كتب مصطفى بونيف
إنها مجرد دوخة !!

آآآه يا رأسي ...الصداع سيفرق دماغي ...أنام ممدا وقربي عشرات من علب الأدوية ..وحولي الأهل والأصدقاء .." يا موس عليك بالصبر ، هذا هو البرد ، كلها ساعات وستقوم من مكانك مثل الحصان ..!".
يستبد بي الصداع والحمى فأصرخ " سأموت ...لا إله إلا الله !"
فيضحك القوم من حولي ..ويقول صديق عمري خالد ساخرا " أي موت يا رجل ، هل تظن بأن الموت سهل ؟، إنها مجرد دوخة ، هيا قم من سريرك ويكفي من الدلال ! ".
فأرد متوجعا " يا خالد ، الموت يبدأ بالدوخة ، والصداع ..!".
حتى تفرق الجمع من حولي ..عندما لاحظوا بأنني بدأت أغط في نوم عميق ...لكنه لم يكن نوما ، بل كانت غيبوبة سوداء !!.
سرحت بفكري بعيدا ...
بعد دقائق سوف يأتي ملك الموت ليستلم أمانته ...وأكثر الذين يحبونني في العائلة ، سوف يغمض عيني ..وفي الحقيقة لا زلت لا أفهم ، لماذا يفضل الناس أن يذهبوا إلى الآخرة مغمضي العيون ؟..
ويتنافس الأحبة ..في رمي التراب على قبري ...مات موس !
وفي العزاء ..يشرب أصدقائي القهوة ..
يحتسي خالد فنجان القهوة .." الله يرحمه ، مات في مقتبل العمر ، وكانت أقصى أمنية لديه هي سيارة يذهب بها الحقول لجني (الترفاس) ..وهو نوع من الفطريات ...هاهو قد مات وذهب إلى الفطريات بنفسه !
فيرد عليه سليمان وهو الآخر من أعز أصدقائي : " يقولون أن كيلو (الترفاس) ب 200 يورو في فرنسا ...
وينغمس الأصدقاء في الحديث عن الأسواق ..وكأنهم في مقهى ..وتختلط أصواتهم بصوت قارئ القرآن الكريم ..." فنجان قهوة يا صابر لعمك عبد السلام !"..
وينتهي العزاء ...بعد أن يقرأ الجميع الفاتحة على روحي ...
يتوجه صديقي " عمور " إلى والدي ..ويتنحنح ، ممثلا دور الخجول .." عظم الله أجركم !"...
فيرد الوالد : "شكر الله سعيكم يا ولدي "
- في الحقيقة ، لقد اشترى مني موس جهاز استقبال فضائي بنظام الكروت ...بالتقسيط المريح ، لقد ارتاح هو الآن ، فكيف سأرتاح أنا ؟؟.
- لا بأس يا ولدي تعال غدا !
يتقدم رضا فون ، وهو أحد أصدقائي المقربين وهو صاحب محل هواتف نقالة ..
- عظم الله أجركم يا حاج !
- شكر الله سعيكم يا ابني ...
- هناك موضوع محرج نوعا ما أريد أن أتحدث معك حوله .
- نعم تفضل يا ولدي !
- لقد اشترى مني مصطفى عشرات كروت الشحن ولم يسدد ثمنها ..الكروت بحوالي 1500 دولارا ...
يصرخ والدي : 1500 كروت شحن ، حسبي الله ونعم الوكيل ، هل كان رحمة الله عليه يتكلم مع سكان القمر ؟
يجيبه رضا فون : لقد كان له أصدقاء في الهند ، وروسيا ، والصين ..
- لا بأس تعال غدا يا ولدي !
يتقدم رضوان ، أعز أصحابي ..نحو الوالد ودمعته تفر من عينه " عظم الله أجركم يا حاج !".
- شكر الله سعيكم يا ولدي !
- في حقيقة هناك موضوع أردت أن أتكلم فيه ولكنني خجل ..
- تفضل يا ولدي ، أنت ومصطفى كنتما أكثر من الإخوة !
- لقد استلف مني مصطفى مبلغا من المال ليشتري به "شبكة عرسه " ..وقدمه إلى خطيبته ..لكنه زف إلى الآخرة ..
فيرد الوالد : - لا بأس يا ولدي تعال غدا !
يتقدم إلى والدي ، صديق العمر لطفي دوت كوم وهو تاجر أجهزة الكمبيوتر ..
