وددت , لو استعرت من عينيك سهوًا يشيح بوجهه عن الكلام ؛
ليرفع شراع ظنّي , يسحب روحي ببطء ,
ويغرقني في اللحظة التي تجيد إعدادها جيّدًا بمغنطة العمق الهادئ ؛ فيسكت غضبي بعد أغنية أو اثنتين .
أتأقلم الآن على كتم الأنفاس قبل حد الغرق ,
أعض على أجفاني جيّدًا حتى لاتنزلق القطرة الباردة , ولاينفلت ماخلّفه المشهد الأخير ..
اهتزازات رأسك مع الموسيقى , وابتسامة تقبض على جسدي وتسلمني لذراعيك ؛
لألتهم حميم أنفاسك بنهم .
وبعد ؛ اشتعلت بغضبي , وبقانون جهنمك الذي وضعتَه ,
وكنت أنا من طبّقه هذه المرّة ؛ فأحرقنا ,
هذا رمادي يرقد على ضلع أفول كاذب , فأين رمادك ؟
في البداية لم أشعر بشيء , كنت أنفصل عنّا ببطء , بلاألم ,
كأن جسدي يسيح حيًّا في عالم الأموات .
كانت ثقتي أكبر في قانونك حين أغراني بجنّة البعد ؛ فاعتنقت عدالته ,
وانتظرت الرضوان عند باب موصد ظاهره رجفة وديعة , لدغتني بندم صامت .
تذكرت الحاوي ومزماره , فبينما كنت تُخرج الحيّة من الصندوق ؛ لدغتك مرارا .
لم أدرك حجم ألمك إلا حينما تبادلنا الأماكن ,
كنت أزمّر ؛ فابتلعتني , وأنت تشاهد من بعيد .
أكتب إليك من تحت مشنقة , واعلم بأنني مازلت تلك البدائية التي انسلّت من أكمام الأشجار ,
تعبر الضفاف الكئيبة وتركض نحو حتفها بلارهبة .
مازلت بـ ( أنا ) منشقّة , توالي ألف حياة تُبعث من لحظتك ,
لكل عنوان لروحك الغريبة ,
لعصا وجمجمة مارست بهما السحر وحيدًا على شاطئ البحر ,
لشطحة فكر ارتكبتها بعد أن جرحت إصبعك متعمّدًا ؛ لتلتذ بطعم دمك ,
لقصيدة مشعوذة أملتها عليك الجنيّات في غرفة مظلمة ,
لكذبة زخرفتها بحكمة , ولألف ألف موت ينتمي إليك .
أكتب لك بحواس اغتنمت حر الغياب ؛ فاُتخمت وتضخمت ,
بلاحوافر أو أجنحة , تصعد الحجب لترى ماخلفها ,
تتسمع لنبض الماء والرمل والحجر ,
تتلمس برهافة كل فج يأتي بريحك ,
وترصد عربدة عطرك في صدر أنثى وعبور ظلك لشجرة جرداء .
أتأمل المشنقة , في استدارة عنق الحكاية , واتساع بقع الركود في رغاوي الانتظار .
بينما هبطت حواسي ولم تأتني بريحك أو بنبأ الموت ,
عادت بصدى الناي , ثم نامت فوق ضلع أفول كاذب .
تعليق