ
    واستعدّتْ قريةُ الذبحِ الخصيبةُ للبناءِ
    على مساحة وعد بلفور الجدير بلعنة الأيتامِ
    في عصر النزيف الإنجليزيِّ المكابرِ..
    قصة الأشياء كفَّنتِ الضحايا في قماش الشمسِ؛
    أمشي في مكاني..
    لا وصولَ على حدودِ الريحِ يابني..
    قد جناه أبي عليّ وما جنيتُ عليك! نم

    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد حسن محمد; الساعة 14-08-2009, 20:35.
  • هيثم العمري
    أديب وكاتب
    • 12-06-2007
    • 636

    #2
    أخي أحمد حسن محمد لا حرم الله الأمة من طهارة حرفكم تحاياي
    alomari25@hotmail.com

    تعليق

    • أحمد حسن محمد
      أديب وكاتب
      • 16-05-2007
      • 716

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة هيثم العمري مشاهدة المشاركة
      أخي أحمد حسن محمد لا حرم الله الأمة من طهارة حرفكم تحاياي

      أخي هيثم جزاك الله خيرًا

      أن أكرمت أخاك بانتشال هذه القصيدة من قاع بحر الملتقى

      وكادت تغرق بلا نفس واحد

      تحيتي لك

      تعليق

      يعمل...
      X