- عظم الله أجركم يا حاج !
-شكر الله سعيكم يا ولدي ، بارك الله فيك ...
ثم يلتفت إلى عمي عبد السلام ...قائلا : " هذا لطفي دوت كوم ، كان هو ومصطفى الروح بالروح .."
يتنحنح لطفي : الله يخليك يا حاج !
فيقول له الوالد : تفضل يا ولدي !
- في الحقيقة .أحمم ..أحمم .. لقد اشترى مني مصطفى جهاز كمبيوتر وطابعة ، لأنه كان مدمنا...
يرتعد الوالد : ماذا مصطفى كان مدمنا ، ما الذي تقوله يا ولدي ؟!
يرتبك لطفي ، ويهدأ من روع والدي : أقصد بأنه كان مدمن أنترنت بعيد عنك !
يطلق الوالد تنهيدا طويلا ...
- لقد اشترى مصطفى هذا الجهاز بالتقسيط المريح ، وبقي عليه نصف الثمن ..
تأسف أبي ، ثم التفت إلى عمي عبد السلام : " الله يرحمه ، كان طيب واجتماعي .."..ليقول في قرارة نفسه : " آه لو كان حيا لأطبقت على زمارة رقبته ، وطلعت روحه ، كان مقرفا في حياته ، ولا يزال يقرفني حتى في موته .."
ولا ينتهي العزاء إلا بعد أن يكون الوالد قد مضى على شيكات لنصف البلد ...
أما خطيبتي العزيزة ...فلا يدوم حزنها أكثر من ثلاثة أيام بلياليها ..
لتطلق والدتها زغرودة خطوبتها من صديق عمري "خالد" ..الذي كان يكتم حبه لها ...وكنت أقف حجر عثر في طريقه !
فجأة أصحو من غيبوبتي ..لأجد الجميع حولي ..يتقدم أبي .."هيا يا موس دعك من الدلال ، إنها مجرد دوخة برد ، يعني انفلونزا ، واللي يشوفك يقول عندك انفلونزا الطيور ..."
يضحك الجميع ..بينما أتأملهم وقد صحوت من كابوس مرعب ...وأقول في قرارة نفسي " كل هذا وتقولون لي مجرد دوخة !! "
مصطفى بونيف
إنها مجرد دوخة !!
آآآه يا رأسي ...الصداع سيفرق دماغي ...أنام ممدا وقربي عشرات من علب الأدوية ..وحولي الأهل والأصدقاء .." يا موس عليك بالصبر ، هذا هو البرد ، كلها ساعات وستقوم من مكانك مثل الحصان ..!".
يستبد بي الصداع والحمى فأصرخ " سأموت ...لا إله إلا الله !"
فيضحك القوم من حولي ..ويقول صديق عمري خالد ساخرا " أي موت يا رجل ، هل تظن بأن الموت سهل ؟، إنها مجرد دوخة ، هيا قم من سريرك ويكفي من الدلال ! ".
فأرد متوجعا " يا خالد ، الموت يبدأ بالدوخة ، والصداع ..!".
حتى تفرق الجمع من حولي ..عندما لاحظوا بأنني بدأت أغط في نوم عميق ...لكنه لم يكن نوما ، بل كانت غيبوبة سوداء !!.
سرحت بفكري بعيدا ...
بعد دقائق سوف يأتي ملك الموت ليستلم أمانته ...وأكثر الذين يحبونني في العائلة ، سوف يغمض عيني ..وفي الحقيقة لا زلت لا أفهم ، لماذا يفضل الناس أن يذهبوا إلى الآخرة مغمضي العيون ؟..
ويتنافس الأحبة ..في رمي التراب على قبري ...مات موس !
وفي العزاء ..يشرب أصدقائي القهوة ..
يحتسي خالد فنجان القهوة .." الله يرحمه ، مات في مقتبل العمر ، وكانت أقصى أمنية لديه هي سيارة يذهب بها الحقول لجني (الترفاس) ..وهو نوع من الفطريات ...هاهو قد مات وذهب إلى الفطريات بنفسه !
فيرد عليه سليمان وهو الآخر من أعز أصدقائي : " يقولون أن كيلو (الترفاس) ب 200 يورو في فرنسا ...
وينغمس الأصدقاء في الحديث عن الأسواق ..وكأنهم في مقهى ..وتختلط أصواتهم بصوت قارئ القرآن الكريم ..." فنجان قهوة يا صابر لعمك عبد السلام !"..
