عصافير للأقفاص .. عصافير للفضاء !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    عصافير للأقفاص .. عصافير للفضاء !

    عصافير للفضاء 00عصافير للأقفاص



    حين أخذ محمد القفص الملون من والده ، واندفع به صوب بيت عمه ؛ كان قلبه يخفق بشدة ، ويحس أن له جناحين يحلقان به ، وأن ثمة شيئا غريبا كان يتحكم في خطوه ، ورأى النجوم فى السماء أكثر تلألؤا علي غير العادة
    بش العم فى وجهه ، وهش لحضوره غير المفاجئ ؛ فبيت عمه كان دائما البيت المحبب إليه 0
    وعندما أبصر العم القفص يتدلى بين أصابعه الرقيقة تذكر وعده لمحمد :" عندما يفقس البيض ، لك منها عصفوران 0
    هتف العم قائلا :" هيا اختر ما تشاء منها "0
    تهدجت أنفاس محمد من الفرح ، وحدق بعناية وتركيز في القفص ، وراح يتابع العصافير ، كان بعضها يحلق ، وينتقل في فضائه مغردا ، وبعضها إما ساكنا يقف معلقا أو مختبئا فى الحجرات الداخلية 0
    لوح محمد قائلا :"أريد هذه "0
    ضحك العم وقال :" تريدها كلها 00 سم ما تريد !!"0
    ارتبك محمد ، ولكنه تماسك ، وعاد يحدق بعناية وتركيز، ليحدد من جد يد أيها يريد ، والعم ينظر إليه ، فرحا به ، وهو يتوقع أن يعلو صوت محمد فى أي وقت ،وبالفعل لم ينتظر كثيرا ، فقد وقف محمد،وهو يردد :"هذه يا عم 00 تلك التي تتحرك هنا وهناك!!"0
    حين كان محمد يقطع الطريق إلى البيت كان عقله مشغولا بأفكار مدهشة تخص العصافير ، وكان يردد:"العصافير للفضاء ، سوف أطلب من أبى قفصا أكبر حتى يكون لها فضاء أرحب و أوسع "0
    وبالفعل استجاب الوالد لرغبة محمد ، مع إبداء دهشته ، لكنه انتظر حتى يرى ما وراء هذه الرغبة 0
    كان محمد ينفق الساعات أمام قفص العصافير ، يقدم لها الماء والحب ، والأطعمة الشهية التي لم تكن تقربها ، كان يشهد حركتها الدائمة في فضاء القفص الكبير ،ويتمنى لو غنت ، ولكنها لم تكن تستجيب له ،فظن أن القفص الكبير ليس كبيرا ، وأنها لا تحس بالحرية الكافية ، فطلب من والده أ ن يشترى له قفصا أكبر ، مما أثار عجب والده ، فقال له :"ماذا تريد أن تفعل ؟"0
    قال محمد وهو زائغ العينين :"إنها لا تحس بالحرية ، إنها حزينة "0
    ابتسم الوالد،وقال:"هذه العصافير للأقفاص 00ليست مثل الأخرى الطليقة "0
    هتف محمد بصوت مختنق :"أليست عصافير يا أبى ولها جناحان ،وتستطيع الطيران "0
    أجاب الوالد:"نعم هي عصافير ولها جناحان وتستطيع الطيران ولكنها للأقفاص وليست للفضاء "0
