( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته )
هو قول لكل المسلمين ... في جميع الأقطار العربية ... والغربية ... ومع بزوغ كل فجر ... وشروق الشمس ... وحتى ذوبان الشمس ... على صفحة السماء ... واختفاءها ... يتلفظ به كل الناس ... من كبار وصغار ... رجال ونساء ... شيوخاً وشباب ... !!!
ولكن هل نعي حقاً معنى كلمة " السلام " نتكلم كثيراً عنه ... وباتت كل القنوات تتحدث بخطابات ... وتنادي بشعارات السلام ... كفاراً ومسلمين ... ولكننا في الحقيقة نجهل أمور كثيرة ... متعلقة بمعنى ومفهوم السلام ... !!!
بداية نفسر معنى قول (( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ))
السلام : وهو من أسماء الله الحسنى والتي سمى بها الله نفسه جل وعلا ... فلم يختار الله لنفسه إلا أسمى أنواع الأسماء معانيا ... وأعمقها ذكراً في قلب كل من يسمعها ... كيف لا وهو الخلاق البارئ المصور ... سبحانه وتعالى ... ويأتي السلام لأكثر من معنى ... وأشهرها السلم ... " أي لا حرب " الأمان والاستقرار ... والسكينة ... والهدوء ...وهو سبب في تآلف ومحبة الناس لبعضها البعض ... وتليين القلوب القاسية ... وسماحة النفس وصفاء الروح ... فكيف لنا ترك مثل تلك المعاني والمفاهيم ... وتجاهلها ونحن أحق البشر بها من غيرنا ... كيف لا وقد اصطفانا الله سبحانه نحن المسلمين عن غيرنا من بشره .. وكلمة عليكم في قول السلام تعود على من يسمعه ممن يفشيه ...
ورحمة : الرحمة أيضاً مستخلصة من اسم الله عز وجل " الرحيم " ولا أحد يستطيع تخيل ... مدى رحمة الله سبحانه بعباده ... لأنها أبعد ما تكون لتصور أي بشر ... فهو إذا أخطأنا بحقه وعصيناه ثم استغفرنا وتبنا ... يتوب علينا ... فانظروا كم نقترف من الذنوب ... غير مبالين ... ولكن رحمته جل وعلا وسعت كل شيء ... ولننظر لقول رجل من الصالحين في زمن الصحابة كان يقول :
(( اللهم يا من وسعت رحمتك كل شيء , اجعلني شيئاً تسعه رحمتك)) ...
الله : هو الإله المعبود سبحانه تعالى و جل جلاله ... واجد الوجود ومن فيه ... واجب الوجود ... الحي القيوم ... القدوس السلام وهو سبحانه وتعالى أسمى من أن يتكلم عنه بشر ...
وبركاته : وهي خلاصة هذا القول السامي ... والذي يمثل عنصراً من عناصر ارتقاء الدين الإسلامي ... ألا وهو حلول البركة على كل بشر ينطق بهذا القول وكل بشر يرد عليه ... من قبول للدعاء ... ومباركة في المال ... والأولاد والحياة الدنيا جميعها بما فيها من أسى ... ونصب وتعب ... لأنها بركة صافيه ... قادمة من الله سبحانه وتعالي ... !!
وهنا يتضح لنا أن معنى السلام بشكل أعمق ... من كلمة نتفوه بها ... دون معرفة معناها ... بل أعمق من كل تفكير ... لأنه ليس قول فحسب ... بل قول وعمل ... وله أدوار عديدة متمثله في حياتنا ولنأخذ كل منها على حده ..
أولا : دور السلام مع نفس ... كيف يمكن للإنسان أن يوقد شعلة السلام بينه وبين نفسه ... يعرف حدوده ... وما له وما عليه ... كيف يمكنه صنع الصفاء الروحي ... وتهيئة الجو الخصب لذكر الله سبحانه لأنه هو السلام جل في علاه ... كيف يتمكن من تقليل اقتراف الذنوب ... ما ظهر منها وما بطن ... ويحافظ على ميثاقه مع ربه ... هنا نقول أنه يمكن للإنسان العيش مع نفسه بسلام ...
ثانياً : دور السلام مع العقل : العقل هو مدبر كل الأمور ... وهو الذي يصقل جميع الأدوار التي تعيشها النفس البشرية لأنه بمعاونة من العقل ... إما أن تكون شخصاً نافعاً ... ومثمراً ... بتقوى الله سبحانه ... وإما أن تكون شخصاً ... لا يفكر سوى بالشرور ... والمفاسد الأخلاقية ... والعبث بما لا ينفع ... حيث لابد عليك أيها الإنسان في كل ليلة تأوي فيها إلى فراشك ... أن تطلب العفو والمغفرة من رب العالمين على ما اقترفت في هذه الليلة بقصد منك أو بغير قصد ... آن لنا الأوان ... أن نصحو ... ونراجع أنفسنا فيما جنته يدانا ...
ثالثاً : دور السلام في الأسرة : أصبح من المتعارف عليه في الأسرة المسلمة ... أنها تقوم على قواعد مبنية على تعاليم الدين الإسلامي ... فمثل دور الأم في بيتها من تربية ... وسهر وتعب لراحة أبناءها ... يأتي دور الأب بالمثل في معالجة المشاكل التي يتعرض لها أبناءه ... بل دور الأب أعظم لأنه المُهاب في كل كلمة يقولها ... وكل خطوة يخطوها ... فالسلام يلعب دور فعال في بناء الأسرة على البر وتقوى الله ... فهو الذي يخفف من حدة الضغوط إذا ازداد الأيام صخباً ... فهو الملاذ الوحيد الذي تشعر الأسرة فيه بالأمان ...
ومن بعدها يأتي دور السلام في المجتمعات والمتكونة من عدة أُسر ... ويتدرج شيئاً فشيئاً حتى نصل لدور السلام في العالم والذي ... أصبح بحلم يتمناه الجميع ... ولكنه في الوقت نفسه بعيد المنال ... لأنه وحتى هذه اللحظة ... لم يتم فهم " سيادة السلام " بالشكل الصحيح
ونلخص القول بأن السلام معنى جليل لو فهمته جميع الشعوب ... لما صرنا في هذا الحال... نشتكي من مصابنا ... فنحن من صنع بأنفسنا ذلك ... لأننا تجاهلنا حقائق ... تجلت أمامنا وكانت بمنتهى الوضوح ... وصرنا من حالنا نبكي وننوح ... !!!
بقلم : عهود الحربي
تعليق