وينتهي العزاء ...بعد أن يقرأ الجميع الفاتحة على روحي ...
يتوجه صديقي " عمور " إلى والدي ..ويتنحنح ، ممثلا دور الخجول .." عظم الله أجركم !"...
فيرد الوالد : "شكر الله سعيكم يا ولدي "
- في الحقيقة ، لقد اشترى مني موس جهاز استقبال فضائي بنظام الكروت ...بالتقسيط المريح ، لقد ارتاح هو الآن ، فكيف سأرتاح أنا ؟؟.
- لا بأس يا ولدي تعال غدا !
يتقدم رضا فون ، وهو أحد أصدقائي المقربين وهو صاحب محل هواتف نقالة ..
- عظم الله أجركم يا حاج !
- شكر الله سعيكم يا ابني ...
- هناك موضوع محرج نوعا ما أريد أن أتحدث معك حوله .
- نعم تفضل يا ولدي !
- لقد اشترى مني مصطفى عشرات كروت الشحن ولم يسدد ثمنها ..الكروت بحوالي 1500 دولارا ...
يصرخ والدي : 1500 كروت شحن ، حسبي الله ونعم الوكيل ، هل كان رحمة الله عليه يتكلم مع سكان القمر ؟
يجيبه رضا فون : لقد كان له أصدقاء في الهند ، وروسيا ، والصين ..
- لا بأس تعال غدا يا ولدي !
يتقدم رضوان ، أعز أصحابي ..نحو الوالد ودمعته تفر من عينه " عظم الله أجركم يا حاج !".
- شكر الله سعيكم يا ولدي !
- في حقيقة هناك موضوع أردت أن أتكلم فيه ولكنني خجل ..
- تفضل يا ولدي ، أنت ومصطفى كنتما أكثر من الإخوة !
- لقد استلف مني مصطفى مبلغا من المال ليشتري به "شبكة عرسه " ..وقدمه إلى خطيبته ..لكنه زف إلى الآخرة ..
فيرد الوالد : - لا بأس يا ولدي تعال غدا !
يتقدم إلى والدي ، صديق العمر لطفي دوت كوم وهو تاجر أجهزة الكمبيوتر ..
- عظم الله أجركم يا حاج !
-شكر الله سعيكم يا ولدي ، بارك الله فيك ...
ثم يلتفت إلى عمي عبد السلام ...قائلا : " هذا لطفي دوت كوم ، كان هو ومصطفى الروح بالروح .."
يتنحنح لطفي : الله يخليك يا حاج !
فيقول له الوالد : تفضل يا ولدي !
- في الحقيقة .أحمم ..أحمم .. لقد اشترى مني مصطفى جهاز كمبيوتر وطابعة ، لأنه كان مدمنا...
يرتعد الوالد : ماذا مصطفى كان مدمنا ، ما الذي تقوله يا ولدي ؟!
يرتبك لطفي ، ويهدأ من روع والدي : أقصد بأنه كان مدمن أنترنت بعيد عنك !
يطلق الوالد تنهيدا طويلا ...
- لقد اشترى مصطفى هذا الجهاز بالتقسيط المريح ، وبقي عليه نصف الثمن ..
تأسف أبي ، ثم التفت إلى عمي عبد السلام : " الله يرحمه ، كان طيب واجتماعي .."..ليقول في قرارة نفسه : " آه لو كان حيا لأطبقت على زمارة رقبته ، وطلعت روحه ، كان مقرفا في حياته ، ولا يزال يقرفني حتى في موته .."
ولا ينتهي العزاء إلا بعد أن يكون الوالد قد مضى على شيكات لنصف البلد ...
أما خطيبتي العزيزة ...فلا يدوم حزنها أكثر من ثلاثة أيام بلياليها ..
لتطلق والدتها زغرودة خطوبتها من صديق عمري "خالد" ..الذي كان يكتم حبه لها ...وكنت أقف حجر عثر في طريقه !
فجأة أصحو من غيبوبتي ..لأجد الجميع حولي ..يتقدم أبي .."هيا يا موس دعك من الدلال ، إنها مجرد دوخة برد ، يعني انفلونزا ، واللي يشوفك يقول عندك انفلونزا الطيور ..."
يضحك الجميع ..بينما أتأملهم وقد صحوت من كابوس مرعب ...وأقول في قرارة نفسي " كل هذا وتقولون لي مجرد دوخة !! "
مصطفى بونيف
تعليق