    تحرك محمد وهو يحس بحصار والده:"ولكنها حزينة لا تغنى مثل الأخرى 00 لن تغنى إلا في قفص أكبر وأوسع "0
    أمام إصراره لبى الوالد طلبه ،وأحضر له القفص الكبير ، وأعاد الأصغر للبائع ،وانتظر محمد ليرى فرحة العصافير بالقفص ،بالفعل زادت حركتها ، وراح صوتها يتردد بالغناء لأوقات طويلة ممتدة ،ولكن محمدا كان يردد :"هذه العصافير فى القفص أجمل وأروع ومع ذلك لا تتمتع بالحرية مثلما تتمتع هذه التي تحلق فى الفضاء "0
    حين نثر بعض الحب حوله ،استجابت العصافير الطائرة لدعوته الكريمة ، وحطت عليها تلتقطها ،وتنط، ثم تطير ،وتعود لتحلق قريبا منه ، لكنه فشل في الإمساك بإحداها ، لاعبته ،وداورته ،وانطلقت مبتعدة ،وهى تصوصو،وتغنى بفرح ،قال فى نفسه :"لم لا أطلق هذه العصافير ، إن الله خلقها حرة ،ولم يخلقها فى قفص ،في الفضاء سوف تكون أجمل و أروع ، سوف تكون سعيدة بالحرية ،وسوف تسعد الأطفال ،ولكنها قد تطير ولا تعود !! "0
    فكر كثيرا ،قلب الأمر في رأسه الصغيرة ، ثم أسرع بفتح باب القفص ، ودفعها لكي تخرج ، فتختبئ منه فى الحجرات الداخلية ، لكنه يستمر في تحريضها على الخروج0
    مر وقت طويل قبل أن تفهم العصافير ما يريد لها محمد، فانطلقت خارجة، تتمطى ،وتهز ريشها الجميل ، الملون ،وتنتقل هنا وهناك، لكنها لا تطير ، فأسرع خلفها يهشها ، ويحثها على الطيران ،جرت على الأرض ، حلقت على ارتفاع منخفض جدا ،وعادت تجرى على الأرض ، فطاردها ، وطاردها دجاج والدته ،وراحت تنقرها ،فزاد محمد من تحريضها،وهو يكاد يبكى :"هيا طيري00إن لك جناحين جميلين00 هيا طيري مثل بقية العصافير 00 هيا إنك أجمل وأرشق "0
    لكنها لم تستجب ،وحين حاصرها الدجاج كان يسرع فينتشلها قبل أن تقضى عليها ، ثم يعيدها إلى القفص ،وهو يشعر بالفشل !!
    ظل محمد يفعل هذا لأيام،وكل مرة كان يرفعها بين أصابعه،ثم يتركها لتطير ، أول الأمر كانت تسقط على الأرض ، ثم بعد ذلك حلقت قليلا ،وحطت على الأرض ،وفى المرة الثالثة كانت أكثر تحليقا ،وسرعان ما أصابها التعب ،وحطت على الأرض 0
    لم ييأس محمد، كان مصرا ،أعاد المحاولة مرات ومرات ،وفى كل مرة كانت تتقدم، وتحرز نجاحا باهرا ،وفى المرة الأخيرة ارتفعت كثيرا فى الفضاء ، بينما عينا محمد تتابعنها فى فرح ،حتى اختفت تماما عن ناظريه ، وهو مفعم بالفرح والانتصار ، هلل وتشقلب ، ثم طوى الدرج إلى أسفل ، ووقف أمام والده وهو يردد:"ليس هناك عصافير للأقفاص وعصافير للفضاء 00كلها للفضاء يا أبى! "0
    sigpic
  • مها راجح
    حرف عميق من فم الصمت
    • 22-10-2008
    • 10970

