تقاطعات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • علي عطية
    عضو الملتقى
    • 23-03-2009
    • 23

    تقاطعات

    [align=right]


    موعدُ اللقيا يطرقُ بابَ الليل ليودعه مع أفول النجوم وتولي الظلام متوارياً بستائره الثقيلة .

    أَمُدُّ يدي إلى مُيقـظي أُسكتهُ . يَلحُ حتى أستجيبَ له . يأخذُ بيدي , وأنثرُ بعضاً من الضياء على وجهي . تأخُذنِي خطواتي إلى أصوات متفرقة متقاطعة بلكناتٍ تتباعدُ لكنها تتوحدُ ذاتَ المعنى , بل ربما ذاتَ الحروف .

    خلفَ ستارةٍ داكنةٍ أكتبُ آثارََ خُطاي . تتبعُني ستارةٌ أخرى ببكرِ الضياء .
    في موكبٍ مهيبِ الأنوار تزفُني جمهرة ٌ اعتادتْ مرافقتي في ذلك الطريق .

    تعالتْ أصوات ُ ضحكاتٍ مخمورةٍ تتهاوى على باب أول تقاطعٍ .. نظرتُ إلى وجوهٍ سوداءَ أظنُها رافقتْ عمرَ الليل جلوساً في ذات المكان . هممتُ بإلقاء السلام , فوجدتُ التيه يعلو العيون , ورائحةَ العبث تحيط بالعقول . ما إن أقتربتُ وقفَ فمِلتُ إلى جانب الطريق الآخر فاراً فلا أدري ما يحدثُ , لأنه كذا لا يعي ما يدور .

    أهرولُ إلى موعدي . قد يتعداني فلا ألحقُ به وأعود صفراً .

    ملثمُ الوجه يَلبسُ خوذتَهُ ويضعُ نظارة ً سوادءَ تَجَهزاً . يهرولُ إلى موعدهِ على حافةِ التقاطع تنتنظرهُ الحافلة إلى موقع عمله .

    أهرولُ ... يهرولُ لرُبما يتعداه السائقُ ... رآهُ من بعيدٍ جرى ..!!
    هممتُ أن أجري إلى مُبتغايَّ تذكرتُ أني أكتبُ الأثرَ فَزرعتُ السكينةََ واصطحبتُ الوقارََ .

    دنوتُ منه كادَ أن يكونَ هيكلاً عظمياً . يحملُ بيدهِ قارروة ً يعاودُ تناولها ملياً في نفس طويل طويل .... يسيرُ من تقاطع ٍ ليصفعهُ جدارُ التقاطع الآخر.

    أشمُ نسيمَ الصباح أَملأُ صدري نشوة َ الطهرِ . يشمُ قارورتهُ بنشوةِ الشهوةِ المفتقدة ولذة المعانقة للمرة الأولى .

    تمتمتُ ببعضِ حروفي التي أعتادها ... هزى بصوت تتكسر فيه الحروف فتتداخل , تتوه عن مضمونها , تدغدغ ُ بعضها .
    سيلٌ من قذائف الشتائم الصاروخية الموجهة إلى أين ؟ لا أدري لكني تفاديتُ هدَرها مُشِيحاً بوجهي عنه , فأشاحَ بيده يتماسكُ بحبل الهواء علهُ يحفظُ توازنه من السقوط . ليتمايل فأقفزُ مبتعداً عنه ...

    لم يأبه بالمارين . كادَ أن يدوسني بسيارته الرياضية التي لا يظهرُ منها , لكني كنتُ لقدري أكتبُ أثري في نهاية التقاطع حيث أريد .. مر مرورَ الصوت .. هدَّأ من سرعتهِ . نظرَ إلىَّ مخرجاً لسانه . تعلو وجهه ابتسامةُ سخرية ممزوجة بإعياء اليقظة وجنون الليل , وغرور الشباب.

    ذاكَ الذي يقفُ على كل تقاطع , يسبقُـني , ويلحقني , يحدثني , يتخفى من مرافقيَّ ..

    : انـْظـُرْ إلى اليسار في هذا التقاطع , أولُ باب في هذا الممر المظلم , فقط عندما تَراكَ ستفتحُ لك , تَـعرِفكََ جيداً وتشتهيكَ !!! ..
    ألا تذكر أمس ؟ عندما ابتسمت لكَ وتكاسرت خاصرتها أمامك ؟
    : ألح في حديثه إليَّ .

    : نعم هي التي قالت لكَ انتظركَ ..
    إلى اليسار ... إلى اليسار ... يلحُ عليَّ .
    : كأني لا أسمعه .

    : هي جميلة بحق . لكن ليس هذا موعدي الذي أرغبهُ , من تنتظرني أجمل ...

    صَفعتـُه سقط َ أرضاً هرولَ خلفي .. دنوتُ من مرادي , دلفتُ بسرعة متمتماً عادة َ حروفي . لكنه ما استطاع متابعتي , لقد فر يعلو صوته الكريه , يسبُ نصيبهُ الويلي الأسود .