    #2
    جميلة وهادفة
    دمت بخير
    رحمك الله يا أمي الغالية

    تعليق

    • ريمه الخاني
      مستشار أدبي
      • 16-05-2007
      • 4807

      #3
      رغم ان القصه مالوفه ولم تاتي بجديد ولكنها قدمت قيمة ادبيه سلوكيه مازلنا بحاجه لها بالحاح...
      والقفص ليس للافكار كذلك...
      لك ودي واحترامي جهد محترم
      تثبت
      التعديل الأخير تم بواسطة ريمه الخاني; الساعة 31-03-2009, 17:07.

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
        جميلة وهادفة
        دمت بخير
        بل أنت أستاذة مها الأجمل
        كان لها شرف النشر بمجلة ماجد ، كانت تتصدر لوحة الغلاف ، و هكذا دوما كانت أعمالى فى الإمارات العزيزة !!
        شكرا لك مها على المرور من هنا !!

        تحيتى و تقديرى
        sigpic

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
          رغم ان القصه مالوفه ولم تاتي بجديد ولكنها قدمت قيمة ادبيه سلوكيه مازلنا بحاجه لها بالحاح...
          والقفص ليس للافكار كذلك...
          لك ودي واحترامي جهد محترم
          تثبت
          شكرا لك أستاذة ريمه على التثبيت
          و شكرا لك مرة أخرى على المرور ، و قراءتى
          و على جميل ما كتبت هنا

          تحيتى و تقديرى
          التعديل الأخير تم بواسطة ريمه الخاني; الساعة 31-03-2009, 17:08.
          sigpic

          تعليق

          • آمال يوسف
            أديب وكاتب
            • 07-09-2008
            • 287

            #6
            جميلة هادفة
            أراها قصة للصغار والكبار على السواء
            شكراً لك


            آمال يوسف شعراوي




            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة آمال يوسف مشاهدة المشاركة
              جميلة هادفة
              أراها قصة للصغار والكبار على السواء
              شكراً لك
              أستاذة آمال يوسف
              شرفت بمرورك من هنا ، وجميل ما خط قلمك

              تحيتى و تقديرى
              sigpic

              تعليق

              • وفاء عبدالرزاق
                عضو الملتقى
                • 30-07-2008
                • 447

                #8
                اخي العزيز ربيع

                لا ادري هل اقول اشتقت اليك ام اتساءل اين انت؟
                هل انت المقصر ام انا لانني انشغلت كثيرا هذه الايام ولم ادخل للنشر واعتذر من الاحبة في الملتقى
                لكن لا تنسى اختك
                دمت مبدعا

                تعليق

                • موسى إسماعيل الفقي
                  عضو الملتقى
                  • 06-12-2008
                  • 13

                  #9
                  في القصة (( عصافير للأقفاص .. عصافير للفضاء ))
                  يبرز المعادل لكل شخص من شخوص القصة بوضوح ؛ محمد الصغير / الكاتب المبدع المحرض لفعل التغيير ... العصافير / الشعوب المستضعفة المستكينة المقيدة ...القفص الملون الصغير والكبير / السلطة وممارساتها وقيودها على اختلافها ... دجاج والدته يطارد العصافير / كتاب السلطة المستأنسين - والقصة فيها الكثير من الرموز والمعادلات ، وهي دعوة لتحرير الشعوب وتحرير العقل .. ،وها هو يبالغ في تحريضها،وهو يكاد يبكى :"هيا طيري00إن لك جناحين جميلين00 هيا طيري مثل بقية العصافير 00 هيا إنك أجمل وأرشق "0فهل يا ترى تطير وتدافع عن وجودها ، وتهتم بمحمد وإخوانه من الملهمين ؟؟ ، ولعل هذه القصة تذكرني بقصيدتين : قصيدة للشاعر الكبير / سعدي يوسف بعنوان "القنفذ"، وقصيدة "الطيور" للشاعر الراحل أمل دنقل ، ففيهما وقصة الأستاذ/ ربيع ، بعض المقاربات في استخدام الرموز والدلالات والفضاءات ..ولا أنكر أنني توقفت طويلاً أمام بعض الجمل التي توحي بدلالات وفضاءات ومعاني كثيرة مثل قوله في أول القصة :(( ويحس أن له جناحين يحلقان به ، وأن ثمة شيئا غريبا كان يتحكم في خطوه ، ورأى النجوم فى السماء أكثر تلألؤا علي غير العادة )) وهو يصور هنا لحظة المخاض ( ولادة النص ) ؛ فهناك الكثير من القوى الخفية والمتباينة (الاجتماعية)التي تحد من طموح المبدع ..
                  الأستاذ / ربيع عقب الباب .. دمت ملهما ومعلما لكل الطيور المستكينة ؛ والطيور المستأنسة التي تقأقئ كل صباح ..
                  ولك مني تحية باتساع هذا الفضاء .. ولك الحب ..
                  التعديل الأخير تم بواسطة موسى إسماعيل الفقي; الساعة 06-04-2009, 14:39.
                  [IMG]http://alfeky3.googlepages.com/t.jpg[/IMG]

                  تعليق

                  • ربيع عقب الباب
                    مستشار أدبي
                    طائر النورس
                    • 29-07-2008
                    • 25792

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة وفاء عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
                    اخي العزيز ربيع

                    لا ادري هل اقول اشتقت اليك ام اتساءل اين انت؟
                    هل انت المقصر ام انا لانني انشغلت كثيرا هذه الايام ولم ادخل للنشر واعتذر من الاحبة في الملتقى
                    لكن لا تنسى اختك
                    دمت مبدعا
                    وفاء أيتها الرائعة
                    أنت هنا .. هنا .. فى متصفحى المتواضع .. يالفرحتى بك !!
                    أنا متواجد كأى سلعة لئيمة ، و لكنى ما أحببت أن ألتقى بك إلا و أنا
                    فى قمة ترابطى .. و دهشتى .. و لكن الأمور لم تعد مستطابة .. و لا ملائمة ، وهذا مما يورث الأسف و الوحشة
                    كم أشتاق بالفعل للحديث معك ، و التزود منك ببعض الذخيرة
                    و بعض البسالة !!

                    لك أسفى حتى الرضا !!
                    تحيتى و تقديرى
                    sigpic

                    تعليق

                    • ربيع عقب الباب
                      مستشار أدبي
                      طائر النورس
                      • 29-07-2008
                      • 25792

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة موسى إسماعيل الفقي مشاهدة المشاركة
                      في القصة (( عصافير للأقفاص .. عصافير للفضاء ))
                      يبرز المعادل لكل شخص من شخوص القصة بوضوح ؛ محمد الصغير / الكاتب المبدع المحرض لفعل التغيير ... العصافير / الشعوب المستضعفة المستكينة المقيدة ...القفص الملون الصغير والكبير / السلطة وممارساتها وقيودها على اختلافها ... دجاج والدته يطارد العصافير / كتاب السلطة المستأنسين - والقصة فيها الكثير من الرموز والمعادلات ، وهي دعوة لتحرير الشعوب وتحرير العقل .. ،وها هو يبالغ في تحريضها،وهو يكاد يبكى :"هيا طيري00إن لك جناحين جميلين00 هيا طيري مثل بقية العصافير 00 هيا إنك أجمل وأرشق "0فهل يا ترى تطير وتدافع عن وجودها ، وتهتم بمحمد وإخوانه من الملهمين ؟؟ ، ولعل هذه القصة تذكرني بقصيدتين : قصيدة للشاعر الكبير / سعدي يوسف بعنوان "القنفذ"، وقصيدة "الطيور" للشاعر الراحل أمل دنقل ، ففيهما وقصة الأستاذ/ ربيع ، بعض المقاربات في استخدام الرموز والدلالات والفضاءات ..ولا أنكر أنني توقفت طويلاً أمام بعض الجمل التي توحي بدلالات وفضاءات ومعاني كثيرة مثل قوله في أول القصة :(( ويحس أن له جناحين يحلقان به ، وأن ثمة شيئا غريبا كان يتحكم في خطوه ، ورأى النجوم فى السماء أكثر تلألؤا علي غير العادة )) وهو يصور هنا لحظة المخاض ( ولادة النص ) ؛ فهناك الكثير من القوى الخفية والمتباينة (الاجتماعية)التي تحد من طموح المبدع ..
                      الأستاذ / ربيع عقب الباب .. دمت ملهما ومعلما لكل الطيور المستكينة ؛ والطيور المستأنسة التي تقأقئ كل صباح ..
                      ولك مني تحية باتساع هذا الفضاء .. ولك الحب ..
                      أستاذى موسى الفقى
                      أين كنت .. لم طال بحثى عنك سيدى ؟
                      لم تركتنا لمن لا يجيد القراءة و لا الكتابة ، حتى أصابتنا العدوى ؟
                      أنحنى أمام روعة ودهشة تحليلك
                      و أنتظرك دائما مع كل عمل ، فهل ياترى أحلم ؟
                      و لم لا أحلم بعيد يأتى مرة واحدة فى العام ، مثل التوت ، و روعة الآس ، الذى لا يفقد رحيقه مهما ذبل !!

                      تقبل خالص احترامى و محبتى
                      ربيع عقب الباب
                      sigpic

                      تعليق

                      يعمل...
                      X