    وجوه ٌ مشرقة ٌ حقاً . هنا في ركني المعتاد بقيتُ حتى الموعد تقدمتُ قليلاً وجدتُ البابَ مفتوحاً رفعتُ يدي سكبتُ حاجاتي سَلـَّمتُ واستسلمتُ ... دندنتُ في مكاني المعتاد حروفي بعدما كتبتُ أثري هنا .
    انتهى الموعد .

    وضعتُ قدمي بالخارج وجدته ينتظرني ليأخذَ بيدي عائداً . لكن الشمس كشفتْ عوجَ التقاطعات فاختفى بعضها .

    غير أني عندما دنوتُ من ممرها المظلم وجدتُ نورَ الصباح كساه فما رأيتُ بابها .

    طرقتُ بابي تمتمتُ حروفي . قـُبلة ٌ على جبينها رسمتها . تذكرتُ أنها أول تقاطعني .
    عانقتُ سكوني أفترشت ُبكوري , ارتميتُ على تقاطع يديها , تٍِهتُ في تقاطعاتها .

    من أرشدني وجهُها فلم أُخطئ في تقاطعاتي .



    [align=center]أبوعباد[/align][/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة علي عطية; الساعة 05-04-2009, 13:10.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    علي عطيه
    هذه أول مرة أقرأ لك فيها نص قصصي
    وبالرغم من العجالة إلا أني رأيته سلسا
    تتمتع بحس شفاف ورقيق
    تحياتي لك ولي عودة بعون الله
    معذرة منك على قصر الرد
    كل الود
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • رنيم مصطفي
      كنوز الشرق
      • 08-11-2008
      • 257

      #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      هو صراع بين النور والظلام
      تقاطعات ومفارقات تلاحقه لتضلله عن الطريق القويم ,
      محاولات عديدة من الشيطان للإيقاع به بشتى المغريات
      لكنه كان على موعد النور ...
      المبدع الفاضل أستاذي / علي عطية
      نصك استوقفني كثيرا حيث يتسربل الإبداع من حروفك و يتشح بالجمال فيجتذبنا عنوة
      فهنيئا لنا بهكذا النور
      بجواركم ترتقي الذائقة
      ودي وزهور الأوركيدا

      تعليق

      • مها راجح
        حرف عميق من فم الصمت
        • 22-10-2008
        • 10970

        #4
        الكاتب الفاضل علي عطية
        كنت اول من قرأ هذا النص وقد أعجبني بلغته وشاعريته الجميلة
        وانتظرت ان يشاركني احساسي الاخرين
        وها قد تحقق
        عمق يمتزج بالبساطة
        نص باهر
        تحية إعجاب وتقدير
        رحمك الله يا أمي الغالية

        تعليق

        • علي عطية
          عضو الملتقى
          • 23-03-2009
          • 23

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          الزميل القدير
          علي عطيه
          هذه أول مرة أقرأ لك فيها نص قصصي
          وبالرغم من العجالة إلا أني رأيته سلسا
          تتمتع بحس شفاف ورقيق
          تحياتي لك ولي عودة بعون الله
          معذرة منك على قصر الرد
          كل الود




          الأستاذة الكريمة

          عائدة محمد

          مرورك عطر وأمل تحقق .

          لك الود أن نثرت بعض ماء الحياة على حروفي .

          ولله در فكرة نقية تجمل رسالة سامية .

          ودي وزهور الليلك لمرورك الكريم

          تعليق

          • علي عطية
            عضو الملتقى
            • 23-03-2009
            • 23

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة رنيم مصطفي مشاهدة المشاركة
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            هو صراع بين النور والظلام
            تقاطعات ومفارقات تلاحقه لتضلله عن الطريق القويم ,
            محاولات عديدة من الشيطان للإيقاع به بشتى المغريات
            لكنه كان على موعد النور ...
            المبدع الفاضل أستاذي / علي عطية
            نصك استوقفني كثيرا حيث يتسربل الإبداع من حروفك و يتشح بالجمال فيجتذبنا عنوة
            فهنيئا لنا بهكذا النور
            بجواركم ترتقي الذائقة
            ودي وزهور الأوركيدا


            أستاذة الفكرة والمعنى
            رنيم الكلمة وطهرها

            أسعدني مرورك المتأني وعمق رؤيتك
            ونظرة أديبة منحتها قصتي .

            ودي والورد

            دمت أم الإبداع والجمال

            تعليق

            • علي عطية
              عضو الملتقى
              • 23-03-2009
              • 23

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
              الكاتب الفاضل علي عطية
              كنت اول من قرأ هذا النص وقد أعجبني بلغته وشاعريته الجميلة
              وانتظرت ان يشاركني احساسي الاخرين
              وها قد تحقق
              عمق يمتزج بالبساطة
              نص باهر
              تحية إعجاب وتقدير

              الأديبة الكريمة مها راجح

              عميق فرحتى ونور بسمتي لمرورك العذب الذي شاركك فيه كرام على القلب لكم الود والرحيان

              ولوجودك مذاق الحياء وبهجة الشروق وبسمة المطر

              ودي والدعاء

              تعليق

              يعمل...
              X